وول ستريت جورنال: محاولات السعودية لكسب ولاءات في المهرة تثير غضب المواطنين

|| صحافة عربية ودولية ||

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن سعي المملكة العربية السعودية لكسب ولاءات لها بين السكان المحليين في محافظة المهرة اليمنية، من خلال قيامها بمشاريع تنموية تهدف الى ترسيخ مصالحها الاستراتيجية العسكرية والأمنية.

 

وقالت الصحيفة في تقرير لها ” إن جيش المملكة استولى على البحر والمطارات وجلب المئات من الجنود السعوديين لتنفيذ المشاريع، ما أدى إلى إثارة المعارضة بين سكان محافظة المهرة اليمنية، التي عاصمتها الغيضة.

 

وأشارت الى أنه مع تزايد الضغوط الدولية على التحالف الذي تقوده السعودية لوقف الحرب المدمرة في اليمن، فإن عدم الثقة العميقة بين السكان هنا يعقد جهود الرياض من استغلال فوضى اليمن لبناء الولاء بين السكان المحليين ويبقي القوى المعادية، وخاصة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران مهددة للسعودية.

 

وبحسب التقرير يتهم بعض الأشخاص في المهرة المملكة العربية السعودية باستخدام مشاريع تنموية لترسيخ مصالحها الاستراتيجية العسكرية والأمنية من خلال السيطرة على البنية التحتية الرئيسية في اليمن، وتوسيع المرافق الطبية في المحافظة، وإعطاء وعود بمنح زوارق جديدة للصيادين.

 

وقال نائب محافظ المهرة السابق علي بن سالم الحريزي الذي ساعد في تنظيم احتجاجات ضد الوجود السعودي في المحافظة نحن تحت الاحتلال السعودي، مضيفا “نحن لا نحتاج إلى السعوديين”.

 

وقال مسؤول رفيع المستوي في الحكومة ومقرب من الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم من السعودية ان الحكومة اليمنية ليس لديها اي راي أو سيطرة علي التوسع السعودي في المهرة، وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خوفا من الانتقام من السعودية ، ان الرياض تستغل حاله الفوضى في البلاد.

 

وأضاف المسؤول “نحن متحالفون مع التحالف الذي تقوده السعودية ولكننا لا نقبل اي انتهاك لسيادتنا”، “هدف التحالف هو أعاده الحكومة الشرعية وليس نشر الجيش في المناطق السلمية”.

 

وتقول الرياض ان جيشها يعمل أيضا في المهرة لوقف التهريب المخدرات الذي يتم عبر البحر العربي والتي تتسرب إلى المملكة العربية السعودية والأسلحة التي يستخدمها الحوثيون في شمال اليمن لمحاربه الرياض وحلفاءها، ولتحسين الأمن للشعب اليمني، وقد عززت المملكة العربية السعودية خفر السواحل اليمنيين وأقامت نقاط تفتيش لخنق تهريب الأسلحة.

 

ونقلت الصحيفة عن العميد علي شكري، قائد فرقة العمل السعودية في المهرة قوله إن مبادرات التنمية السعودية تهدف إلى غرس النوايا الحسنة وتلبيه الاحتياجات المحلية قبل ان يقرر المنافس، مثل الجماعة المتمردة المدعومة من إيران أو المتطرفين الإسلاميين مثل القاعدة ، القيام بذلك.

 

وأضاف إذا كانت هناك فجوة، فسيملأ أحد هذه الفجوة، ولم يعد اليمن بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، عرضة للهجوم فحسب، بل اصبح على شفا الانهيار.

 

استراتيجية مزدوجة وفي الوقت الذي تقود فيه تحالفا مواليا للحكومة يحارب المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، مولت السعودية المدارس والبنية التحتية في محافظه المهرة في اليمن.

 

وتجادل السعودية والامارات العربية المتحدة بان تحالفهما العسكري أمر بالغ الأهمية لهزيمة الحوثيين الذين استولوا في العام 2014 علي العاصمة صنعاء، في حين قتلت الغارات الجوية للتحالف آلاف المدنيين ودمرت البنية التحتية الحيوية بما فيها المستشفيات، وأصبح اليمن الآن موطن لأحد أكبر فاشيات الكوليرا علي الإطلاق، وقد توفي ما يصل إلى 85 الف طفل من المجاعة منذ بداية الحرب، وفقا لمنظمه إنقاذ الطفولة.

