رسائل ودلالات الصواريخ “مجهولة المصدر” في “تل أبيب”
|| مقالات || شارل أبي نادر
لم يتبنَّ أي فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية الاساسية في غزة (حماس او الجهاد الاسلامي) المسؤولية عن اطلاق صاروخين على “تل ابيب”، مساء الخميس 14 آذار/ مارس الحالي، وفي الوقت الذي صدر فيه الإعلان عن ذلك ببيان حمل رقم واحد من حركة “جديدة” باسم: حركة المقاومة العربية لتحرير فلسطين، بدا الموضوع والذي فيه الكثير من الغرابة ومن التناقضات، حاملاً الكثير من الدلالات والرسائل، والتي يمكن تحديدها بالتالي:
– أن تتجاوز مسافة الاطلاق – اذا اعتبرنا انه تم من وسط قطاع غزة حتى “تل ابيب” – حوالي 80 كلم، مع قدرة مقبولة على تجاوز منظومة القبة الحديدية، حيث لم تؤكد مصادر العدو اعتراض الصواريخ بنجاح ، يعني ان الصاروخين متوسطا المدى ومن النوع المتطور وليس البدائي.
هذا يعني أولاً أن المقاومة تؤكد امتلاكها لصورايخ نوعية ومناسبة لمواجهة متكافئة، أو على الأقل مواجهة تملك المقاومة فيها الكافي من قدرات الردع ومن عناصر توازن الرعب.
وهذا يعني ثانياً، أن عدم الاعتراف أو التبني فيه رسالة مهمة تحمل المفارقة التالية: عندما كان يتم تبني استهداف العدو، كان ذلك بهدف الضغط للتهدئة والاشارة الى قدرات المُستهدِف بعد أن يكشف نفسه، بينما اليوم جاء الاستهداف المجهول دون إظهار المُستهدِف أو المُطلِق وقدراته، ليحمل رسالة “مقاومة فلسطينية” دون تمييز الفصيل، ورسالة قدرة على المواجهة، وفي المكان الاكثر حساسية لدى العدو، في “تل ابيب”.
– انطلاق الاشتباك (الصاروخي – الجوي) بين القطاع والعدو، من استهداف “تل ابيب” بداية ليتطور الى الرد على القطاع، على عكس كامل المواجهات السابقة، والتي كانت تبدأ باعتداء على القطاع لتنتهي بردع العدو باستهداف “تل ابيب”.
في ذلك ايضاً رسالة برفع السقف في مناورة المواجهة، أو بمعنى آخر، رسالة بالاستعداد لمواجهة واسعة، انطلقت من استهداف “تل ابيب”، لكي تتطور نحو الأوسع والأعنف، وبمعنى آخر، رسالة أنه لن يكون هناك تنازلات في مشروع تثبيت الهدنة، والتي يحاول العدو انتزاعها، تزامناً مع مهمة الوفد المصري الذي يعمل على المصالحة بين المكونات الفلسطينية، وفي نفس الوقت يعمل للتهدئة مع العدو.
من ناحية أخرى، هناك الكثير من الأسئلة التي يمكن طرحها وهي:
هل تزامُن إطلاق الصواريخ على “تل ابيب” مع وجود الوفد المصري في القطاع، وبالتحديد عند اجتماعه بحماس، يحمل رسالة لافشال الوفد في مهمته، وبالتالي هو تعبير عن صعوبة المصالحة وعدم امكانية حصول التهدئة مع العدو؟
أم أن التزامن يحمل رسالة تدل على معرفة ورعاية الوفد المصري “الخفية طبعا”، للقول إنه لا يمكن تجاوز قدرات المقاومة وبالتالي يجب اخذ ذلك بعين الاعتبار لناحية تناسب مطالب المقاومة مع قدراتها؟
في مطلق الأحوال، ومهما كانت المعطيات الصحيحة عن مصدر وهدف اطلاق الصواريخ على “تل ابيب” في هذا التوقيت بالذات، فان هذا الاطلاق يحمل الحقائق التالية:
أصبحت المقاومة الفلسطينية في غزة تمتلك من الأسلحة والقدرات النوعية ومن عناصر الردع، ما يؤهلها للوقوف والثبات في أية مواجهة واسعة مع العدو، وبالتالي، فقط مع امتلاك القدرات النوعية ومع تأكيد الالتزام بالمقاومة وبالمواجهة والابتعاد عن الاستسلام، يمكن الحديث وبجدية عن امكانية استعادة الحقوق أو بعضها، والاّ، فإن هذه الحقوق ضائعة لا محال.