خُــفّـــا ترامب

|| مقالات || زيد البعوة

لا مكانَ لخيبة الأمل في قصةِ خُــفَّــي ترامب مقارنةً بقصة خُــفَّــي حنين المعروفة، ولكن هناك عبرةً في القصتين تدُلُّ على نسبة نموِّ السذاجة والخيانة والانبطاح الذي وصل إليه الأعرابُ في عصرنا الحاضر.

خُــفّـــا حنين وخُــفّـــا ترامب سمعنا كثيراً عن المَثَلِ العربي المشهور الذي يقول (رجع بِخُــفَّــي حنين)، ولكن ما هي قصة هذا المَثَل؟ بالمختصر يقال إن بائعَ أحذية يُدعى حنين في أحد أسواق العراق جاء إليه أعرابي يريد أن يشتريَ منه حذاءً لنفسه ودخل الأعرابي إلى محل حنين وبحث له عن حذاءٍ مناسبٍ وسأله عن السعر فأخبره حنين بسعرها، لكن السعر لم يعجب الأعرابي، فطال الجدال حول الثمن لفترة طويلة ذهب الأعرابي بعدها ولم يشترِ الحذاءَ فغضب حنين وقرّر أن ينتقمَ من الأعرابي بطريقة ذكية بقيت قصةً على مر التاريخ، حَيْثُ أخذ حنين فردتَي الحذاء وذهب مسرعاً إلى الطريق التي سيمر منها الأعرابي وقام بوضع فردة حذاء في طريقه وذهب إلى مسافة بعيدة في نفس الطريق ووضع الفردة الأُخْـــرَى، مر الأعرابي ووجد فردةَ الحذاء وقال إنها تشبهُ حذاءَ حنين لكنها فردة واحدة لن أخذها ومضى في طريقه ثم لقي الفردة الأُخْـــرَى فقال لنفسه لو أخذت الأولى لحصلت على زوج أحذية مجاناً فترك دابته بجانب فردة حذاء حنين وعاد مسرعاً يبحثُ عن الفردة الأُخْـــرَى وكان حنين قد أخذها وكان ينتظر هذه اللحظة وفي ذات الوقت أخذ الفردة الثانية وأخذ دابة الأعرابي، وعندما وصل الأعرابي إلى مكان الفردة الأولى لم يجدها فقرّر العودة وعندما وصل إلى مكان الفردة الثانية وجد أنها قد اختفت واختفت معها دابته، فصار مثلاً يُطلَقُ على البخلاء والحُذاق والبلهاء ومَثَلاً يُضرَبُ عند اليأس من إدراك الحاجة والرجوع بخيبة الأمل.

تختلفُ قصة خُــفَّــي حنين عن موضوع خُــفَّــي ترامب الذي حصل على مراده وانتعل الفردتين بدون مقابل وبدون تعب بل وحصل معهما أيضاً على المال الوفيرِ هذه الأحذية هي أنظمة عربية لم يتعب ترامب نفسَه للمساومة على شرائها بل هي من بادرت لوهب نفسها له بدون أن يخسر ريالاً واحداً بل جنى من ورائها المال الوفير، وقد تحدث هو عن ذلك أكثرَ من مرة ليس فقط مال بل صفقات كثيرة ومتعددة سياسية وعسكرية وأمنية وحتى فكرية وعقائدية.

من الجلد الذي يغطي وجوه قادة نظام آل سعود ونظام عيال زايد صنع ترامب أحذيته ومن نفط أرامكو وثروات الجزيرة العربية، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك من ثروات الأمة العربية والإسْلَامية ودماء شعوبها وأموالهم ينتعل في قدمه اليُمنى بن سلمان وفي قدمه اليُسرى بن زايد ويسعى لتحطيم كيان هذه الأمة، يدوس الأطفال والنساء، ويستعمر البلدان، ويدمر الأوطان، ويعيث في الأرض فساداً، خُــفّـــا ترامب لتهويد القدس والعدوان على اليمن والعدوان على سوريا وخُــفّـــا ترامب لتمرير ما يسمى صفقة القرن وخُــفّـــا ترامب للالتفاف على ثورة السودان وخُــفّـــا ترامب لزعزعة الأمن في ليبيا والعراق وتونس والجزار وبقية دول المنطقة.

