سكة التطبيع تدور الخليج وصولاً إلى البحر المتوسط
|| صحافة عربية ودولية || الوقت
شهر العسل الإسرائيلي لايزال مستمراً في الدول الخليجية ولكونهم مضيافين لن يدعوا “الإسرائيليين” يعودون إلى بلادهم دون أن يغرقوهم بالعزائم ويظهروا لهم كرم الضيافة، فالجولة الإسرائيلية شملت خلال شهر واحد ثلاث دول عربية “الإمارات، قطر وسلطنة عمان”، وستكون الدول الخليجية البقية تحصيل حاصل ولا نستبعد أن تجمعهم “إسرائيل” على حبها بعد أن فرقهم ابن سلمان وابن زايد على معاداة قطر.
“إسرائيل” تستعد لاختراق دول مجلس التعاون برّاً وبحراً وجواً، والحديث يجري حالياً عن البر عبر سكة حديدية جديدة تربط بين “إسرائيل” والأردن والسعودية وصولاً إلى الدول الخليجية، هذه الخطة تم طرحها خلال مؤتمر الاتحاد العالميّ للمواصلات الذي تستضيفه عُمان هذه الأيام من خلال وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس الذي يشارك في هذا المؤتمر بدعوة رسمية من سلطنة عمان للمشاركة في فعاليات هذا المؤتمر، وتعدى الأمر ذلك ليصطحبه الإخوة العمانيون في جولة إلى المسرح والمتحف الوطنيين في مسقط تيمّناً بجارتهم الإمارات التي استقبلت قبل مدة وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغف التي ذرفت دموعها على تراب الإمارات من شدة الفرح بعد أن سمعت نشيد بلادها الوطني يعزف لأول مرة في بلد عربي مسلم، وزارت السيدة ريغف مسجد الشيخ زايد في العاصمة أبو ظبي، وهي نفسها التي دفعت بقانون الآذان للتصويت عليه في الكنيست، بحجة أن “نباح كلاب محمد (أذان الصلاة في المساجد كما وصفته)” يُزعج المستوطنين الإسرائيليين، ولكن على ما يبدو أن آذان آل زايد مثقوبة.
وتبعت قطر الإمارات في استقبال وفد إسرائيلي من نوع آخر وعلى الملأ، حيث استقبلت علناً وفداً رياضياً من إسرائيل ليلعب على أراضيها “الجمباز”، وبعد ذلك استضافت ضباطاً إسرائيليين للمشاركة في مؤتمر سياسي ــ اقتصادي، أمّا مسقط فكانت محط رحال نتنياهو، بمرافقة رئيسي جهازي “الشاباك”و”الموساد”، وعلى ما يبدو أن نتنياهو مهّد الطريق لوزير المواصلات الذي سبق أن عرض خطته لإحياء “سكة الحجاز” قبل عدة أشهر، ووفقاً لتقديرات صحافية، فمن المتوقع أن يبدأ في العام المقبل صرف الميزانية البالغة قيمتها حوالي خمسة ملايين دولار أمريكي، والتي خصصت للمشروع الذي يربط بين قطار مرج ابن عامر (الجليل الأسفل) ومعبر “الشيخ حسين” الحدودي مع الأردن، وكل هذا ضمن المخطط الإسرائيلي لربط دول عربية، عن طريق الأردن، بميناء حيفا، وهذا من أجل “تحويل إسرائيل إلى مركز إقليمي للنقل البحري”، والاستفادة من كل العوائد المادية التي ستتدفق من الدول الخليجية.
وبينما تُنقل البضائع، اليوم، من الأردن عن طريق الشاحنات إلى مينائي حيفا وأسدود، فإن المشروع الجديد يتضمن إقامة محطة شحن ضخمة، تستقبل البضائع التي تصل من الأردن عن طريق “قطار المرج” ونقلها مباشرة إلى ميناء حيفا، ونقل تقرير سابق لصحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، فإن شركة “قطارات إسرائيل” قد بدأت العمل، بعدما شكّلت طاقماً لتخطيط وإدارة المشروع لرسم وإنشاء مسار سكة الحديد ومحطة الشحن ومحطة المسافرين.
