السعودية تتحالف مع إسرائيل ودول البحر الأحمر لمواجهة إيران
|| صحافة عربية ودولية ||
في إطار استعدادات السعودية لعهد “ما بعد الأميركي”، أي بعد الانطواء الأميركي بعد الفشل في تحقيق الأهداف العسكرية في الشرق الأوسط، تعمل على إنشاء تحالفات جديدة ضد إيران، وبضمن ذلك توثيق العلاقات مع العدو الإسرائيل، ومع أفريقيا، وخاصة الدول المطلة على البحر الأحمر.
جاء ذلك في تقرير لـ د. شاؤول يناي، الباحث في ما يطلق عليه “المنتدى للتفكير الإقليمي” الإسرائيلي، ونشر في موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، يعتبر فيه الباحث أن توثيق علاقات السعودية مع إسرائيل ومع دول أفريقية من شأنه أن يضع السعودية في مكانة موازنة لإيران، في زعامة العالم العربي.
يشار إلى أن “المنتدى للتفكير الإقليمي” الذي تأسس عام 2014، يعرف نفسه على أنه “منتدى يعمل فيه باحثون من مجالات مختلفة بهدف إحداث تغيير في الحوار العام والنظرة السائدة في إسرائيل للشرق الأوسط. ويعتقد الباحثون فيه أن نشر معلومات وتحليلات مهنية وجذرية ومعمقة تحفز لدى الجمهور الإسرائيلي الفهم للشرق الأوسط ومكانة إسرائيل فيه، وتساعد في بناء الثقة في العلاقات بين المواطنين الإسرائيليين ومواطني الدول المجاورة. كما يعمل المنتدى على نشر إنتاجاته على الجمهور الواسع بواسطة موقع المنتدى، والتعاون الوثيق والمتواصل مع وسائل الإعلام الإسرائيلية، والفعاليات العامة والتربوية”.
أشار يناي بداية إلى أن البحر الأحمر يعتبر ساحة مركزية في المواجهة المستمرة بين إيران والسعودية على الهيمنة على الشرق الأوسط، حيث يعتبر ممر ملاحة إستراتيجي لثلاث قارات على الأقل: آسيا وأفريقيا وأوروبا. ويصل طول هذا الممر البحري إلى 1900 كيلومتر، وبعرض يصل في أقصاه إلى 300 كيلومتر، ويربط بين المحيط الهندي والبحر المتوسط والمحيط الأطلسي. ويبحر فيه سنويا أكثر من 20 ألف سفينة، كما ينقل عبره سنويا نحو 2 مليار برميل من النفط، وخاصة باتجاه أوروبا. وتقع على سواحله 8 دول هي: إسرائيل والسعودية والأردن ومصر والسودان وإرتريا وجيبوتي واليمن.
وكتب أنه في العقد السابق، بنت إيران في السودان قواعد عسكرية للسلاح والذخيرة، بهدف نقلها إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي. وبحسب تقارير أجنبية، فإن هذه القواعد تعرضت، مرتين على الأقل، لقصف إسرائيلي. وردا على ذلك، اقترحت إيران على السودان إقامة وتفعيل منظومات دفاعية جوية غربي البحر الأحمر.
وبحسبه، فإن هذه المنظومات الدفاعية كان من شأنها أن تشكل تهديدا على المجال الجوي للسعودية، الأمر الذي دفع كلا من السعودية ومصر إلى ممارسة الضغوطات على السودان لتقليص علاقاتها العسكرية مع إيران، وإغلاق هذه القواعد العسكرية.
وفي إطار الصراع على الهيمنة على البحر الأحمر، تدخلت إيران في الأزمة السياسية في اليمن، من خلال الحوثيين، وذلك لجملة من الأهداف، بينها السيطرة على مضيق باب المندب، الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر، ويهدد حرية الملاحة في البحر الأحمر والمصالح السعودية في هذا الممر البحري.
ويضيف د. شناي، أن السعودية تدخلت في حرب اليمن، على حساب المواطنين اليمنيين. كما أطلق من اليمن باتجاه السعودية نحو 120 صاروخ “سكاد”، وفي نسيان/ إبريل الماضي تمكن الحوثيون من استهداف حاوية نفط سعودية بواسطة صواريخ “بر بحر”. وبحسب تقارير، فإن طاقما إيرانيا هو الذي أطلق هذه الصواريخ.
