برنامج الغذاء العالمي.. وجه آخر للعدوان على اليمنيين

|| صحافة محلية || صحيفة الثورة

متاهة غير منتهية ألقى فيها برنامج الأغذية العالمي بنفسه بكل ثقلها بعد أن ابتلعت أقوات الملايين من أبناء شعبٍ يرى في الموت جوعاً أقل ضررا من الرضوخ لمطالبٍ تنتهك كرامته. منظمة ألقي على عاتقها تخفيف معاناة البائسين فأصبحت في نظر الجوعى وجها آخر من وجوه الحرب المتعددة، تلوح لهم براية السلام وتخفي في أكياسها موتا على هيئة غذاء.

عند كل صباح تخرج زكية مراد (25 عاماً) من منزل زوجها في إحدى قرى مديرية وصاب العالي وسط اليمن؛ باحثة عن أوراق نبتة الحلص -الشبيهة بطعم التمر الهندي- التي اعتاد أطفالها تناوله “مرتين في اليوم الواحد منذ عام” كما تقول لـ “الثورة”.

تسكن زكية وأطفالها منزلاً صغيراً من غرفتين لا تزيد مساحة كل واحدة عن 12 متر مربع، مع ملحق لقضاء الحاجة، واتخذت بجوار المنزل مكاناً لإشعال الموقد الذي تغلي عليه “أوراق الحلص مع الماء والملح فقط، وبعض الأكلات الشعبية التي تضيفها عند استلام السلة الغذائية من برنامج الغذاء العالمي كالزوم (طحين وطماطم) والعدس”، وهي أم لتسعة أطفال جلهم من الإناث، ألقي على عاتقها مسؤولية إعالتهم بعد وفاة والدهم جراء إصابته بالكوليرا في العام 2017، تقول لـ “الثورة” بحرقة: “السلة الغذائية التي نستلمها من المنظمة لا تكفينا لأسبوع، نعود بعدها لتناول أوراق الشجر”، وتضيف: “ليس لنا أي مصدر آخر نعيش عليه، وليس لي أيّ عمل يسد رمق أطفالي بوجبة واحدة في اليوم كما كان يأكل الناس، الكل يشكو من الفقر”.

العيش على الإغاثة

هذه الظروف المعيشية السيئة التي يعاني منها أكثر من ثلثي سكان اليمن نتيجة الحرب العدوانية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات بدعم لوجستي وعسكري أمريكي وبريطاني وإسرائيلي وأوروبي منذ مارس 2015 على اليمن دون مبرر، كانت بيئة خصبة لعمل المنظمات العاملة في المجال الإنساني من مختلف أنحاء العالم وأكبرها منظمة الأمم المتحدة التي تلقت من المانحين نحو 23 مليار دولار خلال الأربع السنوات الماضية مقابل عملها الإنساني في اليمن.

مساعدات غير كافية

ويتلقى نحو ثمانية ملايين يمني مساعدات إغاثية من قبل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة” حسب تصريحات البرنامج رغم “أنها لا تغطي 40 % من الاحتياجات الضرورية واللازمة في اليمن” كما يقول فيصل مدهش – وكيل قطاع التنسيق في الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث – لـ “الثورة” ويضيف: “اعتقد أن ما يوزعه البرنامج لا يزيد عن خمسة ملايين سلة غذائية وهو يتحفظ على كشوفات المستفيدين ولا يطلعنا عليها كاملة بل على بعضها، لكنه يقول إنها ثمانية ملايين سلة ورغم هذا ليست كافية”.

وكان البرنامج قد قال في تصريحات له أواخر العام المنصرم إنه يحتاج إلى أن يرفع عدد السلال الغذائية للمستفيدين في اليمن إلى نحو 14 مليون حالة؛ نتيجة ارتفاع معدل المجاعة وسوء التغذية في البلاد وزيادة معاناة المواطنين مع استمرار الحرب على اليمن، لكنه لم يفعل ذلك بل استخدم “أساليب ابتزازية تتمثل في تهديداته المستمرة بتعليق المساعدات الغذائية لليمنيين في المناطق التي يديرها المجلس السياسي الأعلى” كما يراها المجلس ويدينها، وينفي مسؤولون فيه تصريحات البرنامج التي يدعي فيها تعرض المساعدات في تلك المناطق للنهب مؤكدين أنها أساليب تخدم العدوان، إن لم تكن بطلب منه، وتنذر بكارثة إنسانية ضحيتها الشعب اليمني.