أحذيةٌ تحمي أقدام الغزاة والمستكبرين الأمريكان والصهاينة، أحذيةٌ محسوبةٌ على العرب والمسلمين، لكنهم أعرابٌ منافقون كما وصفهم الله تعالى في القُـــرْآن الكريم ولا يمثلون أمة الإسْلَام حتى وإن كان البعض منهم في موقع قرار وموقع سلطة ويتحكم في رقاب الناس وثرواتهم إلّا أن الأَيَّـــامَ أثبتت أنهم مجرد أحذية يلبسُها ترامب ونتنياهو.

منذ زمن بعيد والأمة العربية والإسْلَامية تعاني من العملاء والخونة المنافقين الذين يجلبون الويلات على شعوبهم وأمتهم وأوطانهم؛ بسَببِ انبطاحهم وخيانتهم وتطبيعهم مع اليهود والنصارى أمريكا وإسرائيل، ومع مرور الأَيَّـــام تساقطت الأقنعةُ وتكشفت الحقائقُ وتغربل الناس حتى ظهر أولئك العملاء على السطح بشكل واضح لا لبسَ فيه على الإطلاق، والطامة الكبرى أن هؤلاء الخونة يتربّعون على عروش الأمة ويحكمون دولاً عربية وينهبون ثرواتِ الشعوب ويلقبون أنفسهم بألقاب هم بعيدون عنها كُــلَّ البُعد.

فَرْدَتَا حذاء أَو زوج من الأحذية تنتعلها أمريكا وإسرائيل في المنطقة طبعاً هناك كميات كبيرة من الأحذية ولكن هذه الأحذية تختلف؛ لأَنَّها الأكثرُ استخداماً؛ لأَنَّهم أكثرُ العملاء خدمةً وطاعة لأمريكا وإسرائيل، بل إنهم يشكّلون خطراً على الأمة أكثر من الصهاينة أنفسهم؛ لأَنَّهم ينخرون جسدَ الأمة من الداخل.

في اليمن العدوان الأمريكي والمنفَـذ السعودية والإمارات.

في فلسطين لولا السعودية والإمارات لما أعلنت أمريكا القدسَ عاصمةً لإسرائيل ولَمَا عاش الشعب الفلسطيني في حالة من الصراع المستمر تحت الأنقاض ووسط الحصار؛ لأَنَّهما يقفان في وجه شعب فلسطين لمصلحة إسرائيل.

في سوريا السعودية والإمارات صنعوا العشرات من التنظيمات الإرهابية ودعموا الحرب على سوريا وتسببوا في قتل الشعب السوري ودمار سوريا لمصلحة الكيان الصهيوني.

في ليبيا السعودية والإمارات تعبثان بأمن واستقرار ليبيا.

في السودان الإمارات والسعودية تعملان ليلَ نهارَ على إعاقة تحقيق مطالب ثورة الشعب السوداني التي من شأنها تحقيق الحرية والاستقلال.

في العراق السعودية والإمارات تمارس دور اللاعب الرئيسي في استمرار القوات الأمريكية في العراق وفي عدم توفر نظام سياسي مستقل ومؤسّسات دولة قوية لكي يبقى الوضع تحت سيطرة أمريكا.

في لبنان أزمة سياسية وظروف اقتصادية وحرب استخباراتية وإعلامية تقودها وتمولها السعودية والإمارات لمصلحة الكيان الصهيوني.

وهكذا في سلطنة عُمان وقطر والصومال والبحرين وغيرها من الدول العربية والإسْلَامية يقفُ أَو بمعنى أصح ينبطح النظامُ السعودي والنظام الإماراتي في طريق الأمة..

وإذا أرادت الشعوب أن تتخلص من هيمنة الأمريكان والصهاينة فعليها أن تخلع عنهم النعالَ حتى يبقوا بدون أحذية، وعندما تسيل الدماء من أقدام ترامب ونتنياهو وبعد أن يدوسوا الشظايا والزجاج والمسامير فسوف يتوقفون عن المسير ويقفون مكتوفي الأيدي والأرجل، أما إذَا بقي خُــفّـــا ترامب يدافعان عن قدميه ويحميانها من الشوك فسوف تستمر معاناة هذه الأمة وتستمر مصائبها ومشاكلها.

قد يعجبك ايضا