احذر ان يكون عملك خدمة للشيطان فتصبح جسراً لما يريد أن يعممه ويوصله للآخرين
|| من هدي القرآن ||
في الزمن هذا انتشرت الوسائل الكثيرة التي تقدر على تحويل الناس, وكلها تتركز, كل وسائل الإعلام, كل الأشياء هذه تتركز إلى خلق ولاء وعداء يكون خلاصتها حتى عندما يحاولون أن يكون المنهج الدراسي على نحو معين, ونشاط وزارة الثقافة على نحو معين, والتلفزيون والإذاعة نشاطها على نحو معين كله يصب في هذه النقطة: هو لتهيئة النفوس بالشكل الذي يمكن أن تكون معه تتولى هذا الخط وتعادي هذا الخط, تتولى هذه الفئة وتعادي هذه الفئة. هذا كل ما تدور حوله هذه الوسائل الإعلامية والتربوية, والتثقيفية, ومن أجل هذه النقطة تبذل ملايين ملايين الدولارات من أجل خلق ولاءات وعداوات.
الزمن هذا يعتبر من أسوأ الأزمنة في هذه الناحية, من أسوأ الأزمنة. يقولون: إن المعاصي نفسها, المعاصي قد تكون في أزمنة كبيرة جداً أكبر منها في زمن معين, في الزمن هذا يظهر بأنه أي فساد, أي فساد يحصل حتى من قبلك أنت شخصياً داخل بيتك قد أصبح واقعاً يخدم إسرائيل وأمريكا, يخدم اليهود والنصارى, أيّ فساد أصبح يخدم اليهود والنصارى.
فالإنسان عندما يفسد, أو يترك أولاده يفسدون, أو يُفسِد آخرين, يعتبر مجند لخدمة أمريكا وإسرائيل, وخدمة اليهود والنصارى, بدليل أنهم هم حرصوا جداً على أن يصل ما يريدونه, ويصل إفسادهم إلى كل بيت, إلى كل شخص مثلما الشيطان, هذه هي فكرة الشيطان, الشيطان الآن ما هو شخص واحد؟ الشيطان الذي تحدث القرآن عنه وحذرنا الله منه, وأمرنا أن نعاديه, وأن نلعنه, وأن نحذر من وساوسه وكيده؟ هذا الشيطان لا أحد يدري في أي منطقة من العالم هو موجود, هو متمركز, هل في [مثلث برمودا] على ما يقول البعض: أن الشيطان هناك, وأن معه دولة هناك, وأنهم هم من عملوا تلك المشكلة, مشكلة السفن, وأن السفن هناك تتيه, وتضيع, أو في أي منطقة هو.
هذا الشيطان افترض أنه في أقصى الكرة الشمالية, في القطب الشمالي من الأرض, في أقصى منطقة, لكن كل شخص من بني آدم يعمل العمل الذي يريد الشيطان ويسعى الشيطان لتعميمه ونشره يعتبر عابداً للشيطان؛ ولهذا حكى الله ما سيقول لبني آدم يوم القيامة: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}(يس60) قد تقول: نحن ما عبدناه, ونحن في بيوتنا وبيننا وبينه آلاف الكيلو مترات, الله أعلم أين مكانه..لا؛ لأنك في عملك هذا تخدم الشيطان, وتصبح نائباً عنه, وتصبح جسراً لما يريد أن يعممه ويوصله للآخرين, فتصبح المعصية خدمة للشيطان, وتصبح وأنت في أي منطقة في هذا العالم, ويصبح كل شخص يعصي الله سبحانه وتعالى, ويقدم عليه يوم القيامة وهو عاصي لله, عابد للشيطان, يقال له مع بقية من كانوا على طريقته: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}(يس61).
نفس الشيء بالنسبة لأمريكا وإسرائيل, بالنسبة لليهود والنصارى استطاعوا أن يهيمنوا هيمنة يفسدون فيها في كل مجال كما حكى الله عنهم في القرآن: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً}(المائدة33) فأصبح من الخطورة بمكان أن الفساد الذي يحصل في هذه المحلة أو في تلك المحلة أو في هذا البيت أو في ذلك البيت لم تعد معصية محدودة في إطارك فقط, أصبحت تخدم أمريكا وإسرائيل, تخدم المجرمين من هؤلاء, اليهود والنصارى. ومعنى هذا بأنه تصبح الجريمة كبيرة, تصبح الجريمة كبيرة.
قالوا بأن [الدشات] هذه كانت قبل فترة تصل إلى صنعاء وقيمتها حوالي مائة وثلاثون ألف, الصحن مع الجهاز يكلف مائة وثلاثين ألف، بعدها نزلت قليلا وصَلَت بثمانين ألف، ثم دُعمت من جانب إسرائيل, دعمت بدعم رئيسي لتخفض أسعارها جداً للناس؛ لتنتشر في كل بيت, فأصبح أسعارها الآن إلى حدود خمسة عشر ألف, عشرين ألف الذي كان بمائة وعشرين ألف!.
ما معنى الدعم؟ أن يقولوا مثلاً لأي شركة مصنعة صحون أو رؤوس, كم التكلفة؟ بكم تريدوا أن يباع؟ احسبوا علينا نسبة 70% من القيمة وأنزلوه الأسواق بالسعر الفلاني, ويسدد من جانبهم نقداً للشركات في سبيل ماذا؟ في سبيل أن يصلوا بالفساد إلى كل بيت؛ لأنهم يعرفون أن الفساد في هذا البيت, وفي هذا الشخص في أي منطقة من العالم أصبح يخدم قضيتهم, أصبح يخدم هيمنتهم, وإلا لما بذلوا ملايين الدولارات في دعم الدشات هذه وتنزل من مائة وثلاثين ألف إلى عشرين ألف إلى خمسة عشر ألف.