حتى لا ننسى

وكانت صحيفة “الثورة” قد كشفت في تحقيق استقصائي بتاريخ 29 مايو المنصرم أن “تصريحات البرنامج بتعرض مساعداته للنهب والسرقات كاذبة” وذلك من خلال وثيقة حصلت الصحيفة عليها تثبت أن الكميات التالفة في مديرية الصلو (التي ادعى البرنامج تعرضها للسرقة) لم تسرق ولكنها تأخرت نتيجة رفض بعض مدراء المدارس إعادة الكميات التالفة إلا بعد وصول الكميات البديلة وصرف بعض منها إلى جانب عدم تسلم الشركة المقاولة بنقل المساعدات إحصائية الأكياس التالفة والمدارس المنقولة منها والمراكز التي قامت بصرفها من قبل برنامج الغذاء والتغذية المدرسية، وهي وثائق رسمية رفع بها مكتب وزارة الإدارة المحلية في تعز إلى برنامج الغذاء في السابع من أبريل الفائت وكشفت وثيقة أخرى صدرت اليوم التالي عن برنامج الغذاء تلقيه بيانات السائقين وحمولتيهما اللتين رفع البرنامج بهما مذكرة لطلب ترخيص مرور لقاطراته.

كما كشفت “الثورة” في التحقيق بالوثائق كميات من المساعدات الإنسانية التالفة التي يقدمها برنامج الغذاء في اليمن للمحتاجين بالإضافة إلى الفساد المالي والإداري وذلك من خلال ملايين الدولارات التي ينفقها البرنامج كبدلات للعاملين في اليمن بالإضافة إلى نفقات الإنترنت والأسعار غير الحقيقية للسلال الغذائية ما جعل من البرنامج ثقبا أسود لاختفاء مليارات الدولارات وضياعها في غير ما خصصت له ،فيما تعلن منظمة الصحة العالمية وفاة نحو 80 ألف طفل يمني دون سن الخامسة بسوء التغذية الحاد خلال سنوات العدوان على اليمن.

وثائق جديدة لأغذية تالفة

وفي إطار المساعدات الغذائية التالفة كشفت وثيقة للهيئة الوطنية للمقاييس والجودة حصلت الثورة عليها أن الباخرة (إكس إي فرند شيب) التي وصلت ميناء الحديدة في الـ 11 من يونيو الجاري، تحمل ستة آلاف طن من الدقيق أي 120 ألف كيس، وتتبع (شركة المحسن إخوان للتجارة) وهو شريك برنامج الغذاء العالمي، وقد تم رفضها؛ نتيجة تسوس الكمية بالكامل، كما كشفت وثيقة أخرى أن الباخرة (ناتاليا)، التي وصلت الميناء نفسه في الثالث من الشهر الجاري، وتتبع المحسن، تحمل 3225 طناً من الفاصوليا أثيوبية المنشأ تم رفضها هي الأخرى بشكل جزئي لعدم مطابقتها للمواصفات القياسية المعتمدة كونها متعفنة ومعظمها مبللة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي وبذلك رفعت الهيئة إلى مدير جمرك ميناء الحديدة لرفض الباخرتين وإعادتهما إلى البلد الذي قدمتا منه.

كما حصل معد التحقيق على وثيقة للإدارة العامة لوقاية النبات التابعة لوزارة الزراعة والري وتتضمن طلب فحص لحمولة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي في ميناء الحديدة وهي فاصوليا بيضاء إيطالية المنشأ ويبلغ حجمها 530600 كجم، تبين من خلال الفحص وجود إصابات حشرية في جميع الحاويات التي تضم الشحنة، وكانت وزارة الزراعة قد أخطرت برنامج الغذاء العالمي أواخر الشهر المنصرم بمخالفة شحنة أخرى من الفاصوليا الإيطالية نتيجة وجود فقس خنفساء البقوليات بكميات عالية مطالبة إياه بضرورة إعادة الكميات إلى بلادها أو إتلافها.

نتيجة فحص وفيديوهات

وكشفت نتيجة فحص أجرته إدارة وقاية النبات بتاريخ الـ 27 من مايو المنصرم أن 37 حاوية في 20 قدماً داخل ميناء الحديدة تحمل فاصوليا أمريكية المنشأ وبها إصابات حشرية من خنفساء البقوليات، وعليه رفعت الوزارة إلى برنامج الغذاء العالمي لمعالجة الحمولة وتطهيرها وإعادتها إلى بلدها، وبدوره رفع البرنامج بمذكرتين إلى مدير عام الحجر النباتي في الحديدة لمعالجة الشحنتين.

