باقون وإرادتنا متجذرة.. ملف خاص بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة الـ 21 من سبتمبر
|| صحافة محلية || صحيفة الثورة
وفق مسار وطني تحرري تمضي ثورة 21 سبتمبر بخطى ثابتة قائمة على مرتكزات يمنية أصيلة ، انطلاقاً من أهدافها وقيمها وثقافتها وأصالتها ويمانيتها ، وبما فرضت من إيقاعات ميدانية وسياسية ما عاد يجدي معها التزييف والتشويش الإعلامي التضليلي ولا التصعيد العدواني حتى وإن استخدموا كل الأسلحة المحرمة والفتاكة.
تمضي ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ونحن اليوم في العيد الخامس لها ، وهي تراكم الإنجازات وتضيف عليها وفق مسار ثابت من القيم والمبادئ والتوجهات الوطنية الخالصة ، فيما يسير خصومها اليمنيون ومعهم أسيادهم في الخارج بكل غباء نحو منحدرات الهزيمة والسقوط ، محاولين الإمساك بفقاعات الوهم والخداع التي نصبوا شراكها للثورة في ساحات المعارك الإعلامية والسياسية والعسكرية والأمنية ، وفي كل جولة يخرجون بالخسائر الساحقة والتردي وفضائح الفشل المكشوفة.
فطريق الاستقلال والتحرر الذي اختطته ثورة 21 سبتمبر يجتازه شعب اليمانيين بكل اقتدار وتمكن ووفق رؤية واضحة وثابتة منسجمة مع قيم الشعب وأصالته ، وفي العيد الخامس للثورة وما رافقها من انتصارات تأكيد بأن كل ما فعلوه لمواجهتها لم يكن حصاده إلا الخيبات والهزائم.
ثورة 21 سبتمبر كانت ضرورة فرضتها الأوضاع الكارثية التي وصل إليها اليمن
لم تكن ثورة 21 سبتمبر 2014م وليدة اللحظة أو خلطا للأوراق السياسية او انقلابا على نظام قائم لغرض الاستحواذ على السلطة وإلغاء للآخر .. بل جاءت كضرورة فرضتها كثير من العوامل والأحداث التي عصفت بالبلاد، وجعلته مرتهنا للخارج بقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ولم يعد يملك من أمره شيئا .. وتحولت اليمن الى ساحة صراع لتصفية حسابات اقليمية ودولية ، دفع اليمنيون ثمنها غاليا حتى اليوم ، كما أصبحت مأوى ومرتعا خصبا للتنظيمات الإرهابية التي تمولها وترعاها الدول التي تدعي أنها تكافح الإرهاب ، ناهيك عن الأخطاء والمؤامرات التي حرفت مسارات ثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر طوال العقود الخمسة الماضية .. ونتيجة لكل ذلك كان لابد من ثورة تصحيحية تعيد للإنسان اليمني حريته المفقودة وكرامته المسلوبة .. فجاءت ثورة 21 سبتمبر ، التي لم يشأ اعداؤها في الداخل والخارج نجاحها فواجهوها بعدوان غاشم لوأدها ، دمروا فيه على مدى خمس سنوات كل مقومات الحياة ، واحتلوا الجزء الجنوبي من البلاد ، وحولوه الى سجون لتعذيب المواطنين وحاضنة للتنظيمات الإرهابية.
وحتى لا نستغرق في سرد الأحداث والوقائع التي ادت الى قيام ثورة 21 سبتمبر سنستعرض هنا محطات من خطابات قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك بدر الدين التي أوضح فيها الكثير من الحقائق عن الثورة والمخاضات التي سبقتها ،وكشف فيها أباطيل وادعاءات تحالف العدوان ،وقوى العمالة والارتهان:
ففي خطابه في الذكرى الأولى للثورة ، سرد السيد عبدالملك بدر الدين الكثير من العوامل والأسباب التي أدت الى قيام الثورة . وقال ” ان هذه الثورة الشعبية ، لم تأت من فراغ بل هي تحرك مشروع استحقاقي مسؤول وواعٍ وهي ضرورة فرضتها تلك الأوضاع الكارثية التي عانى ويعاني منها الشعب اليمني ، وهي نتاج لمعاناة حقيقية لكل أبناء هذا الشعب وهي نتاج للإحساس بالظلم ونتاج للشعور بالمسؤولية ،للسعي نحو التغيير ، فكان هذا التحرك الشعبي الواسع ،من حيث طبيعة الاستهداف والتركيز الخارجي على هذا البلد والذي كشفه بوضوح تام العدوان في نهاية المطاف وأدواته في الداخل التي كانت نافذة وكانت مسيطرة وكانت متحكمة بمقدرات هذا البلد.
وأكد قائد الثورة أن هذا المستوى من النفوذ والتحكم والطغيان والاستبداد الذي عانى منه شعبنا العزيز استدعى بالفعل ثورة شعبية واسعة وتحركاً جاداً وقوياً وصابراً بمستوى ذلكم التحرك الذي قام به شعبنا العزيز في ثورته الشعبية وتوجه بذلك الانتصار في يوم الحادي والعشرين من سبتمبر.
رسائل لقوى الداخل
وطمأن قاد الثورة قوى الداخل بأن هذه الثورة لا تعبر عن فئة معينة في البلاد وانما هي ثورة شعبية تحركت فيها جميع اطياف الشعب من أجل التغيير وصنع مستقبل افضل للوطن والمواطن .. وهو ما اكده بقوله ” هذا التحرك مثل خطوة قوية في السعي نحو التغيير وصنع مستقبل أفضل قائم على الاستقلال والحرية والعيش الكريم فكان بفضل الله تعالى محطة مهمة من محطات العمل والتحرك الجاد والمسؤول الذي لن يتوقف إن شاء الله حتى تتحقق الأهداف المشروعة والمطالب العادلة لشعبنا العزيز ولم يكن هذا اليوم المجيد نهاية الثورة الشعبية وإنما كان بالفعل خطوة كبيرة تخطى به الشعب عوائق هي من العوائق التي كان يعتمد عليها الطغاة في الداخل والخارج في وجه الشعب ومطالبه العادلة وقدم درساً مهماً يعزز الأمل في نفوس اليائسين ويثبت قوة التحرك الشعبي وجدوائيته وفاعليته وأهميته والثورة الشعبية التي تحرك فيها شعبنا العزيز بكل أطيافه، بكل مكوناته، بكل فئاته بمطالب مشروعة وعادلة جاءت من واقع معاناة وأوجاع الشعب كل الشعب ومطالب الشعب فيما يعنيه جميعا .
وفي خطابه في 2017م في الذكرى الثالثة للثورة : اكد السيد عبد الملك بدر الدين ان التحَـرّكٌ الثوري عبّر عن كُلّ اليمنيين وتبنى مطالب اليمنيين جميعاً، وتحَـرّك لمصلحة اليمنيين جميعاً، وكان تحَـرّكاً قوياً وفاعلاً ومؤثراً أعاد الاعتبار للشعب اليمني أنه لا يمكن أن يتحول إلى شعبٍ مدجنٍ للوصاية الأجنبية والسيطرة الأجنبية من أعداء هذا الشعب لا يمكن أن يخضعه أي طرف آخر لسيطرة أعدائه حتى يتمكنوا من سحقه وإذلاله وقهره وتدميره وهو خاضع وخانع ومستسلم.
منظومة الحكم
ولأن البلد كان قد وصل الى مستوى الحضيض من الارتهان ، ولم يعد قراره بيده ، وهو أمر لم يعد التغاضي عليه أو السكوت عنه مقبولا وخصوصا بعد ان تحولت منظومة الحكم إلى مجرد أداة ودمى تحركها قوى الخارج كيفما تشاء .. وهو ما اشار اليه قاد الثورة بأن الوطن وصل الى مرحلة خطيرة لم يكن بالإمكان الصبر عليها ولا التغاضي عنها ولا التجاهل لها تتمثل بفقدان السيادة وفقدان القرار وذلك خطر يتهدد البلد واستقلاله ، وكان يتجه نحو الفقدان الكامل للاستقلال ونحو التحكم الكامل في كل شؤونه ،في كل أموره لصالح تلك القوى المعتدية والطاغية والمتجبرة والمستكبرة وعلى مستوى القرار السياسي كانت منظومة الحكم قد تحولت إلى مجرد أداة لا تمتلك بشأنها هي لا أمرا ولا نهيا أصبحت مجرد دمى يتحرك بها او تتحرك بها قوى الخارج لتفرض كل ما تشاء وتريد على هذا الشعب وفق مصالح تلك الدول وفق مصالح الأمريكي ووفق مصالح الإسرائيلي ووفق مصالح السعودي والضحية، الكل ذلك هو شعبنا اليمني العزيز الذي كانت مصالحه وأولوياته واستحقاقاته خارج الاهتمام وخارج الأولويات بالكامل .
تهديد دولي لوقف التصعيد الثوري
وكشف قائد الثورة انه تعرض للتهديد اثناء التصعيد الثوري من قبل ممثلي الدول العشر الذين طلبوا منه السكوت وعدم التخاطب مع الشعب والدعوات له بالتحرك الجاد والمسؤول.
وقال : لقد وجهوا رسالة لي وهددوني وطلبوا مني أن أسكت، ولا اتكلم او اتخاطب مع هذا الشعب ليتحَـرّك بمسؤولياته التي تفرضها عليه إنْسَانيته وهويته وانتماؤه وأصالته وقيمه وحريته وعزته وكرامته ومصلحته. وسخرت من تهديدهم؛ لأني أنتمي إلى هذا الشعب وأنتمى إلى الهوية وإلى الأصالة لهذا الشعب، أنا في هذا البلد أعيش إحساسَ اليمني، هُوية الإنْسَان اليمني الأصيل، الذي يأبى العبودية لغير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى “.
ولفت قاد الثورة الى حجم المعاناة التي وصل اليها شعبنا وفقد معها حريته واستقلاله وكرامته بفعل الاخطاء الكارثية لأنظمة الحكم التي اوصلت البلاد الى الهاوية ..
وقال ” كانت معاناة هذا الشعب تزداد سوءاً يوما إثر يوم على كل المستويات، كان البؤس والحرمان يتزايد يوما إثر يوم وكان الشعب يلمس ذلك في واقعه اليومي ،وكان المسار الذي تتحرك فيه منظومة الحكم بإشراف تلك القوى الخارجية، مسار يذهب بالبلد نحو فقدان الكرامة ونحو التهيئة في نهاية المطاف للغزو الخارجي على مستوى الترويض للشعب على القبول بالانتهاك الذي لم يكن يتوقف للسيادة، كانت الطائرات بلا طيار لا تتوقف عن أن تجوب أجواء هذا البلد وأن تقتل من أبناء هذا الشعب في معظم المحافظات اليمنية ، كان هدفاً مستباحاً ورخيصاً أرخصته منظومة الحكم أرخصته أيضا قوى العمالة وكان رخيصا لدى القوى الخارجية المعتدية ،العمل على إيجاد قواعد عسكرية داخل هذا البلد للنيل من هذا الشعب ،وهكذا كانت سيادة البلد واستقلال البلد على مهب الريح .
اقتصاديا
وعلى المستوى الاقتصادي كان حجم الفساد في البلاد قد وصل الى اعلى مستوى له بعد ان اصبحت فئة محدودة تنهب ثرواته وتفتك بمقدراته لصالحها فقط على حساب الغالبية العظمى من الشعب الباس .. وهو ما اكده قائد الثورة في خطابات كثيرة بهذه المناسبة بقوله ” كان الفساد يتعاظم ويزداد ويفتك بمقدرات وثروة البلد لصالح فئة قليلة مستأثرة متخمة تزداد أرصدتها في البنوك، تزداد ثروتها، تنمو شركاتها بينما تتسع رقعة الفقر وتتعاظم المعاناة في معيشة الناس، في احتياجاتهم الغذائية حتى تتسع وتزداد رقعة الفقر والمعاناة بين أوساط هذا الشعب ، وغياب كامل لأي مشروع يهدف إلى بناء الاقتصاد الوطني .
