دلالات وأبعاد خطاب السيد القائد في الذكرى السنوية للصرخة
|| مقالات || فؤاد الجنيد
في خطابه العام الماضي بمناسبة ذكرى الصرخة السنوية أطل قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله وهو متعمما بـ “الشال” على رأسه، وهي المرة الأولى التي يراه المشاهد الداخلي والخارجي بهذه الكيفية مما صنع تساؤلات كثيرة تحولت إلى تحليلات ودلالات شغلت الساحة السياسية المؤيدة والمعادية، وفي خطابه بذات المناسبة هذا العام، رفع السيد ذراعه قابضا كفه متبرئا من أئمة الكفر والنفاق وصارخا بالشعار لأول مرة في خطاباته منذ اندلاع الحرب البربرية على وطننا الحبيب، وفي ذلك دلالة على بدء المرحلة العملية القاسية ضد أعداء الإسلام من خلال عمليات استراتيجية واسعة كشفت الأحداث والتطورات والإنتصارات الأخيرة جزء من ملامحها.
لكن هذه المرحلة التي ستكون أكثر تعقيدا ومسؤولية؛ بحاجة إلى أمور عديدة في كل الجوانب سواء في ما يتعلق بالوعي والبصيرة، وحماية الجبهة الداخلية من القرصنة والإختراق ومحاولات التدجين، واستشعار المسؤولية الفردية والجماعية في سبيل الإنتصار للدين والوطن والأمة، وهذا ما تناوله السيد القائد في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين.
فالأمة في خطابه إما أن تكون في حالة الموقف أو اللاموقف والاستسلام والخضوع للعدو، وبالتالي فإن غياب موقف الأمة يعني أنها تمكن عدوها من نفسها في مخالفة صريحة للحق والمسؤولية والفطرة الإنسانية، وما يؤكد ذلك هو السلوك العام للأمة التي تروضت على تقبل التدخل في شؤونها السياسية وتمكين الأمريكي والإسرائيلي في رسم سياساتها والإهتمام بمشاكلها وقضاياها في حين لا تتقبل ابن الوطن والدين، وهذا مؤشر على المستوى الكبير للهجمة الأمريكية على الأمة والتي تتطلب المواجهة بحزم من خلال مشروع نهضوي تعبوي شامل وواسع، وحالة استنهاض وتعبئة شاملة لكل أبناء الأمة الذين سعى العدو لإستهدافهم على كل المستويات متسللا من كل النوافذ والأبواب لاختراق كيان هذه الأمة والتأثير والسيطرة في وضعها الداخلي.
وعن هذا المشروع المقاوم والمدافع عن هذه الهجمة يرى السيد القائد أنه مشروع شامل يتجه لجميع أبناء الأمة، ويحسس الجميع بالمسؤولية ويرفع مستوى الوعي لديهم، ولا شيء يرقى إلى مستوى القرآن الكريم في تحقيق الرؤية المتكاملة الصحيحة في مواجهات هجمات أعداء الأمة، لذا فإن المشروع القرآني الذي تحرك به الشهيد السيد حسين بدرالدين الحوثي يتضمن خطوات عملية في كل المجالات لتحصين ساحة الأمة من كل حالات الاختراق والاستهداف، وبعودتنا للقرآن نرى أنه يركز على واقع الأمة من الداخل في مواجهة الهجمات المعادية التي يسعى فيها أعداء الأمة للسيطرة عليها عبر فرض حالة التبعية لهم والتأثير على أبنائها ليسيطروا على الإنسان بعد السيطرة على فكره، وهم بذلك يسعون لصناعة رأي أبناء الأمة وتحديد عداواته وهذا أخطر أسلوب شيطاني، خصوصا عندما يسارع البعض من أبناء الأمة لتولي أعدائها ومناصرتهم والتطبيع معهم ومعاداة أحرار هذه الأمة.
وعن الشواهد التي تدلل على ذلك بجلاء، تجلى اليوم بوضوح كيف أن بعض أبناء الأمة يسعون لفرض الولاء لأمريكا والتطبيع مع إسرائيل على كل أبناء الأمة، وفي مقدمة ذلك الأنظمة السعودية والإماراتية والبحرينية التي لم تكتفِ بوجودها في موقع الخيانة بل تحاول فرض الولاء لأعداء الأمة على الجميع، ومشكلتها في ذلك هي مشكلة مع شعوبها التي اختارت الموقف المبدئي في الاستقلال والتمسك بقضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ولعل ورشة البحرين واحدة من خطوات الخيانة الكبرى التي جمعت الخونة وكوشنير الصهيوني اليهودي يرسم لهم معالم صفقة العار دون حياء أو تحرج، وهذا يدعونا كمسلمين أصحاب مشروع قرآني للعمل على تحصين الأمة من الولاء لأمريكا واسرائيل الذي تلته تبعية مخزية وصلت لدرجة تقديم مقدسات وأراضي الأمة هدايا للعدو.
وعن التحصين الذي تبناه المشروع القرآني تجاه هذه الهجمة فهو بشكل رئيسي تحصين للأمة من الداخل الذي استهدفه الأمريكي والإسرائيلي من خلال تفعيل أبواقه الإعلامية لتضليل الناس حتى تحت العناوين الدينية، لذا لا بد أن تكون عملية تحصين الأمة من الداخل عملية رئيسة في التصدي لهذه الهجمة، إلى جانب تحصين الوضع الاقتصادي والدراسي والديني والثقافي لأننا أمام عدو يركز على كل المجالات وهذا يتطلب منا الحضور في كل الميادين والمجالات. وكل الأحداث حتى اليوم توضح للجميع أهمية التعامل الجاد وتحمل المسؤولية في مواجهة أعداء الأمة، من هنا كان تحرك السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه بضابط المسؤولية الإيمانية والهوية الإسلامية لإدراكه بأن هناك من سيروج للتبعية لأعداء الأمة والتآمر على أبنائها، وكانت الصرخة في وجه المستكبرين انطلاقًا من وجود تهديد محقق على هذه الأمة.