السعودية تخسر أسواقها …. المستوردون يهرعون الى البدائل

|| متابعات ||

تتسع الخسائر السعودية جراء الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين رئيسيتين في شرق البلاد، يوم السبت الماضي، وتسبب في توقف نحو نصف إنتاج المملكة وتعطل الصادرات.

 على اثر ذلك بحثت شركات التكرير في آسيا، المستهلك الكبير للخام، عن إمدادات بديلة، بينما كثف منتجو الخام في الولايات المتحدة جهود التصدير لتنشط الناقلات الأميركية باتجاه المصافي الآسيوية.

وكشف الهجوم عن هشاشة الإدارة السعودية في تدبير احتياجات الأسواق، الأمر الذي وضع علامات استفهام كبيرة حول الرقم الحقيقي للمخزون النفطي، حيث كشفت بيانات دولية عن رقم لا يتجاوز 39 في المائة من الذي أعلنته المملكة أخيراً.

وأظهرت بيانات تتبع السفن أن ناقلات نفط عملاقة تتكدس في الموانئ السعودية انتظاراً لتحميل الخام، الأمر الذي يعكس أزمة حقيقية، وهو ما كشفت عنه مصادر تجارية حول أن السعودية تواجه مأزقا في تدبير الخام العربي الخفيف الذي ظل لعقود العمود الفقري لصادراتها، ما دعاها إلى التفاوض مع عملائها الرئيسيين في آسيا لتوريد الخام الثقيل، الذي يعد أكثر كلفة للمصافي في العديد من البلدان.

وقال مصدر لوكالة رويترز، أمس الثلاثاء، إن شركة أرامكو السعودية عرضت على مؤسسة النفط الهندية الخام العربي الثقيل، بدلا من الخام العربي الخفيف عقب الهجوم.

وأشارت الوكالة إلى أنه لم يتسن لها الحصول على تعليق من مؤسسة النفط الهندية. لكن وزير النفط الهندي دارمندرا برادان، قال في وقت متزامن، إن الهند تدرس زيادة واردات النفط من روسيا، مشيرا وفقا لما نقلته وكالة “إيه.إن.آي” على تويتر، إلى أن أربع شركات هندية أيضا تخطط لزيادة الاستثمار في حقول نفط روسية.

وفي حين تملك معظم الدول مخزوناً وفيراً يسمح بتلبية المتطلبات الفورية، فإن الشركات تضع بالفعل خطط الشحنات لأسابيع وأشهر مقبلة من أجل تعويض نقص في الخام الخفيف والمنتجات المكررة، حسبما قال متعاملون في السوق.

وبحسب كلام وكيل ملاحي لـ”رويترز”، زاد نشاط حجز السفن وأسعار إيجارها للشحنات القادمة من الساحل الأميركي على خليج المكسيك مطلع الأسبوع ويوم الإثنين الماضي.

ويشهد الخام الأميركي الحاضر بامتداد خليج المكسيك، والذي يمكن تصديره بسهولة، طلبا قويا، لترتفع العلاوات السعرية إلى مستويات غير مسبوقة منذ يونيو/ حزيران لبعض الأصناف.

وقال فيل فلين، المحلل لدى مؤسسة “برايس فيوتشرز غروب” في شيكاغو، إن “نافذة تصدير الخام الأميركي سَتُفتح على مصراعيها.. من المرجح أن ترى كميات قياسية من الصادرات الأميركية”.

كانت طفرة الإنتاج الصخري قد سمحت بالفعل للولايات المتحدة بالاقتراب الشديد من السعودية، بل وتجاوزها لفترة وجيزة كأكبر مصدر للنفط في العالم في يونيو/ حزيران الماضي، بعدما تجاوزت صادرات الخام الأميركية الثلاثة ملايين برميل يوميا، حسبما ذكرته وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضي.