أمنيا
أما في الجانب الامني فقد وصلت البلاد الى الحضيض مع تصاعد وتيرة التفجيرات الارهابية التي كانت تستهدف الابرياء في المساجد والمدارس والجامعات والساحات وأفراد الامن وتزايد الاغتيالات التي استهدفت أكاديميين ومسؤولين وغيرهم في أمانة العاصمة وغيرها من المحافظات واختراق للأجهزة الأمنية وتفكيك للجيش .. وهو ما لفت اليه قائد الثورة مرارا بقوله: ” كان هناك تصاعد لوتيرة الاغتيالات حتى في العاصمة بشكل كبير وتفجيرات وانتشار متزايد مقصود ومدروس ومدعوم للقاعدة في كثير من المحافظات اليمنية وفي نفس الوقت كان هناك اختراق كبير للأجهزة الأمنية وتقييد لها عن القيام بدورها كما ينبغي في حماية الناس من القتل وحماية الناس من الذبح وحماية الناس من التفجيرات التي استهدفتهم في المساجد والأسواق واستهدفت الجيش واستهدفت قوى الأمن واستهدفت النخب واستهدفت الأكاديميين واستهدفت مختلف مكونات وفئات هذا الشعب”.
وبين قاد الثورة أن “الأحرار والشرفاء داخل الأجهزة الأمنية كانوا مقيدين بالقرار السياسي عن أي عمل جاد لحماية أبناء الشعب ولحماية حتى أنفسهم إضافة إلى الاختراق الكبير لتلك الأجهزة التي أفاد قوى الإجرام التي تفتك بأبناء هذا البلد قتلا بكل وسائل القتل من الاغتيالات إلى التفجيرات إلى الذبح إلى الانتشار العسكري لقوى الإجرام وفي مقدمتها القاعدة”.
وأوضح قائد الثورة في عديد خطاباته بهذه المناسبة أن الحالة السائدة حينها والمسار العام الذي تدار به شؤون هذا البلد من قبل منظومة الحكم التي هي مجرد أداة بيد قوى خارجية تستهدف هذا البلد وتتجه به نحو الانهيار تماماً على كل المستويات الاقتصادية والأمنية وغيرها إضافة إلى تمزيق النسيج الاجتماعي لأبناء الشعب اليمني وإدخالهم في دوامة لا تنتهي من الفتن تحت عناوين طائفية خططوا لها وأضافوا إليها سيطرة كبيرة للقاعدة بما يتيح لها ممارسة أبشع الجرائم ثم الوصول إلى الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه قوى الشر وثلاثي الشر المتمثل بأمريكا وإسرائيل والنظام السعودي مع أذيالهم في المنطقة الذين يمثلون الغزو الخارجي لبلدنا والسيطرة التامة على ثرواته ومقدراته والاستفادة من موقعه الجغرافي.
الحوار الوطني أهم استحقاق سياسي
ولم يغفل قائد الثورة في خطاباته الحوار الوطني والأهمية التي اكتسبها كأهم عملية سياسية جامعة والمخرجات التي خرج بها وكانت في معظمها محل اجماع وطني ، ولكن تم الالتفاف والانقلاب عليها بعد ذلك بإملاءات من الخارج بهدف تمزيق وتقسيم اليمن ، بمباركة عدد من القوى السياسية المرتهنة للخارج والتي لا تحمل على عاتقها آمال ومطالب الشعب ..
وقال : “القوى السياسية بالأساس لم تعد آمال ومطالب الشعب ولم تكن في مستوى مواجهة التحديات البعض منها كانت قد انخرطت تماما ضمن هذا المشروع بعض القوى السياسية كانت قد أصبحت أداة من تلك الأدوات التي يمرر بها هذا المشروع الخطير على شعبنا وبلدنا، والبعض من القوى السياسية لم يكن قد انخرط في ذلك المشروع لكنه كان ضعيفا مغلوبا على أمره لم يكن لا في مستوى التحدي ولا في مستوى مواجهة تلك القوى المتكالبة والمتآمرة”.
وأضاف قائد الثورة : “أهم عملية سياسية تمت في هذا البلد كانت هي عملية الحوار الوطني والتي خرجت بجُملة من المخرجات المتفق عليها، تلك المخرجات المتفق عليها كان هناك سعي دؤوب عقب ذلك لتلك القوى ذاتها في الخارج والداخل للانقلاب عليها وتضييع كل ما هو مهم داخل تلك المخرجات كل ما يتناسب أو يلبي مطالب هذا الشعب أو يحقق شيئاً من أهدافه وأرادوا أن تقتصر مخرجات الحوار الوطني على ما يحقق لهم فقط آمالهم وأهدافهم حصريا أما كل ما له صلة أو علاقة بحقوق هذا الشعب أو مطالبه فكانوا يريدون تضييعه نهائيا وخططوا لذلك وعملوا أشياء كثيرة على المستوى الأمني وعلى المستوى العسكري وعلى المستوى السياسي ..
ثورة تصحيحية وتحديات كبيرة
ونتيجة لكل ذلك كان لابد من ثورة شعبية تصحيحية لمواجهة كل تلك المؤامرات والمخططات الخطيرة على البلد والشعب المظلوم والمغلوب على أمره، فمثل يوم الحادي والعشرين -كما قال قاد الثورة- خطوة قوية إلى الأمام وانتصاراً مهماً للشعب لفرض التغيير المنشود .
لكن هذا التحرك الشعبي قوبل بالكثير من المعوقات والتحديات منذ الوهلة الاولى من قبل الخارج الذي وقف موقفاً سلبياً وندد بهذا التحرك الشعبي وواجهه بأشكال متعددة ووقف إلى جانب أدواته بكل الوسائل ولم ينصف هذا الشعب ، بالرغم من أن الذي توجه يوم الحادي والعشرين هو اتفاق السِّلم والشركة وهو اتفاق منصف لأدوات ذلك العدوان حتى لأولئك العملاء والمرتزقة بمعنى أن الثورة الشعبية حرصت على أن تتسع أهدافها ومطالبها ومسارها السياسي لكل أبناء هذا البلد حتى المتآمرين على بلدهم وعلى أنفسهم بغبائهم اتسع لهم اتفاق السِّلم والشراكة لكنهم هم لم يتسعوا لهذا الشعب.
وأضاف قائد الثورة في هذا الصدد في جانب من خطابه في الذكرى الثالثة للثورة: “رغم ان اتفاق السِّلم والشراكة قدَّم درساً مهماً عن ثورة شعبية مدت اليد لكل المكونات في هذا البلد حتى مع كُلّ أولئك الذين وقفوا ضدها واختلفوا معها وسعوا بكل ما يستطيعون للقضاء عليها، ومع كُلّ هذا المستوى العظيم من الإيْجَابية العالية جداً، من التفاهم والحرص الكبير على استقرار هذا البلد كان البعض غير إيْجَابي، تعاطوا آنذاك مع اتفاق السِّلم والشراكة وقعت كُلّ المكونات في الداخل، اعترفت به القوى الخارجية بما في ذلك الدول العشر نفسها، النظام السعودي آنذاك اعترف بهذا الاتفاق ورحب بهذا الاتفاق مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، ودول كثيرة.. أَصْبَح هذا الاتفاق معترفاً به لدى الجميع في الخارج وفي الداخل، ومع ذلك تنكر له الآخرون وعملوا بكل جهد على إفشال هذا الاتفاق والتآمر على هذا الشعب تآمراً كبيراً في مسعى منهم لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق، إعادة الوصاية والسيطرة الأجنبية.
واستطرد قائد الثورة ” وبعد أن أَصْبَح هذا الاتفاق ملزماً في الأخير افتضحوا اليوم لأنهم باتوا صريحين في تنكرهم لهذا الاتفاق وفي موقفهم السلبي منه، ويتهمون القوى الثورية بأنها تحاول الالتفاف على الاتفاق، ولكن انكشفت الحقائق بعد وباتوا صريحين في موقفهم السلبي من اتفاق السِّلم وَالشراكة ولذلك هم يتحملون المسؤولية أمام التاريخ وأمام هذا الشعب في أنهم هم الذين سعوا إلى إفشال ذلك الاتفاق وتعطيله والالتفاف عليه والتآمر من جديد وإعادة الأمور إلى نقطة الصفر، وعقَّدوا المشكلة من جديد ودخلوا في مؤامرات جديدة توجوها بالعدوان، وكل هذا في مسعى منهم أن لا يتحرر هذا البلد وألا نعيش كشعب يمني أحراراً دون وصاية أجنبية وسيطرة خارجية.
إعلان الحرب
وتدخلت قوى الاستكبار والطغيان المتمثلة بثلاثي الشر والعدوان والإجرام والاستبداد والطغيان أمريكا وإسرائيل والنظامين السعودي الإماراتي وحشدوا معهم ما حشدوا من أذيالهم ومرتزقتهم وأياديهم الإجرامية لعدوان كبير على هذا البلد والتنكيل والانتقام من هذا الشعب فكان عدوانهم الكبير الذي لا يزال مستمراً حتى الآن .
ورغم العدوان الدولي الغاشم على بلدنا منذ خمس سنوات إلا أنه فشل في تحقيق اهدافه ومآربه الخبيثة ، وها هو اليوم يجر اذيال الخيبة والذل والمهانة بفعل الصمود الاسطوري لشعبنا وجيشه ولجانه الشعبية ، وبات النصر حليف هذا الشعب الصابر والصامد في مواجهة آلة الدمار الرهيبة لحلفاء العدوان وأذنابهم ، ولا تزال الثورة مستمرة حتى تحقيق النصر .. وذلك ما أكد ويؤكد عليه السيد عبد الملك بدر الدين بقوله ” ثورتنا قائمة وثروتنا مستمرة وتحركنا مستمر ، نحن نتحرك كشعب يمني من أجل ضمان وجودنا في الحياة، من أجل ضمان استقلالنا من أجل ضمان كرامتنا، من أجل ضمان حريتنا، وهي مرتكزات لا يمكن المساومة عليها ، ولن ننحني لقوى الطغيان والاستكبار أو نستسلم لهم ،ونسلمهم بلدنا على طبق من ذهب” ..
وشدد على ان الثورة ستستمر حتى ينعم هذا البلد بالاستقلال والاستقرار وينعم هذا الشعب بثرواته وخيراته، وأن هذه هي الأهداف التي حينما تتحقق يمكننا حينها القول إن أهداف الثورة الشعبية قد تحققت “استقلال واستقرار على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي” .
ويجدد قائد الثورة دعواته باستمرار لمكونات شعبنا ونخبه من علماء ووجاهات قبلية وأكاديميين وإعلاميين وناشطين في الجانب الإنساني وكل فئات هذا الشعب إلى الاستمرار في التحرك الجاد والعملي في كل المجالات التي لهم صلة بها للتصدي لهذا العدوان الإجرامي ولهذا الاحتلال قائلاً: “أدعو كل الأحرار والشرفاء إلى الاستمرار في رفض جبهات القتال في الداخل لمواجهة الاحتلال ورفد الخيارات الاستراتيجية التي بدأت فعليا بعمليات تمهيدية وأن نتحرك لمواجهة هذا الاحتلال والغزو مع الثقة بالله سبحانه وتعالى بالنصر”.
الحلول السلمية
ولا يعني الاستمرار في التحرك الثوري والصمود في مواجهة العدوان والاحتلال رفض أو إغفال الحلول السلمية وإنهاء العدوان والحصار ، وذلك ما يؤكد عليه قائد الثورة في معظم خطاباته بهذه المناسبة وغيرها من المناسبات الوطنية والدينية بقوله “الحلول السياسية السلمية متاحة تجاه المشكلة الداخلية في البلد والعدوان الأمريكي السعودي الهمجي لا مبرر له ، ونرحب بأي مساع للحلول السلمية بالقدر الذي لا يمس بالسيادة الوطنية ولا يشرعن العدوان ولا ينتقص من حقوق الشعب اليمني واستحقاقات ثورته الشعبية ومطالبه المشروعة”.
