المراكز الصيفية.. عندما يتحد العشق والتحدي بالمهارة

|| صحافة محلية || صحيفة لا

تحضر المراكز الصيفية هذا العام بقوة، لتسجل انتشاراً واسعاً يتجلى أكثر في مدى الإقبال عليها من كافة الأعمار. وكوسيلة لتطبيق فلسفة التربية وممارسة أنماط معينة للسلوك والتصرفات الإيجابية واكتساب المهارات من خلال ممارسة الأنشطة المتنوعة، تعمل المراكز على تنمية الإبداعات وتعزز القدرات البدنية والذهنية واكتشاف المواهب اليمنية بشكل يبعث على المفاجأة.

بمجرد وصولك إلى البوابة الرئيسية ينتابك شعور بأنك تدلف خلية نحل! آباء وأمهات مع أبنائهم، وقاعات تعج بالنشاط: دروس وخياطة وحواسيب ورياضة…

في المركز الصيفي بنادي بلقيس وسط العاصمة صنعاء، المختص بالمرأة والطفل، والتابع لقطاع المرأة بوزارة الشباب والرياضة، توجه الأستاذة فوزية أحمد عبدالوهاب مجعار – المدير التنفيذي لمكتبة بلقيس التنموية للمرأة والطفل، نداء إلى كل الأهالي للاستفادة من وقت الفراغ بإعادة تأهيل أبنائهم واكتشاف ميولهم ومواهبهم، مؤكدة أن المركز خلال الأيام القليلة الماضية اكتشف مدى براعة العديد من الأطفال في الرسم والبلاغة والرياضة.

وتقول الأستاذة فوزية: “حتى الآن التحق بالمركز الصيفي داخل نادي بلقيس 353 طفلاً وامرأة، الذكور أعمارهم بين 6 و12 سنة، والإناث بين 6 و45 سنة، والإقبال مازال كبيراً جداً، والأهالي يدفعون بأبنائهم بشكل إيجابي، حتى أن أكثر الملتحقين هن أمهات مع أبنائهن للاستفادة من المركز الصيفي في مكتبة بلقيس”.

وتضيف: “بالنسبة للأطفال نحن نعمل لهم حصصاً في تقوية اللغة العربية، خط وتعبير وإملاء، وحصص قرآن كريم وتحفيظ، وحصص الثقافة، بالإضافة إلى تعليم أسس الرسم، وللشابات والنساء يقدم المركز حصصاً في الحاسوب وتعليم الخياطة وحصص الثقافة”.

وبمجرد الانتهاء من برامجهم التعليمية والتثقيفية اليومية ينزلون في مجموعات إلى الصالة الرياضية لممارسة ألعاب السلة والطائرة والبلياردو والشطرنج والكاراتيه والجودو وبقية الرياضات التي يقدمها النادي.

وأشارت مدير مكتبة بلقيس إلى احتياج المركز لمدربات، بسبب حجم الإقبال المتزايد بشكل يومي على المركز. “أبلغتنا الأستاذة هناء العلوي، وكيل قطاع المرأة بوزارة الشباب والرياضة، بضرورة استيعاب أكبر عدد ممكن من الملتحقين، ووعدت بتزويدنا بالمدربين والمواد لإنجاح المركز”.

وأضافت: “ويا ريت يوصل الإعلام رسالة للمعنيين أن هذه المراكز التي تعنى بصقل مواهب وشخصية الطفل تكون دائمة في كل المحافظات، بحيث لا تقتصر على هذين الشهرين فقط، بل ينبغي أن تكون هذه المراكز دائمة حتى يستفاد منها على مدار العام”.

فيما يصف محمد مسعود سوار سعادته بما رآه لحظة قدومه لتسجيل ابنه بليغ (8 سنوات) وابنته إيمان (11 عاماً) في المركز قائلاً: “من الجيد أن أجد اليوم هذه المراكز تنتشر في كل المدارس والأندية والمعاهد والساحات. أبناؤنا يعيشون خلال فترة العطلة المدرسية حالة فراغ، لكن مع المراكز الصيفية صرت أشعر بالاطمئنان وأرى اللهفة في عيون أبنائي للالتحاق بها مع أصدقائهم وجيرانهم، للاستفادة من الدروس التي سيتلقونها وتقوية مداركهم. أشكر القائمين على المراكز الصيفية وأتمنى أن تكون متواصلة دائماً”.

وعلى مقربة من نادي بلقيس يحتضن المعهد الفني الصناعي مركزاً صيفياً يعنى بالمهارات والإسعافات الأولية والألعاب الرياضية والمخيمات الكشفية.

يقول الدكتور وليد حسن هبة، مدير المركز إن المركز سيستمر لمدة 21 يوماً، بسبب قرب عيد الأضحى، وبعده سيدخل المعهد في عامه الدراسي الجديد”. وعن خطوط المركز الصيفي ومساراته التدريبية والصحية والثقافية والتوعوية والرياضية، يوضح الدكتور وليد أن التدريب يخص الجوانب العلمية والفنية: كهرباء وديكور وميكانيك سيارات وتبريد وتكييف وفيزياء وكيمياء وأحياء ورياضيات وحاسوب، وفي الجانب الثقافي محاضرات في بناء الشخصيات والقيادة، وفي الجانب التوعوي إشارات وسلامات المرور والإجراءات المناسبة للدفاع المدني والألغام، وصحياً توعية وثقافة صحية وإسعافات أولية وضرب إبر، وفي الرياضة يشتمل برنامج المركز على المسابقات الترفيهية والألعاب الشعبية والفروسية والسياحة والتايكواندو والكونغ فو والرحلات السياحية.

