استيقاظٌ متأخرٌ جداً لأنصار دول العدوان السعودي الإماراتي على اليمن
|| مقالات || أ. د. عبدالعزيز صالح بن حبتور*
بعدَ أربعةِ أعوامٍ وأشهرٍ من العدوان السعودي الإماراتي على اليمن، أنطَقَ اللهُ بعضَ السياسيين اليمنيين المتحالفين مع دول العدوان والرابضين في أحضانهم والمستمتعين بحالة (الاسترخاءِ الرخيص) كثمنٍ بخسٍ؛ للسكوت الطويل على ما يتعرّضُ له بلدُهم الجريحُ وشعبهم الصابر من عدوان.
لقد ازدادت حِــــدَّةُ نبرتهم الخِطابية والكتابية معاً في الآونة الأخيرة، وكأنهم اكتشفوا فجأةً بأن لدى دول العدوان مشاريعها ومخططاتها الجهنمية الخَاصَّــةَ تجاه اليمن، ترى هل كان ذلك؛ بسَببِ الاستيقاظ المفاجئ للضمير الخاص بهم؟!!، أم أن هناك معلوماتٍ خطيرةً تسرّبت إليهم من جهة ما؟!! قد بلغت مسامعَهم سراً حول تلك المشاريع المقيتة على اليمن، أَو أن مصالحَهم الخَاصَّــةَ تناقضت مع أصحاب القرار لدول العدوان؟!، كُـــلُّ تلك التكهُّنات أصبحت رائجةً ومنتشرةً ومتداولةً ومادةً إخبارية يومية تُقالُ في مجالسِ القاتِ، وتُلاكُ على ألسُنِ الجميعِ لدى الرأي العام المحلي اليمني.
كيف حدث ويحدُثُ كُـــلُّ ذلك التحوُّلِ الخطابي لدى هؤلاء (الساسة)؟
كيف يحدُثُ هذا التحوُّلُ بعد أربعِ سنوات ونيّف؟
علماً بأنها كانت سنواتٍ عجافاً مرَّت على الشعب اليمني، تجرّع خلالها ما لم يَذُقْه ولَم يصادفه في كُـــلِّ تأريخه حتى اليوم، لقد ذهب ضحيتَها مئاتُ الآلاف من اليمنيين بين قتيل وشهيد وجريح ومفقود، وصادف الملايينُ منهم حالةً من التيه وضاعوا بين مشرَّد ونازح وجائع ومريض.
وبعدَ كُـــلِّ تلك المناوراتِ وأصوات المدافع وهديرِ الطائرات التي زلزلت جبالَ اليمن الرواسي وسهولَه المنبسطة ومُدُنَه العامرة وقراه الزارِعة للخير، وطال القصفُ كُـــلَّ شيء تقريباً، بعدَ كُـــلّ ذلك يكتشفُ هؤلاءِ (السـاسـةُ) فجأةً بأن دولَ العدوان لديها مشاريعُها (الخَاصَّــة) في اليمن، والغريبُ في الأمرِ بأنهم قالوها علَناً للجميع، بأننا يبدو قد أخطأنا التقديرَ، وَأننا ضللنا الطريق وَلم نفهم إلا مؤخّراً بأنهم جاءوا إلى اليمن من أجل هدفٍ آخرَ غير ما أعلنت عنه تلك الدولُ في بداية العدوان.
دعوني هنا أُذكِّرُ هؤلاءِ (الساسة الرابضين) في مدينتَي الرياض وَأبوظبي بما قاله كُلٌّ من السيد/ راند بول، والسيد/ ليندزي غراهام -عضوا الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري- في إحدى مداخلاتهما ليوم الخميس الموافق 20 يونيو 2019م، أمام اجتماع الكونجرس وهو يناقش موضوعَ حجب بيع السلاح الأمريكي الذي بلغت قيمةُ الصفقة قرابةَ (ثمانية مليارات) دولار لكُلٍّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ كونهما تستخدمان ذلك السلاح في الحرب الموجَّهة على اليمن، مما يعرِّضُ المدنيين ومنهم الأطفال لخطر الموت. وَأن أبرز ما طرحاه من طُرُوحاتٍ موجَّهة ضد السعودية في حربها على اليمن الآتي:
إن حربَ السعودية والإمارات قد أوصل 17 مليونَ مواطن يمني إلى حافة الهاوية، بما فيها المرض والجوع والتشرّد، وَأن الحربَ الموجّهةَ ضد اليمن قد خرجت عن السيطرة تماماً، وَأن هناك الآلافَ من المدنيين اليمنيين قد سقطوا أمواتاً أَو جرحى جراءَ الحرب، وَأن الأسلحةَ الأمريكية التي بيعت للسعودية والإمارات قد دمّــرت البُنى التحتية لليمنيين.