تحرك واع فاجأ الجميع
ولا ننسى هنا أن نشير الى انه اثناء التحرك الثوري كان الكثيرون في الداخل والخارج يتوقعون أن تكون تكلفة هذا التحرك الثوري كبيرة وباهظة وانه سيحصل سلب ونهب للممتلكات العامة والخاصة وسفك للدماء ، وأن نتائجها ستكون وخيمة كما تم الترويج له آنذاك من قبل المغرضين وأعداء الثورة والوطن ، لكن ما حصل فاجأ الجميع .. وفي ذلك قال قائد الثورة ” كان الكثير يتوقع أن تكون الكلفة كبيرة جداً لتلك الخطوة أن تسفك الدماء ويقتل الآلاف وتدَّمر الأمانة صنعاء، وتحدث مجازر كبيرة وأحداث كارثية ونهب لكل المتاجر والمستودعات والبنوك ونهب لمباني ومُؤَسّسات الدولة و… و… إلخ. ولكن لأن الموقفَ شعبيٌّ بكل ما تعنيه الكلمة وتعاون فيه كُلّ أبناء هذا الشعب ودخلت في ذلك معهم المُؤَسّسة العسكرية والأمنية، كان النجاح كبيراً وعظيماً وحاسماً وبأقل كلفة ، فكانت عملية اندهش منها كُلّ العالم وتوجت تلك الخطوة الكبيرة التي أعادت الاعتبار للشعب اليمني في مقابل كُلّ أولئك الذين أرادوا النيلَ من عزة هذا الشعب وحريته واستقلاله”.
احتلال الجنوب .. الخفايا والأبعاد
وكشف قاد الثورة عن المآرب الخبيثة من أجل احتلال الجنوب وسرقة ثرواته وإقامة ،قواعد عسكرية . وقال : “امريكا تريد قواعد في العند، في حضرموت في شبوة، في مناطق كثيرة وقواعد في الجزر ولكن تحت قناع إماراتي وتقدم أهم الجزر اليمنية وفي مقدمتها جزيرة ميون في باب المندب، وجزيرة سقطرى أيضاً في البحر العربي من أهم الجزر على الإطلاق إضَافَة إلى بقية الجزر هناك جزر كثيرة اليوم سلَّمها العملاء والخونة من أبناء هذا البلد للإماراتي عمل له فيها قواعد وبعضها قواعد مشتركة مع الأمريكي؛ لأنه كما قلنا الإماراتي قناع للأمريكي وبات اليوم يسرق الغاز اليمني مع معاناة الشعب اليمني سواء في صنعاء أَوْ في عدن الكل يعاني في مسألة الغاز الكل يعاني في مسألة البترول سواء في الحصول على البترول أَوْ بالاستفادة من عائداته المالية.
وحذر قائد الثورة من كُلّ المستهترين والساخرين الذين لا يتحلون لا بمثقال ذرة لا من الإنْسَانية ولا من الانتماء ولا من الإحساس بالهوية ولا من الأصالة ولا من العزة ولا من الكرامة، الذين لديهم كُلّ القابلية لهيمنة وسيطرة الأجنبي واذلال الشعب .. وقال “نحن معنيون أن نجعلَ من هذه الذكرى ذكرى الحادي والعشرين من سبتمبر دافعاً وحافزاً كما كانت في يومها وفي حينها، للتصدي للسيطرة الأجنبية والهيمنة الخارجية وأن نتحَـرّك من جديد، بفاعلية ومسؤولية ونوجَّه رسالة قوية بأننا شعبٌ يأبى الإذلال ويأبى الهوان، ويأبى العبودية لغير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إننا شعب حر ونأبى إلا أن نكون أحراراً ولن نضحيَ أبداً بحريتنا ولن نقبَلَ بأن نكون عبيداً لأعدائنا من المستكبرين وقوى الطاغوت”.
رسائل طمأنة للخارج
وعلى الصعيد الخارجي وجَّه السيد عبدالملك بدر الدين في خطاباته بالمناسبة رسائل اطمئنان وتحديدا لدول الجوار عن ثورة 21 سبتمبر وأكد أهمية حُسْنِ الجوار وعدم التدخُّــل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية، وأنَّ الشعبَ الـيَـمَـني يمُــدُّ يدَه للسلام والإخاء، ويطالبُ الدول بأن تتعاطى بإيجابية مع الـيَـمَـن وألا تتدخل في شؤونه الداخلية.
ولفت الى أن الثورة لا تستهدف أحداً ولن تُضر أي طرف دولي، وقال : “نحن أكَّدنا مرارا أننا نسعى إلى تحقيق انتقال سلمي للسلطة على قاعدة الشراكة، ومرجعيتُه تكون وثيقة الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، وبالتالي ليس هناك في المسار الثوري الشعبي ما يبرر لأي طرف داخلي أَوْ خارجي أن يقلقَ أَوْ أن يتحرك باتجاه مضاد وسلبي لمواجهة هذا المسار الشعبي الثوري”.
وجدد التأكيد على أن ثورة 21 سبتمبر هدفها الأساس أن يكون الـيَـمَـن بلداً مستقراً وليس منهاراً وخاضعاً للتنظيمات الارهابية بكل ما تمثله من خطورة على الأمن الدولي والإقليمي والمحلي وبالدرجة الأولى ما تمثله من خطورة على وطننا العربي وعلى مجتمعنا في العالم الإسْلَامي، مؤكداً أن الـيَـمَـنَ بثورته هو أقوى وهو أكثر انعتاقاً من هيمنة القاعدة وداعش.
وتجلى الحرص الكبير لقيادة الثورة في تجنيب دول الجوار مهما كانت سيئة ومعادية لنهضة الـيَـمَـن واستقلاله واستقراره بأن لا تكون الـيَـمَـن مصدر خطورة على أحد، وعلى رأس مشاريع التهديد التي تستهدف العالم العربي والإسْلَامي انطلاقا من موقع الـيَـمَـن الجيوسياسي وتأثيراته على كُلّ من حوله في نهج سلمي صادق تجاه الجميع لا يطمح إلا لنماء وتطور ونهضة الدول العربية في مواجهة مشروع أَمريكي صهيوني لا يريدُ أن تقومَ لدولة قائمة في المنطقة.
القضية الفلسطينية
ولا يمكن ان يكون اليمن في أشد الضرورات وأعظم المعاناة التي يمر بها جراء العدوان وتبعاته بعيدا عن قضايا الأمة الرئيسية او ينسلخ عنها ، كما هو الحال في القضية الفلسطينية التي تعتبر بالنسبة لليمن كأولوية قصوى لن تحيد عنها أو تماري فيها حتى استعادة كامل أرض فلسطين المحتلة واستعادة مقدسات الأُمَّــة وعلى رأسها الأقصى الشريف، واعتبار العدو الإسرائيلي الغاصب لفلسطين عدواً لكل الأُمَّــة وخطراً على الأمن والاستقرار في العالم أجمع، واعتبار كُلّ أشكال التطبيع للعلاقات معه من كافة الأنظمةِ المحسوبة على المسلمين خيانةً عظمى ، وهو ما يحصل اليوم في ظل حملات الهرولة والتطبيع مع إسرائيل التي تقودها بعض الدول العربية ومحاولات أَمريكا حرف مسار العداء العربي الإسْلَامي باتجاه بعضه البعض .
ودائما ما يؤكد السَّيِّـد في خطاباته بهذه المناسبة وغيرها على ضرورة تحرك “شعوبَ أمتنا كافة والتحلي باليقظة والتَحَـرّك الجاد والمسؤول تجاه المؤامرات الأَمريكية والإسرائيلية التي تستهدفُ الجميعَ بلا استثناء من خلال أدواتها العميلة وأياديها الإجْــرَامية المتمثلة ببعض الحكومات، وفي مقدمتها النظام السعودي وَالجماعات التكفيرية التي تتَحَـرّك ضمن مشروع هدام وتدميري؛ بهدف تفكيك كُلّ مكونات الأُمَّــة والوصول بها إلَى الانهيار التام والخضوع المطلق لقوى الطغيان والاستكبار العالمي .
محطات سياسية هيّأت للمخاض الثوري
مما لا شك فيه أن كل السياسات التآمرية الامريكية والغربية والخليجية اصطدمت بواقع ثوري تحرري إيماني يماني صلب وحديد لا يعرف الخضوع والخنوع والارتهان للخارج حيث انفجرت الثورة الشعبية العارمة في وجه المبادرة الخليجية والسفراء الأجانب في الرابع من شهر أغسطس 2014م حين دعا السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أبناء الشعب اليمني إلى الخروج الثوري الواسع في مختلف المحافظات لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية أولها إسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة ثم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وتوالت الأحداث تصاعداً في الميادين والساحات الثورية خلال اقل من شهرين من دعوة قائد الثورة حتى تساقطت أركان النفوذ والفساد المتوغلة في أركان ومفاصل الدولة اليمنية القبلي والعسكري والديني بدءاً بالحصبة ومرواً بالتلفزيون ن ثم الفرقة الأولى مدرع يوم الهروب والسقوط الأكبر في الـ 21 من سبتمبر 2014م.. بعضاً من هذه المحطات الثورية نتناولها في السياق التالي:
إزاء تنامي المد الثوري لأنصار الله بدأ قلق أمريكا والدول الإقليمية فذهبوا نحو المبادرة الخليجية
من المعروف أن اليمن كانت مجرد ملحق أو حديقة خلفية لبعض الدول الإقليمية التي توفر هي الأخرى الأرضية المناسبة للتدخلات الأمريكية في الشؤون اليمنية ..
والواقع اليمني خلال العقود الماضية يشهد بذلك فقد ظلت الأنظمة التي تعاقبت بعد ثورة 26 سبتمبر 1962 م مجرد تابع وملحق لقوى إقليمية حرصت على شراء الولاءات وإفساد الذمم ومنح الميزانيات الخاصة للمشائخ والنافذين ليكونوا دولة داخل الدولة التابعة لهم فتغول النافذون وسيطروا على كل شيء وتحولت الدولة ومؤسساتها الى اقطاعيات لذوي النفوذ والمشائخ، فيما ظل الشعب اليمني بغالبيته خارج دائرة الاهتمام والرعاية يعاني ويلات الفقر والجهل والمرض والصراعات المفتعلة والمنظمة ..
وإزاء تنامي المد الثوري الحقيقي لأنصار الله خارج سيطرة الاخوان إبان ما يسمى بثورة فبراير 2011م بدأت الدول الإقليمية تقلق وذهبت نحو إقرار المبادرة الخليجية التي هدفت في حقيقتها الى ملء الفراغ الذي خلفه انقسام النظام على نفسه آنذاك خوفا من نفاذ الثورة الشعبية الحقيقية من شرخ الانقسام الحاصل في جسد السلطة المرتهنة بطرفيها .. وكان هدف المبادرة الخليجية تسليم الاخوان المسلمين السلطة في اليمن بشكل تدريجي بالتوازي مع الحفاظ على الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومنحه الحصانة كخط رجعة في حال لم ينجحوا في تحقيق الأهداف المرسومة.
وما كشفته الاحداث في اليمن خاصة بعد 11 فبراير هو أن الامريكان لم يعودوا مقتنعين بالوصاية والتدخلات التي كانوا يمارسونها في عهد علي صالح.. والذي اتضح لاحقا ان الامريكان كانوا يبحثون عن حضور عسكري وامني وسياسي في اليمن اقوى من ذي قبل، وهذا لا يتأتى من دون مفهوم الفوضى الخلاقة التي وفرها لهم صراع النظام المنقسم على نفسه فصار السفير الأمريكي هو الحاكم الحقيقي في صنعاء وطائرات أمريكا تجوب سماء اليمن طولا وعرضا تقتل من تشاء متى تشاء بمزاعم ملاحقة القاعدة وشرعت في انشاء قواعد عسكرية في بعض المحافظات الجنوبية كما حولت منطقة شيراتون التي تتواجد فيها السفارة الامريكية بصنعاء إلى ما يشبه القاعدة العسكرية واستقدمت المزيد من جنود المارينز بمزاعم حماية السفارة ..
ووفقاً للكتاب والمحللين السياسيين فإنه وفي ظل نظام المبادرة الخليجية وحكومة الوفاق او ما يسمى بسلطة التقاسم والمحاصصة والتي استمرت زهاء ثلاثة أعوام (تشكلت في نهاية 2011 واستمرت حتى 21 من سبتمبر 2014 م ) تدهورت كل مجالات الحياة في اليمن وبدت الأمور كأنها (تركبت بهذه الطريقة ) من اجل الذهاب نحو الأسوأ وليس العكس وبدت اليمن وكأنها تتجه نحو السيناريو الليبي او الصومالي .
الاغتيالات كانت تطال قيادات سياسية وعسكرية بارزة في ظل حكومة المبادرة الخليجية بشكل شبه يومي جلهم من الكفاءات والشخصيات الوطنية لا سيما في المجال العسكري والأمني .
