قانونيون ومفكرون يستعرضون الزوايا القانونية والدستورية التي توجب إسقاط عضوية النواب الخونة
|| صحافة محلية || صحيفة المسيرة
على وَقْـــعِ التطورات المتعلقة بمحاولة العدوان الحثيثة استنساخ السلطة التشريعية في البلاد والتي تأتي في إطارِ عدوانه المستمر منذ أربع سنوات وعدة أشهر والتي توجت بتنظيم اجتماعٍ لبعض من أعضاء مجلس النواب الفارين والملتحقين بالعدوان نظم مركَزُ الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني ندوةً للحديث عن أبعاد ودلالات اجتماع سيئون وانعكاساته القانونية والدستورية والآلية التي يتوجب التعاطي بها من الناحية القانونية لمواجهة محاولات استنساخ السلطة التشريعية، حَيْثُ جاء طرح المختصون في الجانب القانوني والدستوري على النحو التالي:
مجلس النواب وجلسة سيئون بين الشرعية والمشروعية ورد السلطة
تحت هذا العنوان جاءت الورقةُ الأولى التي قدّمها الدكتور أمين الغيش -أُستاذ النظم السياسية والإدارة المحلية بجامعة صنعاء-، حَيْثُ قال: إن موضوع الندوة ليس محصوراً في ملابسات ما حدث في سيئون، بل إن الموضوعَ أعمُّ وأشملُ، فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً ببناء الدولة اليمنية المستقلة، وهذا الأمر يدعونا للحديث عن الدولة وخصائصها ووظائفها وأهمية التمييز بين السلطة والدولة والتمييز بين السلطة والشعب.
وأضاف الغيش: “إن من أهمّ وظائف السلطة في الدولة الحفاظَ على سلامة كيان الدولة وأمنها واستقرارها ووحدتها على المستوى الداخلي والخارجي، وهذه وظيفية سياسية رئيسية، وهناك أَيْضاً وظيفةٌ قانونية تشريعية تنفيذية وقضائية للسلطات الثلاث من السلطة الأصلية (الدستور)، فالأولى تسن القوانين والبقية تتنفّــذ هذه القوانين، وبناءً على ذلك تكون الكيفية التي ستواجه بها كُــلّ سلطة من السلطات الثلاث جلسة استنساخ مجلس النواب في سيئون على طريق بناء الدولة وَفْـقاً للرؤية الوطنية وانطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات”.
وتابع الغيش قوله: “إنَّ مجلسَ النواب عليه أن يتصرف في مواجهة من اشترك في اجتماع سيئون بناءً على نص المادة 84 من الدستور وكذلك المادة 195 من لائحة مجلس النواب والتي يترتب عليها سقوط عضوية من حضر، وهذا فيما تختص به السلطة التشريعية، بينما على السلطة القضائية القيامُ بمسؤوليتها بشكل موازٍ أو مصاحِبٍ لخطوات مجلس النواب أو تليها، وهذا لا يعد تعدياً على السلطة التشريعية إذا ما وضع في الحسبان الفصل بين السلطات؛ لأَنَّها -أي السلطة القضائية- تقوم بما نصت عليه المادة 84 من الدستور وكذلك المادة 195 من لائحة مجلس النواب أما السلطة التنفيذية ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى والحكومة”.
واستطرد “ووفقاً لوظائفها – السياسي الأعلى والحكومة، في حماية أمن الدولة على المستويين الداخلي والخارجي فإن عليها عدم التفاوض مع مرتزِقة العدوان وإعلان موقف واضح يتعلق بإعادَة النظر في علاقات بلادنا مع دول العدوان والشركات والمنظمات التي تدعمه كما إظهار التقدير لمن لم يشارك في الحرب على اليمن كما طالب المجلس السياسي بإصدار بيان يعلن تمسكه الكامل والمطلق بملكية وتبعية الوديعة وشرورة وجيزان وعسير ونجران والربع الخالي للجمهورية اليمنية وغير ذلك من النقاط التي تضمنتها ورقته في هذه الندوة”.
الطبيعةُ القانونية للوضع العام القائم:
لقد بدأ الباحثُ والمفكرُ عبدالوهاب الوشلي ورقتَه التي حملت عنوان اجتماع سيئون وسقوط عضوية أعضاء مجلس النواب الخونة بهذه التوطئة التي حاول من خلال التأسيس للغاية التي ذهب إليها في العنوان، حَيْثُ قال إنه منذ العام 2011م تعتبر الشرعيةُ الثورية هي الحاكمةَ حتى الاستفتاء على الدستور الجديد الذي كانت تجرى عليه اللمساتُ الأخيرة قبل العدوان مع اختلاف صور التعبير عنه؛ باعتباره نتيجة من مخرجات الحوار الوطني الذي كان العامل في عدم استكماله حتى يرى النور التدخل الخارجي والعدوان المستمر أكثر من أربعة أعوام والذي يستهدف الوجود اليمني دولة وشعب وأرض واستهداف وحدته الوطنية وأمن واستقرار البلد بحَيْثُ إنه لم يكتفِ بذلك بل إنه حاول استنساخَ سلطات الدولة الثلاث؛ بهَدفِ اغتصاب السلطان للجمهورية اليمنية والتمثيل الدبلوماسي الخارجي؛ لتفويت فرص الدفاع السياسية والقانونية والحقوقية لمواجهة العدوان.