هذا قولٌ واضحٌ وصريحٌ لمن يفهمُ المعادلاتِ الرقميةَ في السياسة والإعلام وحتى الأَخْــلَاق، فالرأيُ العام العالمي قد ضاق ذرعاً من العدوان ولم يعد يتحمّلُ سلسلةَ الجرائم المرتكَبة بحق الشعب اليمني، فإذا كان هكذا هو سلوك وتفكير الأجانب من غير المسلمين، فالأولى أن يستشعرَ المسؤوليةَ الأقربون فالأقربون من بني جلدتنا وديننا الإسلامي الحنيف، أما السياسيون اليمنيون حلفاءُ دول العدوان فهم المعنيون بالمسؤولية الأَخْــلَاقية والوطنية والدينية وأن يعودوا لجادَّةِ الصواب.
للتذكير فحسب، فإنَّ السياسيين (الهُواة)، وَربما المبتدئين قالوا منذ اللحظات الأولى من تدخّل السعودية والإمارات بهذه الوحشية العدوانية على صنعاء، عدن، الحديدة، تعز، شبوة، لحج، صعدة، ذمار وجميع المحافظات التي تعرضت للتدمير الحاقد على كُـــلّ شيء، نعم قالَ هؤلاء الهواة: إن هذا العدوانَ لا مثيلَ له في الأثر والهدف والمغزى والحقد..، فكيف بهؤلاء السياسيين (المعتّقين) وَالمحترفين بأن يتأخّروا كُـــلّ هذه المدة لكي يفهموا ويستوعبوا مغزى العدوان؟!! إنه لَأمرٌ عجيبٌ ومحيِّر!!!.
السؤالُ المباشرُ لهؤلاء (الساسة) المحترفين الرابضين في حُضن العدو هو الآتي:
مَن أعطى الإذنَ للسعودية والإمارات بالتدخّل العسكري العدواني في اليمن؟
مَن قدّم لهما (المشروعية) لهذا العدوان في صبيحة الـ 26 مارس 2015م؟
مَن برّر ويبرّر عدوانَهما بشكل شبه يومي؟
الجوابُ: ألستم أنتم مَن ذهَبَ إلى مدينة الرياض وعقدتم هناك مؤتمرَ الرياض الخِياني؛ لتطلبوا فيه وبشكلٍ مخزٍ من دول العدوان بأن تتدخَّلَ عسكرياً وتقصفَ مُدُنَ وقرى اليمن! وَالبعضُ منكم طالب بأن لا يتركوكم في منتصفِ الطريق وطلبتم مواصلةَ العدوان على الشعب اليمني العظيم!!!.
مَن رحّب بهم ورفع أَعْلامَ دولهم ورفع صُوَرَ قادة دول تحالف العدوان في شوارع مأرب وعدن وتعز وبقية المحافظات الواقعة تحت الاحتلال حتى اللحظة؟
الجواب: هو أنتم وحدَكم، ولا أحد سواكم، من رقص وغنّى وَابترع في شوارع تعز وعدن ومأرب والمكلا والضالع، كُنتُم للأسف حاملين رايات وأَعلام وصور قادة دول العدوان ضد الشعب اليمني، وكنتم تتفاخرون بصور الغزاة وأَعلام دولهم في مشهدٍ تراجيدي حزين ومخزٍ، كيف بكم ترقصون لمحتلّ غاصب يدنّسُ بلدَ الأحرار في اليمن، بلدَ الشهداء والعظماء والأحرار أمثال: عبدالله السلّال وعلي عبدالمغني وقحطان الشعبي وأحمد يحيى الثلايا وإبراهيم الحمدي وعبد اللطيف الشعبي وصالح الصمّاد وغالب الأجدع وعبدالله اللقية ومحمد الزبيري وسالم ربيع علي ومحمد صالح العولقي وعبدالرحمن الإرياني وعبد الله باذيب وعمر أحمد جسار ومحسن الهندوانة وعلي أحمد ناصر عنتر ومحمد عبدالله العلفي وهادي أحمد ناصر العولقي وعبد الفتاح إسماعيل الجوفي ومحمد سالم لعور والسلفي والمصعبي ومحمد صالح مطيع والصديق وحسين بن بدر الدين الحوثي والرويشان وفاروق علي أحمد وسالم علي قطن وجاعم صالح اليافعي والقائمة تطول بأحرار اليمن الذين سيحزنون كثيراً لعمالتكم السافرة، فكيف بِنا نحن الأحياء سننظر لكم وأنتم على هذا الحال من السقوط الأَخْــلَاقي المدوِي؟!.
