لماذا يشكّل الأسطول الصيني كابوساً للبحرية الأميركية؟
|| صحافة عربية ودولية ||
كتب ديفيد أكس محرر شؤون الدفاع في مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأميركية دراسة في موقع المجلة تناول فيها واقع الأسطول البحري الصيني وهو أكبر بكثير مما يعتقده معظم الناس، وهو ما يشكّل كابوساً للبحرية الأميركية ويجبر الولايات المتحدة على إعادة النظر في استراتيجيتها البحرية في المحيط الهادي.
وبحسب تقديرات مكتب البحرية الأميركية، فإن جيش التحرير الشعبي الصيني سيضم بحلول عام 2020 ما بين 313 و342 سفينة حربية. وإذا ما قارنا ما تمتلكه البحرية الأميركية فإنه كان لديها 285 سفينة حربية حتى منتصف عام 2018.
ويذهب الباحث ديفيد أكس أن هذا التقدير لا يمثل سوى جزء ضئيل من القوة البحرية الصينية، وفقاً لتقديرات أندرو إريكسون، الأستاذ في كلية الحرب البحرية الأميركية.
فقد كتب اريكسون في منتدى الدفاع الهندي الباسيفيكي يقول: “تتألف القوات المسلحة الصينية من ثلاث منظومات رئيسية، لكل منها عنصر فرعي بحري يعد بالفعل أكبر قوة بحرية في العالم من حيث عدد السفن”.
كما تتضمن المنظومة البحرية في بكين، إلى جانب تلك المنظومات، حرس السواحل الصيني والميليشيا البحرية لقوات الشعب المسلحة. ويساعد خفر السواحل والميليشيا البحرية الحزب الشيوعي الصيني في متابعة أهداف سياسته الخارجية.
وكتب إريكسون: إن الصين “لا تسعى إلى الحرب ولكنها عازمة على تغيير الوضع القائم قسراً، تستخدم بكين قواتها البحرية الثانية والثالثة الضخمة في ما يسمّى بعمليات المناطق البحرية الرمادية لتعزيز إدعاءات السيادة المتنازع عليها في البحار القريبة (البحار الصفراء وشرق وجنوب الصين)”.
وكشف إريكسون أن حرس السواحل والميليشيا الصينيين نما جنباً إلى جنب مع بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني. وقال إن “القوة البحرية الثانية للصين، أي خفر السواحل، هي الأكبر في العالم، مع هياكل أكثر من تلك التي تملكها جميع جارات الصين الإقليمية مجتمعة”، فبكين تملك 225 سفينة بقدرة حمل أكثر من 500 طن قادرة على العمل في الخارج و1050 سفينة إضافية تقتصر على المياه القريبة، أي ما مجموعه 1275 قطعة بحرية.
إن سفن حرس السواحل الصيني الجديدة أكثر تعقيدًا من السفن التي تحل محلّها. وكتب إريكسون: “من حيث التحسن النوعي، استبدلت الصين الآن سفن الدوريات القديمة الأقدم والأقل قدرة. إنها تطبق الدروس المستفادة من التدقيق في النموذج الذهبي لحرس السواحل الأميركي والياباني، بالإضافة إلى خبرة الحرس السواحل الكندي المتزايدة في التشغيل بعيداً عن الشاطئ لفترات أطول. وتشمل ميزات السفن الجديدة المروحيات والقوارب الاعتراضية ومدافع البحرية ومدافع المياه الفائقة القدرة”.
وبالمثل نمت الميليشيا البحرية الصينية وجرى تحديثها. وشرح إريكسون أنه “منذ عام 2015، بدءاً من مدينة سانشا في منطقة باراسلس، طوّرت الصين قوة ميليشيا متفرغة: وحدات أكثر احترافاً وعسكرة وذات رواتب جيدة، بمن في ذلك المجنّدون في الجيش، وتضم طاقمًا يضم 84 سفينة كبيرة تم بناؤها مع مدافع المياه وسكك خارجية للرش والصدم”.
وأضاف أن المقاتلين البحارة الصينيين يتدربون في أوقات السلم المتعددة وفي أوقات الحروب، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة، وينتشرون بانتظام لخصائص بحر الصين الجنوبي المتنازع عليها حتى أثناء فترات الوقف الاختياري لصيد الأسماك.
ويمتلك جيش البحرية الصيني وخفر السواحل والميليشيا البحرية مجتمعاً حوالى 650 سفينة كبيرة ذات قدرات عسكرية. لكن الصين ليست الدولة الوحيدة التي تشرف على العديد من القوات البحرية. تمتلك الولايات المتحدة أيضاً حرس سواحل شبه عسكري، وإدارة مدنية لقيادة النقل البحري العسكرية.
يقول أكس في مقالته إن خفر السواحل الأميركي يضم حوالى 240 قارباً يزيد طول كل منها عن 65 قدمًا. وتشغل قيادة النقل البحري العسكرية الأميركية 120 سفينة لوجستية وسفن شحن وسفن دعم. أضف إليها السفن الحربية التابعة للجيش الأميركي البالغ عددها 285 سفينة، وبذلك نحصل على أسطول أميركي مدمج يبلغ عدده 645 سفينة ذات قدرة عسكرية.
وبعبارة أخرى، فإن أسطولي الولايات المتحدة والصين هما تقريباً بنفس الحجم، من حيث الهياكل. في المتوسط، السفن الأميركية أكبر وأكثر تطوراً، لكن كما أوضح إريكسون، فإن “الأعداد مهمة بشكل كبير عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الوجود والتأثير في البحار الحيوية. حتى أكثر السفن تقدمًا لا يمكن أن تكون في أكثر من مكان واحد في وقت واحد”.
علاوة على ذلك، فإن المصالح الأميركية عالمية بينما مصالح الصين إقليمية. يتركز خفر السواحل الأميركي بالقرب من المياه الأميركية، بعيداً عن أي نزاعات دولية، بينما يتم توزيع البحرية الأميركية على مستوى العالم، مع فصل العديد من السفن عن بحرية منطقة شرق آسيا عن طريق المسؤوليات والجغرافيا والوقت. وعلى النقيض من ذلك، تظل كل قوات البحرية الصينية الرئيسية الثلاثة متركزة في المقام الأول قرب البحار المتنازع عليها ومداخلها، قرب الوطن الصيني، وتغطية خطوط الإمداد بالجو والصواريخ الأرضية.
يرى الباحث أن حلفاء الولايات المتحدة الأميركية يساهمون بقواتهم الخاصة في الجهود الدولية لاحتواء صعود الصين كقوة عسكرية. لكن هذا لا يعني أنه لا ينبغي على الولايات المتحدة إعادة النظر في استراتيجيتها الخاصة في ضوء الميزة العددية للصين في البحر.
وينصح إريكسون بأنه “يجب على الولايات المتحدة أن تظهر مزيدًا من القيادة الاستباقية في منطقة المحيطين الهادي-الهندي من خلال مشاركة المزيد من المعلومات حول قوات البحر [البحرية الصينية] الثلاثة، مع التأكيد على الطبيعة التعاونية للأمن الجماعي وتشجيع الحلفاء والشركاء على الاستثمار في القدرات التي تكمل تلك الخاصة بالولايات المتحدة”.
ذا ناشيونال انترست