عفن الدنابيع ضد اليمنيين والزيدية والهاشميين (1 – 2)
|| مقالات || حمود الأهنومي
لا يفتأ (دنابيع الفنادق) ومرتزقة العدوان، من السخرية من اليمنيين يوميا، وأكثر أولئك إثارةً للغثيان هم الذين يتحركون من منطَلَقٍ سلالي وطائفي وعِرقي، ومن وحيِ ما يعيشونه من هوانِ، ومما تمليه عليهم عُقَد حقارة تجذرت في أعماق نفوسهم، لذلك لا يفتأون يرمون بكل فاقرة الأحرار والشرفاء في هذا الوطن، فالشعب اليمني ليس سوى بضاعة رخيصة عندهم، بإمكان أي صاحب مال أن يشتريهم، والقبيلة اليمنية باتت هدفا لإفرازاتهم الوقحة، والنتنة، والعفنة، أما الهاشميون والزيدية فقد قالوا فيهم ما لم يقله مالك في الخمر.
ذات يومٍ وضعْتُ كمَّامة على أنفي، وطفِقْت أطوفُ بين تلك الإفرازات العفنة والمريضة، التي تصدر عن مسؤولي ما يسمى بـ(الشرعية)، وليس عن كُتّاب أو هواةٍ فقط.
لقد وجدت تلك الإفرازات بقدر ما تحمل من عنفٍ لفظي، فإنها تُفسّر ذلك الجموح الهائج إلى العنف الدموي والمتوحش والطائفي والمذهبي الذي نرى عليه مقاتلي العدوان ودنابيعهم ومرتزقتهم في تعاملهم مع الأسرى والمقاتلين من الجيش واللجان الشعبية والمواطنين الشرفاء.
من خلال تطوافي رأيت سيلا جرارا من صديد أقوالهم، وقيح أفكارهم، تبعث على الأسى، والحزن، لكنها بالتأكيد تعطي وعيا هاما بأهمية التصدي لمشروع العدوان كضرورة وطنية، قبل أن يكون واجبا شرعيا مقدسا، وهذه عيناتٌ منها، تدل أكَمَتُها على ما وراءها من خُبثٍ وحقدٍ ولؤمٍ وجريمةٍ مبيّتة بحق اليمن واليمنيين.
لقد بات السؤال ملحا وواجبا على كل يمني، وهو: ماذا لو انتصر هذا المشروع التدميري في اليمن؟ كيف سيكون حال اليمنيين عموما، والزيدية، والهاشميين خصوصا ؟
.. إنه الإبادة والاستعباد والحقد لا غيره..
لقد شجع العدوانُ ظهورَ فئاتٍ مُنحرِفة جدا، تُسيء إلى الإسلام، وإلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته، وخصوصا الإمام علي، والإمام الحسين، والإمام زيد بن علي، والإمام الهادي يحيى بن الحسين؛ لهذا ظهر ويَظْهَر فحشٌ إعلامي غيرُ مسبوق على برامج التواصل الاجتماعي، وبدا سبابٌ مكشوف لكل أعلامِ أهل البيت مما يسمى بـ(حركة الأقيال)، وغيرها، بل الأدهي والأمَرُّ أن هذا ليس فقط اتجاها مُعيّنا ومحدودا وخارج سياق التوجُّه السياسي القائم، بل هو اتجاهٌ واسعٌ وكبيرٌ عند قيادات العدوان ومسؤوليه ومُثّقفيه وكُتّابه وإعلامييه، وسأسوق مثالا واحدا ليومٍ واحد مررْتُ فيه على حسابات أولياء العدوان فوجدت كمًّا هائلا يختزن الإساءة الواسعة والمُمَنهجة إلى اليمنيين وإلى أهل البيت والزيدية والهاشميين.
ذات تغريدة كتب عبدُالله الحضرمي الصحافي والإعلامي الذي كان يرأس صحيفة (اليمن اليوم) بتاريخ 14 سبتمبر 2018م فقال مُغرِّدا: “للإصلاحيين وأنصارِ مسيرتِهم الكارثية، هل تريدون منا استبدالَ 1200 عام من حضورِ وفاعليةِ الزيدية في تاريخ اليمن سلبا وإيجابا بـ28 سنة من الفشل والكوارث والارتهان والتبعية، هي كلُّ تاريخ حزبكم؟
أفيقوا .. الزيدية مُكَوِّن أساسي من مُكوِّنات المجتمع اليمني وفي نسَغه وقلبه ودمه”.