التكييفُ القانوني لاجتماع سيئون
واستمرت الورقةُ الثانية التي قدمها الوشلي بتبيين “حقيقة الحالة القانونية لهذا الاجتماع الذي تم في شهر إبريل الماضي والذي حضره عددٌ من أعضاء مجلس النواب في مدينة سيئون بتنسيق وحماية من قوى إقليمية ودولية تمعِنُ في عدوانها الغاشم عن اليمن في إطار ما يسمى عاصفة الحزم أو التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات ومعهما أمريكا والكيان الصهيوني، في محاولة يائسة على إضفاء الشرعية الزائفة على ذلك الاجتماع، حَيْثُ يعد ذلك تعاوناً مع العدوان لتقديم اليمن كشيك على بياض ومحللين لهذا العدوان القيام بأفعال إجرامية، وبهذا يعتبر ما قام به الأعضاء الذين حضروا هذا الاجتماع خيانةً عظمى ومساساً بسيادة وسلامة أراضي الجمهورية اليمنية بمصير الشعب اليمني”.
وأدان الوشلي الحضور من قبل عدد من أعضاء مجلس النواب المنساقين وراء دول تحالف العدوان، حَيْثُ أكّــد في الورقة ذاتها، على عدد من النقاط أهمها “اعتبار دعوة الانعقاد في سيئون مخالفة للدستور ولائحة مجلس النواب وللعمل مجلس النواب وتكويناته المختلفة وجاءت هذه الدعوة من رئيس منتهية ولايته، إضَافَة إلى تزامن هذا الاجتماع مع إجراءات أمنية مشددة تم فيها استدعاء قوات عسكرية من قوات تحالف العدوان لإرهاب المواطنين وإيجاد حالة من الذعر في أوساطهم مبينا إن الهدف من ذلك إدخال قوات تحالف العدوان احتلال اليمن والسيطرة على قراره وسلب السيادة”.
وأضاف “كما أن دستور الجمهورية اليمنية ينصان على إن مقر مجلس النواب العاصمة صنعاء وأن أي اجتماع خارج العاصمة صنعاء باطلا وغير دستوري ولا قانونية له وعليه فإنه لا شرعيةَ لأية إجراءات تخالفُ الدستورَ واللائحة الداخلية للمجلس، محذّراً من استخدام هذا الاجتماع لشرعنته جرائمَ هذا العدوان الذي تمس بسيادة واستقلال وأمن الجمهورية اليمنية، حَيْثُ أن ذلك آثار قانونية مترتبة على انعقاده”.
الآثارُ القانونية المترتبة على من حضر اجتماع سيئون
لم يكن اجتماعُ سيئون اجتماعاً عابراً ينتهي حال انتهاء الوقت المحدّد له دون أن تكون له تبعات وآثار ونتائج تنعكس بالدرجة الأولى على من حضر قبل غيرهم، حَيْثُ أشار الوشلي إلى أنه “كان أبرز هذه الآثار سقوط عضوية هؤلاء الأعضاء الذين تواجدوا في هذا الاجتماع سالف الذكر وسقوطها عنهم لا تحتاج إلى صدور قرار ينص على سقوط عضويتهم ويبقى فقط على مجلس النواب قرار خلو مقاعد هؤلاء الأعضاء وهذا القرار يعد كاشفاً لحالة سقوط العضوية لا منشئاً لها، بِحَيْثُ سيترتب عليه بعد إصداره الدعوة إلى انتخابات تكميلية بعد ستين يوماً من إصدار هذا القرار، أما النقطة الثانية فإن حضور هؤلاء الأعضاء وقيامهم بأعمال تعد من الأعمال التي تمس باستقلال وسيادة البلاد فضلاً عن كونها أفعالا تعتبر جرائمَ جسيمة بموجب القانون، الأمر الذي يحتم على النيابة العامة الاضطلاعَ بمسؤولياتها طبقاً للقانون”.
الخيارات الدستورية والقانونية أمام السلطة التشريعية لمواجهة هذا الفعل وأهدافه.
