مجلة ذي إيكونومست البريطانية : على ملك السعودية البدء باختيار ولي عهد جديد
|| صحافة عربية ودولية ||
ذكرت مجلة «ذي إيكونومست» البريطانية، أن دم الصحافي السعودي جمال خاشقجي سيظل يلطّخ سمعة محمد بن سلمان للأبد، الذي صار من الصعب تصوّر كونه ملكاً مستقراً يُعتمد عليه.
مضيفة أن قصص وجود سخط داخل الأسرة الحاكمة تجاهه تزداد يومياً. ولفتت إلى أن من الحكمة أن يبدأ الملك سلمان تشارك السلطة بشكل واسع النطاق، وليبدأ بتعيين ولي عهد جديد للمملكة. وأشارت المجلة إلى أن قلة من الجرائم السياسية الشنيعة تُوثّق توثيقاً جيداً مثل قضية مقتل خاشقجي، مع تسريب المخابرات التركية صور وأسماء مرتكبي تلك الجريمة، واستماع أجهزة المخابرات الغربية لتسجيلات اللحظات الأخيرة المؤلمة لقتل الرجل.
وذكرت المجلة أن السعودية اعترفت بتنفيذ الجريمة، لكن السؤال الوحيد المطروح هو ما إذا كان ابن سلمان قد أصدر أمر قتل خاشقجي أم لا، قائلة إن الإدارة الأميركية تبدو غير مهتمة بمعرفة الإجابة عن هذا السؤال، وذلك بعد إصدارها بياناً تؤكد فيه شراكة واشنطن مع الرياض، التي تراها حليفاً مفيداً ضد إيران والتطرف الإسلامي وركناً أساسياً لأسعار نفط عالمية منخفضة ومشترياً عملاقاً للأسلحة الأميركية.
وأكدت المجلة أن تجاهل البيت الأبيض للحقائق بشأن مقتل منتقد سلمي مثل خاشقجي، يُعدّ انفصاماً مثيراً للقلق عن القيم الأميركية؛ فذلك يساهم في خلق عالم أكثر خطورة وأقل أمناً. مشيرة إلى أن دبلوماسية واشنطن تجاه السعودية تشبه السياسة الواقعية التي انتهجها رؤساء أميركا السابقون في التعامل مع النظام السعودي، لكن نهج الإدارة الحالية خالٍ من النفاق بشأن حقوق الإنسان؛ فهي صريحة على نحو مذهل.
ورأت المجلة أن رؤساء أميركا السابقين سعوا لموازنة القيم الأخلاقية الأميركية مع المصالح الوطنية، لكن الإدارة الحالية تخلى عن دعاوى الدفاع عن الأخلاق. مشيرة إلى أن فرض واشنطن عقوبات على 17 سعودياً هدفها حماية ولي العهد ابن سلمان وليس معاقبته.
وذكرت المجلة أن البيت الأبيض تخلى عن أداة مهمة للقوة الأميركية؛ أي دورها بصفتها نموذجاً للديمقراطية؛ فمن خلال تكراره المزاعم السخيفة للسعودية بأن خاشقجي كان «عدواً للدولة»، فإن البيت الأبيض، يعطي بذلك رخصة للسلطويين في كل مكان بقتل الصحافيين والمعارضين.
أيضاً أظهر الإدارة الأميركية مجدداً أنها تصدّق كلام الحكام الطغاة على كلام استخبارات بلادها، التي كذّبها البيت الأبيض، بعد أن أصدرت بياناً أشارت فيه إلى إصدار ابن سلمان أمراً شخصياً بقتل الصحافي المعارض.
ورأت المجلة أن البيت الأبيض مخطئ حتى من وجهة النظر الجيوسياسية؛ إذ إن دفاعه عن ابن سلمان في غير محله؛ لأن الأمير الشاب يحوّل السعودية إلى قوة اضطراب، ويساعد إيران في مد نفوذها بأفعاله: مثل حرب اليمن، وحصاره قطر بدفعها أكثر تجاه إيران، بالإضافة إلى استمرار السعودية في تغذية أيديولوجية التطرف من خلال المناهج الدراسية.
وأضحت «إيكونومست» أهمية السعودية بالنسبة للإسلام والمنطقة، لكنها ذكّرت بأن العمل معها لا يعني تلبية جميع طلباتها؛ فالنظام السعودي يحتاج أميركا أكثر من احتياجها إليه. داعية الإدارة الأميركية إلى إخبار السعوديين بالخروج من اليمن وفض الحصار مع جارتها الشرقية، والأهم إيصال رسالة إليهم بأن «الحكم عن طريق الخوف ليس وصفة للاستقرار الداخلي».
وأوضحت المجلة أن تحميل ابن سلمان مسؤولية قتل خاشقجي لا يلزم بالضرورة الاطلاع على تقرير «سي. آي. أيه»؛ لأنه تحوّل إلى طاغية بما له من صفات الوحشية والاندفاع والخوف.