هذا بالإضافة إلى زيادة الأسعار وتراجع مستوى الحياة المعيشية للغالبية من المواطنين والعودة الى سياسة إقرار الجرع السعرية المفروضة من قبل البنك الدولي بنسب مرتفعة وجائرة بل وقاتلة للقطاعات الفقيرة ومتوسطة الدخل، يترافق ذلك مع اختلاق وافتعال المزيد من الأزمات المعيشية والاقتصادية والخدماتية مثل غياب وضرب الكهرباء واعدام او إخفاء المشتقات النفطية في سياق سياسة عقابية مدروسة هدفها كسر إرادة الرفض للفساد والتي تمثلت في المسيرات الثورية السلمية التي استمرت في عدد من المحافظات حتى انتصار ثورة 21 سبتمبر 2014 م .
في ظل حكومة المحاصصة والمبادرة الخليجية تزايد حجم الفساد الذي أصبح مؤسسيا يلتهم كل مقدرات البلد عن طريق تقاسم المناصب بدءا بالوظائف الكبيرة نزولا الى المستوى الأدنى بين الشركاء الفاسدين وتغييب الشعب وهمومه بشكل كامل .ناهيك عن توسع تنظيم القاعدة حتى أصبح يسيطر على بعض المحافظات وكان العجز الحكومي او التظاهر بالعجز هو سيد الموقف.
الأمريكيون كانوا يبحثون عن حضور عسكري وأمني وسياسي في اليمن أقوى من ذي قبل فشرعوا بإنشاء القواعد العسكرية
فتح السيادة اليمنية لكل اشكال التدخلات الخارجية حتى أصبح اليمني غريبا في وطنه مقابل الحرية التامة لأجهزة المخابرات العابرة للحدود لتعمل وترتكب في اليمن والمواطنين اليمنيين ما تشاء ومتى تشاء .
ومن المؤكد بحسب المحللين السياسيين أن ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م انفجرت في وجه كل تلك السياسات التآمرية المدروسة والمنظمة من قبل السفارات الامريكية والغربية التي أوجدت نظام المبادرة الخليجية في الرابع من شهر أغسطس 2014 م حين دعا السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أبناء الشعب اليمني الى الخروج الثوري الواسع في مختلف المحافظات لتحقيق ثلاثة اهداف رئيسية تتمثل بإسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني .
وبنجاح ثورة 21 سبتمبر وسقوط قوى النفوذ التي كانت مسيطرة على المشهد السياسي والميداني تحقق لليمن وشعب اليمن جملة من الأهداف أهمها سقوط مشاريع الوصاية التي عملت على تنفيذ مشاريع التفتيت والتدمير والتمزيق وتغذية الكراهية واستحضار الورقة المذهبية والطائفية بهدف إحداث شرخ للنسيج الاجتماعي في أوساط الشعب اليمني المحافظ والمتماسك بالتزامن مع العمل على استهداف وإضعاف المؤسسة العسكرية والأمنية بشتى الطرق والوسائل.
وبانتصار ثورة 21 سبتمبر وسقوط حكومة المقاسمة التي تنص عليها المبادرة الخليجية سقطت عمليا القدرة الكاملة الامريكية الإقليمية لتجزئة اليمن وتدمير شعبه بواسطة رعاية الفساد والفلتان الأمني وتغذية الصراعات والاغتيالات وغيرها ولم يستطع الفصل السابع ولا مجلس الامن او أمريكا حماية حكومة التحاصص التي عصفت بها ثورة 21 سبتمبر وجاءت على انقاضه بوثيقة السلم والشراكة التي تنص على تشكيل حكومة كفاءات وشراكة وطنية بالإضافة الى محاربة الفساد واستعادة موارد البلاد من ايدي العابثين والناهبين .
الاغتيالات كانت تستهدف قيادات سياسية وعسكرية بارزة وطالت الكفاءات والشخصيات الوطنية
ويحسب لثورة وثوار 21 سبتمبر أنهم عند إحكامهم السيطرة على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة تصرفوا بكل نبل وأخلاق قيمية عالية فلم يسارعوا إلى تصفية حساباتهم مع خصومهم السياسيين سواء من الأحزاب او من قيادات النظام السابق الذين كانت أكبر رؤوسهم متواجدين داخل العاصمة صنعاء برغم كل الظلم والاضطهاد الذي تعرض له أنصار الله المتصدرون للمشهد في قيادة ثورة 21 سبتمبر خلال سبع حروب شنها النظام السابق ضدهم وتعرضوا فيها للقتل والسجن والتعذيب والتخوين وغير ذلك من أساليب التنكيل، بل تناسوا كل ذلك وسارعوا إلى مد أيديهم إلى أولئك الخصوم وقاموا بإبرام اتفاق السلم والشراكة برعاية أممية مع مختلف الأحزاب والمكونات السياسية بما فيها أركان النظام السابق المؤتمر والإصلاح حتى تم الالتفاف على ذلك الاتفاق بتوجيه من السفارات الأمريكية والسعودية التي كانت قد أبرمت ودبرت أمراً بليل لتنفيذ العدوان الجاري على اليمن منذ خمسة أعوام بعد أن أدركت أن مقاليد الأمور قد خرجت من تحت سيطرتها وظناً منها أنها ستعيد الوصاية على البلد عن طريق القوة العسكرية فكان المستحيل بذاته.
كما يحسب لثورة وثوار 21 سبتمبر أنهم استلموا مؤسسات الدولة وحافظوا عليها من السلب والنهب والتدمير والتخريب بعكس ما كان يتوقع حصوله من قبل خصومهم في الداخل والخارج ثم أداروا مؤسسات الدولة بحنكة واقتدار بعد الفراغ الموجه الذي أحدثته استقالة اركان السلطة التنفيذية العليا بدءاً برئيس الوزراء آنذاك خالد بحاح ثم استقالة رئيس الجمهورية حينها عبدربه منصور هادي.
ثورة 21 سبتمبر انفجرت في وجه الطغيان والسياسات التآمرية بعد دعوة قائد الثورة للخروج الثوري الواسع
كما أن أبرز ما يحسب لثورة وثوار 21 سبتمبر المتمثلة بأنصار الله وقيادتها الثورية أنهم حافظوا على الامن والاستقرار والسكينة المجتمعية برغم الاحداث الإرهابية المؤلمة التي حدثت خلال هذه المراحل الثورية والتي ركزت على استهداف قيادات أنصار وثوار 21 سبتمبر من قبل بعض بؤر التكفيرية التي كانت ما زالت تنشط آنذاك والمدعومة من المخابرات الأمريكية والسعودية ومع كل ذلك إلا أن الوضع في مجمله الأمني والمجتمعي ظل مستقراً فلم يحدث اقتتال داخلي ولم يسل الدم إلى الركب كما كان يتوقع وعمل الثوار بكل جهدهم على الحفاظ على ممتلكات المواطنين من السلب والنهب وتم منع الفوضى والاختلالات التي تم التخطيط لها لإحداث الفراغ الأمني وتهيئة الوضع لإشعال الفوضى ونشر الخوف والقلق في أوساط المواطنين لكن كل ذلك لم يحدث بفضل حكمة وحنكة قيادة الثورة وأخلاق ثوارها الشباب الذين أبهروا العدو والصديق والقريب قبل البعيد بقدراتهم المذهلة في إدارة المراحل الثورية السياسية والعسكرية والأمنية والثقافية حتى الاقتصادية بتمكن وإبداع منقطع النظير بقيادة السيد العلم الصادق المؤمن عبدالملك بدرالدين الحوثي والقيادات الشابة الذين لمعوا خلال مراحل ثورة الـ 21 من سبتمبر وحتى الآن.
ويمكن القول إنه برغم العدوان والحصار الكوني الغاشم الذي أعقب ثورة الـ 21 من سبتمبر والذي تعرض فيه الشعب اليمني واليمن بكله لكل أنواع التآمر والقتل والقهر والتخريب والاستهداف العسكري والاقتصادي والثقافي الممنهج طيلة خمسة أعوام إلا أنه يمكن الجزم بالقول كواقع وحقيقة ملموسة نعيشها الآن أن اليمن تحرر من كل أنواع التبعية والوصاية برغم ما آلت إليه الأوضاع في المناطق والمحافظات الواقعة تحت سيطرة مراكز النفوذ التي فرت عند قيام هذه الثورة والتي تحولت إلى أدوات جلبت العدوان الخارجي وهيأت للغزاة والمحتلين بالسيطرة على مقدرات وثروات اليمن الاستراتيجية والطبيعية والاقتصادية.. ومع ذلك كله فالثورة مستمرة والقيادة الثورية والسياسية والشعب اليمني سائرون في ثورتهم ضد الجبروت والطغيان حتى نيل كامل حريتهم واستقلال قرارهم السيادي والسياسي والاقتصادي وتحرير كل شبر من أرض اليمن من دنس الغزاة والمحتلين في الشمال والجنوب.
وقياساً بالأحداث الأخيرة التي واكبت الذكرى الخامسة لثورة 21 سبتمبر بعد تنفيذ عملية توازن الردع الثانية والتي استهدفت عصب الاقتصاد السعودي والعالمي في معامل بقيق وهجرة خريص التابعة لشركة أرامكو وما تبعها من ضجة عالمية كبيرة نتيجة اختلال أسواق وإمدادات النفط والغاز الدولية والعالمية.. ما يعكس الإنجاز الثوري والقيادي الصادق في الإصرار والتحدي والوقوف بكل حزم وثبات لكسر موازين القوى العسكرية الهائلة التي تتمتع بها قوى العدوان والمضي باليمن ليحتل مكانة متقدمة إقليمياً ودولياً وعالمياً.. يمكن القول أن قيادة الثورة استطاعت أن تدفع بالقدرات اليمنية تصنيع الصواريخ والطائرات العابرة للحدود والكاسرة لكل موازين القوى وماضون بكل عزم وإصرار على بناء جيش عظيم، اقتصاد عظيم، دولة يمنية عظمى، وموقنون بالنصر المبين الذي نراه بلا شك قريباً يلوح في الأفق.
محاولة تمرير دستور الأقلمة وتقسيم اليمن
بعد تسلُّم هادي السلطة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وبدء الحوار الوطني الشامل الذي استمر فترة طويلة أنجز المتحاورون رؤية شبه كاملة للقضايا الوطنية، وقبل الإنجاز اتفق المتحاورون على تشكيل هيئه وطنية لمتابعة مخرجات الحوار من كل الاطراف .
و في الرابع والعشرين من أبريل 2014م أصدر هادي القرار رقم (30) لسنة 2014م بإنشاء الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل لتتولى الهيئة الإشراف ومتابعة تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ،ودون الرجوع إلى الأعضاء قام هادي بتشكيل اللجنة وفقا لهواه ولرغبات النظام السعودي الذي أنتج المبادرة الخليجية.
واعترضت قوى سياسية على ذلك التشكيل ومنهم مكون أنصار الله الذين ظلوا مستمرين في اعتصامهم في ساحة التغيير ولم يرفعوا اعتصامهم منذ انطلاق ثورة فبراير، وعند الاقتراب من إنهاء الحوار الوطني تفاجأ الجميع بمحاولة هادي ومن معه من القوى فرض تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم دون التوافق على ذلك الأمر.
وعيّن هادي نفسه رئيساً للهيئة، من دون الرجوع للأعضاء ومن دون سند قانوني، وقام بتشكيل ثلاث لجان: الأولى لإعداد لائحة عمل الهيئة، والثانية لبرامج إنجاز عملها، والثالثة لإعداد مشروع الاصطفاف الوطني وميثاق الشرف، ولم يكن ترؤس هادي للهيئة اختيارياً ولا محل تراجع واستأثر هادي لنفسه بمنصب رئيس الهيئة.
ولاقى هذا الارتباك في تدشين أعمال الهيئة، انتقادات وعلامات استفهام، طالت شرعية الهيئة ذاتها، فهيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار لا وجود لها في وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار، والنص الموجود في وثيقة مخرجات الحوار هو تشكيل هيئة وطنية للإشراف على متابعة وتنفيذ مخرجات الحوار، وليس هيئة للرقابة على تنفيذ المخرجات برئاسة الرئيس ، والفرق كبير بين المفهومين ، ما يقلل مصداقية الهيئة، وقدرتها على إلزام أي جهة أخرى بتنفيذ مخرجات الحوار، كونها أول من خالف هذه المخرجات.
