هل يفسد باتريك ما أصلحه غريفيث؟!
|| مقالات || عبدُالكريم الشهاري
لم يكُنِ الاحتفاءُ الدوليُّ والأُمَــمي ممثلاً بحضور رأس الهرم للأُمَــم المتحدة غوتيريش لاتّفاق ستوكهولم الذي تم التوقيعُ عليه بين الأطراف اليمنية المتصارعة سوى تعبيرٍ عن فرحة لتلك المؤسّسة الأُمَــمية التي ترهّلت بالفساد والانحياز لقوى العدوان حتى كاد يضيعُ ماءُ وجهها على مدى ما يقاربُ الأربع السنوات من فشل تراكمي ناجمٍ عن سوء إدارة ولد الشيخ المبعوث الأُمَــمي السابق إلى اليمن والذي تسبّب نتيجة فشله وانحيازه إلى قوى العدوان الأعرابي الأمريكي الإجرامي الذي لم يراعِ أيَّةَ حُرمةٍ لقواعد الاشتباك التي تنُصُّ عليها مواثيق الأُمَــم المتحدة بأزمة إنسانية هي الأكبر في التأريخ البشري بحسب توصيفات ممثلي الأُمَــم المتحدة في الجانب الإنساني أنفسهم.
ولذلك فالأملُ الذي يعبّرُ عنه المبعوثُ الأُمَــمي الجديدُ الذي كان له دورٌ بارزٌ في إنجاز ذلك الاتّفاق التأريخي لا يخُصُّ اليمنيين وحدَهم، ولكنه أملٌ في عودة العدالة الضائعة والغائبة لمؤسّسات الأُمَــم المتحدة التي يعيثُ فيها الأمريكان وأزلامُهم من الصهاينة وأعراب الخليج الفساد.
لكن يبدو أن ذلك الأملَ الذي يراه غوتيريش ومبعوثُه إلى اليمن غريفيث في نهاية الممر المظلم لن يكونَ سوى الحريق الذي يُشْعِلُ فتيلَه باتريك كاميرت الجنرالُ الهولندي الذي تم اختيارُه ليكونَ مشرفاً على تنفيذ الاتّفاق بين الطرفين من خلال فشله في مهمته وانحيازه الصارخ لقوى العدوان الصهيو أمريكي ضد اليمنيين، وهذا ما يبدو على الأقل حتى اللحظة الراهنة.
اتّفاق استوكهولم بين النظرية والتطبيق.. أين الخلل؟
باستقراء منطقي للهدف من اتّفاق استوكهولم سنرى من خلال بنوده الواضحة أنه يعملُ على وقف العدوان ضد اليمنيين من خلال الغارات الجوية وفكّ الاشتباك بين الأطراف على الأرض من خلال لجنة تُعنَى بإعادة الانتشار لقوات الطرفين وكذلك تسليم المنافذ البحرية وهي ميناء الحديدة والصليف ورأس عيسى مع مدينة الحديدة للسلطة المحلية مع رقابة أُمَــمية تشرف على الأداء، وبموجب هذا تتم معالجةُ الوضع الاقتصادي من خلال تسليم الإيرادات للبنك المركزي في الحديدة وصرف المرتبات للموظفين في الحديدة وبقية المناطق المحاصَرة.
لكن سوءَ النية لباتريك كانت حاضرةً منذ البداية وقد تجلَّت في الآتي تصريحاته حول غموض بنود الاتّفاق، وهذا مبرِّرٌ لإضَافَـة بعض البنود في الاتّفاق الذي كان واضحاً في أحد بنوده عدمُ المساس بالاتّفاق والإضَافَـة عليه، كذلك لم يكن باتريك متحمِّساً للخطوة التي قام بها الجيشُ الوطني وهي تسليمُ الميناء لأمن المحافظة الداخلي.
وبالرغم أن لجنةَ التنسيق المشكَّلة من الطرفين تسمى بلجنة إعادة الانتشار، إلّا أن إعادة الانتشار ليس من أولويات المسئول الأُمَــمي على الحَــلّ ولا يبالي باتريك بذلك الكم الهائل من القذائف التي لا تزالُ تسقطُ على السكان في أطراف مدينة الحديدة؛ لأن الأولوية لباتريك هي فتحُ ممراتٍ ومطالبة بإزالة ألغام من قبل الطرف الوطني دونَ النظر لإزالة التهديد الذي ما يزال جاثماً على رؤوس المدنيين الأبرياء وباتريك هنا يبدو كمَن يقومُ بوضع العربة قبل الحصان نفسه، وهنا يكمن فشلُ باتريك ومراوحتُه في نفس المكان دون تحقيق تقدم.
وللتذكير بسبب الفشل الذي قاد المبعوثَ الأُمَــمي السابق ولد الشيخ للفشل المحتوم هو إصرارُه في مفاوضات الكويت على أن يكونَ الحَــلُّ العسكريُّ هو الأولويةَ قبل الحَــلِّ السياسي، رافضاً فكرةَ التزامن فيما بينهما، ما أدّى إلى أن يذهبَ إلى مزبلة الفشل التأريخي.
وهُنا على المبعوث الأُمَــمي غريفيث أن يحافظَ على إنجازه وأنْ لا يدعَه في مهبِّ الريح لباتريك؛ وذلك لأنه يعلمُ أن للفشل طريقاً واحداً وللنجاح طرقاً متعددة، وعليه أن يختارَ بين أن يعزّز ما بناه أو يعودَ به باتريك إلى المربَّع الصفري، وهو نفسُ الطريقُ الذي سلكه ولد الشيخ إلى فشله المحتوم.