رسائل السيد نصرالله تحبط رهانات واشنطن.. وتقيد خيارات تل أبيب
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || العهد الاخباري: جهاد حيدر
لا تستطيع تل ابيب أن تتجاهل رسائل الصواريخ الدقيقة التي وردت في مواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، خلال كلمة له بمناسبة يوم القدس العالمي. بل المؤكد أنها ستحضر على طاولة مؤسسة القرار السياسي والامني، في سياق التقديرات والخيارات العملانية التي يتم دراستها في مواجهة لبنان. وايضا لجهة علاقتها بالتطورات التي تشهدها البيئة الاقليمية وصولا إلى الجمهورية الاسلامية في ايران. ولا يقاس هذا الحضور، بالضرورة، بمحتوى المواقف العلنية التي ترد على ألسنة المسؤولين. بل إن خطورة المشهد الاقليمي وصورة قوة ردع “إسرائيل” قد تستوجب احيانا أداء مدروساً وأكثر انضباطاً من قبل قادة العدو.
ليست المرة الاولى التي يتحدث فيها السيد نصر الله عن امتلاك حزب الله صواريخ دقيقة، لكن اعادة الحديث عنها في هذا السياق الاقليمي بالتحديد، يؤكد على موقع القوة الذي يتمتع به حزب الله في مواجهة العدو. ويعني أن واشنطن لم تنجح في جر حزب الله إلى سجال من النوع الذي يقلب صورة المشهد عبر الايحاء بأن عناصر القدرة للبنان، هي في الواقع مصدر تهديد، ومحاولة تشويه الواقع عبر الايحاء ايضا بأن ما هو سبب لاستقرار الوضع مع لبنان هو سبب لتدهوره. على هذه الخلفية، بدلا من اعتماد سياسة الضبابية والغموض، أكد السيد نصر الله مجددا امتلاك هذا النوع من الصواريخ، مشدداً على أنه من حق لبنان وحزب الله امتلاك أي نوع من القدرات في مواجهة التهديد الإسرائيلي.
لم يقتصر كلام السيد نصر الله على أصل امتلاك الصواريخ الدقيقة بل أكد ايضا أن هذا النوع من الصواريخ “يطال كل الاهداف المطلوبة” في إسرائيل. وبالتالي لا يدور الحديث عن صواريخ بمديات قصيرة وانما الدقة سوف تشمل كل فلسطين المحتلة. اما عن أحجامها، فهي بالمستوى القادرة على “تغيير وجه المنطقة”. وهو معطى سوف يحضر لدى قادة كيان العدو وفي واشنطن ايضا.
الرسالة الأخرى، التي حضرت في مواقف السيد نصر الله، تمثلت برده على تهويل الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تحاول استغلال مفاوضات ترسيم الحدود لفتح قضية الصواريخ الدقيقة الموجهة إلى “إسرائيل”. وتهدف من وراء ذلك، إلى محاولات انتزاع تنازلات جوهرية تتصل بالامن القومي في مقابل نيل لبنان حقوقه البرية والبحرية وفي مجالي النفط والغاز. لكن موقف سماحته احبط الرهانات الاميركية الإسرائيلية، وعزَّز موقف لبنان وكرَّس الفصل بين المسألتين. وبذلك يكون ايضا قد ألغى مفعول مفعول الضغوط الاميركية على المسؤولين اللبنانيين الرسميين. وبمعنى من المعاني، يكون ايضا قد أراحهم ورفع المسؤولية عنهم أمام الاميركي.
في نفس السياق، أتى موقف سماحته بالاعلان عن أن “أي اعتداء “إسرائيلي” على أي هدف للمقاومة في لبنان سنردّ عليه سريعاً ومباشرة وبقوة”. وهو ما عطّل مفعول سياسة التهويل الاميركية الإسرائيلية. وعزز قدرات ردع حزب الله في مواجهة العدو. الذي بات أكثر ادراكا أن رفع منسوب التهويل في مواجهة الصواريخ الدقيقة. سيؤدي إلى رفع منسوب التهديد المضاد وليس التراجع إلى الوراء. ويدرك العدو أن تعهد سماحته بالرد يعني التزاما لا رجعة عنه. وهو ما سينعكس على طاولة القرار الامني الإسرائيلي. من خلال شطب أي وهم أو احتمال قد يراود صناع القرار لدى دراسة خياراتهم العدوانية، بأن أي تذاكي عبر توجيه رسائل عدوانية تتصل بهذا الملف قد تؤدي إلى عدم الرد من قبل حزب الله تجنبا للتدحرج نحو مواجهة أوسع. وفي ضوء العبارات التي اختار ها سماحة السيد بدقة، بات واضحا ايضا بأن قرار الرد محسوم ونهائي. وأنه سيكون ردا عسكرياً مباشراً من قبل حزب الله، وليس شكلياً بل سيكون قوياً.
الجديد النوعي الذي ورد على لسان سماحة السيد، هو التلويح بالارتقاء في هذا المجال، عبر الاعلان عن أن “الأميركي ليس لديه أي علاقة معنا في حال وجود مصانع صواريخ دقيقة في لبنان أم لا”، قال “نحن من حقنا امتلاك اي سلاح للدفاع عن بلدنا ومن حقنا تصنيع السلاح من أجل ذلك”، وأضاف “إذا أراد الاميركيون الابقاء على فتح هذا الملف فنحن لدينا القدرة الكاملة على التصنيع وعلى الحصول على آلالات للتصنيع، وسنقيم مصانع لتصنيع الصواريخ الدقيقة في لبنان”.
المعادلة التي وضعها حزب الله أمام تل ابيب، هي حشرهم بين سيناريوهين: اما التكيف مع سقف وجود صواريخ دقيقة وأن “يقعدوا عاقلين”، والالتزام بالصمت تجنباً لما هو أشد. أو تحمل مفاعيل السيناريو الأكثر خطورة وهو بناء مصانع للصواريخ الدقيقة. وهو ما سيرفع مستوى التحدي ويضيق خياراتهم.
فإن التزموا بالخيار الاول، يكونوا قد تجنبوا سيناريو بناء مصانع صواريخ دقيقة، ورضخوا لمعادلة الصواريخ الدقيقة الموجودة في لبنان، وكفى الله المقاومين القتال.
وإن حاولوا التذاكي بمواصلة الضغوط، سيكونوا أمام رد متدرج من قبل حزب الله، يتصل ببناء المصانع. وهو ما سيسلب النوم من عيونهم. والاشد خطورة أنهم يدركون حجم القيد الذي يكبلهم عن المبادرة إلى أي مغامرة يدركون أنها ستكون مكلفة جداً لهم.