هكذا تساءل وأفاد .. لكن سيلا من الإساءات والسِّباب والفُحش من مسؤولي حكومة الدنبوع وكُتّابها وناشطيها انهمر وسال على الزيدية وأهل البيت، بشكلٍ سافرٍ وفج، وقد أخذت بعض تلك التعليقات، والتي غرّد بها مسؤولون في حكومة الدنبوع، وتركْتُ ما سواها، فبماذا ردّ أولئك المسؤولون على هذه التغريدة المُنصِفة؟
-العميد يحيى أبو حاتم، مستشار وزير الدفاع بحكومة الدنابيع، ردّ قائلا: “الزيدية ليست إلا بوابة ومذهبا للمُتورِّدين (الهاشميين) للوصول إلى السلطة، فباسمها احتلوا اليمن وقتلوا أبناءه، ولا يزالون إلى اليوم يقتلون أبناء اليمن باسم الزيدية منذ قدوم الشيطان الأكبر يحيى الرسي إلى اليمن باسم الزيدية. ارحل أنت وزيديتك إلى الجحيم”.
-أماني ردمان (إعلامية تابعة لحكومة الدنبوع): “لعن الله الزيدية من يومِ أتت اليمن، وسيْطَرَتْ على شمال الشمال، وامتدت إلى أطراف اليمن في فتراتٍ محدودة”.
-سام غباري (مستشار رئيس وزراء حكومة الدنابيع): “الزيدية وهْم، عنصرية إمامية واضحة، .. واليوم يتعلم كل يمني أن الزيدية هراء عنصري فج.. وحركة إرهابية منبعُها بلادُ فارس .. الزيدية هي التسمية اليمنية للرِّق والعبودية والجهل”.
-فهد طالب الشرفي (مستشار وزير إعلام حكومة الدنابيع): “للعلم أفضِّل – أكثرَ إصلاحيٍّ أكرهُه ويكرهُني – عليك؛ لأنك سلالي عنصري ترى أفضلية العرق الرسي اللعين … رُوح [اذهب] بلَّ حقك المذهب أنت وأجدادك المجرمون من عند الرسي إلى عند الحوثي واشرب ماءه يا وجه الخيانة ..!!”.
-محمد الضبياني (مذيع ومسؤول في قناة سهيل): “الزيدية هي اللعنة والكارثة والجريمة التي أصابت اليمن واليمنيين في مقتل، هي المنبع الشيطاني للإرهاب والقتل والعنصرية، هي الخراب والانحراف العقدي والسياسي، ومن لا زال يؤمن بها أو يُروِّجُ لها فهو عدوٌّ خبيثٌ للدولة وللحُرية وللجمهورية ..!”.
-مختار الرحبي (السكرتير الصحفى السابق للدنبوع ومستشار وزير الإعلام): “الزيدية هي الإمامة، والإمامة هي السلالة، والسلالة أكبر كارثة عانت منها اليمن قديما وحديثا”.
-وبالأمس على مواقع التواصل طالَعَنا الدنبوعي العتيد سلطان البركاني مع المدعو سام غباري (مستشار رئيس وزراء حكومة الدنابيع)وهو يعرض في يده نسخة من كتابٍ جديد، يبدو من عنوانه الإساءةُ لشريحةٍ واسعة من المواطنين اليمنيين، وهم الهاشميون، الذين هم موجودون في كل الأحزاب، والمكونات، والمذاهب الدينية والفكرية.
اسم ذلك الكتاب (القبيلة الهاشمية)، ولعله لا يختلف في هرائه وعفَنه عن كتابه السابق (اليمن بلدي أنا)، الذي هو أشبهُ شيء بصاحبه، وقد نضح فيه بشكلٍ بشع وسادي بكل ما يبكي ويضحك، وملأه شتيمة قبيحة، وسبابا عنيفا، ضد اليمنيين، والقبائل اليمنية، والهاشميين جميعا، على مُخْتَلف توجُّهاتهم، ومذاهبِهم.
لقد دعا فيه إلى قتلِ الهاشميين واستئصالهم، فهم جميعا في نظره مجرد “قتلة ولصوص ومتآمرين ودخلاء وفجّار وفرس ومُخادعين، وكائناتٍ دخيلة تَستحق الإبعاد والقتل والطرد .. “، وأساء كذلك إلى الزيدية وأعلامِها ورموزها، وإلى القبائل اليمنية، وعلى مدى مئات الأعوام.