هادي عيَّن نفسه رئيساً للهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار الوطني لتمرير دستور اليمن الاتحادي
وحاول أحمد عوض بن مبارك كأمين عام لمؤتمر الحوار أن يذهب إلى هادي للتوقيع على الرؤية النهائية لمخرجات مؤتمر الحوار قبل التوافق عليها ومحاولة فرض واقع يمني لا يلبي طموحات أبناء اليمن ولا أهداف ثورة فبراير، وعندها تحرك الشعب اليمني بقيادة أنصار الله وعملوا على إجهاض تلك المؤامرة التي تستهدف اليمن أرضا وإنسانا ووحدته .
كما أن إقحام الهيئة في مشروع الاصطفاف وميثاق الشرف يهدف إلى إبعادها عن مهامها، فالهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار خرجت عن مهامها المحددة بـ”وثيقة الضمانات”، والقرار الجمهوري رقم (30) لسنة 2014م الخاص بإنشائها، وتحوّلت الهيئة من رقابية إلى تنفيذية، “إذ أقرت تشكيل ثلاث لجان منها لجنة لإعداد مشروع الاصطفاف الوطني، وميثاق شرف القوى الوطنية بالمخالفة للمهام المحددة لها في البند (3) من وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار الصادرة عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والمادة السادسة من القرار الجمهوري رقم 30 لسنة 2014م” ،وإقحام الهيئة في مشروع الاصطفاف وميثاق الشرف يهدف إلى إبعادها عن مهامها الأساسية، وإشغالها بالخلافات والتباينات السياسية القائمة بين الأحزاب والتنظيمات السياسية .
ودشنت الهيئة اجتماعاتها وسط مقاطعة ممثلي جماعة أنصار الله التي أعلنت رفضها المشاركة إلا بعد أن يتم تصحيح المخالفات والتجاوزات التي تمت منذ انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، والتشديد على ضرورة تصحيحها بما في ذلك قرار لجنة تحديد الأقاليم المختل .
وفي السابع عشر من يناير 2014م أكد هادي أن الوطن يدشن مرحلة أساسية ومهمة في طريق تطبيق الدستور الاتحادي الذي عكس مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل كاملة في أحكام ومواد دستورية التزمت بترجمة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل أثناء حضوره الاجتماع الذي عقدته الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لتسلم مسودة الدستور من لجنة صياغة الدستور، والتي تسلمها نائب رئيس الهيئة الدكتور عبد الكريم الأرياني.
في نفس اليوم انسحب ممثلو أنصار الله وحزب المؤتمر من الهيئة الوطنية للإشراف والرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار التي شكلها الفار هادي في 24 من ابريل 2014 م احتجاجاً على التجاوزات والمخالفات الساعية لتمرير مسودة الدستور.
واعتبر ممثلو أنصار الله في بيان صادر عنهم حينها أن الهيئة تسعى لتمرير مخالفات وتجاوزات واضحة في عملية انقلاب صريحة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي أكد على تصحيح الاختلالات في تشكيل وإنشاء الهيئة الوطنية بما يعيد لها الدور الحقيقي المنوط بها وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبما يمكنها من القيام بمهامها بصورة سليمة .
وأكد ممثلو أنصار الله في البيان عدداً من النقاط أهمها التسريع في تصحيح الاختلالات في الهيئة الوطنية التي يأتي في مقدمتها عدم تصحيح نسب تمثيل المكونات في الهيئة وعدم تطبيق شروط العضوية التي نصت عليها وثيقة الضمانات وكذلك عدم تصحيح الاختلالات في مهام واختصاصات الهيئة وآليات عملها واتخاذ القرار فيها من خلال عرقلة انجاز اللائحة الداخلية للهيئة وسعي البعض لفرض أجنداته فيها وفرض آلية تصويت مختلة تمكنه من تمرير مشاريعه الخاصة.
ووسط تصاعد الحراك الشعبي الرافض لسياسات الحكومة وفشلها في إدارة البلاد وانتشار الفساد واختلال الوضع الأمني واغتيال كثير من الكوادر القيادية مدنية وعسكرية وعجزها عن الوفاء ببرنامجها وتعهداتها ما أدى إلى تزايد الأزمة الاقتصادية وفرض جرع اقتصادية قاتلة وغير مدروسة الأمر الذي أدى إلى احتشاد الجماهير في العاصمة صنعاء ومداخلها مطالبين بإلغاء الجرعة وإقالة الحكومة ومحاسبة الفاسدين .
الهيئة سعت لتمرير مخالفات وتجاوزات للانقلاب على اتفاق السِّلم والشراكة الموقَّع من كل الأطراف السياسية
وبعد استقالة حكومة باسندوة تم الحوار بين المكونات السياسية والذي أفضى إلى التوقيع على اتفاق السلم والشراكة وتشكيل حكومة خالد بحاح لإدارة الدولة، على أن تستمر القوى السياسية في الحوار حول القضايا المختلف بشأنها ومنها شكل الدولة ودستورها ونظام الحكم .
ومع انطلاق ثورة 21 سبتمبر 2015م حدد قائد الثورة عبد الملك بدر الدين الحوثي أربعة شروط لإنهاء الأزمة في اليمن ومنها سرعة تصحيح وضع الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل و سرعة تعديل مسودة الدستور وسرعة تنفيذ اتفاق السلم والشراكة و إجراء معالجة أمنية شاملة كشرط أساسي لحل الأزمة .
ومن نقاط التجاوزات والمخالفات في أعمال الهيئة إقدامها على استلام مسودة الدستور قبل جاهزيتها، وتجاوزها مرجعيات العملية السياسية ،حيث نصت على الستة الأقاليم في مخالفة صارخة لوثيقة السلم والشراكة وتحديداً بندها العاشر الذي نص على: “تعمل الهيئة الوطنية عبر الإشراف على لجنة صياغة الدستورّ- ضمن قضايا أخرى- على معالجة قضية شكل الدولة بطريقة تلتزم بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل” هذا بالإضافة إلى بعض الاختلالات الأخرى .
وأثناء ذلك أدركت القوى الخارجية المعادية للثورة وأدواتها في الداخل أن مشاريعها وخططها ستفشل في حالة وصول أبناء اليمن إلى اتفاق وطني جامع شامل، فبادرت تلك القوى إلى افتعال الأزمات ومحاولة تعطيل الحوار الذي أوشك على الاستكمال برعاية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر ، وبادرت حكومة بحاح إلى تقديم استقالتها وقدم هادي استقالته كمؤامرة لإرباك المشهد السياسي لإيجاد واقع فوضوي في الساحة اليمنية ينهي اتفاق السِّلم والشراكة الذي أتت به ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الموقع من كل الأطراف السياسية.
عندها بدأت دول الاستكبار العالمي وأدواتها في المنطقة وفي مقدمتهم النظام السعودي بفرض عزلة سياسية على اليمن من خلال سحب السفارات من صنعاء ونقلها إلى عدن لتكتمل الصورة بتقديم هادي استقالته وهروبه وبعض أعضاء الحكومة المستقيلة إلى عدن وإعلان عدن عاصمة مؤقتة لليمن .
لم تفلح مشاريع قوى الهيمنة وبدأ الأمر يفلت من أيديهم فالجيش واللجان الشعبية اتجهتوا صوب عدن ووصلت طلائع الجيش واللجان الشعبية مدينة عدن وكادت تسيطر على الأمور هناك، وحينها لجأت دول العدوان لإعلان الحرب المباشرة على اليمن من واشنطن في الخامس والعشرين من مارس 2015م .
لتبدأ دول الاستكبار العالمي ممثلة بأمريكا وإسرائيل وأدواتها في المنطقة السعودية والإمارات حرباً عدوانية منذ أكثر من خمس سنوات لم يشهد لها التاريخ مثيل تحولت خلالها اليمن إلى أعجوبة الحاضر ،إذ استطاع اليمن أن يجابه طغيان تحالف كوني وأن يلقنه دروساً في العلوم العسكرية لم تدرَّس في أفخر الجامعات ويصبح قوة عسكرية عملاقة في أتون حرب أهلكت الشجر والحجر ، وعاد الشموخ اليمني ليعانق عنان السماء ، بقطع يد الوصاية الخارجية ومنع عودتها مستقبلا مهما حاول الأعداء وحشدوا .
21 سبتمبر .. اليوم الأسود على الجماعات والتنظيمات الإرهابية والتخريبية
لا تزال ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر مستمرة في حربها ومعركتها ضد قوى الشر والإرهاب منذ 2014م، وحتى اليوم، بعد أن تربعت تلك القوى على هرم السلطة وسيطرت على القرار السياسي، فتحولت اليمن إلى مرتع خصب لتلك العناصر بمختلف مسمياتها الإرهابية، وكانت جرائم الاغتيالات والقتل في كل شارع وحي ومدينة، وبات منتسبو الجيش والأمن يعجزون عن ارتداء بزتهم العسكرية الرسمية ورتبهم خوفا من الاستهداف والقتل، الذي طال المئات منهم، ليصل الأمر لأن يتم ذبح 15 جنديا في حضرموت عقب إنزالهم من باص النقل الجماعي من قبل العناصر الإرهابية، وهي تلك المجزرة التي اهتزت لها الضمائر وثارت الأنفس ونفد صبرها لتؤكد ضرورة تطهير اليمن من رجس الإرهاب واستكمال مسيرة ثورة 21 سبتمبر لتشمل كل اليمن.
الثورة/ إدارة التحقيقات
مشروع تنظيف اليمن
حققت ثورة 21 سبتمبر في شهورها الأولى من النجاحات ما لم يتحقق قبلها في عقود وخصوصا على الصعيد الأمني، وهو ما أكده رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط، قائلاً: إن ثورة 21 سبتمبر كانت قد بدأت مشروع تنظيف اليمن من تنظيم القاعدة، وكل مهددات الحياة والسكينة العامة للمجتمع، وفي هذا الصدد حققت نجاحات مذهلة بدءاً بالقضاء على جيوب هذا التنظيم الظلامي في أمانة العاصمة، ودك أوكارها في أرحب والبيضاء والحديدة ومعظم المناطق في جنوبنا المحتل، فأمن المواطن واطمأن التاجر والمسافر، وبدأت تختفي عناصر القاعدة وداعش من الوجود إلى أن عادت من جديد على ظهور دبابات دول تحالف العدوان لتصبح مكونات وفصائل أساسية في هذا التحالف البغيض كما هو معروف.
إنهاء براميل التقطعات
ولم يقتصر دور الثورة السبتمبرية على حربها ضد الإرهاب بل توسعت اهدافها ومهماتها في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وتثبيت السكينة العامة، حيث تراجعت في ظل هذه الثورة الكثير من الظواهر السلبية التي لازمت سلطات ما قبل الثورة – لسنين طويلة – من قبيل ظاهرة الفساد والثارات، واختفت تماما ظواهر مزمنة من قبيل ظواهر السطو المسلح، وقطع الطرقات، وبراميل ما يسمى بالقطاعات والتقطعات، وحافظت الثورة الخالدة على مؤسسات الدولة وعلى الممتلكات العامة والخاصة في فترة ما قبل العدوان واحتفظت بهذه المكاسب في ظل العدوان أيضا.
حيث يشير مدير عام التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بوزارة الداخلية العميد محمد محمد الآنسي إلى أهمية إدراك حقيقتين بالغتي الأهمية، الأولى تتجسد في حجم الجهود الأمنية التي بذلها رجال الأمن منذ ثورة 21 سبتمبر 2014م، للوصول إلى هذا المستوى الكبير من الإنجازات الأمنية والثاني إدراك حجم مؤامرة العدوان وعدد محاولاته التي تكشف قبحه وتعري حقيقته في استهداف الأمن والاستقرار.
8132 جريمة اغتيال خلال 25 عاما
ووفقا لإحصائيات رسمية فإن جرائم الاغتيالات والإخفاء القسري خلال 25 عاما مضى تجاوزت ارقاماً مخيفة جداً، إذ يتطرق العميد الأنسي لهذه الجزئية حيث يقول: “إذا كانت قوى الإجرام والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وأدواتها الإجرامية العميلة استطاعت أن تتلاعب بالأمن والاستقرار في بلادنا قبل ثورة 21 من سبتمبر وتنفذ أكثر من ثمانية آلاف و132 عملية اغتيال وإخفاء قسري وهذه الأرقام من إحصائية أمنية للفترة من 1990 حتى 2014م فإنها بعد ثورة ٢١ سبتمبر فشلت حتى انخفضت عمليات الاغتيالات إلى أدنى رقم”.
