الصهاينةُ الجدد
|| مقالات || د. فاطمة بخيت
قال الحكماءُ: إن كُـلّ إنسان يأنس إلى شكله، كما أن كُـلَّ طائر يطيرُ مع جنسه. أي أن شبهَ الشيء بالطبع منجذبٌ إليه، حتى وإنْ لم يشعر هو بذلك. وأجناسُ الناس لا يتفقون فيما بينهم إلا لمناسبة جمعتهم، والواقعُ مليءٌ بالشواهد التي تؤيّدُ ذلك.
رأينا بالأمس القريب في مؤتمر وارسو هرولةَ تحالُف العدوان ومرتزِقته لحضور هذا المؤتمر الذي يهدفُ إلى ضرب محور المقاوَمة وتمرير ما يسمى “بصفقة القرن”، وصرف الأنظار عن العدوّ الحقيقي وإيجاد عدو وهمي اسمه إيران، تحت مسميات مزخرفة لخداع ذوي العقول السطحية والساذجة.
أرى أن ما حدث في هذا المؤتمر لم يكشفْ عن الأقنعة كما يقول البعض؛ لأَنَّها مكشوفة منذ بدء العدوان على اليمن، لكنه في الحقيقة عرى هذه الأدوات وَكشف قبحها أكثر وأكثر، وإنْ كان هناك مَن يتعامى عن رؤية تلك الحقيقة الماثلة أمام ناظريه.
حدثٌ قد يكونُ متوقعاً لدى البعض، لكن طبيعة مجرياته استفز الكثيرَ من أَحْــرَار العالم وأَحْــرَار اليمن على وجه الخصوص، مما مثّله وجودُ وزير خارجية المرتزِقة خالد اليماني -وإن كان ما فعله يطعن بيمانيته- بجانب رئيس وزراء العدوّ الإسرائيلي ووزير الخارجية الأمريكي، والذي بالطبع لم يكن من باب المصادفة، بل يحمل دلالاتٍ كثيرةً فطن لها هذا الشعبُ والتي بدورها دفعته للاستنكار والتنديد بما حدث؛ لأَنَّه شعبٌ يرى بأن القدسَ هي قضيته الأولى، وأن العدوَّ الإسرائيلي هو عدوُّه الأول، وأن الجلوس معه على طاولة واحدة هو تَخَلٍّ عن هذه القضية التي يؤمن بعدالتها، وأنه لا بد من الدفاع عنها حتى لو كلفه ذلك الكثير.
(بلدة طيّبة) كما قال الله عنها في كتابه الكريم؛ لذا فهي لا تقبلُ إلا طيّباً، ومن فر منها ممن رضي بالعدوان عليها، لن يكونَ في قائمة الطيبين من أبنائها، فلا غرابة إن صدر منه هذا القبح والخبث الذي يعكس سوء الباطن، ولا غرابة أن يكونوا إلى جانب أعداء هذه الأُمَّة ويتفقون معهم في الرأي؛ لأَنَّهم أصبحوا من نفس الصنف؛ لأَنَّ المولى عز وجل يقول: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)..
سيبقى هذا البلد بلداً طيباً، وسينتصرُ في دفاعه عن قضيته العادلة، وسيذهبُ المرتزِقةُ والعملاءُ إلى مزبلة التأريخ.
ومَن لم يعرفِ الحَقّ حتى الساعة، فلن يعرفَه حتى قيام الساعة.