ومع استكمال سكة الحديد، سيرتبط ميناء حيفا مباشرة بالحدود الشرقية، بحيث يسهّل الحركة المتواصلة للتجارة بين شرق فلسطين المحتلة وغربها بواسطة القطار الذي سينقل البضائع براً، لكن هذا ليس إلا بداية للمشروع الذي سيمكّن “قطار مرج ابن عامر” من أن يصبح مستقبَلاً ممرَّ المواصلات الإقليمي لحركة البضائع بين الخليج والمنطقة، وكما صرح الوزير الصهيوني “كاتس”، ستشكل سكك الحديد رابطاً مع البحر المتوسط، وجسراً للسلام من خلال ربط مينائي حيفا وأسدود بالأردن، ومن هناك إلى سواحل الدول الخليجية، حيث تصبح “إسرائيل” جزءاً من مسار التجارة البحرية حول الجزيرة العربية، ومنها إلى أوروبا عبر المتوسط”.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الحديث يدور حول “مشروع استراتيجي يسمح بتوسيع حركة التجارة بين الدول الخليجية وموانئ البحر المتوسط، وأن انتعاش التجارة بين هذه الدول وبين “إسرائيل” له دلالات واسعة تشكّل رافعة اقتصادية لتعزيز التجارة القائمة، ورافعة لتحقيق السلام الاقتصادي في الشرق الأوسط، ومدخلاً لتقوية العلاقات الدبلوماسية”، كما أن المشروع سيتيح عبوراً برياً آمناً، ويختصر على الدول العربية الوصول إلى شواطئ المتوسط، إذ إن طول المسار البحري الذي يبدأ من الميناء المركزي في السعودية – الدمام ليصل إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس، يبلغ 6000 كيلومتر، بينما عن طريق اليابسة عبر “إسرائيل” للوصول إلى ميناء حيفا، يبلغ 600 كيلومتر فقط، الأمر الذي يشكّل ضربة اقتصادية للقناة المصرية، كما أشارت تقديرات صحافية.
ولفت الوزير الصهيوني في تصريحات سابقة إلى أن هذا المشروع مخطط له بالتعاون مع أمريكا واليابان والصين وتركيا ودول أوروبية، وليس من أجل تعزيز الاقتصاد وتقويته بما يعود بالنفع على “إسرائيل” أولاً والدول الخليجية ثانياً فقط، وإنما لما له من فوائد أخرى من الناحية الأمنية الاستخبارية.
وقال بيان صادر عن الحكومة الإسرائيلية، مساء أمس (الاثنين)، إن أمريكا تدعم رسمياً خطة “سكك السلام الإقليمي” التي يدعمها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير المواصلات وشؤون الاستخبارات، يسرائيل كاتس، الذي يقوم حالياً بزيارة رسمية إلى سلطنة عمان للمشاركة في مؤتمر دولي للمواصلات سيستعرض خلاله هذه الخطة.
وتنص الخطة على مد سكك حديدية تربط بين البحر الأبيض المتوسط والخليج الفارسي، عبر “إسرائيل” بوصفه جسراً برياً، والأردن بوصفه محور مواصلات إقليمي، وأضاف البيان: إن هذا هو ما أعلنه مبعوث الرئيس الأمريكي لعملية السلام، جيسون غرينبلات خلال زيارة يقوم بها حالياً إلى “إسرائيل”، وأكد البيان أن هذا الدعم الأمريكي يُعتبر تطوراً مهما يمكن أن يؤثر في دول كثيرة في المنطقة، وأشار إلى أنه جاء استمراراً لمحادثات عديدة حول الموضوع أجراها الوزير، كاتس، خلال العامين الماضيين، بدعم من نتنياهو، مع الإدارة الأمريكية ومسؤولين عرب في المنطقة.