عُـودوا.. بالتصالح نطـرُدُ المحتلَّ الطامع
موقع أنصار الله || مقالات || مروان الجماعي
آنَ الأوانُ لمَــدِّ يدِ التصالح والتسامح بين كافّةِ القوى والجماعات والأحزاب اليمنية، فبعدَ كُـلِّ هذه الأحداث التي بيّنت ووضّحت للجميع ما يريدُه الخارجُ بشكلٍ عامٍ، ودولُ ما يسمى التحالُفَ بشكلٍ خاصٍّ لليمن، وبالذات بعد أن أدخلوا اليمنيين تحت البندِ السابعِ وجعلوه تحتَ الوصايةِ الأمريكيةِ والبريطانيةِ والسعوديةِ والإماراتيةِ قبل شنِّ العدوان على الوطن، وبدأوا بدعم الكياناتِ والأحزاب والجماعات المتطرفة، وأشعلوا الحربَ علينا وعلى بلدنا، وأهلكوا الحرثَ والنسلَ باسم إخمادِ الانقلابِ واستعادةِ الشرعية وقطع ذراع إيران في المنطقة، وبعد أن وقع الفأسُ على الرأس وكشّرت الحربُ عن أنيابها، وسقط من سقط في حُضن العمالة والخيانة والخسران، تحَرّكوا باسم المنظمات الإغاثية والإنسانية؛ لرفعِ تقاريرَ عامّةٍ وخَاصَّةٍ، هدفُهم في ذلك إركاعُ الشعب وإذلالُه، عبر توسيع دائرة الصراع في اليمن واستمرار الحرب وديمومته، بما يُسَهِّلُ لهم احتلالَ الشواطئ والسواحلِ والموانئ وتمزيقَ المجتمع إلى جماعات متنافرة ومتقاتلة ومتناحرة ثقافياً ومناطقياً ومذهبياً وحزبياً؛ حتى لا يقبَلَ أحدٌ منهم بالآخر وقد فعلوا، وكلما رأوا بادرةً طيبةً أَو خطوةً للتقارب والتصالح والتسامح وإيقافِ نزيف الدم بين أبناء البلدِ الواحدِ، عملوا على منع هذه الخطوة ودفن أسبابها، آخرُ هذه الخطوات قتلُ الأسرى المُعَدِّين للتبادل؛ حتى لا يحصُلَ التقاربُ نحو الصلح ولو خطوة واحدة.
الآن بعد اتضاحِ الرؤيةِ للجميع، وانكشاف الأقنعة وسقوط الأوراق والحجج والمبرّرات التي أتى بها المحتلّون والغزاة وأذنابُهم، وغرّروا على أصحاب النفوس الضعيفة والمصالح الضيقة وحصل ما حصل، أما آن للعقلاء والأحرار والشجعان أنْ يكسروا كُـلَّ حواجزِ الخوفِ والقِمْر والغرور، ويمدّوا أيديَهم لبعضهم البعض؛ لإخراج الوطن والشعب من هذا المستنقع الخبيث، وأن يتفّقوا على وطنٍ يتسعُ للجميع باختلاف توجُّـهاتهم ومذاهبهم ومناطقهم، تحتَ دولة ذات سيادة واستقلال، لها مرجعيتُها الدينية وأعلامُها الذين يبصّرونها بأمور دينها ودنياها، ويعملون على انتشالها من أيّة وصايةٍ خارجيةٍ تخالفُ كتابَ الله وشريعةَ الإسلام.
دولةٌ يشترك فيها الجميعُ، فنحن نشهد والتاريخُ يشهدُ أنَّ الدولةَ في صنعاءَ فاتحةٌ أبوابَها للجميع، وأنَّ القائمين عليها قد دفعوا الغالي والنفيس؛ من أجل الدفاع عن هذا البلد وعن هذا الشعب وعن عزته وكرامته، ليس هذا فحسب، بل بين الحين والآخر يمدّون أيديَهم للتصالح بدون أيّة شروط، ويدعون جميعَ المرتمين في أحضان المعتدين إلى العودة إلى جادّة الصواب، وتغليبِ مصلحة الوطن والشعب على ما سواها، وشكّلوا اللجانَ الخَاصَّةَ للحوار ومَـدّ يد التصالح والتسامح؛ من أجل تفويتِ الفرصة على الغزاة والمحتلّين والمعتدين، وعفا الله عمَّا سلفَ، فاتقوا اللهَ عبادَ الله وأصلحوا ذاتَ بينكم، استجابةً لأوامر الله تعالى؛ وتلبيةً لطلب إخوانكم في صنعاء، وأنقذوا أنفسَكم من الهلاك في الدنيا قبل الآخرة، وأنقذوا وطنَكم من الدمار والخراب، وكونوا عبادَ الله إخواناً، وتذكروا قولَ الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، ولا يدفعْكم الحقدُ والعُنصريةُ والتعصُّبُ والارتهانُ وحبُّ المال إلى رفض كُـلِّ دعوات الصلح، وإلى الإجحاف في حَـقِّ بعضكم البعض، ومحاولة إنهاء المخالِف لكم والقضاء عليه تماماً، فهذا مستحيلٌ وبعيدٌ عليكم كبُعدِ دخولِ الجنة على إبليس، فلا يدفعْكم بغضُكم لمن خالفَكم في الرأي أَو نافسَكم على الحُكم أو منعَكم من الفساد والظلم، وألزمَكم على رَدِّ المظالم والحقوق إلى أهلها، وكَفَّ أيديَكم عن نشر الخلل والإشاعات بين الناس والترويج للتاريخ المغلوط، فلا يحملْكم بغضُكم له أن لا تعدلوا بحقه، وتذكّروا قولَ الله تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).