الوصاية على اليمن
وترى القيادات الأمنية أن الوصاية والارتهان لدول الخارج سبب رئيسي لاتساع جرائم الارهاب والتخريب، حيث يؤكد مدير عام التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية، أن الوصاية على اليمن رحلت ورحل معها أدواتها وعملاؤها كما رحلت معهم عمليات الاغتيال والتفجيرات والاختطافات والتعذيب الوحشي والانتهاكات البشعة في سجونٍ ومعتقلاتٍ علنيةٍ وسرية عديدة وكثيرة منتشرة في المناطق والمحافظات التي تقع تحت تسلط الغزاة وأدواتهم الإجرامية، ولم يعد هذا خفيا على أحد بل بات حديثا وحقيقة يعرفها الجميع في الداخل والخارج.
استجلاب تنظيمات ارهابية
وشهدت اليمن قبل ثورة 21 من سبتمبر 2014م، الكثير من الأعمال التي تقزم من السلطات الأمنية والعسكرية حينها، إلى جانب تأكيدات العلاقة التي كانت تربطها بقوى تحالف العدوان، واستطاعت قوى الإرهاب أن تقتحم وتسيطر على وزارة الدفاع وسط العاصمة صنعاء وفي وضح النهار وتقتل وتفجر في كل مرافق الوزارة، إذ يقول العميد عزيز راشد مساعد المتحدث الرسمي باسم الجيش، إن مرحلة تواجد التنظيمات الإرهابية وجلبها عمل النظام السعودي والأمريكي وأتباعهم في الداخل ممن كلفوا بمهمة استجلاب تنظيمات إرهابية منذ وقت مبكر على الانتشار قرب المنشآت النفطية في مارب وشبوة وحضرموت والبيضاء والدفع بعدد من الانغماسيين إلى العاصمة صنعاء وشمال شرق محافظة صعدة للقيام بعمليات إجرامية ضد الشعب ومؤسسات الجيش حيث نفذت العديد من العمليات الإرهابية بحق مناطق عسكرية وقيادات عسكرية وأمنية واغتيال شخصيات سياسية واجتماعية هامة واستهداف ضباط التدريب والتأهيل وصولاً إلى استهداف حافلات الدفاع الجوي وبروز إسقاط الطائرات العسكرية وتفجير البعض منها في قاعدة الديلمي الجوية، وصولاً إلى استباحة وزارة الدفاع واقتحامها بسيارات مفخخة وحوالي سبعة عناصر إجرامية ثبت في ما بعد انهم من جنسيات سعودية قامت بمهمة قتل الأطباء والممرضات والعسكريين والضباط بصورة مهينة والقتل بدم بارد حتى للنساء اللاتي طلبن النجدة.
ذريعة الإرهاب الأمريكي
وفي إحدى محاضراته يقول الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي أن أمريكا اذا أرادت استباحة أي بلد او احتلاله وجهت إليه تهمة الإرهاب ودعم الإرهاب، حيث يؤكد مساعد ناطق الجيش ان الهدف من كل هذه الأعمال الإرهابية التي تعرض لها بلدنا قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م، هو إيصال قناعة لدى اليمنيين بأن الجيش اليمني والأمن اليمني لا يقدر على حماية نفسه فكيف سيحمي مواطنيه وعليه لابد من إعادة هيكلة الجيش على الطريقة الأمريكية ابتداء بوصول خبراء عسكريين من مستشارين عسكريين أمريكيين وقواعد عسكرية أمريكية في عدن وثكنات عسكرية في صنعاء شيراتون والسفارة ومناورات عسكرية مشتركة بالإضافة إلى اخذ الصواريخ التي كانت في باب المندب والمخازن وتسليمها وتفكيكها وتدميرها بحجة منع وصول هذه الصواريخ لأيدي التنظيمات الإرهابية القاعدة وداعش وأنصار الشريعة.
300 اغتيال وجريمة
أما الإعلامي عبدالحميد الغرباني مراسل قناة المسيرة، فقد سجل انطباعه عن ثورة 21 سبتمبر حيث يؤكد وجود حملات واسعة تركز على تصوير ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م كخطأ مأساوي وكارثي وانقلاب دون أن تستند هذه التوصيفات إلى معطيات حقيقية تدين الفعل الشعبي الذي شهدته البلاد قبيل خمسة أعوام وتوضح أنه لم تكن ثمة حاجة شعبية ملحة وضرورة قصوى ومحطة مهمة نحو إعادة بناء الدولة التي نخرها الفساد والإفقار دلل عليه (اعتراف حكومة باسندوة أن ما يقارب 45% من الشعب اليمني يعيشون تحت خط الفقر).
ويضيف: إن حكومة باسندوة على لسان وزير ماليتها، أعلنت عجزها عن مواجهة التحديات الأمنية والهجمات الدموية التي تشهدها البلاد والتي ضربت في ذروتها قلب وزارة الدفاع نفسها ومستشفى العرضي ومسلسل الاغتيالات والإحصائيات المرعبة لها والتي فاقت 300 اغتيال وجريمة وقعت في وضح النهار برعاية كل من الفرقة الأولى مدرع وسفارتي الرياض وواشنطن اللتين كانتا تقرران لليمن ماذا يقول وماذا يفعل وأي حالة يجب أن يكون عليها وصولا إلى استهدافهما الدائم لميزات اليمن الاستراتيجية المختلفة المرتبطة بموقعه الجغرافي وإنسانه وإرثه الحضاري والتاريخي وصولا إلى دوره الذي يمكن أن يلعبه في حال توفرت الإرادة المستقلة والطموحة، وقد كان مدخل هذا الاستهداف هو إصرار القوى الأجنبية على فرض تقسيم البلاد إلى كانتونات وكيانات تتصارع في ما بينها.
مسرح للجرائم المنظمة
لقد ساهمت ثورة 21 سبتمبر في رفع مستوى العمل المخابراتي في اليمن وحدّت من الأعمال الإرهابية تدريجيا حتى تم القضاء عليها، حيث يؤكد الكاتب والناشط السياسي إسماعيل المحطوري أن دور أجهزة الاستخبارات اليمنية برز بعد ثورة 21 سبتمبر 2014؛ نتيجة الانتكاسات الأمنية التي ألقت بظلالها على مخرجات نشاطات هذه الأجهزة وعملها في ميدان البيئة الأمنية الداخلية قبل ثورة 21 سبتمبر، حيث كانت العاصمة صنعاء والمحافظات مسرحا للجرائم المنظمة وأجهزة الاستخبارات الدولية وملاذا آمنا للعناصر الاجرامية الدولية من مافيا وغيرهم من الجواسيس الدوليين الذين تديرهم الدول كالكيان الصهيوني وامريكا وبريطانيا، مشيراً إلى أن تحالف العدوان الأمريكي السعودي حاول اختراق الجبهة الامنية التي تصدت لهم بكل حزم وصمود في ظل القيادة الثورية الحكيمة ممثلة بالسيد القائد حفظه الله ، بمتابعته المستمرة والحثيثة والتي شهدت المؤسسة الأمنية والاستخباراتية نقلات نوعية حيث أصبحت العاصمة والمحافظات التي تخضع للمجلس السياسي الأعلى في شبه انعدام للجرائم المنظمة .
وقد انعكس البناء المتواصل للمؤسسة الأمنية ومنها الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، بنحوٍ فعال على أسلوب إدارة أجهزة الاستخبارات من خلال إعادة النظر في الهيكلية، والتنظيم، والأسلوب، والأداء الاستخباراتي الوطني؛ فإعادة النظر من دمج جهاز الامن القومي وجهاز الامن السياسي في جهاز موحد جهاز الامن والمخابرات جاء نتيجة الحاجة الملحة إلى دور فعال لهذه الأجهزة ، وبالنتيجة فإن مجال عمل هذه الأجهزة ينعكس سلباً وإيجاباً على واقع البيئة الأمنية الوطنية.
عمق العدو
وبعد خمسة اعوام من انطلاق ثورة 21 سبتمبر، ها هي المؤسسة الأمنية تدشن عملية امنية استخباراتية ناجحة في عمق العدو في محافظة مارب المحتلة من قبل العدوان وأدواته وبنفس الاقتدار تتوعد العمق الاقليمي خارج اليمن من خلال استراتيجية “العمق الإقليمي” والتي تهدف إلى كسر مصدات الأجهزة والمنظمات الداعمة لنشاطات التنظيمات التخريبية التي يدعمها ويديرها العدوان الأمريكي السعودي، فمبدأ الدفاع في العمق هو استراتيجية يمكن وصفها بأنها الأنضج والأصلح لأداء مؤسسات الأجهزة الأمنية اليمنية من خلال تفعيل نشاطاتها وتقليل جوانب ضعفها وتعتبر هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في تاريخ المؤسسة الأمنية والاستخباراتية اليمنية.
سد الفراغ الأمني
وسدت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وفقا لمراقبين، الفراغ الأمني بتشكيلها لجاناً شعبية وثورية من فتية مؤمنين تولوا حماية المؤسسات والمنشآت العامة والخاصة وتأمين مكتسبات كل أبناء الوطن شعورا منهم بالمسؤولية الدينية والوطنية تجاه وطنهم وشعبهم ,فبذلوا كل غال ونفيس دون أي مقابل ..فجاعوا ليشبع غيرهم وسهروا لينام سواهم قرير العين ,مفترشين الأرض وملتحفين السماء ,لم يكترثوا بالبرد والحر تاركين أسرهم ومنافعهم ومصالحهم وراءهم , ولم يتوقفوا عند تلك المعاناة بل استبسلوا وضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل أن يحيا ويعيش الآخرون في أمن واستقرار ,تصدوا لعناصر الفوضى والإرهاب مرسخين دعائم الأمن والاستقرار إلى جانب أبناء القوات المسلحة والأمن ومحافظين على الممتلكات العامة والخاصة , عملوا جاهدين على استرداد منقولات المواطنين المسروقة أو المنهوبة وبادروا في حل قضياهم دون أن يحملوهم أدنى تكاليف أو عناء إلى جانب قيامهم بالرقابة الثورية في المؤسسات والمرافق الحكومية لمكافحة الفساد وإنصاف المظلومين .
تماسك الثورة
إن تماسك ثورة الـ21 من سبتمبر والالتفاف الشعبي الكبير ومن مختلف شرائح المجتمع اليمني حولها , كما يؤكده مراقبون محليون، جعل الثورة تمضي في خطى قوية للقضاء على الفساد وتحقيق الأمن والازدهار ,وهو ما لم تستسغه دول العدوان الداعمة للإرهاب ,والتي سعت منذ عقود لتمزيق اللحمة الوطنية وتفتيت الوطن وتمزيقه, إضافة إلى التدخل المباشر ومحاولة تصفية الثورة عسكريا بعد فشلها في تصفية الثورة عبر الطرق والوسائل السياسية والاقتصادية.
ثورة 21 سبتمبر.. الضرورة والحدث
كانت الثقافة الوطنية اليمنية ــ ومازالتـ ـ- فاعلاً رئيسياً في المجرى العام لتطور الفكر السياسي منذ بدايات الانبعاث الوطني العام وحتى الخمسينيات ، حيث شهدت بلادنا ميلاد تيارات فكرية معاصرة تطورت على أساسها الحركة الوطنية اليمنية ، ودخلت تحت تأثيرها طوراً جديداً تمثل بقيام الثورة الوطنية الشعبية ضد الاحتلال العثماني في مطلع القرن العشرين والتي أقامت أول دولة وطنية تحمل اسم اليمن ، وثورة 26 سبتمبر1962م التي أقامت أول جمهورية في شبه الجزيرة العربية ، وثورة 14 أكتوبر الشعبية 1963م ضد الاستعمار البريطاني ، وتحقيق الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر1967م كثمرة للكفاح الشعبي المسلح الذي حرّر الجنوب اليمني المحتل من الاستعمار، وأقام ثاني جمهورية تحمل اسم اليمن ، الأمر الذي أدّى الى ظهور دولتين شطريتين اقتسمتا الهوية الوطنية اليمنية في ظروف معقدة، وصولاً الى قيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م الذي انهى التشطير وأعاد للوطن اليمني المجزّأ وجهه الشرعي الواحد ، في سياق أول عملية تاريخية معاصرة للتحول نحو الديمقراطية التعددية في اليمن.
