صعد إيرانياً وهبط خاشقجياً: ما العلاقة بين “عمالة” الجبير ومحاولة اغتياله؟

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

 

مرّة جديدة يعود وزير الخارجية السعودية السابق عادل الجبير إلى الواجهة، واجهة الجبير هذه المرّة لم تكن أمريكية أو إيرانية بل كانت إسرائيلية بامتياز حيث كشف موقع “أوديسي” ODYSSEY عن فضيحة تتعلق بعلاقة سريّة تربط الجبير بالموساد الإسرائيلي وهي علاقة قديمة بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي وما زالت مستمرة.

وتدّعي الكاتبة البريطانية جيما باكلي التي تحدّثت عن تحقيق استقصائي كبير تقوم به، تمكنّت على إثره من جمع المعلومات الأكثر إثارة للجدل في السنوات العشر الماضية، أن علاقة الجبير مع الموساد تسبق انضمامه إلى السلك الدبلوماسي السعودي، في إشارة إلى وقوف الموساد وراء انضمامه للسلك الدبلوماسي.

باكلي التي التقت السيد “فيليب جيرالدي”، وهو ضابط سابق في (CIA) تؤكد أنها أصيبت بالدهشة على خلفية الأمور “فائقة الأهمية التي أفصح عنها جيرالدي، وصُدمت من مضمون ما أفصح عنه حيث أشار الضابط الأمريكي إلى أن الجبير تمّ تجنيده عبر امرأة تدعى كاي آن ماثيوز في ثمانيات القرن الماضي التي ساعدته على التواصل بتجار ألماس إسرائيليين، وقد كشفت ماثيوز في استجواب مع وكالة  FBI أن أول لقاء بين عادل الجبير والموساد الإسرائيلي تم في أكتوبر تشرين الأول عام 1995.

لاحقاً كان لا بدّ من رفع الجبير سريعاً في السلّم الدبلوماسي ليتمّ اتهام إيران بمحاولة اغتيال الجبير عام 2011 عندما كان سفيراً للسعودية في أمريكا، وهي العملية التي أطلق عليها اسم التحالف الأحمر.

السيناريو الهوليودي الذي تضمّن أسماء متورّطة بتجارة المخدّرات، رفع من أسهم الجبير في أروقة الحكم السعودي، وحصل الأخير على إشادات أمريكية تأخذها الرياض بعين الاعتبار. بعدها سطع نجم الجبير أكثر فأكثر وحصل على العديد من الإشادات الأمريكية الأمر الذي أدّى إلى تعيينه في منصب الخارجية السعودية خلفاً لسعود الفيصل، لا شكّ أن تعيين الجبير في العام 2015 في منصب وزارة الخارجيّة أثار الكثير من الذهول لدى المتابعين بسبب إبعاد آل سعود عن هذا المنصب، ولكن يبدو أن الأيادي الخفيّة قد نجحت في فرضه وزيراً للخارجيّة.

قد يتساءل البعض عن أسباب اتهام إيران، والإجابة تبدو واضحة استخباراتياً وترتبط بالواقع الذي تشكّله إيران والتوتّر الكبير في العلاقات مع السعوديّة من جهة، ومحاولة ربط العميل بهذا “البُعبع” لإظهار مدى أهميته لمراكز صنع القرار من جهة أخرى.

هناك العديد من قصص التجنيد التي حصلت على هذا النحو، وتحديداً في العلاقات مع الموساد حيث كان السيناريو في بعض الأحيان محاولة اغتيال إسرائيلية “فاشلة” للرجل العميل بغية تعزيز أوراقه في الحزب أو التنظيم الذي يعمل به.

هنا ننصح بقراءة كتاب “عن طريق الخداع: الموساد من الداخل” رغم تضمّنه العديد من القصص والسيناريوهات التي نتحفّظ عليها.

أفول الجبير

مؤخراً، صدر قرار من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بتعيين ابراهيم العساف وزيراً للخارجية ، وهو ممن احتجزوا في فندق ريتز كارلتون في الرياض، في إطار حملة على الفساد، وتمّ تخفيض رتبة عادل الجبير إلى وزير دولة للشؤون الخارجيّة، الأمر الذي أثار قلق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني.

هناك إشارات واضحة على أنّ إبعاد أو ابتعاد الجبير يأتي نتيجة لقضيّة خاشقجي وهنا يمكن الإشارة إلى رأيين رئيسيين:

الرأي الأول هو ابتعاد الجبير بنفسه، فقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصدر مطلع، قوله إن الجبير “قدّم استقالته للملك بعد مقتل خاشقجي لكن الملك رفضها”.

هناك جهات استخبارية نصحت الجبير بالابتعاد عن وزارة الخارجيّة حالياً لكي لا يكون كبش فداء كون الأمور ستسير بما لا يشتهي ابن سلمان، لا يريد الجبير أن تكتب هذه النقطة في سجلّه، أو أن يكون مصيره كمصير سعود القحطاني، وبالتالي آثر الابتعاد عن المشهد هذه الفترة خشية التبعات الكبير التي سيتحمّلها في حال صدرت أحكام نهائية بحقّ ابن سلمان.

الرأي الآخر يتحدّث عن معاقبة الجبير بسبب أدائه الضعيف بعد حادثة خاشقجي.

فقد تصدّرت وسائل التواصل الاجتماعي حينها وسوماً تحمل نوعاً من السخرية من قبيل “أين الجبير” و “أين اختفى الجبير؟” و “أين عادل الجبير وزير خارجية ابن سلمان؟” وذلك بعد اختفاء الجبير عن الساحة السياسية، بعد أن كان يتصدّر الإعلام بتصريحاته في الكثير من الأزمات التي صنعتها بلاده.

فرغم الحرج الذي تعرّضت له السعوديّة، وحدوث هذا الأمر في القنصلية السعودية التابعة لوزارة الخارجيّة، لكن رئيس المنظومة الدبلوماسيّة غاب عن المشهد وآثر الصمت رغم الظروف الحساسة التي واجهت ولا تزال تواجه المملكة.

أحد المعلّقين كتب: استغرب من معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير أنه لم يتصدَ للحملة الشرسة ضد السعودية فيما يتعلق باختفاء جمال خاشقجي، في حين ردّ آخر: أين ذهب عادل الجبير وزير خارجية السعودية، الرجل تبخر.

مراقبون قد اعتبروا أن صمت الجبير يأتي نتيجة لخبرته في العمل الدبلوماسي وشعوره بالحرج والارتباك وغياب الرؤية ولاسيّما أنه لم يكن على علم بما حدث بسبب متابعة الفريق مع ابن سلمان بشكل شخصي.

في الخلاصة، تبدو أن التقارير الغربية حول علاقات الجبير من الاستخبارات الأمريكية والموساد قريبة إلى الواقع، ولعلّ مسألة خاشقجي وموقف الجبير وصمته وابتعاده لا يخلو من نكهة استخباراتيّة تسعى لإبعاد الجبير مؤقتاً عن المشهد خشية احتراقه نهائياً، وإعادته إلى المشهد لاحقاً، وبنكهة استخباراتيّة بعد العاصفة الكبرى التي تنتظر الرياض.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com