ماذا تعرف عن التحالف الأمريكي البحري المشبوه؟

|| صحافة عربية ودولية ||

لا تدخر أمريكا أي جهد للعبث بأمن المنطقة عبر تشكيل تحالفات تحمل أسماء “رنانة” وعناوين “براقة” تشعر من خلالها بأن الشرق الأوسط سيصبح أجمل بقاع الأرض وأكثرها أمناً وأماناً، ولكن يكفيك أن تلقي نظرة على ما فعلته واشنطن وتفعله بأمن المنطقة ليتبيّن لك أهدافها وغايتها، إن كان في العراق أم سوريا أم اليمن أم لبنان أم فلسطين والآن محاولاتها الفاشلة مع إيران وقس على ذلك.

العبث بأمن المنطقة “هواية” أمريكية تأكّدت لنا للمرّة المئة بعد الألف من خلال الخطة الجديدة التي تمّ طرحها قبل شهرين لإنشاء تحالف عسكري دولي لضمان حرية الملاحة في كل من مضيقي هرمز وباب المندب، وتحدّث عنا آخر الأسبوع الماضي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال دانفورد.

قيل إن هذا التحالف الجديد سيضم عشرات الدول تحت قيادة أمريكية، ولم يتحدث الجنرال دانفورد عن حجم القوات المشاركة في خطة حماية الممرات المائية تاركاً ذلك إلى “عدد الدول التي ستشارك في الخطة”.

ووفقاً للجنرال دانفورد، فإنه خلال الأسبوعين القادمين يمكن لأمريكا أن “تحدد الدول التي تملك الإرادة السياسية لدعم الخطة الأمريكية قبل أن يبدأ العمل مباشرة مع جيوش تلك الدول لتحديد حجم القوات وإمكانياتها”.

وبعد هذه التصريحات والإعلان عن تشكيل هذا التحالف، انتظرنا مطوّلاً أن نسمع رأي هذه الدول وبعد صمت مطبق، نطقت الهند واليابان وتحدثتا عن رأيهما بهذا التحالف لتكون النتيجة صادمة لأمريكا، فعلى سبيل المثال، قال مسؤولان مطلعان إن سفينتين حربيتين هنديتين مكلفتين بمرافقة السفن التجارية ستبقيان لفترة أطول في الخليج الفارسي.

لكن المسؤولين أضافا إن السفينتين اللتين تدعمهما طائرة استطلاع لن تكونا جزءاً من تحالف عسكري تحشده أمريكا لتأمين الملاحة قبالة إيران قرب مضيق هرمز الذي تمرّ عبره خمس إمدادات النفط العالمية، ولا ننسى بأن الهند هي ثاني أكبر مشترٍ للنفط الإيراني بعد الصين.

أما اليابان فقد خذلت واشنطن، حيث كشف كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا، اليوم الثلاثاء، أن بلاده لا تدرس إرسال قوات الدفاع الذاتي إلى تحالف بحري اقترحته أمريكا في الشرق الأوسط.

وبسؤاله عمّا إذا كان الموقف الذي أكده وزير الدفاع تاكيشي إيوايا قد تغيّر، قال سوجا إن الموقف “كما قال الوزير إيوايا”، حين شدد على أنّ بلاده ليس لديها أي خطة لإرسال قوات الدفاع الذاتي إلى الشرق الأوسط.

وتتضمن الخطة الأمريكية الجديدة أن توفر أمريكا سفن «القيادة والسيطرة»، للتحالف وتقود جهوده للمراقبة والاستطلاع، ويكون دور الدول الأخرى تسيير دوريات بين سفن القيادة وتوفير أفراد لمرافقة سفن بلادهم التجارية.

بريطانيا كانت أول من أعلنت تأييده للخطة، والسؤال هل سينجح هذا التحالف ولماذا نعتقد بأن واشنطن تريد تدمير المنطقة وتخلط الأوراق فيها لتحكم السيطرة عليها، ولماذا توافقها بريطانيا في كل شيء هذه الأيام بعد أن كانت صامتة في السابق؟.

أولاً: النفاق الأمريكي والبريطاني ظهر من خلال طريقة التعامل مع الجمهورية الإيرانية الإسلامية، حيث تنصّ اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (1982)، على حق المرور الحر في كل المضائق في العالم بما فيها طبعا مضيقا هرمز وباب المندب، وقد أكدت بريطانيا وأمريكا على هذا الحق، لنتفاجأ بأن بريطانيا وبأمر أمريكي واضح أوقفت سفينة إيرانية في مضيق جبل طارق، بحجة أنها تحمل بترولاً إيرانياً إلى سوريا وتخالف عقوبات أوروبية على دمشق، أي إن الدولتين لم تحترما حق المرور الحر في المضائق، وهما اللتان كانتا قد صممتا عليه، وهذه في النهاية رسالة بأن “اللا قانون” هو القانون الذي سيعمل به التحالف المزمع تأليفه.

ثانياً: تتلذذ أمريكا بفرض العقوبات على دول العالم وكأنها لا تعرف أن تفعل شيئاً سوى هذا الأمر، وتشكيل التحالف الجديد لن يصبّ إلا في مصلحة هذه الغاية، وبما أنها ستقود هذا التحالف فلن تدّخر جهداً في معاقبة كل من لا يطيعها، وسيطرتها على هذه المنطقة التي تصدّر النفط لأغلب دول العالم ستكون بمثابة إعلان انتحار للدول التي ستشارك في هذا التحالف الجديد، لأن واشنطن ستبدأ باستفزازاتها المعتادة وخاصة مع الدول الخليجية.

ثالثاً: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعشق المال والثروة ولطالما أن الدول الخليجية تقدّم له ما يريد فإنه سيستمر في سياسته هذه إلى ما شاء الله، والتحالف الجديد يحتاج إلى عتاد حربي وسفن وجنود ومصاريف كبيرة، من سيدفع هذه التكاليف؟.

لا تحتاج الإجابة للكثير من التفكير، سيكون على الدول الخليجية تمويل هذا التحالف وشراء أسلحة جديدة بمليارات الدولارات وإلا سيغضب ترامب، واذا غضب ترامب سيزيل العروش كما يصرّح دائماً، بأن هؤلاء الحكام لن يبقوا أسبوعاً واحداً إذا لم يدفعوا، لذلك عليهم أن يدفعوا حتى لو كان على حسابهم شعوبهم وجيوب هذا الشعب.

في الختام.. واشنطن لن تتغير ولن تغير نظرتها إلى هذه المنطقة ولن تقوم بأي فعل يخدم مصالح شعوب هذه المنطقة، ولكن على الحكام الذين يثقون بواشنطن أن يفكروا جيداً قبل الغرق أكثر في الحضن الأمريكي لأنه ليس دافئاً وسيطردهم في أي لحظة.

الوقت التحليلي

قد يعجبك ايضا