انطلاقا من عنوان الورقة الثالثة محاولة استنساخ سلطات الدولة الثلاث وردة الفعل بين الجمود والخيارات المتعددة والتي قدمها أي الورقة الأُستاذ عَبدالرب المرتضى فقد حدّد الخياراتِ المختلفةَ لمواجهة ذلك، وكانت البداية من خيارات السلطة التشريعية.
وقال المرتضى: إن السلطةَ التشريعية أمام التحديات التي نتجت عن اجتماع سيئون لها خياراتٌ عدة لمواجهة محاولة الاستنساخ والمخاطر التي تهدّد الوجودَ اليمني وكذلك الخروقات الدستورية وجرائم الخيانة والتعاون مع العدوان، وعليه فإن مظاهرَ الخروقات الدستورية والجرائم والأفعال الموجبة لسقوط العضوية تتكون من محورين”، مضيفاً “أولهما اعتبار حضور الاجتماع في حَــدِّ ذاته خرقاً دستورياً واضحاً يرتكز على سبيين؛ لأَنَّه وصف الاجتماعَ بأنه انعقادٌ لمجلس النواب خارج العاصمة المقرِّ الرئيسي لانعقاده وبدون قرار سابق صادر عن نفس المجلس بالموافقة على عقد جلسة في غير المقر الرئيسي، بالإضَافَة إلى أن الحضور تم بناءً على دعوة من غير ذي صفة شرعية وقانونية وإنما اتت من شخصية مدانة بانتحال صفة رئيس الجمهورية بحكم قضائي نهائي وبات والحكم الابتدائي الصادر غيابياً بحق الفارّ من وجه العدالة يعتبر نهائياً لعدم تجويز القانون الطعن فيه بالطرق الاعتيادية والتي حسم النقاش حولها، أما المحورُ الآخرُ أن الاجتماعَ صدر عنه بيانٌ منتحلةٌ فيه صفة السلطة التشريعية والمتضمن لعدد من الجرائم قدمت اليمن شيكاً على بياض لدول العدوان”.
وأتبع “كما إن العضوية سقطت؛ بسَببِ فقدان صفة العضوية بشرط من شروطها المتمثل في استقامة السلوك الوطني وبيان مجلس النواب الذي صدر معلقاً على الاجتماع في حينه اعتبره خيانةً وطنية وهذا الإسقاط لا يحتاج إلى حكم قضائي حسب نص المادة (195) من اللائحة الداخلية للمجلس. بالإضَافَة إلى إن إسقاط العضوية جاءت بسَببِ الإخلال الجسيم بواجباتها المتمثلة في الحنث باليمين الدستورية بدون حكم قضائي بات”.
وَأَشَارَ المرتضى إلى أنه “ومن الخيارات القانونية أَيْضاً في هذه الحالة تحريك الدعوى الجنائية والعقوبة التكميلية وتحريك الدعوى المدنية بطلب إثبات حالة حضور الاجتماع وتقديم الحكم إلى مجلس النواب”.
الخياراتُ المتاحة للسلطة التنفيذية في مواجهة استنساخ السلطة التشريعية
وأردف المرتضى “كمبدأ عام في ظروف الأزمات السياسية المتوقعة منح الدستور لرئيس الجمهورية سلطة حَــلّ مجلس النواب وسلطة الدعوة إلى انتخابات نيابية مبكّرة، وهناك خيارٌ ثانٍ يتمثل في سلطة الحل وإمكانية الدعوة إلى انتخابات تكميلية مع ظروف التمديد الاستثنائي لولاية السلطة التشريعية وفي ظل المخاطر المهدّدة للوجود اليمني وتهديدات الاحتلال يلهم السلطة التنفيذية إلى الإجراءات الواجب اتّباعها لحفظ المصالح العليا، أما ثالثُ الخيارات فإن التمديدَ الاستثنائي لمجلس النواب يخضع للظروف القاهرة وتقدير الظروف القاهرة من سلطة رئيس الجمهورية صاخب الحق في الدعوة إلى الانتخابات”.
الخيارُ الشعبي
واختتم المرتضى ورقتَه بالقول “يعتبر الشعب مصدرَ السلطة الأول وصاحبَ الحق وكذلك الفصل فيها وعليه، فإن استخدامَ الشعب لسلطاته المقرَّة من المادة (4) في الدستور واتخاذ قرار العزل لمن كانوا ممثليه فهو المالِكُ الأصلي للسلطة من خلال التجمهر على مستوى الدوائر المطلوب تمكين الشعب فيها من انتخاب نواب آخرين ينوبون عنه في ممارسة السلطة التشريعية بدلاً عن الخونة وكذلك التجمهر العام لإقرار إسقاط عضوية مَن خانوا الأمانة في تمثيله”.