واطلع معد التحقيق على عشرات الفيديوهات التي تظهر التلوث الحاصل في حمولات بعض البواخر والحاويات التابعة للبرنامج، إلى جانب فيديوهات الفحص التي أجرتها وزارة الصناعة وتبين من خلالها ظهور الإصابات الحشرية على كميات هائلة من القمح والفاصوليا بالإضافة إلى تعفن أجزاء كبيرة من الشحنات الغذائية التي وصلت إلى الموانئ خلال مايو ويونيو من العام الجاري.

عوائق ضرورية وقانونية

لعل هذه الممارسات التي يقوم بها برنامج الغذاء، من استيراد مواد غذائية تالفة، هو ما يؤدي إلى تأخير توزيع المساعدات فيما يبادر هو إلى اتهام أنصار الله بنهبها ونبادر نحن إلى التنقيب عن الحقيقة. يقول مدهش إن “تلك الاتهامات تهدف للتغطية على فضيحة البرنامج الذي يستورد مواد غذائية فاسدة ومنتهية الصلاحية وغير قابلة للاستهلاك الحيواني”، ويضيف “إن تأخر عملية صرف الحصص الغذائية في بعض المناطق قد يكون نتيجة تأخر عملية النقل أو طبيعة تلك الخطوط أو بسبب فسادها”.

لا تصلح للحيوانات

وفي الوقت الذي تشكو فيه زكية من الجوع فإن “مئات الآلاف من اليمنيين يتلقون مساعدات غذائية لا تصلح حتى للحيوانات” كما يقول الدكتور يوسف الحاضري – المتحدث باسم وزارة الصحة اليمنية – ويضيف لـ “الثورة “: الجوع أخف وطأة على صحة الإنسان من المواد الفاسدة؛ كونها تعجّل من القضاء على الناس وهذا أمر لا يجب السكوت عليه خاصة عندما تروج هذه المنظمات لمأساتنا في العالم وتستجلب الثروات باسم معاناتنا وفي والأخير تأتي بمثل هذا المواد المنتهية التي ترمى في الأساس ويتم التخلص منها في مكبات خاصة كي لا تضر بالبيئة ولا بالناس ولا بالحيوانات” مشيرا إلى أن “استيراد تلك المواد من قبل البرنامج يمثل عدواناً أشد وأقسى من العدوان العسكري ذاته”.

وتحدث عامل في مخزن تابع لأحد شركاء البرنامج في صنعاء لـ”الثورة” مؤكداً وجود إصابات حشرية هائلة في المواد الغذائية داخل المخازن التابعة للشركة التي يعمل فيها وهي أغذية تتبع الغذاء العالمي، وأضاف الذي طلب التحفظ على ذكر اسمه خشية على عمله: “هناك باخرة بكاملها محتجزة في ميناء الحديدة بسبب تلف حمولتها”.

وتعاني زكية، التي أكل الأرق جسمها النحيل، جراء تأخر سلتها الغذائية في الوقت الذي تعج فيه مخازن البرنامج بالمواد الفاسدة، وهي واحدة من بين ثمانية ملايين يمني لا يجدون قوتهم وهم مهددون بالموت جوعاً في أي وقت حال توقفت تلك الإغاثة التي أصبحت المصدر الوحيد للعيش في وطن يتعرض لحرب اقتصادية ممنهجة من قبل دول العدوان وفي ظل انقطاع الراتب منذ ثلاث سنوات، علاوة على تحكّم قوات التحالف بالموارد وبالتزامن مع انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية واستمرار الحرب التي تقول منظمة الصحة العالمية إنها تسببت في وفاة أكثر من ربع مليون يمني بشكل مباشر وغير مباشر.

ابتزاز جديد

وعلى الرغم من تلك المعاناة إلا أن ديفيد بيزلي – مدير برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة – عاد محذرا مجلس الأمن يوم الإثنين الفائت من احتمال البدء في تعليق المساعدات الغذائية في اليمن تدريجيا هذا الأسبوع بسبب ما قال إنه “تحويل المساعدات لأغراض غير المخصصة لها وغياب استقلالية العمل في مناطق أنصار الله” كما جاء في رويترز (وكالة أخبار بريطانية).

