مفاوضات ستوكهولم والفشل الذي مُني به تحالف العدوان السعودي
|| صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
انتهت يوم الخميس الماضي الجولة الرابعة من محادثات السلام اليمنية التي بدأت في الـ 6 ديسمبر / كانون الأول 2018، بحضور كل الأطراف اليمنية برئاسة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الخاص بدولة اليمن السيد “مارتين غريفيث” في العاصمة السويدية “ستوكهولم”، ببيان نشرته العديد من وسائل الإعلام العالمية، وفي سياق متصل أعربت العديد من المصادر الإخبارية بأن العدوان السعودي قام بتكثيف ضرباته الجوية على عدد من المناطق اليمنية عقب صدور ذلك البيان الختامي الذي أكد على ضرورة وقف إطلاق النار في مدينة وميناء الحديدة والذي كشف للعالم أجمع هزيمة السعودية في حربها العبثية التي شنتها على جارتها اليمن قبل أكثر من ثلاث سنوات وجاء في ذلك البيان أن جميع الأطراف اليمنية وافقت على أن تقوم الأمم المتحدة بإدارة ميناء الحديدة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
والنقطة الملفتة للنظر هنا، هي سياسة النفاق لأمريكا في محادثات السلام هذه التي عقدت في السويد، والتي جذبت انتباه العديد من المراقبين السياسيين، خاصة وأن واشنطن قدّمت الكثير من الدعم العسكري واللوجستي لقوات العدوان السعودي للاستمرار في جرائمه الوحشية في اليمن، حيث أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً يتعلق بمفاوضات “ستوكهولم”، أعربت فيه بأنه يجب القيام بالعديد من المفاوضات والاتفاقات وإجراء المزيد من المشاورات بين كل الأطراف اليمنية للتوصل إلى حلّ سياسي للأزمة اليمنية ولكنها في الوقت نفسه أعطت العدوان السعودي الضوء الأخضر للقيام بالمزيد من الهجمات البربرية وانتهاك اتفاقية السلام التي تم التوقيع عليها في السويد الأسبوع الماضي وهنا يمكن القول بأن سلوك أمريكا وقوات العدوان العربية تجاه محادثات السلام التي عقدت في السويد الأسبوع الماضي، تؤكد بما لا تدع مجالاً للشك بأن دول العدوان ومؤيديهم لم يكونوا راضين عن الإنجازات والمكاسب السياسية والإنسانية التي حققها وفد “أنصار الله” في مفاوضات السلام التي عقدت في السويد من أجل الشعب اليمني ولهذا فإن ذلك العدوان يسعى في وقتنا الحالي إلى منع تنفيذ بنود ذلك الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات السلام اليمنية.
في نهاية المطاف وبعد أربع سنوات من مقاومة “أنصار الله” لذلك العدوان وبعد مرور أيضاً أسبوع على محادثات السلام التي عقدت في السويد، تمكّن الشعب اليمني من إجبار العدوان السعودي والمجتمع الدولي على قبول حقيقة أن الحل الوحيد للأزمة هو الحل السياسي، والحقيقة الأخرى التي برهنت عليها الفترة الماضي، هي أن الحرب في اليمن لم تنتهِ خلال ثلاثة أسابيع كما وعدت السلطات السعودية، ولم تسقط مدينة الحديدة في أيدي قوات العدوان خلال أسبوع كما وعدت الإمارات وعلى هذا الأساس، سعت الإمارات والسعودية لإنهاء إخفاقاتهما بالدخول في حوار دبلوماسي وفي هذا الإطار، سعى العدوان السعودي وأمريكا، لتحقيق الأهداف التي لم تتحقق من خلال الحرب، عن طرق المفاوضات ولكنهم في نهاية المطاف لم يحققوا أي مكاسب ملموسة في تلك المفاوضات التي عقدت في السويد الأسبوع الماضي وإنما كانت اليد العلياء لـ”أنصار الله”، الذين حققوا الكثير من المكاسب من تلك المفاوضات والتي جاءت نتيجة للانتصارات المتتالية التي حققتها هذه الحركة المقاومة الشعبية ضد قوات العدوان خلال الأشهر الأخيرة.
