بين معركة الحديدة وعقد التشاور.. من سينتصر؟!
|| مقالات || ماجد الغيلي
تزدادُ معاركُ الحديدة من يومٍ لآخر وتتوسعُ رقعتُها؛ للوصول إلى حَـلٍّ سياسيّ من الميدان كما يريدُ التحالُفُ بقيادة السعوديّة، حيثُ هذه المرة ألقى التحالفُ بإيعاز من أمريكا بكل ثقله في الحديدة وكثّف غاراتِه بشكل كبير جداً واستهدف مناطقَ محدودةً في الحديدة بمئات الغارات؛ لإسناد مرتزِقته ومحاولة التقدم؛ ليكسبَ في الأخير كما كان يخطّط معركةَ الحديدة لصالحه قبل عقد التشاور في المكان الذي تم تحديده في دولة السويد.
وبعد الدعوات وخَاصَّـة الأمريكية منها – التي لم تصدق على الواقع – بوقف إطلاق النار في اليمن ووقف الغارات مقابل إيقاف أنصار الله إطلاق الصواريخ الباليستية على السعوديّة والإمارات أفادت صحيفة “واشنطن بوست” بأن الإدارة الأمريكية ستوقف عمليات إعادَة التزويد بالوقود لمقاتلات التحالف العربي بقيادة السعوديّة في اليمن.
وليعرفِ الرأيُ العام الدولي والمحلي أن ذلك ما هو إلا لذر الرماد على العيون وأنه مُجَـرّد خدعة إن صحت ومكر واستغفال إن لم تصح ننظر ونتأمل إلى ما نشرته أسوشيتد برس حيث قالت عن مسؤولين أمريكيين: “إن تغييرَ التزود بالوقود لا يؤثر على المساعدات العسكريّة الأمريكية والتدريب لتحسين الغارات الجوية السعوديّة، التي تسببت في مقتل الآلاف من المدنيين..؛ ونتيجة لذلك، فإن أي قرار لوقف إعادَة التزود بالوقود في الولايات المتحدة لن يكون له تأثير كبير على القتال، ولكنه سيسمح لإدارة ترامب بالقول إنها اتخذت إجراءات ضد السعوديّين بسبب الدمار الذي لحق باليمن.
إذن فهذا لا شك هو يصُبُّ في استغفال المجتمع الدولي والمحلي في اليمن على حَـدٍّ سواء بأن هناك جهوداً تُبذَلُ وهي تسيرُ في مسارها؛ للوصول لوقف إطلاق النار، وذلك عن طريق منع تزويد طائرات التحالف الذي تقوده السعوديّة بالوقود اللازم، وهي كما قلنا خدعة وكذبة، فما يقال ليس كما ينفّذ في الواقع، فالمعاركُ في الحديدة من يوم لآخر تزدادُ ضراوةً، والغاراتُ الجوية تزدادُ كثافةً، بل وتستهدفُ المدنيين والمنشئات الخَاصَّـة والعامة، حيث استهدف التحالفُ بقيادة السعوديّة مستشفى 22 مايو التخصصي في مدينة الحديدة وأحدث أضراراً فيه بمبرّر أنه تم تحويلُه من قبل أنصار الله لثكنة عسكريّة.
ولكي نضعَ القارئَ على ما يحدُثُ على أرض الواقع فإننا نستشهد هنا بما نشره موقع إنتلجنس أونلاين يوم الخميس الماضي بأن مسؤولين في البنتاغون شاركوا في التخطيط للهجوم السعوديّ الإماراتي الجديد على الحديدة، موضحاً أن البنتاغون زوّد السعوديّة والإمارات بمعلوماتٍ حيويةٍ لشن الهجوم وكيف يكون حجمُ هذا الهجوم، حيث تم ذلك أثناء اجتماع سري لمسؤولين بالبنتاغون مع ضباط سعوديّين وإماراتيين في الرياض، وأكّد موقع إنتلجنس أن واشنطن سلّمت الرياض طائرتي استطلاع ومراقبة إضافيتين قبيل الهجوم على الحديدة.
ويأتي هذا في ظل سياسة التصعيد التخريبي التي ينتهجها النظام السعوديّ والإماراتي ومن خلفهم الإدارة الأمريكية بحق أبناء الحديدة وتدمير ممتلكاتهم في ظل صمت وتواطُؤٍ أُمَـمي ودولي.
ولإتاحة الفرصة أكثر للتحالف العربي لتحقيق نتائج مثمرة ومرغوبة في معارك الحديدة كان المبعوثُ الأُمَـمي إلى اليمن مارتن غريفيث قد أجّل عقد المشاورات إلى نهاية العام بدلاً عن نهاية الشهر الجاري.
لكن بعد فشلهم في السيطرة على الحديدة خلال الأَيَّـام القليلة الماضية واستعادة الجيش اليمني واللجان الشعبية لكل المناطق التي كان مرتزِقة التحالف قد سيطروا عليها أوضح غريفيث أن العمل متواصل لاستئناف العملية السياسيّة في اليمن وأنه يواصل التشاور مع الأطراف بشأن الترتيبات اللوجيستية لعقد المحادثات، مشيراً إلى أنهم في الأُمَـم المتحدة ملتزمون بعقد الجولة المقبلة فور الانتهاء من تلك الترتيبات!
وطالما الأمرُ يدورُ بين رحى حرب ضروس ومشاورات تؤجّل متى أريد لها أن تؤجل وتعقد متى ما أريد لها ذلك فإن طرف التحالف بقيادة أمريكا وهو الطرف الذي بيده وقفُ الحرب هو أَيـْـضاً بيده تحديد وقت التشاور ومكان انعقاده وزمانه، وهو كان كذلك في المرات السابقة ولا يزال، ويريد أن يشاورَ ويفاوِضَ إذَا رأى أنه سيكسب، كما يريد أن يحارب ويستمر في شن الضربات الجوية والمعارك عبر المرتزِقة متى رأى أنها تجلب له نصراً أَوْ على أقلِّ تقدير تحد من تقدم طرف الجيش اليمني واللجان وتضعفهم، وبين هذا وذاك يبقى الشعب اليمني معلقا بين أن يكون وتكون له حريته وكرامته، وبين أن يهزم ويقهر وهيهاتَ لشعب الإيمان والحكمة إلا أن يصمد ليبقى حُرًّا عزيزاً ويكون له ما أراد.