تكرار خدعة النفط السعودي.. هل ستتمكن الادعاءات الأمريكية من الحفاظ على استقرار أسواق النفط العالمية؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
أعرب وزير النفط الإيراني “بيجن زنكنه” في إشارة إلى إعلان السعودية والإمارات استعدادهما لتعويض فجوة الإمدادات النفطية، قائلاً: “أعتقد أن هاتين الدولتين تبالغان في تقدير احتياطاتهما النفطية”، وأضاف “زنكنه” بأن التصرفات والعقوبات الأمريكية على النفط ليست خدعة سياسية، بل تكشف عن نزعة عدائية شديدة ضد الشعب الإيراني، ولفت “زنكنة” إلى أن أمريكا ستفشل في تصفير صادرات بلاده النفطية، مضيفاً إن أمريكا وحلفاءها يسيّسون تجارة النفط ويستغلونها كسلاح ضد بلاده.
ولفهم أفضل لتصريحات وزير النفط الإيراني، سنراجع الادعاءات السابقة للسعودية وعقوبات النفط التي تمّ فرضها على طهران في العام الماضي.
لقد ذكرت صحيفة “وول ستريت جونال” الأمريكية في يوليو 2018، بأن وزارة النفط السعودية أعلنت بأنها تعتزم زيادة إنتاجها من النفط ليصل إلى حوالي 11 مليون برميل في شهر أغسطس من عام 2018، وذلك من أجل أن يحلّ النفط السعودي محلّ النفط الإيراني، بعدما يتم تطبيق العقوبات النفطية على طهران في الرابع من نوفمبر 2018.
وفي 31 أغسطس 2018 أعلنت بعض المصادر الرسمية السعودية بأن إنتاج السعودية من النفط بلغ 10.4 ملايين برميل في أغسطس 2018، مرتفعاً بمقدار 200 ألف برميل عمّا تم إنتاجه خلال شهر يوليو السابق.
في الواقع، مع مراجعة ما حدث في الأشهر الأخيرة من عام 2018، يتضح بأن السعودية، سعت خلال تلك الفترة إلى جذب مشتري النفط الإيرانيين التقليديين من خلال الترويج إلى قدرتها على زيادة إنتاجها من النفط لتغطية العجز الذي سيتسبب به فرض عقوبات على النفط الإيراني، ولهذا فلقد زادت إنتاجها من 11.1 مليون برميل إلى 11.3 مليون برميل من النفط في نوفمبر 2018 ولكن المصادر غير رسمية السعودية أكدت بأن انتاج الرياض من النفط الخام شهد انخفاضاً وصل إلى نحو 1.2 مليون برميل في يناير 2019 مقارنة بشهر نوفمبر 2018.
وحول هذا السياق، قال وزير النفط السعودي “خالد الفلاح” في بداية عام 2019، بأن بلاده أنتجت نفطاً خاماً أكثر مما التزمت به، وقامت أيضاً بخفض صادراتها النفطية، في الواقع، إن هذا المسؤول السعودي كان يحاول ربط موضوع انخفاض إنتاج بلاده من النفط الخام، وانخفاض صادراتهم النفطية بالاجتماع الأخير لأوبك الذي التزم فيه أعضاؤه بضرورة خفض 1.2 مليون برميل من إنتاج النفط العالمي، حيث قررت الدول الأعضاء الـ 14 في أوبك في اجتماعها في ديسمبر 2018 (الاجتماع الخامس والأربعين) في فيينا تخفيض إنتاجها من النفط بمقدار 800 ألف برميل يومياً، ووافق الأعضاء غير الدائمين أيضاً على تخفيض إنتاجهم من النفط الخام بمقدار 400 ألف برميل يومياً، ولقد بدأ تنفيذ هذا القرار في النصف الأول من عام 2019، وهنا تؤكد العديد من المصادر الإخبارية بأن السعودية عجزت في ذلك الوقت عن الوصول للإنتاج الذي وعدت به على الرغم من استخدامها الحد الأقصى لقدراتها الإنتاجية وكذلك استخدام جزء كبير من مخزونها الاحتياطي من النفط الخام.
في وقتنا الحالي وبعد أن أعلنت أمريكا أنه اعتباراً من 2 مايو 2019، لن تمدد الإعفاءات النفطية للثماني دول التي كانت تقوم بشراء النفط الإيراني، قامت السعودية مرة أخرى بالادعاء بأنه بإمكانها تعويض العجز النفطي الذي سوف تتسبب فيه العقوبات النفطية المفروضة على إيران في سوق النفط العالمي وفي أعقاب هذا الادعاء، قدمت الإمارات ادعاءات مماثلة ووعدت بأنها سوف تقوم بزيادة إنتاجها من النفط لتغطية العجز في الأسواق العالمية. وبعد ذلك أعلن البيت الأبيض أن “السعودية والإمارات قد اتفقتا على تعويض نقص النفط الإيراني في الأسواق العالمية”.
في الواقع، يحاول البيت الأبيض أخذ المساعدة من حلفائه لإبقاء أسعار النفط مستقرة وذلك من أجل أن يؤكد للشعب الأمريكي والأحزاب الأمريكية المختلفة أن قراراته تلك لن تؤدّي إلى زيادة في سعر النفط العالمي وبالتالي لن تؤدي إلى زيادة في أسعار البنزين في أمريكا.
في الواقع، إن حكومتي الإمارات والسعودية، وبعض شركات النفط الخاصة إلى جانب أمريكا، قاموا خلال الفترة الماضية بإرسال إشارات إيجابية إلى أسواق النفط العالمية، ووعدوا بأنهم سوف يقومون بتأمين العجز الذي قد يحصل جرّاء فرض عقوبات نفطية على طهران، وذلك من أجل منع أي ارتفاع في أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2019، ولكن الشواهد الميدانية والأحداث العالمية تؤكد بأن الطلب على النفط سوف يزداد خلال النصف الثاني من عام 2019، وذلك لأن الدول المنتجة للنفط الخام مثل ليبيا والجزائر وفنزويلا تعاني في وقتنا الحالي من العديد من المشكلات الداخلية ولهذا فإنه من المؤكد أن تشهد أسواق النفط العالمية ارتفاعاً متصاعداً في أسعار النفط وهذا الأمر سوف يفضح جميع الوعود الكاذبة التي تستمر السعودية في إطلاقها.
وفي الختام يستبعد الباحث الاقتصادي في مجال النفط “نرسي قربان” أن تكلل قرارات ترامب بالنجاح لتحقيق “صفر صادرات” إيران النفطية، قائلاً: “لا يمكننا إهمال نقطة أن إيران سبق لها أن تعاملت مع مثل هذه العقوبات وتمكّنت من تصدير نفطها بعدة طرق غير مباشرة، لذلك إمكانية غياب طهران عن سوق النفط ربما تكون غير واردة في الأجل القريب”.