 

في حين اأن محافظه المهرة قد تجنبت الكثير من الدمار الذي شهدته أماكن أخرى في اليمن، فان المحافظة تدل على كيفية تعتيم السكان المحليين على الدور الكبير للقوى الإقليمية.

 

ومنذ أبريل / نيسان، تظاهر مئات الأشخاص بصورة منتظمة ضد الاستيلاء على “الغزاة” السعوديين. وفي نوفمبر / تشرين الثاني، قتل جنود يمنيين مدعومون من السعودية شخصين على الأقل عندما فتحوا النار على مظاهرة.

 

وقال راجح سعيد باكريت، محافظ محافظه المهرة الذي تدعمه السعودية، ان القتلى كانوا إرهابيين أصيبوا بالرصاص اثناء مهاجمتهم لنقطه تفتيش، ولكن السيد حريزي قال ان القتلى كانوا من المحتجين العاديين.

 

وأشار التقرير الى أن السعوديون يستخدمون مطار الغيضة، الذي استولوا عليه في أواخر عام 2017، ليطيروا بالجنود داخل وخارج البلاد، كما أنهم يديرون برنامجهم التنموي بمساعدة من الجيش، مما يعزز الانطباع لدى السكان المحليين بأن المساعدات السعودية جزء من الجهود الحربية للمملكة.

 

يقول التقرير تجمع المملكة العربية السعودية بين جهود التنمية ومكافحة التهريب بمنح مباشرة لكسب المتشككين، مثل الوقود التي تشتد الحاجة اليه، والكتب المدرسية، ومحطه تنقيه المياه والمرافق الطبية الجديدة.

 

وقال الجنرال السعودي شكري “إذا قمتم ببناء المستشفيات والمدارس، إذا قمت بخلق الوظائف، سيقولون : ” نحن محظوظون لأنكم هنا”.

 

وفي ميناء نشطون المطل علي بحر العرب، إلى الجنوب من الغيضة، فان لافتات ضخمه تحمل صوره الولي عهد السعودي محمد بن سلمان ووالده الملك سلمان امام شاحنتين للوقود لا تدع مجالا للشك في الجهة المسؤولة عن المنح.

 

ويشكل الوقود في الناقلات جزءا من تعهد سعودي بتوزيع $60,000,000 من المشتقات النفطية شهريا علي محطات الطاقة في 10 محافظات في انحاء اليمن، وقال المدير العام لشركه النفط المحلية محسن بلحاف ان المهرة تلقت 4,800 طنا في تشرين الثاني/نوفمبر.

 

ويتم تسليم الوقود تحت مظلة البرنامج السعودي للتنمية وأعاده الاعمار في اليمن، الذي انطلق في مايو 2018، والذي يدير مشاريع البنية التحتية والصحة في ست محافظات يمنيه. كما قام مسئولون من البرنامج في أواخر ديسمبر/كانون الأول، رفقة معظم الإعلاميين اليمنيين والسعوديين بزيارة مدرسه في الغيضة للبدء في توزيع 192,000 كتابا مدرسيا، واصطفت مئات التلميذات الحجاب لتحية الزوار، وأشاد المدير العام للتعليم في المهرة سمير هاشا بالمبادرة السعودية.

 

في محاولتها لجذب أهل المهرة، والقيام بدور مهيمن في التجارة والأمن، تحاول المملكة العربية السعودية الضغط على سلطنة عمان، حسبما يقول النقاد، التي حافظت على علاقات ودية مع أبناء شرق اليمن. وقد اتخذت المملكة العربية السعودية الطريق الرئيسي والمعابر الحدودية والميناء لتقييد التجارة من الدولة الصغيرة الغنية بالنفط.

 

ويتهم مسؤولون سعوديون عمان بالتغاضي عن تهريب الأسلحة الإيرانية عبر أراضيها إلى المتمردين الحوثيين – وهو اتهام تتقاسمه مع المسؤولون الأمريكيون ولم تستجب وزاره الخارجية العمانية وسفارتها في لندن، التي تتعامل مع استفسارات وسائل الاعلام الأجنبية، لطلبات التعليق.

 

وهناك طريق آخر للتسلح من الخارج، حيث تقول الأمم المتحدة والجيش السعودي ان إيران ترسل مكونات صواريخ ليتم تجميعها في أراضي الحوثيين، وقد رفضت إيران مرارا الاتهامات بأنها تدعم الحوثيين ماليا وعسكريا، لكنها تعترف بنفوذها على المتمردين، وقد التقت مع القوي الأوروبية لمناقشه وقف إطلاق النار في اليمن.

قد يعجبك ايضا