عندما يدفع الطفل اليمني روحه على الحدود السعوديّة؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
أطفال دارفور سابقاً، واليوم أطفال اليمن، تتجدّد الاتهامات للسعودية بتجنيد الأطفال اليمنيين على حدودها الجنوبيّة في خطوة تذكّرنا بالممارسات الداعشية في الموصل والرقّة.
تعدّ مسألة تجنيد الأطفال انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، فبعد الاتهامات التي تعرّضت لها السعوديّة جراء استهدافها للمدارس والمستشفيات والصور التي نشرتها صحيفة “ديلي ميل” البريطانية لأطفال تجنّدهم السعودية والإمارات للقتال في اليمن، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً أشارت فيه إلى أن 40% من جنود قوات التحالف السعودي في اليمن هم من الأطفال.
أمين عام المجلس النرويجي للاجئين “يان إيغلاند” أيضاً اتهم التحالف بتجنيد الأطفال للقتال في اليمن ضد “الحوثيين”، لافتاً إلى أن هناك أموالاً تدفع من قبل دول أجنبية لجلب المقاتلين الأجانب والأطفال للقتال في اليمن.
لم يكن تقرير الغارديان وكلام إيغلاند يتيمين، بل هناك وثائق تضاف إلى عشرات الوثائق المماثلة، وفي حين كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن السعودية تستغل ثروتها النفطية الهائلة في تجنيد أطفال ناجين من مناطق النزاع بدارفور وتزجّ بهم في حرب اليمن (الرياض جندت نحو 14 ألف شخص من الإقليم المضطرب نحو 20-40% منهم أطفال)، كشف تحقيق استقصائي لقناة “الجزيرة” عن محرقة لأطفال اليمن على الحدود السعودية، حيث لجأت الرياض إلى تجنيد المدنيين والأطفال بطرق ملتوية من داخل وخارج اليمن.
التحقيق الاستقصائي تضمّن معلومات عن نشاط سماسرة لتجنيد الأطفال مقابل المال، وتضمّن فيديو لحالات موثّقة عن المخاطرة بالأطفال وجرّهم إلى الموت بسبب العوز الاقتصادي بعد تركهم لمقاعد التعليم التي من المفترض أن يجلسوا عليها.
الفيديو تضمّن عرض فيديوهات حصرية، تثبت وجود الأطفال في تلك الأماكن، وتحديداً جبهتي البقع وكتاف الحدوديتين مع السعودية، وهي التهمة التي كانت تسوقها الرياض دائماً ضدّ أنصار الله في المحافل الدوليّة.
الأسباب
أذعن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بفشل خياره العسكري في اليمن، الأمير الشاب الذي أقرّ خلال كلامه مع صحيفة التايم الأمريكية أن لا حل في اليمن سوى الحلّ السياسي، يدرك جيّداً أنّه لا بدّ من المضيّ قدماً بالمواجهات العسكرية، هذه المواجهة التي لن تغيّر قواعد الميدان، وتحمل تبعات اقتصاديّة على السعودية ودول التحالف وتحمل في الوقت عينه تبعات عسكريّة على السعودية ، تتمثّل في حرب الاستنزاف التي تشهدها الحدود الجنوبيّة للسعودية.
الأمير السعودي لجأ إلى حل جديد بعد فشل الحلول السابقة سواء السودانيّة منها أم بلاك ووتر، وذلك عبر تجنيد أطفال يمنيين للدفاع عن السعوديّة.
هذا الأمر وإضافةً إلى كونه يحدّ من الخسائر البشرية في الجيش السعودي، يحدّ في الوقت عينه من التكاليف الاقتصاديّة، كون التكاليف المدفوعة للمقاتل الطفل أدنى بكثير من تلك المدفوعة للمقاتل الرجل أي الأجنبي، كذلك، إن سبب استغلال هؤلاء الأطفال هو انخفاض التكلفة على الرياض مقابل الجندي السعودي باهظ الثمن، فبعد أن شهدت السنوات الماضية قتلى بالمئات من الجنود السعوديّين على الحدود الجنوبيّة، بدا الأطفال هم ضالّة ابن سلمان البشريّة والاقتصاديّة.
تعمد السعوديّة إلى الاهتمام بجنودها قبل الموت أو بعده، فإضافةً إلى الراتب المرتفع والهدايا التي يتلقّاها الجنود على الحدود الجنوبيّة، تقدّم وزارة الدفاع السعوديّة مساعدة عاجلة لأهالي أي جندي يقتل تبلغ قيمتها مئة ألف ريال، ويُصرف لأسرته تعويض بقيمة مليون ريال سعودي، إضافة إلى الالتزامات الأخرى كالضمان وراتب الأهل وغيره، أي إن تكلفة جندي سعودي واحد على الخزينة السعوديّة تعادل تكلفة مئات الأطفال حسب الأرقام التي نشرتها الصحف البريطانيّة وظهرت في تحقيق “الجزيرة”، فجلّ ما تدفعه الرياض هو راتب متواضع، ولس هناك أيّ التزامات أو مساعدات أو تعويضات، بل إن السعوديّة أيضاً لا تتكلّف بتدريبهم، كما في حالة الجندي السعودي، بل تزجّ بهم في الصفوف الأماميّة كفئران تجارب في حين ترصد القوات السعوديّة من الخلف مواقع النيران التي يتعرّض لها هؤلاء المقاتلون الأطفال، بغية التعامل معها، وبالفعل قدّ حدّت هذه الخطوة من الخسائر البشرية في الجيش السعوديّ، إلا أن دماء الأطفال الذين تشتريهم السعوديّة بثمن بخس كانت باهظة.
والأنكى من ذلك كلّه، فإن السعوديّة تدّعي أنها تعمد إلى إعادة تأهيل الأطفال اليمنيين الذين جندتهم جماعة “انصارالله” وزجّت بهم في جبهات القتال عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، فهل المركز نفسه هو المسؤول عن التنسيق مع سماسرة الأطفال؟ وهل المساعدات التي يقدّمها للأطفال مقابل أن يحملوا بندقية قد يفوق طولها طول حاملها.
كما دفع العديد من أطفال الجنوب أرواحهم في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل، يتكرّر المشهد اليوم مع أطفال المناطق المختلفة في اليمن، ما حصل مع أطفال دارفور.
هذه الأرواح لا تقّدم لتحقيق نصر هنا أو هناك، بل في إطار معركة الوقت التي يخوضها ابن سلمان للتوصّل إلى حل سياسي. أليس من حقّ هؤلاء أن يكونوا على مقاعد الدراسة التي قصفها ابن سلمان؟ أليس من حقّ هؤلاء الأطفال أنت يلعبوا في الحدائق التي أحرقتها نيران التحالف؟ وفي النهاية، أليس من حقّهم أن يعيشوا بأمان؟ لا ننتظر إجابة…