ويتابع، أن السعودية، التي تمتلك أطول الشواطئ على البحر الأحمر، عملت على منع تواجد إيران في المنطقة الواقعة بين باب المندب وبين قناة السويس، فسعت إلى تشكيل تحالف عسكري مع 10 دول عربية، ومارست ضغوطات، وتعهدت بمساعدات اقتصادية سخية لإرتريا والصومال وجيبوتي بشرط إبعاد إيران عن أراضيهن. وبشكل مواز، عملت مع الإمارات على إقامة قواعد بحرية في دول أفريقية بهدف منع إيران من مواصلة إرسال الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن.
الانكفاء الأميركي
في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عقد في الرياض مؤتمر شاركت فيه مصر واليمن والصومال والأردن وجيبوتي. وتقرر فيه تشكيل “اتحاد دول البحر الأحمر”. وفي نهاية المؤتمر أعلن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن ذلك جزء من الجهود التي تبذلها السعودية لحماية مصالحها ومصالح جاراتها. وتعهد بتوسيع التعاون الاقتصادي بين الدول.
وبحسب شناي، فإن “حلف البحر الأحمر”، في حال تحقيقه، يشير إلى عمليتين تحصلان في الشرق الأوسط في العقد الأخير.
الأولى هي تغلغل إدراك إنه في كل لحظة معطاة من الممكن أن تعود الولايات المتحدة إلى السياسة الانعزالية. فمنذ 11 سبتمبر 2001 قتل في حروب الشرق الأوسط وأفغانستان، أكثر من 7 آلاف جندي أميركي، وأصيب أكثر من 60 ألفا. وهذه الحروب المتواصلة كلفت الولايات المتحدة أكثر من 7 تريليون دولار، في حين أن الثمن الذي دفعته دول المنطقة أكبر بكثير، حيث تشير التقديرات إلى مقتل مئات الآلاف، وملايين الجرحى واللاجئين، كما أن التكلفة الاقتصادية وصلت إلى أكثر من تريليون دولار، بينما لا تزال الفوضى سائدة.
ويضيف أن الولايات المتحدة فشلت عمليا في تحقيق كل أهدافها العسكرية التي وضعتها أمامها عندما بدأت حروبها في الشرق الأوسط. وهذا الفشل يظهر في الهبوط المتواصل لمكانتها في وسط حلفائها وخصومها على السواء، وينضاف إلى ذلك الجدال الداخلي في الولايات المتحدة بشأن التكلفة والفائدة لمواصلة التدخلات الأميركية بصيغتها الحالية.
كما صرح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أنه يجب على دول الشرق الأوسط أن تتحمل مسؤولية مصيرها، وألا تتوقع أن يحارب الجيش الأميركي بدلا منها. ولعل أحد الأدلة على تغير السياسة الأميركية هو قرار ترامب سحب الجنود الأميركيين من سورية. كما أن عدد الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط وصل في عام 2019 إلى أدنى مستوى له في العقدين الأخيرين، في حين أن المكانة السياسية والعسكرية لروسيا في المنطقة تتعزز؛
أما العملية الثانية فهي سعي كل من إيران والسعودية إلى تعزيز تحالفات إستراتيجية خاصة بها. فإيران عززت مكانتها في العراق وسورية ولبنان، وتجد صعوبة في تعزيز مكانتها في اليمن، بينما تقوم السعودية بإنشاء تحالفات جديدة تمهيدا لعصر ما بعد الأميركي، وبضمن ذلك التحالف مع إسرائيل، وتحالف البحر الأحمر. كما تعمل على تضخيم أسطولها البحري بمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وينهي بالقول، إنه في حال تحقق تحالف البحر الأحمر، فإن السعودية ستتحول إلى قوة عسكرية سياسية إستراتيجية مهمة في العالم العربي، بحيث تكون قادرة سواء على موازنة نجاحات إيران في الشرق الأوسط، أم على محاولة تثبيت مكانتها في زعامة العالم العربي.
فلسطين اليوم