خطوة على طريق السادات؛ السيسي رئيساً حتى عام 2030
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
تمر الساحة المصرية في وقتنا الحالي بمنعطف تاريخي وعلى الرغم من مرور ثمان سنوات على الإطاحة بالدكتاتور “حسني مبارك”، إلا أنها الآن تدخل مرحلة جديدة من حكم الجيش للمرة الثانية على البلاد ومن المقرر أن يبدأ الرئيس المصري الحالي “عبد الفتاح السيسي”، الذي تولى زمام الامور في هذه الدولة العربية منذ عام 2014، حقبة جديدة من حكمه العسكري في مصر.
وحول هذا السياق، أفاده العديد من المصادر الاخبارية بأن البرلمان المصري وافق يوم الثلاثاء الماضي على اجرا تعديلات دستورية تشمل تمديد فترة ولاية الرئيس “السيسي” الحالية إلى ست سنوات، والسماح له بالترشح بعدها لفترة جديدة مدتها ست سنوات أخرى تنتهي في 2030، بموافقة 531 عضوا من إجمالي 554 عضوا حضروا جلسة التصويت النهائية، بينما رفضها 22 عضوا وأمتنع عضو واحد فقط عن التصويت ولفتت تلك المصادر إلى نظام “السيسي” يواجه انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان جراء قمع حكومته الخصوم السياسيين. ومن جهة أخرى، أعربت تلك المصادر بأن البرلمان المصري وافق على استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، ليكون للرئيس أن يعين نائبا له أو أكثر، وأن يحدد اختصاصات نوابه، وأن يعفيهم من مناصبهم، وأن يقبل استقالتهم ووافق البرلمان أيضا على تعديل يمنح المرأة ربع مقاعد البرلمان.
اجراء تعديلات في السلطة بدلاً من اجراءها في المجالات المدنية والخدمية
تعرضت الحكومة المصرية عقب قيامها بقمع العديد من الاحتجاجات في الآونة الاخيرة، لإنتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان، وحول هذا السياق أعربت العديد من المصادر الاخبارية بأن العديد من منظمات حقوق الإنسان دعت حكومة “السيسي” إلى اجراء تعديلات في مجال حقوق الإنسان، لكن الحكومة المصرية غضت الطرف عن تلك المطالب وقامت باجراء تعديلات على الدستور تشمل تمديد فترة ولاية الرئيس “السيسي” الحالية إلى ست سنوات.
وفي هذا الصدد، أعرب العديد من الخبراء السياسيين بأن هذه التعديلات ستعيد مصر مرة أخرى إلى عهد “حسني مبارك” و”أنور السادات”، وذلك لأن النظام الديمقراطي في هذا البلد سيبقى في أيدي الجيش ولن يطبق على أرض الواقع ولن يتمتع المصريين بالحرية التي كانوا يحلمون بها وهذا الامر يتعارض مع مطالب الثورة الشعبية المصرية التي بزغ فجرها وانطلقت في فبراير 2011 وعلى الرغم من أن الرئيس “السيسي” لم يتخذ حتى الان أي قرار رسمي يتعلق بهذا الامر، إلا أن الاحداث الميدانية والتقارير الاخبارية تؤكد بأن هذا الجنرال يريد التغلب على العقبات التي تقف أمام هذه الخطة التي ستمكنه من البقاء على كرسي الحكم مدى الحياة مثل الرئيس السابق “مبارك” وفي حالة تمت الموافقة النهائية على اجراء هذه التعديلات في الدستور المصري، فإن الرئيس “السيسي” سيتمتع بصلاحيات وسلطة أكبر مما كان يتمتع بها “مبارك”، ولهذا السبب يعارض العديد من السياسيين والمحللين، وحتى مؤيدي نظام “السيسي” في المؤسسات العسكرية والمدنية، الموافقة على هذه الخطة وهذه التعديلات.
“السيسي” على طريق “السادات”
لقد نص الدستور المصري، الذي تمت صياغته في عام 1971، على أن الرئيس لا يمكن أن يبقى في هذا المنصب بعد فترتين رئاسيتين مدت كلا منهما ست سنوات، لكن السادات قام باجراء تعديلات دستورية في عام 1980 للحفاظ على هذا الكرسي لنفسه مدى الحياة ولكن السادات لم يتمكن من الاستفادة من تلك التعديلات وذلك لأنه اغتيل، لكن خليفته، “حسني مبارك”، قام بالاستفادة من تلك التعديلات الدستورية وبقي في الحكم لخمسة فترات رئاسية، ولكنه تركها في النهاية بعد قيام ثورة شعبية في يناير 2011 وبعد قيام الثورة الشعبية في مصر تم الاتفاق على صياغة قانون جديد للبلاد، بحيث لا يمكن للرئيس أن يبقى في هذا المنصب إلا لفترتين رئاسيتين، كل منها لمدة أربع سنوات، ولكن قبل عدة أيام وافق البرلمان المصري على تغيير هذا الجزء من الدستور لضمان بقاء السيسي في السلطة حتى عام 2030.
انتقادات ومخاوف في مصر
واجهت حكومة “السيسي” خلال الفترة الماضية العديد من الانتقادات من قبل المنظمات الدولية والقانونية بسبب حملات القمع التي تقوم بها ضد المعارضين السياسيين وبالمثل، وقبل عدة أسابيع عندما قام الرئيس المصري بزيارة واشنطن، حثت منظمة حقوق الانسان الكونغرس الامريكي على عدم إعطاء الضوء الأخضر لـ”السيسي” للقيام بتعديلات دستورية.
وحول هذا السياق، لفتت العديد من المصادر الاخبارية بأن العديد من الفنانين والخبراء والمحللين السياسيين المصريين وجهوا الكثير من الانتقادات لهذه التعديلات ووصفوها بأنها جائرة وهنا يقول الممثل المعروف “عمر واكد”: “إذا تمت الموافقة النهائية على هذه التعديلات الدستورية فإن الدكتاتور الجديد سيعيدنا إلى القرون الوسطى ” ومن جهته، انتقد “محمد البرادعي” الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومستشار الرئيس المصري، الإعلان الاولي للبرلمان المصري على بعض التعديلات الدستورية، وقال بأن هذه التعديلات التي أدخلت على الدستور باطلة.
وفي نهاية المطاف يمكن القول هنا بأنه في حالة تمت الموافقة النهائية على اجراء تعديلات دستورية على القانون المصري، فإنه ستتبقى خطوة واحدة فقط لتنفيذ هذه التعديلات، تتمثل في اجراء استفتاء شعبي للموافقة على تنفيذ هذه التعديلات الدستورية ومما لا شك فيه بأن المشاركة الشعبية ستكون قليلة وذلك لأن معظم أبناء الشعب المصري يرفضون هذه التعديلات جملة وتفصيلا. ومن المتوقع أن يكرر الجنرال “السيسي” أخطاء الرؤساء السابقين فيما يتعلق ببعض القضايا الإقليمية المهمة مثل قضية فلسطين والحرب اليمنية و …، وعلى الرغم من أنه سيتمكن أن أخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وسيتمكن من الحصول على دعم سعودي للدفع بخططه الداخلية، إلا انه بالتأكيد لن يتمكن من بناء قاعدة شعبية كبيرة له داخل البيت المصري وهذا الامر سوف يوجه له ضربة قوية في المستقبل القريب.