لماذا يبقى انتصار”تموز 2006″ محطة ثابتة في الوجدان والتاريخ ؟
|| صحافة عربية ودولية || العهد الاخباري
تمر الأيام والسنوات، ويبقى انتصار حزب الله في عدوان تموز عام 2006 ضد العدو الاسرائيلي محطة ثابتة ولافتة في تاريخ لبنان، فتزداد وتتراكم معاني هذا الانتصار كل عام، وتتوضح يومًا بعد يوم قيمة الأبعاد التي حملتها هذا المواجهة التاريخية، لما قدمته من دروس وعبر، ستبقى شعلة مضيئة في وجدان جميع حركات المقاومة عبر التاريخ.
في البعد العام
كل مواجهة أو حرب ضد العدو بشكل عام، تبقى إرثًا وتراثًا ومدرسة في ذاكرة الشعوب، فتؤسس لثقافة التحدي والعزة وحفظ الكرامة، وتكون مدماكًا رئيسًا في تكوين عقيدة عسكرية، هي الأساس في تنظيم الجيوش، وبالتالي هي الأساس في بناء الأوطان والدول القوية، فكيف اذا كانت مواجهة رابحة ضد العدو الاسرائيلي، العدو القادر والمتمكن عسكريًا، والذي نادرًا ما خسر حربًا أو معركة في أغلب اعتداءاته ضد العرب، على كامل الصراع المفتوح منذ اغتصابه الأرض والمقدسات العربية.
في البعد الخاص
ليس بسيطًا أبدًا أن تنتصر مجموعة في معركة غير متكافئة، وربما ليس طبيعيًا أن تنتصر مقاومة متواضعة القدرات والامكانيات العسكرية، ضد عدو متميز في المنطقة والعالم حتى، بامكانياته وبقدراته العسكرية الأكثر تطورًا وفتكًا ودقة، وفي الوقت الذي كانت كل المعطيات الاقليمية والدولية السياسية والديبلوماسية تقف الى جانب هذا العدو في حرب تموز 2006، بالاضافة لخوض حزب الله المواجهة في ظل عدم توافق رسمي داخلي على خوضه هذه المواجهة، كانت المقاومة تتجاوز كل ذلك لتَثبُت وتصمد أولًا، ولِتُكبِّد العدو خسائر ضخمة ثانيًا، في المواجهة داخل لبنان، أو في عمق فلسطين المحتلة وداخل مستوطنات ومدن الكيان الغاصب، ولتمنعه من تحقيق أهدافه التي وضعها لحربه ثالثًا.
في البعد العسكري
فتحت حرب تموز 2006 الآفاق العسكرية على عدة نقاط مهمة، لا بدّ وأن تأخذها الجيوش بعين الاعتبار، في تصنيع وتجهيز الأسلحة أولًا، وفي التجارب والمناورات عند التدريب ثانيًا، وفي التخطيط والعمليات والمواجهات الحية ثالثًا، وذلك لناحية النقاط التالية:
أسست حرب تموز عام 2006 لمعادلة ردع لم يستطع العدو تجاوزها
– أهمية تنظيم مناورة الصورايخ في المعركة (مع وجود شبكة دفاع مضادة للصورايخ متطورة، وشبكة جوية قوية وفاعلة في المراقبة والرصد والاطلاق والتعقُّب)، من خلال تكثيف قواعد الاطلاق وزرعها في جميع الأمكنة الممكنة، ومن خلال نقلها وتغيير نقاط اطلاقها ومسارات استهداف العدو. والاهم من ذلك كله، أهمية وجود طاقم بشري قوي وشجاع وجريء، يديرها ويثابر على المناورة بها بالرغم من استهداف بقعة عمله بزنار النار والدمار والصورايخ والقنابل الذكية.
– أهمية التركيز على السلاح المضاد للدروع، من خلال تنظيم مناورة المواجهة ضد دبابات العدو مهما كانت متطورة وحديثة وحاملة لميزة مستوى التدريع المرتفع، وذلك أولًا عبر التعلق بالأرض والثبات في مراكز مُشرفة ومُتحَكِّمة بمحاور تقدم مدرعات العدو الاجبارية، وثانيًا عبر تركيز الاطلاق ومتابعته من خلال اختيار نقاط الضعف في هياكل المدرعات، بعد دراستها وتحديدها ومعرفتها من قبل كل رامي سلاح مضاد للدروع.
– تفعيل التدريب على المواجهات المباشرة ضد الوحدات الخاصة العدوة، والتي تعتبر مواجهتها بنجاح مفتاحًا للانتصار في أية مواجهة، كونها (الوحدات الخاصة) تشكل عند أغلب الجيوش، النقطة الرابحة والفاصلة في المعركة، بالاضافة أيضًا لتفعيل عمليات القتال بالوحدات الصغيرة (بالفرد أو بالرهط بأبعد تقدير).
في البعد الاستراتيجي
أسست حرب تموز عام 2006 لمعادلة ردع لم يستطع العدو تجاوزها، وفرضت المقاومة في انتصارها، بوجود كل هذه المعطيات المذكورة في عدم تكافؤ القدرات، منظومة قوة وتوازن رعب، لا يمكن تخطيها أو عدم أخذها بعين الاعتبار، وما يجري حاليًا من منافسة قوية للعدو، ومن تحدي صارخ لقدراته ولموقعه ولاستراتيجيته، يدخل في اطار تداعيات هزيمته في حرب تموز عام 2006.
وأخيرًا، كل انتصار في أية معركة، يجب أن يمرّ بمراحل أساسية وضرورية لا يمكن تجاوزها وهي، الصمود والثبات أولًا، وإلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر لدى العدو، ثم منعه من تحقيق اهدافه وتأكيد اخفاقه في السيطرة والتقدم، وكل مرحلة بحد ذاتها من هذه المراحل، تعطي بعدًا معنويًا لأي مقاتل ساهم في تنفيذها، فكيف اذا كان مساهمًا في أغلبها وصولًا للانتصار الواسع؟
من هنا، جاء انتصار تموز 2006 على العدو الاسرائيلي ليعطي هذا البعد المعنوي الراقي لكل عنصر من عناصر المقاومة أولًا، لقيادتها ثانيًا، وللدولة وللوطن بكامل مكوناته ومؤسساته ثالثًا.
شارل ابي نادر