احمد الحبيشي
لكن طريق هذه العملية الوطنية التاريخية كان معقدا بسبب التحديات والمعوقات التي مرت بها ثورة 26 سبتمبر 1962م وجمهوريتها الفتية ، حيث تمكنت المملكة السعودية الوهّابية وطابورها الخامس داخل اليمن من الانقضاض على الثورة والجمهورية وتجويف محتواها ، وتشكيل أوليغارشيات عائلية وعسكرية وكهنوتية استولت على السلطة والثروة ، ومهدت لحرب 1994م ووحدة 7 /7 التي أقصت الشريك الجنوبي في وحدة عام 1990م، ووضعت البلاد بأسرها تحت سيطرة مراكز القوى والنفوذ والفساد التي سعت الى تبرير ممارساتها الاستبدادية وفسادها البنيوي وتوجهاتها الإقصائية الطائفية تحت شعار حماية الثورة والجمهورية والوحدة والدين!!
في هذا السياق التاريخي وقعت اليمن شمالا وجنوباً تحت قبضة الأوليغارشيات العائلية الاقطاعية والعسكرية والكهنوتية التي فرّطت باستقلال وسيادة اليمن بالتنسيق مع أحزاب السفارات والنخب السياسية القديمة والمتكلسة ، وصولاً الى الاستقواء بالأجانب واستدعاء العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن منذ مارس 2015م حتى الآن.
في ضوء ما تقدم يمكن القول ان قيام ثورة 21 سبتمبر2014م جاءت كضرورة تاريخية تستهدف انقاذ ثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر والجمهورية والوحدة ، وتصحيح الأوضاع الكارثية التي نجمت عن الانحراف عن المسار التحرري الوطني ، والاستيلاء على السلطة والثروة وتجويف الثقافة الوطنية.
على تربة الدور الوظيفي للثقافة الوطنية الجديدة شهدت اليمن بدايات استيقاظ الوعي الوطني في الثلاثينيات.. وعلى خلفية البعد الثقافي للحراك السياسي في المجتمع كان الوعي الوطني ينمو ويتطور.. وحين قامت حرب النحرير الوطنية في بداية القرن العشرين ضد الاستعمار العثماني ، نجح الامام يحيى في تأكيد البعد الوطني التحرري للحرب التي خاصها شعبنا اليمني ضد الاستعمار العثماني من خلال تأكيده على الهوية الوطنية ، وإطلاق اسم اليمن على الدولة الوليدة المستقلة في شمال اليمن لأول مرة تحت مُسمّى (المملكة المتوكلية اليمنية ) ، وهو ما تكرر مرة أخرى بعد انتصار ثورة 14 اكتوبر التي أجبرت الاستعمار البريطاني على الرحيل من جنوب الوطن ، وإعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية إيذاناً باستكمال عودة الهوية الوطنية اليمنية الى كامل الأراضي اليمنية المتحررة من الاستعمار العثماني والاستعمار البريطاني.
ولئن كان ما تقدم هو حال المجال السياسي للحركة الوطنية في صنعاء وتعز وحجة والحديدة ، فقد كان الحال كذلك – أيضا – في عدن ولحج وحضرموت حيث كان المفكرون والمثقفون والكتاب والأدباء والصحافيون والفنانون يجسدون الوحدة العضوية بين الثقافة والسياسة ، ويحملون رايات الكفاح الوطني ضد الاستعمار والتجزئة ، ويرفعون شعارات الحرية والاستقلال والوحدة.
مما له دلالة عميقة أن الرعيل الأول من قادة الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة ـ شمالاً وجنوباً ـ كانوا من المفكرين وعلماء الدين والكتاب والأدباء والصحافيين وخريجي الجامعات العربية والأجنبية ، الأمر الذي يشير بوضوح الى البعد الثقافي لمشروع التغيير.
في الاتجاه نفسه كان الرواد الأوائل لثورة 26 سبتمبر 1962م – أيضاً – من طلاب وخريجي المدارس العسكرية في صنعاء ، وخريجي الكليات الحربية في مصر والعراق ، الذين قامت على أكتافهم بعض الإصلاحات التي اضطر النظام الامامي إلى تنفيذها في الجيش ، بعد أن أقنعته حروبه مع الجيران والبريطانيين بضرورة الشروع في بناء وتحديث الجيش والنظام التعليمي.. بيد أن هؤلاء الثوار لم يوظفوا معارفهم العسكرية والعلمية التي اكتسبوها من أجل خدمة النظام الإمامي الاستبدادي ، بل وظفوها لتخليص الوطن من ظلمه وظلامه ، وايقاد مشاعل الثورة من أجل الحرية والعدالة والتقدم والتغيير في ربوعه.
ما من شك في أن مفاعيل البنية التقليدية بعد قيام ثورتي 26 سبتمبرو 14 اكتوبر المجيدتين أسهمت في انتاج قدرٍ لا يُستهان به من آليات الكبح المعيقة للتغيير ، بيد أن أقساماً لا يستهان بها من النخب الجديدة وقعت في مستنقع النزعات الذاتية والمناطقية والصراعات الدامية التي جعلت من السلطة هدفاً لها ، حيث سعت إلى البحث عن صيغ جاهزة للتنمية الشطرية المنغلقة.
استغرقت الدولتان الشطريتان زمناً ليس هيناً في إعادة انتاج مكوناتهما الموروثة عن العهود السابقة في مسار تطور العملية الثورية المعاصرة التي جاءت كنفي تاريخي ومعرفي لتلك العهود وثورة على مخلفاتهما.. وبتأثير تراكم ذلك الاستغراق المنغلق على الذات الشطرية برزت هوةٌ سحيقة بين الدولتين كأجهزة ومنظومات من جهة ، وبين المجتمع بوصفه كياناً بشرياً ينمو ويتجدد في سياق عملية ثورية تاريخية من جهة أخرى ، الأمر الذي أدى إلى عجز كل من الدولتين الشطريتين عن تلبية وتجديد تطلعات واحتياجات المجتمع اليمني.
ولئن كانت انجازات علم الاجتماع السياسي المعاصر ترى في أن قيام كيان معين لا بد وأن يخلق قوى محلية تتلاءم معه ، ويخلق تبعاً لذلك تأقلماً إيديولوجياً محدوداً بفعل قوة العادة التي تجعل الجيل الناشئ في ظل المناخ الخاص للأيديولوجيا متسماً بروح الانتساب إلى ذلك الكيان الذي نشأ فيه ومنضبطاً في توجيه سلوكه اليومي للتعامل مع منظوماته وأجهزته ، فإن تناقض الكيانين الشطريين قبل الوحدة مع اتجاه تطور العملية الثورية المعاصرة للشعب اليمني فرض عليهما السير في اتجاهين : الإيمان بضرورة الوحدة من جهة ، وتكريس التشطير بصيغ أيديولوجية من جهة أخرى.. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مأزق وتخلـف الجهـاز المفـاهيمي للايديولوجيا الـتي استمــد منها كل كيان ــ على حدة ــ شرعية تبرير وجوده ، وافتعال العوائق لتأجيل الدمج الموضوعي للكيانين الشطريين في دولة وطنية واحدة.
الجذور الفكرية لصراع الإرادات والأوهام الشطرية
ثمة مصادر فكرية مشتركة لصراع تلك الإرادات والأوهام وهي أن الخطاب السياسي الوحدوي للدولتين الشطريتين كان ينتسب إلى الفكر القومي العربي الكلاسيكي الذي كان يربط تحقيق الوحدة العربية بعدد من الشروط ، وبضمنها وحدة أداة الثورة العربية ، وضرورة قيام قوة ثورية إقليمية تتكون من قطر عربي أو أكثر ، وتضطلع بدور مركز الاشعاع والجذب ، وتلعب دور ” القاعدة ” التي ينطلق منها (التغيير الوحدوي الريادي).
وقد تم تحوير المفاهيم المكتسبة من الخطاب القومي العربي الكلاسيكي القديم ، بعد إكسابها صياغات أيديولوجية جديدة، وبعد تنميطها في نطاق محلي قطري بل وشطري ، الأمر الذي أدى إلى حدوث تعديل في مضمون الخطاب السياسي الوحدوي بعد ظهور الدولتين الشطريتين في اليمن أواخر الستينيات.. وكانت نتيجة ذلك التحوير وصول عملية الإستقطابات الأيديولوجية الصارمة إلى مأزقها ، وتفاقم تناقضات الخطاب السياسي الوحدوي للدولتين الشطريتين ، وتكريس التشطير على المستوى الوطني ، وهو المأزق نفسه الذي وصل إليه الخطاب القومي الكلاسيكي.
وهنا يتطلب الأمر نقد الوعي الأيديولوجي الذي ساد في حقبة التشطير ، وكرّس طائفة من المفاهيم التي خلطت بين عملية التوحيد الوطني كضرورة في سياق مشروع التغيير وبين فرضيات الانتقال بهذه العملية إلى الوجهة الاشتراكية أو الوجهة الرأسمالية أو تحويلها إلى ” قاعدة ” لاستعادة دولة الخلافة الاسلامية وفق تصورات نظرية مبسطة لا تمتلك مرجعاً معرفياً لها سواء في التجربة الاسلامية التاريخية أو الواقع اليمني أو السياق العالمي.
تميزت السنوات الأولى للوضع الناشئ والقائم على أساس دولتين شطريتين في اليمن أواخر الستينيات ، بحرص كل منهما على تجميع آليات الأمن الذاتي والتبعية الخارجية ، وما رافق ذلك من ميول لتكوين وعي سياسي تبريري يكرس التشطير من جهة ، ويرفع خطاباً وحدوياً ضده من جهة أخرى ، ولم تخل تلك الفترة من الصدامات والحروب المباشرة وغير المباشرة على مستوى الشطرين ، بالإضافة إلى الصدامات الداخلية داخل كل شطر في مجرى الصراع على السلطة، وعندما استقرت الأوضاع للدولتين الشطريتين ، اتجه كل منهما لإنجاز مهمات التنمية الاقتصادية والإجتماعية محكوماً بدور وظيفي للدولة ذي تقاليد ضاربة الجذور في أعماق التاريخ ، على النحو الذي أكسب الدولة الشطرية سمات رعوية شرقية.
بوسع التحليل الموضوعي لمسار التنمية في كل من الشطرين تسليط الضوء على تناقضات التنمية الشطرية وبالتالي تناقضات الخطاب السياسي الوحدوي في حقبة التشطير ، والتي يعود مرجعها إلى ذلك الكم من الأعمال النظرية المشوّهة التي تظاهرت بتصوير تلك التناقضات وكأنها انعكاس لاتجاهين متوازيين ومتعاكسين على صعيد مفاهيم التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافة الوطنية.
وكان طبيعياً أن يترتب على كل ذلك بروز ظاهرة التخندق خلف متاريس تلك المفاهيم السطحية عند بحث إشكاليات ومصاعب تحقيق الوحدة اليمنية آنذاك، وذلك من خلال تبرير التشطير آيديولوجياً ، دون أن يكون الوعي الايديولوجي السائد في الشطرين قد استقر على مفاهيم معرفية ناضجة ، ناهيك عن كون المرجعية الخارجية لذلك الوعي ــ بصرف النظر عن تناقض مفاهيمه بين شطر وآخر ــ لم تكن قد وصلت الى استنتاجات وتعميمات حاسمة ، على نحو ما حدث في النصف الثاني من الثمانينيات حين بدأ الجهاز المفاهيمي لكل من علم الاجتماع وعلم الاقتصاد السياسي يتأزم ويتحلل بسبب تصادمه مع الميول الموضوعية لتطور التاريخ العالمي ، سواء على مستوى الفكر الاشتراكي أو الفكر الليبرالي المعاصرين.
والثابت أن الدولتين الشطريتين اتجهتا نحو التنمية لتخفيف ضغط التجزئة على أمنهما الذاتي ، ساعدتهما في ذلك حاجة موضوعية هي جزء من وظائفهما في إطار مفاعيل مشروع التغيير الذي دشنته الثورة اليمنية المعاصرة ، بصرف النظر عن نوع الإرادة السياسية والتصورات الأيديولوجية التي حاولت كل من الدولتين الشطريتن توجيه التنمية على ضوئها.
