على أبواب عام خامس: اليمانيون كنخيل تهامة
|| مقالات || محمد زمام الكبوس
ليس من قبيل المبالغة أن نقولَ إن أربعة أعوام من الصمود الأسطوري لم تصنعه دورةُ القمر، وإنما أولئك المغاوير في جميع الجبهات وفي الساحل الغربي، وليست السادية هي ما تجعلنا نرى في تلك الجثث المتناثرة والآليات المحترقة مدعاة للبهجة، ولكننا فقط مؤمنون والمؤمن يبتهج لاندحار البغي، وأُباةٌ وكل أَبيٍّ يسُرُّه أن تمرِّغَ الغطرسة في الوحل، ومنصفون وكل منصف يفرح بانتصار الحَـقّ على الباطل، وشرفاء وكل شريف يثلج صدره أن تجرجر الخسة أذيالها، وقبل ذلك وبعده نحن آباء وإخوة لأولئك الذين يجترحون تلك المعجزات في خنادق المواجهة، ويعزفون على أوتار البسالات أروع سيمفونية للبطولة الفذة وجلال التضحية، ومن ذا الذي يكون بين أولئك البواسل ولا يمتلئ زهواً، ويرفل تيهاً وغبطةً.
لم تنتهِ معركتُنا مع العدوان في جميع الجبهات وَالساحل الغربي، وجبهة العمق السعوديّ ولكن الأنوف القميئة لقادة التحالف( السعوديّ- الإماراتي) واسيادهم وأذنابهم دعست في الحديدة. وفي جميع الجبهات ودخل العمق السعوديّ بأقدام الشظف اليماني الأبي مرة أُخْــرَى، ومرة أُخرى انتعل بواسلنا جباه أصحاب جلالة النفط، وسمو الدولار، ومجدداً ارتفعت قيمة فواتير غض الطرف والضوء الأخضر والأصفر، والدعم اللوجستي والغطاء الدبلوماسي، والفرصة الثانية… إلخ، قائمة متطلبات طاولة البلاك جاك التي يجلس عليها صبية الخزانات المشرعة في الكازينو الأُمَـمي الذي يديره المرابي الغربي.
قد يقال: إن العدوانَ وإن فشل في السيطرة على الحديدة فإنه قد تمكّن من تحويلها إلى منطقة عسكريّة وقام بإغلاقها أمام تدفق السلع، وقطع العائدات وفاقم من تداعيات الوضع الإنْسَاني فيها وفي اليمن، نعم ليست الحديدة هدفاً عسكريّاً يريد العدو من السيطرة على مينائها قطع خط إمداد عسكريّ عن القوات اليمنية، إذاً إن بحرية تحالف العدوان تسيطر على حركة الملاحة وتقوم بالقرصنة على كُــلّ السفن القادمة إلى الميناء، ومنذ بداية العدوان لم تدخل إليه سفينة إلاَّ بتصريح من بحرية العدوان، وبالتالي فمعركة الحديدة هي عملية عسكريّة برية، أهدافها أولاً: حرمان الجبهة اليمنية الشحيحة الموارد من مصدر تمويل مهم، وثانياً: المعاناة آملاً في تفجير الوضع الداخلي، وثالثاً: إحداث ضجة دعائية يمكن استثمارها في تأجيل الجلوس على طاولة التفاوض، أَو مقايضتها كورقة تفاوضية على الطاولة التي يتنامى الضغط الأُمَـمي -وضغط الواقع- باتّجاهها كبديل مُلح لصلف صبية الخليج.
وبفضل الله وبسالة أبطالنا في الساحل فشلت العمليةُ البريةُ كما فشلت أوامرُ شرعية الرياض إلزامَ السفن المتجهة إلى الحديدة بالتحول إلى عدن، وكما فشلت قرصنة بحرية العدوان بتدمير البنية التحتية للميناء بغارات التحالف، وسواء استمرت المعركة أَو توقفت فلا خيارَ لنا إلاَّ أن نحيا شامخين كجبال صنعاء وصعدة وحجة والجوف أَو نموت واقفين كنخيل تهامة، أما اليمن فلن يموت ولن يركع.