وهذه بعض النصوص من إفرازه النتن في ذلك الكتاب، ومجرد إيرادها كاف في الرد عليها:
-في ص14: يرفض الصلاة على النبي وآله ، ويقول: “وصلى الله وسلم على سيدنا محمد “فقط”، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر”.
-ص21 يقول: إن الهاشميين احتلوا اليمن، واستعبدوا أهلَها زنوجا في خدمتهم.
-ص22: يتحدّث بشكلٍ لا مواربة فيه بأن الإمام الحسين بن علي ضمن الهاشمية التي يلعنُها في كلِّ كتابه، ويقول بأنها (أي الهاشمية) “تزاوجت مع الفارسية منذ أيام الحسين بن علي”، وأن الهادي يحيى بن الحسين “من طبرستان” وهو باحث عن السلطة، واستعبد أهل اليمن.
-وفي ص24: يهاجم الإسلامَ، ويُسيء إلى اليمنيين، فيتحدَّث أن اليمنيين عاشوا 1400 سنة عبودية دينية، وأنهم أغبياء لدرجة أنهم “لم يعودوا قادرين على تحديد معنى الحرية”، وأن السادة الهاشميين استطاعوا “انتزاعَ الفكرة من جذورها”.
-وفي ص33: يُشَكك في نسبِ الهاشميين، ثم يلعنُهم قائلا: “لا يهمُّنا من أيِّ ريح لعينة جاءوا”.
-وفي ص34: يُكرِّر أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين وفَد “من أدغال إيران”، ثم يُنكِرُ النسب العلوي تماما، ويقول: “عائلة الإمام علي أُبيدَت على يدِ خصومِهم، وكلُّ مَن يتحدثون اليوم مجرد ماكرين لا شأن لهم بالرسول ولا بعلي”.
-وفي ص40: يُعلِن أن هذه الحرب على اليمن والتي احتشد معه العالم إنما هي حربٌ ضد الزيدية الذين حكَموا ألف عام، بالقهر والحرمان والجهل والخوف والجوع.
-وفي ص40 أيضا: يتجنَّى على الإمام الهادي ويعتبِرُه غازيا إيرانيا، وأن لذريته جوقة نازية، ويطعَن في نسبهم، فيقول: “حضارتنا أبيدت تحت سنابك خيول الغُزاة الفارسيين، مذ جاء يحيى الرسي من بلاد طبرستان، وأوهم القبيلة بانتسابه الأشقر، وعيناه الخضراوتان [وعينيه الخضراوتين]، وشَعَرِه المجدول حتى أكتافه، إلى دار النبوة الكريمة، ليمنح ذاته ألقابَ المجدِ والهدى والتأليه، وفوق جماجم عشرة مليون يمني، استمرَّ بالحديد والنار لحكم الوطن الذي كان سعيدا، ومن ورائه تناسل أولادُه كالأرانب، وانضم إلى جوقتهم النازية آلافُ الأدعياء الذين يعرفون حقيقةَ وَهْمِ الانتساب إلى النبوة المطهرة”.
-وفي ص43- 44: يتحدَّث بفُحشٍ شديدٍ عن الهاشمية، وأنها تزوِّر نسَبَها، وقد قطعه الله على حسب عبارته الوقِحة، فيقول: “الهاشمية هي بيئة الشر، وفكرة الجحيم، وغرورُ المخلوق، وأنانيةُ الفخذين والبطنين والنهدين، جاءت هذه الفكرة المتعالية مخالفة للفطرة الإنسانية”، ويتهمها بأنها “مُزوِّرة لنسبٍ قطعه الله تعالى”.
جديرٌ بالذكر أن هذا العفن استثار كثيرا من الأحرار، ومن البشر الأسوياء، فتحرَّك الأشرافُ في عددٍ من البلدان العربية لمقاضاة الكاتب والناشر، ولا سيما في مصر، حيث تقدَّم أشرف ماضي عضو نقابة الأشراف في مصر ببلاغٍ ضدَّه بتهمة ازدراء الأديان والإساءة إلى الأزهر، بتاريخ 17 مارس 2018م، وتحدَّثَتْ عن ذلك الصحفُ المصرية1، هذا وقد تمَّ سحب الكتابُ من كلٍّ من المغرب ومصر وعمان2.
وفي الحلقة القادمة بقية من العَفَن الدنابيعي