ما الذي حملوه وما الذي يريدونه؟

|| مقالات || يوسف نشوان

 

ونحن في مناسبة من أغلى المناسبات وفي ذكرى من أهم الذكريات.. ذكرى أعزّ وأنبل وأشرف وأطهر مَن مشى على هذه الأرض.. ذكرى مَن بذلوا مُهَجَهم وأرواحَهم رخيصةً لله وللمستضعفين؛ صونًا للأرض والعرض والدين؛ وانتصارًا للمظلومين، نسأل أنفسنا:

ما الذي حمله هؤلاء العظماء الكرام؟

أولئك الأجلّاء قدّموا أرواحَهم، وبذلوا نفوسَهم، وقدّموا أغلى ما يملكون: فوهبوا الحياةَ بكل ما فيها، في عطاء عزّ نظيره، يقفُ إجلالاً له الحكماءُ، ويعجزُ عن وصفه الشعراءُ، وقلَّ أن تجدَ مثيلَه في الورى، فهو العطاء الذي لا يساويه عطاء، والوفاء الذي ليس بعده وفاء.. إنّه الشموخ والإباء والسمو في أمثلته العليا.

 

إنّه عطاءٌ يجعلنا نتساءل: من هؤلاء الملائكيّون النجباء؟ ما الذي حملوه في حناياهم؟ وما الذي احتوته افئدتهم وقلوبهم؟ وما الذي دفعهم وحرّكهم، ليجعلهم بهذا المستوى من الرقي، والسمو، والعلو، والتفاني، والإيثار؟؟

أهي روحيّة علي، أم شجاعة حمزة، أم تضحية الحسين، أم إقدام زيد، أم تفاني مالك الأشتر، أم وفاء عمّار بن ياسر؟؟

إنها آياتُ كتاب الله الحكيم، وملازم الحسين بن بدرالدين التي أحيت قيم العزّة الإيْمَانيّة، والغيرة اليمانيّة..

إنها الأخلاق المحمدية، والشجاعة الحيدرية، والمبادئ الحسينية.

هي الثقافة التي جاء بها حسين مرّان من هدى بينات القُـرْآن، فبنى بها أُمَّــة لها رجال عظماء شجعان يعشقون الجهاد في سبيل الرحمن، ويضحّون من أجل دينهم والأوطان، ويقبلون بأن تُسْفَك دماؤهم في كلّ ميدان من أجل رخاء شعبهم وليحيى في عزّة وأمان وإيْمَان.

هؤلاء هم مَن حملوا رايةَ الحقّ عاليةً، وتحرّكوا بعدالة القضيّة من أجل الكرامة، والحرية، والانعتاق من التبعيّة.

هم فيما كانوا عليه من الصدق، والبذل، وعظيم التضحية، وكريم الصفات الراقية من إباء وشجاعة وحميّة. كانوا ينشُدُون الحريّةَ لشعبهم، وأن يسودَ العدلُ أمّتَهم، وأن يكون القُـرْآنُ حاكمَهم، وأن ينتهيَ الفسادُ والإجرامُ من واقعهم..

 

وسطّروا من أجل ذلك أروعَ الملاحم، وضربوا أروعَ أمثلة الوفاء، وأبهى صور التضحية والفداء.. لقد عمّدوا كلَّ ذلك بدمائهم الزكية الطاهرة النقية التي أثمرت فيما بعد عزًّا، ونصرًا، وقُــوَّةً للأمّة جمعاء. فجسّدوا بذلك الإنْسَانيةَ في أنبل معانيها، ومثّلوا الأخلاق والمبادئ الإسْلَامية في أعظم تجلّياتها، والفطرة السليمة بأبهى حلتها.

وما يريدونه منا بل وما يجب علينا هو أن نكون أوفياء معهم، ومع مبادئهم، نسعى لتحقيق أهدافهم، ونكمل ما ابتدأوه، وضحّوا من أجله بدمائهم..

نضحّي كما ضحوا، ونبذُلُ كما بذلوا، ونثبُتُ كما ثبتوا، ونواصِلُ مسيرةَ البذل والتضحية بسخاء في سبيل الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حتى يسودَ العدلُ في مجتمعنا، وتنتصرُ القضيةُ، وتتحقّقُ الكرامةُ لشعبنا وأمّتنا، وتعمُّ الحرية.

 

قد يعجبك ايضا