تلك التصريحات دفعت اللجنة الفنية للإغاثة الإنسانية في أمانة العاصمة إلى اجتماع طارئ أكدت فيه أن قرار تعليق صرف المساعدات سيؤثر على نحو 285 ألف أسرة في الأمانة وحدها، بينهم 96 ألف أسرة نازحة من مختلف المحافظات إلى جانب 85 ألف حالة من المستفيدين من الضمان الاجتماعي” رغم أنها لا تغطي سوى 65 % من إجمالي عدد المستحقين وهو ما ينذر بكارثة.

تسييس المساعدات

وفي تعليق على تصريحات ديفيد، يرى فيصل مدهش أن المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، وهو أمريكي الجنسية وعضو سابق في الكونجرس الأمريكي وحاكم ولاية كارولينا الجنوبية سابقاً، “يعمل حالياً على تسييس المساعدات الغذائية وتحويلها إلى وسيلة ضغط لإذلال اليمنيين، بدوافع سياسية لمصلحة قوى العدوان على الشعب اليمني التي تتزعمه حكومة بلاده” حسب قوله إذ يضيف إن هذا “أمر مؤسف أن تتحول الأمم المتحدة وهيئاتها إلى إدارات تابعة للولايات المتحدة الأمريكية، تعمل على تحقيق أهدافها الإمبريالية، في المنطقة والعالم”.

وبرغم المذكرات التي رفع بها رئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية أحمد حامد إلى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك ومنسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليزا جراندي وإخطارهما بمخالفات برنامج الغذاء العالمي في اليمن واعتبار تلك المخالفات “نموذجاً صارخاً لمجموعة من الممارسات التي قد تؤثر على طبيعة العلاقة القائمة بين المنظمات والسلطات الرسمية” وتنبيههما إلى أنها “ستنعكس سلباً على الوضع الإنساني المتدهور في عموم محافظات الجمهورية اليمنية”، لكن شيئا على الأرض لم يتغير.

ويقول الحاضري “رغم الفضائح السابقة التي عصفت بالبرنامج ونسفت بإنسانيته ووضعته أمام العالم موضع الاستهجان والفضح بسبب تلك الشحنات الغذائية الفاسدة ورغم الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل سلطات اليمن إلا أن هذا لم يؤثر فيهم بشيء، بل استمروا في استقدام شحنات أخرى فاسدة بكل جرأة”، ويعزو الحاضري ذلك العمل إلى سعي البرنامج إما “لتغطية فساده المالي من خلال رصد قيمة هذه المواد ضمن مشترياته، ورصدها يتم باسم الشعب اليمني، أو إلى فرض قراره وهيمنته علينا من خلال تهديدنا بقطع عصب الحياة وهو القمح ليفرض اجندته مالم فليس لنا سوى هذه المواد المعطوبة”.

إصرار البرنامج ورفض السلطات

يصر برنامج الغذاء على حق الحصول على بيانات المواطنين المستفيدين من سلاله الغذائية ولكن هذه المرة يطالب ببيانات 12 مليون مواطن مع أخذ نسخة من صورة وبصمة كل مستفيد تحت مبرر “ضمان سير المساعدات في مسارها الصحيح وحصول كل مستفيد على حقه”، لكن السلطات اليمنية لها رأي آخر إذ ترى أنها هي المخول الوحيد بجمع معلومات المواطنين خاصة تلك التي يريدها البرنامج.

يقول مدهش ‘لا زلنا في تواصل ولقاءات مستمرة مع مسؤولي البرنامج في اليمن، ونقاشات عميقة حول عملية المسح الميداني”، مشيرا إلى أنهم في الهيئة الوطنية والسلطات اليمنية ليسوا ضد عملية المسح الميداني، ويضيف “نحن أول من تبنى ذلك، وكذلك البصمة والصورة لسنا ضد تنفيذها خلال عملية المسح، والخلاف بيننا وبين البرنامج حول الجهة التي ستنفذها وآلية تنفيذها”، ويردف “برنامج الغذاء يصر على أن يتولى أحد شركائه تنفيذها، وهذا مطلب يتنافى مع العقل والمنطق والقانون والدستور اليمني وينتقص من السيادة اليمنية”.

مخالف لقرار الأمم المتحدة

وزارة حقوق الإنسان اليمنية تتعاطى مع الموضوع من منظور القوانين الدولية التي تنظم هذه العملية، يقول المتحدث الرسمي باسم الوزارة – طلعت الشجبي – لـ “الثورة”: “نرفض كوزارة معنية بحقوق الإنسان اليمني تصوير المستفيدين من الإغاثات والتقاط الصور لهم أثناء استلام المعونات واستخدامها واستغلالها في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي أو بأي شكل كان، بل ونعتبر ذلك انتهاكا سافرا لكرامتهم الآدمية”، ويستند الشرجبي إلى العديد من القواعد والإرشادات والمبادئ التي تحكم سير عمليات الإغاثة في البلدان المتضررة من الكوارث، ويضيف “قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 46/182 ينص على أن (للدول المتضررة حق السيادة في تنسيق وتنظيم المساعدات الإغاثية) كما ورد في مشروع إرشادات ماكس بلانك، ومبادئ وإرشادات أسفير للعمل الإنساني والاغاثي”.