وهنا نكرر السؤال للمرة الألف لنقول لكم:
مَن سافر إلى مدينة الرياض عاصمة دولة العدوان الأولى ليقدم الولاء والطاعة لهم لقبض الثمن الرخيص مقابل السكوت عن سفك دماء اليمانيين الطاهرة؟!.
ألستم أنتم وحدَكم من طأطأتم الرؤوسَ في سابقة خطيره لطلب النجدة ضد الشعب اليمني؟! نعم لم ولن يفعلها عاقل قبلكم ولن يفعلها أَي حرٍ بعدكم، إنها أسئلةٌ عديدة أُخْـــرَى تتدفق بغزارة لا عَدَّ ولا حصرَ لها ينطقُ بحروفها الأطفالُ والمهجرون والنازحون وأُسَــــرُ الضحايا والجائعون والمرضى، سنعفي أنفسَنا من كتابتها إليكم.
وللتذكير هنا بأن ما حدث من اقتتالٍ شرسٍ في ما بينكم وأنتم (الأتباعَ والموالين) لدول العدوان السعودي الإماراتي في شوارع مدينة عدن المكلومة منكما في شهر يناير 2018م وقُتل فيها العشرات من الشباب اليمني المغرّر بهم، وما حدث من اقتتالٍ شرسٍ في محافظة الضالع في شهر مايو 2019م، ولم تكن محافظة سقطرى في الآونةِ الأخيرة بعيدةً عن صراعاتكم العبثية، وما يحدُثُ اليومَ من اقتتال وحشي في ما بينكم في شوارع مدينة عتق عاصمة شبوة طيلة أُسبُوع كامل وَيزيد في يونيو 2019م، وما يتم التحضيرُ له هذا الأُسبُوع على مداخل مدينة عدن؛ لكي تقتتلوا تنفيذاً لرغبات وأجندات دول العدوان.
كيف سيفسِّرُ المواطنُ اليمني في كُـــلِّ المحافظات الحُرة والمحتلّة على حَدٍّ سواء سلوكَكم وصراعَكم تجاه الوطن والمواطنين؟.
كيف ستفسّرون كُـــلّ تلك الأحداث ومواقفكم منها لأبنائكم ولأسركم ولأنصاركم إن كان بقي لكم أنصارٌ بعد كُـــلّ تلك الإخفاقات والهزائم والجرائم؟.
لن تسعفَكم مفرداتُكم ولا عباراتكم بتفسيرٍ جادٍّ لموقفكم المُخزي تجاه اليمن وشعبها العظيم مهما برّرتم؛ لأَنَّه موقفٌ مفضوحٌ وعارٍ، لقد أصبحت حركاتكم وأحاديثكم وتصريحاتكم بهمز ولمز وإيحاء من ولي أمركم بالرياض وأبوظبي، هذا حالُكم المحزن وما وصلتم إليه من أرذل المواقف وما ختم به من مسيرتكم (الكفاحية).
نحن هنا من صنعاءَ الشامخة الحرة قلناها بوضوحٍ تامٍّ لدول العدوان، بأننا لم ولن نقبَلَ بمشاريعكم السياسية المرتبطة بالمشروع الغربي الاستعماري الأمريكي الصهيوني، نعم قاومنا ذلك المشروعَ بإمْكَــاناتنا المادية والتسليحية المحدودة وَانعدام شبهٍ تامٍّ للإمْكَــانات المالية والاقتصادية، لكن نحن متسلحون بإرَادَة الله عز وجل، وبعزمِ رجالِ الرجالِ الأوفياءِ للأرض اليمنية ولكرامة وعزة وكبرياء اليمانيون الأحرار، وقُلنا مراراً لدول العدوان: كُفّوا عنّا عدوانَكم الأعْرَابِيَّ الحاقدَ وسنوقفَ نحن صواريخنا وطائراتنا المسيّرة، وَإذَا ما استمررتم في غَيِّكم سنواصلُ المقاومةَ بأي ثمنٍ بإذن الله، واللهُ أعلمُ منَّا جميعاً.
وفوق كُلّ ذِي عِلمٍ عَلِيم
* رئيسُ مجلسِ الوزراء
صنعاء / يونيو 2019 م