هذه القضية معروفة لدينا, ولأنهم يحسبون ألف حساب لأي أسرة لا تزال صالحة, لأي شخص لا يزال صالحاً, لأن هذا الشخص الصالح, أو هذه الأسرة الصالحة يمكن أن يسري صلاحه إلى ما حوله ويتسع, والقرية الواحدة الصالحة يعتبرونها ما تزال قضية تحز في نفوسهم.. لماذا ما قد عممت وأصبحت مثل بقية القرى, وهكذا…
فالمسألة الآن أن الناس إذا ما فهموا سواء فيما يتعلق بفساد الأبناء, في ما يتعلق بفساد الأسر, أيّ فساد, سواء في أوساط الكبار أو الصغار, من الرجال والنساء, أنه في هذا الزمان ربما يصبح معصية مضاعفة.
والمعصية فعلاً تضاعف لاعتبارات أخرى كما أن الله سبحانه وتعالى حتى بالنسبة لنساء النبي {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}(الأحزاب30) بنفس المعصية التي لو حصلت من هذه المرأة أو من هذه المرأة تعتبر واحدة لكن تضاعف هنا لاعتبارات أخرى, فمِنْ هذه المرأة تعطى جزاءها الطبيعي, لكن هذه المرأة يضاعف لها العذاب لاعتبارات أخرى.
كذلك أن نسمع بأن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قال في قاتل الإمام علي بأنه أشقى الأمة, القتل نفسه جريمة كبيرة, القتل جريمة كبيرة, لكن أن يقتل هذا الشخص, هذا الرجل العظيم في مرحلة خطيرة, في وضعية هي تعتبر الأمة في أمس الحاجة إلى مثل هذا الرجل العظيم, تعتبر جريمة كبيرة جداً جداً جداً, لدرجة أن أثرها يجلب الشقاء على الأمة, فسمي أشقى هذه الأمة, كما سمي عاقر ناقة ثمود أشقى تلك الأمة؛ لأنه جلب الشقاء على أمته كلها.
كذلك في قاتل محمد بن عبد الله النفس الزكية, يوجد خبر بأن عليه ثلث عذاب أهل النار؛ لنفس السبب ولنفس الإعتبار, هو قتل نفس محرمة, لكن قتل نفس محرمة ولاعتبارات أخرى اعتبرت هذه الجريمة كبيرة جداً جداً لدرجة أنه أصبح مرتكبها مستحقاً بأن يعذب كثلث عذاب أهل النار هو لوحده؛ لأنه قتله وهو شخص عظيم, في مرحلة خطيرة, في منعطف تاريخي كانت الأمة في أحوج ما تكون إلى مثل هذا الشخص يصحح, عندما انتهت الدولة الأموية بالإمكان أن تستأنف الأمة حياة أخرى جديدة على يد هذا الشخص ومن سيخلفه من أئمة أهل البيت، لكن قتل فتمكنت دولة بني العباس فأصبحت كدولة بني أمية بل أسوأ منها في أشياء كثيرة.
لنفهم بأن الفساد, بأن المعصية في أزمنة معينة, في أوقات معينة, لاعتبارات معينة تكون كبيرة جداً جداً، يكفينا سوءاً, يكفينا سوءاً أننا نصرف أموالنا, وتمشي أموالنا إلى جيوب اليهود والنصارى رغماً عنا! هذه في حد ذاتها مصيبة علينا حقيقة؛ لأن كل الكماليات التي نشتريها, كل الضروريات التي نأخذها, الأموال هذه, ملايين الدولارات تمشي إلى جيوب أعدائنا من اليهود والنصارى, بترول المسلمين, خيرات المسلمين كلها تصب في جيوبهم!.
هذه مصيبة كبيرة, أما أن نخدمهم أيضاً من جديد في ما يتعلق بالإفساد, أو نصبح في حالة معينة متولين لهم, والتولي كما قال الإمام علي: ((الراضي بعمل قوم كالداخل فيه معهم)) أن ترضى بعمله ولو تحت عناوين أخرى, أن تجد في نفسك ميل إليهم, أو إلى أوليائهم, المسألة هي واحدة, تتولاهم أو تتولى أولياءهم؛ لأن من يتولهم منا يصبح منهم, فمن نتولى نحن ممن هو منا متولي لهم نصبح نفس الشيء منهم نعوذ بالله.
في أذهان الناس كلما يأتي موعظة, كلما يأتي حديث يتبادر إلينا الطاعات والمعاصي المعروفة, الطاعات والمعاصي المعروفة, وكأنه ما هناك أشياء أخرى, هناك طاعات وواجبات مهمة جداً جداً نحن مقصرين فيها, بل لا نتذكرها, يوجد عبادات اعتقادية, واجبات اعتقادية, أن تعتقدها كذلك نحن مهملين لها, لا نلتفت إليها, هناك معاصي خطيرة خارجة عن الأشياء التي نعتبرها قد هي مألوفة أنها معاصي هي في نفسها أيضاً خطيرة ونحن لا نلتفت إليها.
الموالاة والمعاداة صـ 3ـ 4.