ويذكر الشرجبي أن “العديد من الجهات الدولية لا تراعي هذه المبادئ وتعمل خارج إطار الدولة والسلطات المحلية وتعتبر أي رقابة أو مساءلة من قبل السلطات المحلية تدخلا في مهامها وعرقلة لها ولما تنفذه من مهام”، ولهذا “ينبغي على تلك الجهات المساعدة أن تلتزم بقوانين الدول المتضررة وتنسق مع السلطات المحلية، ويجب عليها أن تقدم الكرامة الإنسانية للأشخاص المتضررين وتراعي الأعراف والتقاليد الثقافية والدينية السائدة في هذه الدولة المتضررة بالإضافة إلى مبادئ ضمان الجودة للمساعدات المقدمة والشفافية في التعامل مع المستفيدين والسلطات القائمة في الدولة المتضررة”.

بديل معقول

وكبديل مناسب لتنفيذ عملية المسح “طرحت قيادة الهيئة على البرنامج مصلحة الأحوال المدنية، كبديل لتنفيذ عملية البصمة والصورة كجهة اختصاص وللبرنامج حق الاطلاع والتأكد من المعلومات دون ان يكون له صلاحية التحكم فيها خشية تسربها إلى أي جهات أجنبية ” بحسب وكيل التنسيق في الهيئة، لكن البرنامج رفض هذا الطرح واستمر في إصراره على تنفيذها والتحكم فيها ومشاركة كل البيانات والمعلومات مع الدول المانحة ومنها السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية “قيادة العدوان على اليمن”.

وليس ثمة مشكلة لدى وزارة حقوق الإنسان من تفعيل مبدأ الشفافية بين السلطات والمنظمات من خلال إطلاع المنظمات على بيانات المستفيدين لكن في الوقت ذاته على المنظمات كشف بيانات المساعدات وحجم الأموال التي تتلقاها وتكاليف المشاريع التي تنفذها وهو مبدأ أساسي، بحسب الشرجبي الذي يؤكد أن طلب المنظمات الحصول على صور المستفيدين وبصماتهم يعد انتهاكا للكرامة الإنسانية والأعراف والتقاليد”.

الحرب الكارثية وردة الفعل

وتستمر الحرب على اليمن منذ أكثر من أربعة أعوام سجل خلالها اليمنيون صمودا أسطوريا في وجه آلة الحرب العملاقة والذكية التي فتكت منذ العام 2015، بنحو 91 ألف يمني بحسب تقرير موسع صدر الثلاثاء الفائت عن منظمة “مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها”، وتتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، والتي قالت إن معظم الضحايا سقطوا بقصف الطيران”، يقول مدهش “الشعب اليمني الذي ضحى بمئات الآلاف من خيرة أبنائه، دفاعاً عن كرامته وعزته وسيادة وطنه لن يفرط فيها من أجل كيس من الدقيق عادة ما يكون فاسدا وغير صالح للاستهلاك الآدمي”.

وتمارس زكية نشاطها اليومي بالخروج كل صباح للبحث عن أوراق الشجر فيما يستمر برنامج الغذاء في ابتزازها في الوقت الذي تأمل فيه أن توفر السلطات اليمنية وسائل بديلة وتنموية مستمرة يحصل من خلالها المواطن اليمني على أمنه الغذائي وحتى لا يبقى قوته وسيلة لابتزازه من قبل المنظمات التي تتحكم بها الدول المانحة، من جانبه يعد فيصل مدهش بأن هناك بدائل قادمة مضيفا “سيكون التكافل الاجتماعي عنوان المرحلة القادمة للأحرار من أبناء اليمن بإذن الله، وسيكون لهيئة الزكاة دور أيضا ولرجال الخير من التجار وغيرهم سيكون لهم دور كبير، فالشعب اليمني لن يسمح لدول العدوان بالحصول عن طريق الأمم المتحدة على ما عجزوا عن تحقيقه بأفتك الأسلحة خلال السنوات الماضية”.

قد يعجبك ايضا