ويختم مدير المركز الصيفي بالمعهد الصناعي بأن أكثر الملتحقين بالمركز هم من طلاب المعهد، فيما بلغ عدد المتقدمين من خارج المعهد 50 طفلاً وشاباً. وقال: “أتمنى من أولياء الأمور الدفع بأبنائهم للالتحاق بالمركز واغتنام هذه الفرصة الذهبية. وأثمن دور قائد ثورة 21 سبتمبر السيد عبدالملك الحوثي الذي وجه بالاهتمام بالمراكز الصيفية التي تصنع فيها الأجيال”.

وفي ساحة المعهد الصناعي بمديرية الوحدة التقينا بالرياضي الشهير عبدالله السماوي، الملقب بـ”الريق”، والذي أبدى ابتهاجه بزيارة أمين عام العاصمة حمود عباد لصالة بناء الأجسام التي يديرها هناك.

“طلب مني أمين العاصمة فتح الصالة الخاصة برياضة بناء الأجسام للمتقدمين للمركز الصيفي، وتدريب الطلاب على الجمباز وبناء الأجسام، ووعدنا بتوفير الدعم. من الجيد أن تكون هذه الصالة ضمن أنشطة المراكز الصيفية التي دعا إليها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ونتشرف أن تكون لنا بصمة فيها”.

وفي المركز الصيفي داخل مدرسة سيف بن دي يزن – مديرية التحرير، يقول مدير المركز فيصل أحمد البوني: “المركز الصيفي في مدرستنا هو لمدة شهر، وبدأنا من أسبوعين بشكل طيب. كان عدد المشاركين نحو 70 طالباً، منهم 30 طالب تمهيدي و40 مستوى أول. بدأنا معهم في حصص القرآن الكريم والتجويد واللغة العربية واللغة الإنجليزية، إلى جانب الأنشطة الرياضية، كرة قدم وتنس، ومسابقات ثقافية”.

بدورها تقول الأستاذة جليلة العراسي: “أتولى هنا في مركز سيف بن ذي يزن تدريس المستويين 1 و2 للأطفال في قواعد اللغة العربية، وقطعنا في هذا المجال شوطاً كبيراً، الأمر الذي دفع أولياء الأمور أن يأتوا إلى المركز لتسجيل أطفالهم بعد مرور أسبوعين من تدشين مركزنا لأنشطته”.

زميلتها أوسان أبو طالب، مشرفة النشاط الثقافي في المدرسة، تقول: “نقوم بتزويد الطلبة بالمعلومات والتحفيز وكسر حاجز الخوف والخجل، كما أنشأنا مجموعة مصغرة وعملنا مسرحية عن واجبنا نحو الوطن، وعن خيانة بعض أبنائه، وما حصل من تمزق وتشتت بسبب العدوان”.

وفي مركز الظرافي الصيفي (داخل ملعب الظرافي) تتحدث الأستاذة خديجة شرف الدين، مديرة المركز، عن نشاط المركز الذي يستمر 45 يوماً والبالغ عدد المستفيدين منه 85 طالباً، “كدروس القرآن الكريم والتجويد واللغتين العربية والإنجليزية والرسم والحاسوب والكولاج، بالإضافة إلى الألعاب الرياضية الترفيهية للأطفال، والسلة والطائرة والشطرنج للأعمار المتوسطة”.

وفي دار رعاية الأيتام بالعاصمة صنعاء تحدث الأستاذ أحمد عبده الخزان، مدير عام الدار، عن الجهود الذاتية الخالصة لدار رعاية الأيتام في إقامة المركز الصيفي منذ شهر رمضان المبارك، وتم باعتبار أن الدار سكن داخلي، وكان هناك مخيم صيفي عنوانه “بناء القادة” وعلى 3 مراحل: قيادة النفس، والثقافة القرآنية، والاعتماد على الذات، إلى جانب معالجة القصور في الجوانب الدراسية، رياضيات وعلوم، وتأهيل القدرات في الحاسوب واللغات، وخلال الفترة الصباحية يدخل الطلاب في دروس القرآن الكريم والتجويد والفقه وثقافة قرآنية وآداب عامة ودروس تقوية، وبعد الظهر يدخل الطلبة بالأنشطة الرياضية: تايكواندو وكاراتيه وجودو وكونغ فو، إلى جانب إقامة دوري صيفي في كرة القدم، وهناك أيضاً أنشطة في الإنشاد والتمثيل والمسرح والتأليف وتنمية الإبداع والابتكارات والدروس الطبية…

وفي حصة ينظمها المركز الصيفي بدار الأيتام يجلس صِدّيق وأحمد مع بقية زملائهما في فصل الدروس الطبية والصحية. يتمنى صِدّيق أن يكون طبيباً ماهراً وبأسرع وقت، حتى يتسنى له أن يعالج الجرحى من اللجان الشعبية والجيش. وكذلك يشاركه أحمد الحلم نفسه: “أتعلم الدروس الطبية وخاصة الإسعافات الأولية حتى أخدم وطني”.

ويقول الأستاذ هاني علي الشما: “أدرس مادة الرياضيات والتعليم العلاجي من الصف السادس وحتى التاسع أساسي، ونبدأ لهم بالأساسيات حتى يتحسن مستواهم قبل الانتقال إلى الثانوية، ثم وصولهم إلى الجامعة”.

طلاب الدار لهم أحلام جميلة وطموحات فريدة، حيث ينمون ويصقلون مواهبهم – دراسة علمية، ويلتحقون بالدورات الدائمة ويتواجدون بكثافة في الأنشطة الرياضية والمعسكرات الصيفية، يعشقون الابتكارات والفنون الإبداعية، ويعشقون الوطن بجنون، إنهم جيل سيحكم في الغد القريب ليس اليمن والمنطقة فقط، بل سيحكمون العالم.

قد يعجبك ايضا