ويشكل فاقد إنتاج النفط الخام السعودي نحو 6 بالمائة من المعروض العالمي. وقال المحللون في شركة الأبحاث الاستشارية “برنستاين” إن جانباً كبيراً من صادرات النفط السعودية يستهدف الصين، التي تأخذ حوالي 1.7 مليون برميل يومياً، أو نحو 25 بالمائة من صادرات المملكة.

وتملك الصين حاليا نحو 325 مليون برميل من النفط في احتياطيها الاستراتيجي، بما يكفي واردات نحو 33 يوماً، بحسب تقديرات الصناعة.

ويقول سينغ ييك تي، من سيا إنرجي الاستشارية، إن الخام العربي الخفيف والعربي الخفيف جدا يشكلان نحو ثلث إجمالي واردات الصين من النفط السعودي.

 

وأظهرت بيانات من مؤسسة رفينيتيف المتخصصة في تتبع ناقلات النفط، يوم الإثنين الماضي، أن 11 ناقلة نفط عملاقة على الأقل تنتظر لتحميل شحنات من الخام في الموانئ السعودية، وذلك مقارنة مع خمس سفن يوم الخميس الماضي.

وتستطيع الناقلة العملاقة حمل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط، وأدى تعطل متنام في عمليات التحميل إلى زيادة عدد السفن. وقالت رفينيتيف إن “تعطل عمليات التحميل مطلع الأسبوع نتج عنه أيضا تكدس ناقلات عملاقة في مرسى الانتظار”.

كما أظهرت بيانات من مارين ترافيك لمعلومات الشحن أن عدد الناقلات القادمة إلى الموانئ السعودية في الفترة من 14 إلى 16 سبتمبر/ أيلول هبط إلى 59 سفينة، مقابل 68 في الفترة نفسها قبل شهر.

وقال غريغ لويس، العضو المنتدب للشحن البحري والطاقة لدى بنك الاستثمار “بي.تي.آي.جي”، في مذكرة يوم الإثنين: “إن قطاع ناقلات النفط أخذ على حين غرة، وربما يتكبد خسارة مبدئية في الطلب بنحو 2.5 ناقلة عملاقة يومياً”.

وتوقف إنتاج نحو 5.7 ملايين برميل يومياً من الخام، ما يعادل نحو نصف الإنتاج في المملكة، وفق البيانات الرسمية، ما جعل الضربة الأخيرة لمنشآت النفط السعودية التي أعلن الحوثيون (انصار الله) في اليمن مسؤوليتهم عنها هي الأكثر فداحة بالنسبة للرياض.

واستهدف الهجوم منشأتين نفطيتين رئيسيتين في بقيق وخريص (شرق المملكة). وتعد منشأة بقيق الأكبر في العالم لمعالجة النفط، وهي قادرة على إدارة نحو سبعة ملايين برميل يومياً، أي ما يعادل نحو 70 في المائة من إجمالي إنتاج السعودية، وتقع بالقرب من حقل الغوار، الأكبر بالعالم، والذي يحتوي على احتياطي يقدر بأكثر من 60 مليار برميل، بينما تقدّر قدرته الإنتاجية بقرابة 6 ملايين برميل في اليوم.

وفي مقابل البيانات الصادرة بشأن عرض السعودية النفط الثقيل خلال هذه الفترة كبديل للنفط الخفيف الذي مثل أغلب صادراتها لعقود، تتزايد التساؤلات حول شفافية البيانات الصادرة بشان مخزون النفط لديها.

ووفق “أورسا سبيس سيستمز” لبيانات الأقمار الصناعية والتحليلات، فإن مخزون النفط الخام في السعودية الذي جرى رصده أوائل سبتمبر/ أيلول الجاري بلغ 73.1 مليون برميل موزعة بين ثلاثة مواقع تخزين رئيسية، في حين أعلنت السعودية أخيرا أن مخزونها يبلغ 188 مليون برميل.

المصدر: العربي الجديد

قد يعجبك ايضا