العسكر الأميركيون في العراق.. مسمار جحا في الميدان والدستور
موقع الميادين
تعلم بغداد بالموقف الأميركي الرافض لدور الحشد في المعارك، دون ان تمس سيادتها بتبليغ رسمي، فكان ذلك كفيلاً بمعرفة تبعات رفض وجهة النظر الأميركية. وكان للحكومة العراقية أن وصلت لزاوية حرجة بين الحلفاء في الداخل العراقي علهّا توصل رسالة الرفض… وقد كان وانعكس في الميدان.
سبق قيام الولايات المتحدة الأميركية ارسال مستشارين ومدربين وجنوداً إلى العراق، خطاً احمر وضعته على مشاركة الحشد الشعبي وفصائل المقاومة في تحرير مدن محافظة الأنبار التي احتلها داعش.
كانت طلائع الحشد وفصائله قد وصلت قبل ذلك إلى أطراف الرمادي في أيار الماضي، مندفعة بنصر حققته في تكريت مركز محافظة صلاح الدين، مساهمة في استعادة ثقة العسكر في مركز الرمادي، معولة على قوتها وانتكاسة داعش في الأمس القريب.
علمت بغداد بالموقف الأميركي الرافض لدور الحشد، دون أن تمس سيادتها بتبليغ رسمي، فكان ذلك كفيلاً بمعرفة تبعات رفض وجهة النظر الأميركية، وكان للحكومة العراقية أن وصلت لزاوية حرجة بين الحلفاء في الداخل العراقي، علهّا توصل رسالة الرفض، وقد كان، وانعكس في الميدان.
فتحت نار الهجمات الانتحارية بكثافة في الرمادي، كما اتسعت دائرة التخلي عمن يطلب مشاركة الحشد فيها، شيوخ الأنبار ممن حملوا السلاح ضد داعش ونسقوا لانقاذ ما يمكن انقاذه بالتنسيق مع الحشد، سحب الغطاء عنهم، حتى من قبل سياسيي الأنبار وممثلي المحافظة في حكومة بغداد وبرلمانها.
في الرفض الأميركي، تتقاطع الرؤى في ثلاث نقاط رئيسية، أولاها أن وجود الحشد الشعبي وفصائل المقاومة العراقية في الأنبار، نسف لمشروع الأقاليم في العراق، وثانيها اقتراب هذه الفصائل من حدود العراق وسوريا (أكثر من 600 كيلومتر) ومشاركة في تأمينها على يد حلفاء ايران في العراق، وثالثها ارتفاع مستوى التنسيق بين الفصائل وأبناء العشائر الغربية التي تقاتل داعش ما ينعكس في ثنايا ذلك متانة ما أحوج مجتمع العراق لها اليوم.
الرفض الأميركي، تزامن معه وبوتيرة سريعة وتفعيل جزئي للاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن، إرسال مدربين إلى قاعدة الحبانية شرق الرمادي لتدريب أبناء العشائر السنية، ومقاتلو قوات خاصة إلى قاعدة عين الأسد عند البغدادي شمال غرب الرمادي، ومدربون لما عرّف بعدها بالحشد الوطني (مقاتلو عشائر محافظة نينوى) عند حدود نينوى الغربية.
تستمر الأزمة الميدانية، وتختار الولايات المتحدة عدم التزامها في أبسط عقود التسليح مع بغداد، فالملف ليس عراقياً خالصاً، تراكم التطورات أميركيا في العراق، أضحى كسباق مع الدور الروسي في سوريا، وبوادر توسعه في بلاد الرافدين، عاجل الأميركيون ونسقوا لارسال وحدات خاصة لا يعلم عديد مقاتليها وصفاتهم وحقيقة دورهم بشكل واضح لا لبس فيه، إلا هم ورب العباد.
أميركا تستعجل نصراً في الرمادي بلا مشاركة الحشد، لتقدمه نموذجاً ينسفون به أي تنسيق مستقبلي لمشاركته في تطهير نينوى، هكذا يراد إبقاء حالة المراوحة في المكان حتى انتهاء ولاية أوباما رئيساً، حينها قد تبدأ مرحلة ثانية، سياسية هذه المرة، عنوانها الإقليم، وأي إقليم؟ إنه الإقليم السني، الذي تريده الولايات المتحدة لاعتبارات هي أيضاً ليست عراقية خالصة، إقليم تحرر من داعش على يد أبنائه وبمساندة أو مشاركة أميركية، دون حشد أو فصائل، أساسه، مسمار قديم دق في الدستور العراقي بعنوان الفيدرالية، وبند دستوري خوّل الحكومة توقيع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن ، وبين المرحلتين، بند اقتصادي، لاعمار البنى التحتية وما تهدم بفعل الحرب مع داعش.
الخلاصة حتى الآن، نهايات مفتوحة الخواتيم خلال المدى المنظور مع اقتراب انتهاء الفترة الرئاسية للرئيس الأميركي باراك أوباما، ليكمل المشوار من سيخلفه، هذا من الجانب الأميركي، أما من الجانب العراقي، فلم تتضح إلا صورة التهديد التي أطلقتها الفصائل العراقية، باستهداف الأميركيين واعتبارهم أولوية إن تواجدوا في الميدان، والأيام بيننا.