إن نتائج المفاوضات التي عقدت في السويد، أكدت للعالم أجمع على شرعية وجهة نظر ومواقف حركة “أنصار الله”، وأكدت أيضاً بأن الأزمة اليمنية لن تحل أو تنتهي إلا بحل سياسي وهذا الأمر يُعدّ انتصاراً لحركة “أنصار الله”، وفي الوقت نفسه، تعتبر قضية ميناء الحديدة هي القضية الأكثر أهمية، التي تم مناقشتها في مفاوضات السويد، حيث أكد البيان الختامي لهذه المفاوضات على ضرورة تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار في هذه المحافظة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى اليمن عن طريق ميناء الحديدة، وهذا الأمر يُعدّ ضربة قاضية أخرى تلقاها العدوان السعودي وأجبره على إنهاء حصاره الاقتصادي الجائر على اليمن.
إن وقف العمليات العسكرية في مدينة الحديدة وإطلاق سراح السفن المحتجزة في مينائها، يعني السماح بدخول المواد الغذائية والدواء والسلع الأساسية الأخرى إلى اليمن، وهذا نصر عظيم لـ”أنصار الله” وهزيمة كبرى للسعودية وتحالفها الغاشم والنصر الآخر، هو الاعتراف بأنصار الله كمفاوض رئيسي في تلك المفاوضات من قبل الأمم المتحدة وحتى من قبل حكومة الرئيس المستقيل “عبد ربة منصور هادي”، وهذا يعني شرعية وجود “أنصار الله” وقوى المقاومة في الساحة اليمنية، وهو شيء كانت ترفضه السعودية وحلفاؤها.
وحول هذا السياق، أعرب الباحث والخبير الدولي السيد “هادي سيد أفقهي”، بأن هذا الاتفاق يُعدّ انتصاراً سياسياً لحركة “أنصار الله”، لأن المرتزقة السعوديين كانوا يقولون في الماضي بأن أعضاء هذه الحركة هم الانقلابيون لكن الآن، عندما تدعو الأمم المتحدة حركة “أنصار الله” للحوار، فإنها علامة مهمة على الاعتراف بممثل يمثل جزءاً كبيراً من الشعب اليمني ويسيطر على الكثير من المناطق الاستراتيجية في هذا البلد.
ولفت السيد “أفقهي” إلى أن الإنجازات الأخرى التي حققها “أنصار الله” للشعب اليمني في مفاوضات السلام التي عقدت في السويد، يتمثل في عدم نجاح قوات “هادي” من السيطرة على ميناء الحديدة، على الرغم من الضوء الأخضر التي قدمته أمريكا والدول الغربية لتلك القوات لاستخدام كل قوتهم العسكرية من أجل السيطرة على ذلك الميناء ولكنهم في نهاية المطاف أخفقوا وأجبروا على المشاركة في هذه المفاوضات.
وأشار السيد “أفقهي” إلى أن بقاء المطار تحت سيطرة “أنصار الله”، وقوات اللجان الشعبية وحكومة صنعاء الشرعية، يُعدّ انتصاراً آخر خرج به “أنصار الله” من تلك المفاوضات وذلك لأن السعوديين والمرتزقة كانوا يريدون أن ينتزعوا مطار صنعاء من أيدي “أنصار الله” خلال مفاوضات السلام التي عقدت في السويد وهذا الأمر يعدّ أيضاً هزيمة أخرى مُني بها العدوان السعودي.
وهنا تشير التطورات في اليمن إلى استمرار الفشل السياسي والعسكري للعدوان السعودي في اليمن، وهذا الأمر أدّى إلى حدوث المزيد من الارتباك وخيبة الأمل للدول المشاركة في هذا العدوان، والذين أجبروا في نهاية المطاف على تكثيف هجماتهم الوحشية على اليمن بعد يوم واحد على انتهاء محادثات السلام الأسبوع الماضي في السويد ولذا يجب القول هنا بأنه إذا ما فشلت هذه المفاوضات فالعدوان السعودي سيكون هو المسؤول على ذلك.