محور المقاومة والرد الحازم على الكيان الغاصب
|| صحافة عربية ودولية || موقع العهد
اذا كانت صورة الوقائع والمواقف والأحداث في المنطقة، غامضة وغير واضحة المعالم والملامح في فترات سابقة، فإنها باتت اليوم واضحة بكل تفاصيلها وجزئياتها، ولم يعد مجمل ما يجري بحاجة الى الكثير من التحليل والتفسير والتأويل، لا سيما بعد أن أصبح الكيان الصهيوني يتحدث بكل صراحة عن مخططاته ودوافعه وأهدافه، وغدت بعض الأطراف الدولية والاقليمية والعربية لا تتردد ولا تتحرج من الاعلان عن دعمه ومساندته والتعاطف معه، وبعدما راحت مساحات وميادين المواجهة تتسع وتكبر، وظهرت وسائل وأساليب وأدوات، لم تكن حتى الأمس القريب معروفة ومستخدمة.
في غضون أقل من أسبوعين، تعرضت عدة مقرات للحشد الشعبي في العاصمة العراقية بغداد، وفي محافظة صلاح الدين، وفي مناطق على الحدود العراقية – السورية لهجمات بطائرات معادية مسيّرة (قيل انها اسرائيلية في وقت يتهم البعض أميركا)، ناهيك عن تحليق طائرات مسيّرة فوق مقرات ومواقع في مدن أخرى، لغرض التجسس وجمع المعلومات والتمهيد لضربها في وقت لاحق.
وبأسلوب مماثل، تعرضت الضاحية الجنوبية لبيروت لهجمات مماثلة قبل أيام قلائل، هذا فضلًا عن الانتهاكات الاسرائيلية المتتابعة للأراضي والأجواء السورية.
“تل ابيب” اعترفت بوقوفها وراء هذه الهجمات العدوانية، وواشنطن ومعها عواصم عربية، أكدت حق “اسرائيل” بالدفاع عن نفسها.
فبعد اغتيال القيادي في الحشد الشعبي كاظم علي محسن بواسطة القصف الجوي الأخير في قضاء القائم بمحافظة الانبار غرب العراق، تحدث مسؤولون اسرائيليون عن مسؤولية “تل ابيب” عن تلك العملية. وقبل ذلك كان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد لمح الى ضلوع كيانه بقصف مقرات تابعة للحشد في محافظتي بغداد وصلاح الدين خلال الاسبوعين الاخيرين، بقوله حينما سئل عن ذلك إن “”إسرائيل” تعمل في الكثير من المناطق ضد إيران بالطبع”، فضلًا عن تأكيدات أو تلميحات مماثلة أخرى وردت على لسان ساسة وقادة عسكريين ومسؤولين أمنيين واعلاميين صهاينة.
وفي ذات الوقت، فإن “تل ابيب” لم تنكر تورطها بعمليات قصف مشابهة طالت لبنان وسوريا، بل انها توعدت بالمزيد.
وهذا يعني أنها قررت الذهاب بعيدًا الى الأمام في توسيع نطاق ومدى التصعيد، مستفيدة من التشجيع الأميركي، والصمت العربي، الذي يبدو وكأنه ترحيب وارتياح ضمني، ناهيك عن الترحيب والارتياح الصريح الذي ورد بعض منه على لسان وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد ال خلفية، الذي اعتبر ما تقوم به “تل ابيب” من أعمال عدوانية بمثابة “دفاع عن النفس”.
وطبيعي أن تكون هناك ردود أفعال قوية وواضحة وصريحة حيال العدوان الصهيوني – الاميركي، لا على العراق فحسب وانما على عموم المنطقة، لا سيما من الأطراف التي تتبنى نهج المقاومة وترفض الخضوع والاستسلام لواشنطن و”تل ابيب”.
ولا شك أن الأسلوب الأمثل والأنجع للرد على الهجمات الاسرائيلية، يفترض أن يتمثل باستخدام أدوات الردع الفاعلة والمؤثرة، لأن الكيان الصهيوني لا يفهم غير لغة القوة، ولعل تجربة هذا الكيان مع المقاومة الاسلامية في لبنان، ومع بعض القوى الفلسطينية، أبلغ دليل على ذلك.
والأمر الملفت والمهم هو أن الخطاب العراقي واللبناني والايراني والسوري، حيال العدوان الصهيوني كان موحدًا وحازمًا وقاطعًا.
قد تكون هناك قوى وعناوين سياسية صامتة أو مترددة أو مهادنة، بيد أنها في كل الأحوال، وفي أي مكان كانت، لا تعد من الأرقام الصعبة والحاسمة في معادلات الصراع والمواجهة.
ولأن الكيان الصهيوني يدرك من هي القوى المؤثرة والفاعلة، التي تشكل خطرًا على وجوده ومصالحه، فإنه راح يوجه ضرباته اليها، دون أن يلتفت الى حقيقة أن تلك القوى قادرة على الرد متى ما شاءت وكيفما شاءت، وطبيعي أن يكون الرد مبررًا، بل وواجبًا ملحًا، حينما يتمادى الكيان الصهيوني في منهجه العدواني.
وبما أن محور المقاومة بإطاره الواسع والشامل هو المستهدف، فإنه من المنطقي والمعقول، أن يكون رده ضمن هذا العنوان والاطار، سواء حيال الهجمات الاسرائيلية على العراق، أو على لبنان أو على سوريا أو على ايران.
وازاء ذلك، ليس غريبًا أن نجد أن خطاب وموقف الحشد الشعبي، هو ذاته خطاب وموقف حزب الله، وهو ذاته خطاب وموقف القادة الايرانيين، وهو ذاته خطاب وموقف الحكومة السورية، وما القلق والفزع الاسرائيليين، على كل الصعد والمستويات، الذي أخذت صوره ومظاهره تتجلى وتتضح بسرعة قياسية، إلا إقرارًا بقوة الخصم.
واذا كان الردع العسكري للكيان الصهيوني مطلوبًا – بل إنه ينبغي أن يكون الخيار الأول والأساس – فمن المهم استثمار المساحات والفضاءات الدبلوماسية والسياسية والاعلامية والجماهيرية المختلفة، كعناصر وأدوات متممة، ولها حيزها غير القليل في عمليات المواجهة، وما تقوم به الحكومات العراقية واللبنانية والايرانية والسورية من تحركات على المحافل والاوساط الدولية، ينطوي على أهمية كبيرة لفضح الكيان الصهيوني ومن يقف وراءه ويدعمه ويسانده، الى جانب الدور الفاعل والمحوري لوسائل الاعلام، بأشكاله المختلفة – المرئية والالكترونية والمكتوبة – في كشف وتوضيح حقيقة الكيان التي ربما تكون ما زالت خافية على الكثيرين.
مضافًا الى ذلك كله، يبقى الفعل والحضور الجماهيري المنظم، عاملًا مهمًا وجوهريًا في توجيه مسارات الصراع والمواجهة، وتحديد نتائجها ومعطياها على الأرض.
دون أدنى شك، إن استثمار وتفعيل العناصر والعوامل المشار اليها، بالصورة المثلى، وضمن مساحات واسعة، من شأنه – لا أن يوقف الكيان الصهيوني عند حده ويردعه فحسب – بل ويعجل بانهياره وسقوطه ونهايته.