ما هو التولي وما الداعي لموالاة اليهود والنصارى وهم إنما يتولى بعضهم بعض

|| من هدي القرآن ||

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}(المائدة: من الآية51) هم لا يتولونكم هم إنما يتولى بعضهم بعض، هل هم يتولونكم؟ فما لكم ولموالاتهم! ما الذي يدفعكم إلى موالاتهم؟! ما الذي يجذبكم إلى موالاتهم؟! هل هناك من جانبهم شعور بعاطفة؟ بميل؟ بمودة نحوكم؟. حتى تبادلوهم نفس الشعور؟. لا.. قال في آية أخرى: {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}(آل عمران: من الآية119).

فهؤلاء إنما يتولى بعضهم بعضاً، وهم لا يتولونكم، ولا يمكن أن يبادلوكم هذه المشاعر الحسنة التي تنطلق منكم نحوهم، فما لكم ولتوليهم؟!. كم يعمل القرآن الكريم على أن يبغّضهم إلينا، وأن يبين بأنه ليس هناك أبداً، أبداً أبدا ما يمكن أن يشدكم نحوهم.. فلماذا؟.

 [ما بلاّ مقابض مقابض لنا نريد بعدهم, مقابض مقابضة واحنا نريد بعدهم] دون أن يكون هناك أي وسيلة جذب من جانبهم نحونا فننجذب لها إليهم، لا يوجد شيء، لا تعامل حسن، لا مودة، لا احترام متبادل، لا صدق، لا وفاء، لا أمانة، ولا شيء.

 فقط كتل من الحقد، كتل من العداوة، {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}(آل عمران: من الآية119). [يعض أنامله]. بالمناسبة كان في [شبام] يهود – شبام هي خارج صنعاء – ذكر لنا واحد قصة: بأنه كان معه صديق يهودي، وكانوا بيبيعوا ويشتروا جَمْعَه ويسافروا جمعه، وكان معروف هكذا بـ[أنه متى ما مشى مسلم وبعده يهودي فأن اليهودي من شدة غيظه يَهُمّ بقتله لو كان با ينوس]. هم أصدقاء ويمشيان جميعاً، وكان المسلم يمشي قبله فالتفت إليه [وهو يعض أنامله]، فسأله بالله: هل هو صدق متى ما كان اليهودي يمشي بعد مسلم…؟. فقال: والله ما نمشي بعدكم إلا ويَهُمّ الواحد منا بالقتل لو با ينوس. وهم أصدقاء تجارة بيسافروا جمعه ويبيعوا ويشتروا جمعه، من مدينة واحدة.

 

طيب هذا التولي ماذا يعني التولي؟ التولي يبدأ بميل، ميل, ثم ينعكس بشكل تأييد فتكون معهم موقفك موقفهم، تؤيد مواقفهم ولو موقفاً واحداً، تصبح في ذلك الموقف ولياً من أوليائهم ومتولياً لهم. هذا معنى التولي. هل هناك خطورة بالنسبة للتولي؟. أوضح ما يمكن أن يُعبر عن خطورة التولي بعبارة توجد تقززاً واشمئزازاً من المسألة هذه أنك ستكون مثلهم، ما أنت تلعنهم؟ ما أنت تبغضهم؟ يهودي نصراني، اعرف أنه سيكون حكمك حكمهم، وتكون مثلهم.

جمع في هذه بين بيان حكم من يتولاهم كيف سيكون في واقعه، وبعبارة توجد أيضاً – هي نوع من الهداية – توجد اشمئزازاً وابتعاداً وتقززاً في النفس عن توليهم. أتولاهم يعني أصبح ماذا؟ يهودياً نصرانياً بالتولي لهم، ما هذا شيء يوجد في النفس تقززاً؟ فيدفعك نحو الابتعاد، هذا من دقة آيات الله التي هي محكمة {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}(هود: من الآية1) تهدي داخل كل مفردة فيها. {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ} يتولهم منكم أنتم أيها المؤمنون، وهو ما يزال يحمل اسم الإيمان، ويرى أنه ما يزال منكم، وليس فقط من قد نتصور بأنه تيَهود.. مؤمن عربي، سيصبح حكمه حكمهم، أن يصبح حكمك حكم اليهود والنصارى هل هي قضية عادية؟ تقول: والله لا بأس، هم هناك، يعني بلادهم جيدة، وقد يكونوا أحياناً يعيشون في مناطق ينشأون فيها نشأة جميلة، وأجسام كاملة وجميلة ولطيفة!. لا.. ارجع إلى القرآن تجد ما قال فيهم حتى تعرف ما معنى أن تكون منهم، وحكمك حكمهم، ارجع إلى القرآن الكريم، كم فيه من كلام يبين سوء ما هم عليه وخبثهم، يبين سوءهم وخبثهم وأنهم لعنوا {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}(المائدة: من الآية78).

 وعندما تكون مثلهم سينالك النصيب الأوفر مما وصموا به في القرآن الكريم، من اللعن، ومن الخبث، ومن المكر، ومن الكفر بنعم الله. ستصبح في نفس الوقت ظالماً لنفسك، وظالماً للأمة، وظالماً للبشرية؛ لأنك أصبحت واحداً ممن يسعون في الأرض فساداً، ومن يسعى في الأرض فساداً فهو يظلم نفسه، ويظلم عباد الله، ويظلم البشر جميعاً.

 يظلم الناس – بدل أن يكون المطلوب والمراد لله سبحانه وتعالى من عباده أن تكون نفوسهم زاكية طاهرة، وأن يعيش الإنسان مكرماً في هذه الدنيا – يعيش نفساً مدنسةً، يعيش ذليلاً، يعيش مهاناً محتقراً مظلوماً، بواسطة خبث نفسه وخبث ما حوله؛ لأن فساد اليهود يتناول كثيراً من شؤون الحياة إضافة إلى فساد النفوس. فتكون أنت ممن يظلم نفسه، وممن يظلم البشر جميعاً، وما أوسع هذه الدائرة؛ لأن الله قال عنهم {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً}(المائدة: من الآية64) فتصبح من حيث لا تشعر شريكاً في كل عملية إفساد تنطلق من أي منطقة في هذا العالم، نحو بقية البشر من داخل أمريكا، من داخل إسرائيل، من داخل بريطانيا من داخل أي منطقة تنطلق منها مؤامرات اليهود فتصبح بتوليك لهم شريكاً في كل عمل سيئ، مفسد في هذه الأرض في أي بقعة كانت من الأرض.

 

” سورة المائدة – الدرس الأول – ج.صـ 3 “

قد يعجبك ايضا