كان البحث عن رؤى وأنماط متباينة للتنمية بهدف تبرير التشطير وتأسيسه على وجهتين متمايزتين لكل من الدولتين الشطريتين ، يبدو في بادئ الأمر وكأنه امر سهل ، بيد أنه كان ينطوي على تعسف لمبادئ علم الاقتصاد السياسي للتنمية في البلدان المتخلفة، وقد تم ذلك التعسف بوضوح عن طريق الاستعانة بنظريات جاهزة ــ لم تكتمل بعد ــ عن التنمية والتطور الانتقالي في ما كان يُسمّى (العالم الثالث).
بالنسبة للشطر الشمالي من اليمن انحصر التوجـه نحو التنـميـة في أوائـل السبعينيات ــ وبدوافع سياسية بحتة ــ في أُطر آليات السوق وتسخير جزء من وظائف الدولة لإعادة إنتاج البنى التقليدية لما قبل الدولة ، الى جانب تنمية القطاع الخاص وتقديم مختلف أشكال الدعم والحماية له.. وفيما بعد تبلورت الحاجة إلى تنويع أشكال الملكية وأنماط الاقتصاد ، وتوجيه التدخل الحكومي لضبط أسعار المواد الأولية ودعم أسعار المواد الغذائية وإطلاق ميكانزمات التعاون الأهلي.
كان كل ذلك يتم انطلاقاً من فرضيات ترى بأن التنمية ممكنة إذا توافر لها قدر معين من الطاقة الاستثمارية والعمـالة والإدارة والمشاركة في شؤون الإدارة المحلية ، مع تجاهل تام لأهمية تقويم حجم السوق الداخلية ، ومعايير الفواعل السياسية والاقتصادية الخارجية في منطقة تشكو من تبعية طرفية مطلقة ، بالإضافة إلى إغفال معايير توافر الموارد الطبيعية للاقتصاد الوطني والموارد الذاتية لتكوينه الرأسمالي.. وجميع هذه العوامل قادت التنمية في الدولة الشطرية بشمال الوطن إلى مأزق رأسمالية الدولة بشكل حاد، ووصلت ذروتها بعد تراجع تحويلات المغتربين على إثر انخفاض اسعار النفط في منتصف الثمانينيات.
أما على صعيد الشطر الجنوبي فقد سارت التنمية انطلاقاً من منظور ساذج للصراع الطبقي ، جرى بموجبه استبعاد قوى سياسية واجتماعية انطلاقاً من الأوهام التي تؤكد على ضرورة ” التقليص التدريجي للعوامل المولدة للعلاقات الرأسمالية على طريق تصفيتها نهائياً “.
ولا يحتاج المرء إلى جهد كي يكتشف ان مرجعية ذلك المنظور الاقتصادي الساذج تعود إلى الأوهام الأيديولوجية القائلة بـ ” حتمية انتقال المجتمعات المتخلفة إلى الاشتراكية مباشرة بواسطة الدعم الخارجي للبروليتاريا الظافرة ، ودون الحاجة للمرور بمرحلة الرأسمالية ” !!.
والحال إن المشاريع القديمة التي نقصدها كانت قد وصلت إلى سدة الحكم في بعض البلدان العربية إن لم نقل معظمها بوسائل الاستقواء بالقوى الأجنبية أو الانقلابات العسكرية ثم خسرت في نهاية المطاف وهجها وبريقها ، الأمر الذي أفسح الطريق أمام تغوُّل التهديد الصهيوني وولادة ضرورة مقاومته بمختلف السبل الممكنة.
يبقى القول إن الآثار السلبية لتلك التجارب الخاسرة لم تنحصر ــ فقط ــ في نطاق إضعاف حيوية المجتمع العربي وتهميش قواه الحية ، بل امتدت لتصيب بدائها العضال مختلف النخب الحاكمة في تلك البلدان التي نكبت بتجارب شمولية فاشلة ، وعجزت عن تقديم نموذج قابل للاستمرار والتجديد ، وانتهت إلى إفلاس سياسي وفكري وثقافي تكونت على تربته الهشة أزمات وانهيارات مدوية وتحالفات خارجية خطيرة ، مقابل بروز مخاطر وتحديات عديدة وفي مقدمتها العدوان السعودي على اليمن.. وهي تحديات لا يمكن مواجهتها بدون امتلاك مشروع جديد للتغيير يقوم بالدرجة الأولى على قاعدة تحرير السياسة من سلطة الأيدولوجيا ، والتحرر من ثقافة الاستبداد والإلغاء ، وإعادة الاعتبار لقيم الحرية التي ترفض التبعية والوصاية الأجنبية على القرار الوطني المستقل والدفاع عن السيادة والاستقلال ، وجميعها تحديات تأتي في صدارة المهام الوطنية التاريخية لثورة 21 سبتمبر المجيدة التي تقاوم العدوان السعودي الاماراتي الأمريكي على اليمن وتدافع عن السيادة والاستقلال منذ ما يقارب خمس سنوات.
الأبعاد الديمقراطية لثورة 21 سبتمبر
رغم تبدلات البناء الفوقي، بشكل محاصصي، في حكومة «باسندوة» إلا أن ذات السُلطة السائدة بجناحيها منذ 94م وقفت عاجزة في ظل تلك الحكومة عن حل جوهر القضية اليمنية، بتلبية مطالب الشـعـب في الحـريّة وبناء دولة المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، المطالب التي فجرت ثورة 11 فبراير، فأعلنت بعجزها هذا عن موت مستقبلها، وهوَ الموت الذي يَظهر اليوم في انحياز هذه القوى التي ربطت مصيرها في الواقع اليمني، بانتصار تحالف العدوان الأجنبي.
عجزت حكومة “الوفاق” من موقعها السياسي عن التأثير الفعال في الواقع السياسي الاجتماعي الاقتصادي، على الرغم من أن هذه الحكومة كان لها استقلال نسبي عن سلطة مراكز النفوذ التاريخية، حيث استوعبت أحزاباً من خارج مراكز النفوذ والهيمنة، إلا أن الفساد تضاعف في تلك الحكومة، واحتدم الاستقطاب الحزبي داخل مؤسسات الدولة، وانتقلت المعارك إلى المرافق الحكومية، في سعي حثيث متبادل بين أطرافها، لنهب أكبر قدر من المال وتحصيل المكاسب غير المشروعة.
بدأ مسار مؤتمر الحوار الوطني سلساً محكوماً بالتوافق كشكل مرحلي للديمقراطية، وطرحت فيه رؤى وحوارات جادة، في ظل مستوى عالٍ من الحُرية في التعبير، إلا أن القوى النافذة والأطراف الدولية، لم تكن تريد لمؤتمر الحوار أن يصبح فرصة لحل هذه القضايا بمشيئة وطنية، بما يغير من الواقع السائد وينسف مصالح قوى التسلط والنفوذ المحلية، ومَا يربطهم من قوى دولية، فبرزت مساعٍ دولية ومحلية إلى توجيه مؤتمر الحوار الوطني وإعاقته، وهوَ ما حدث في نهاية الامر.
بقاء ذات الممارسات السلطوية والقوى المسيطرة، وعدم تحقق آمال الجماهير، اشترط استمرار النشاط الجماهيري في كيفية جديدة، بانخراط قطاعات واسعة من الشعب، بالعملية السياسية من خلال تناولهم القضايا اليومية الجوهرية في الجرائد والصحف والمقايل، جعلتهم أكثر قدرة على إدراك الواقع، ما كثف الاجماع الشَّـعْـبي حول مسألة التغيير ورفض الواقع، المشوه، أي القناعة بالحاجة إلى ثورة جديدة تصحح مسار فبراير 2011م فكانت ثورة 21 سبتمبر 2014م هي التعبير الموضوعي عن هذا الانفجار وعن هذه الحاجة الى حل القضايا، وتصحيح مسار مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
الجرعة محفز لا باعث
قرار الجُرعة السعرية كان محفزاً جماهيرياً للقيام بثورة 21 سبتمبر الشعبية، تلمسه انصار الله فأخذوا بأيدي الجماهير المتضررة من الجرعة، ولم تكن الجرعة هي السبب والباعث الجوهري للثورة ،فالباعث الجوهري هو تعطل المسار الديمقراطي التنموي ونكسة ثورة 11 فبراير، وقد قامت ثورة 21 سبتمبر على مسارين أولاً اجتماعي ثوري لمعالجة المسألة الاقتصادية الملحة المتمثلة بقرار الجرعة وفي هذا المسار الاجتماعي جاءت الثورة ايضاً امتداداً للانتفاضات الفلاحية في الريف الشمالي ضد هيمنة بيت الأحمر، والمسار الآخر المولد للثورة ديمقراطي وطني بمواجهة الهيمنة الخارجية التي تجلت في التعنت والديكتاتورية التي كانت تُحسم بها قضايا مؤتمر الحوار الوطني، حيث تمرد هادي على التوافق بشأن مسألة شكل الدولة (الاقاليم) مستنداً إلى الدعم الأجنبي، وأقصى مكونات رئيسية مثل أنصار الله والحزب الاشتراكي والحِراك الجنوبي والتجمع الوحدوي والتنظيم الناصري من الدخول في الهيئة الوطنية لصياغة الدستور ورفض اشراك بعض المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار بمسألة الاشراف على إعداد السجل الانتخابي الجديد للاستفتاء على الدستور الجديد.
ثورة كل الشَعب ومصالح كل الوطن
أخذت الثورة الشعبية 21 سبتمبر2014م شكلاً جماهيرياً واسعاً من حيث الكم، فكانت استفتاء شعبياً ديمقراطياً على مشروعية التغيير، ومتنوعاً من حيث الكيف حيث استوعبت اليمنيين بمختلف اتتماءاتهم حيث غمرَت معظم المحافظات الشمالية وأجزاء من المحافظات الجنوبية واستوعبت في اتفاق السلم والشراكة هموم الجماهير الجنوبية، في الشراكة الندية بين الشمال والجنوب وإعادة النظر في شكل الدولة، الذي أقرَّهُ هادي بطريقة لا موضوعية من خارج التوافق الوطني الحاكم لمؤتمر الحوار الوطني.
وقد برزت المضامين الديموقراطية لثورة 21سبتمبر، وفي ممارسة أنصار الله، من قبل تاريخ 21 سبتمبر 2014م فلم يكن اتفاق السلم والشراكة اضطرارياً من خارج القناعة، وتجلت هذه الميولات الديموقراطية بشكل واضح في الاتفاقيات بين أنصار الله وأبناء المناطق الريفية في عمران بعد الإطاحة بمشيخات الأَحْمَر، والاتفاقات السابقة للإطاحة ببيت الأَحْمَر وبعدها، والتي كانت جلها تؤكد على المسائل الديموقراطية، من أمان حُرية التنقل، وحرية الفكر واحترام الرأي، ومزاولة الأنشطة الثقافية بشكل سلمي، وحرية الانتماء والتعددية السياسية.. ونجد هذا النص في إحدى الاتفاقيات بين أنصار الله وأبناء قرية الخضر 23\4\2014م، وهي البنودُ التي تتكرّر ببقية الاتفاقيات والوثائق سواء العُرفية الخالصة أَوْ التي يتم بها تشكيل لجان رئاسية، حيث جاء فيها: “لكل إنْسَـان الحق في الفكر وعدم فرض أيّ رأي وأن يسودَ الاحترام المتبادل بين أبناء القرية، لأنصار الله الحق في ممارسة مشروعهم الثقافي في الإطار السلمي، وتعليق اللافتات والمنشورات عدا الأماكن الخاصة إلا بإذن أهلها”.
وتأخذ ثورة 21 سبتمبر بعدها الديمقراطي الواضح الذي تبلور سياسياً، بتعبيرها المؤكد على اتفاق الاخوة والشراكة، في اتفاق “السلم والشراكة الوطنية”، والدفع باتجاه تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وتصحيح هيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، التي أُقصت منها قوى سياسية رئيسية مشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، وإعَادَة تشكيل الهيئة الوطنية لصياغة الدستور بشكل ديمقراطي يستوعب كُلّ القوى التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني، وإسْقَاط القرار الديكتاتوري لهادي بشأن شكل الدولة الذي تم بطريقة تعسفية ولم يراع مبدأ التوافق الحاكم للمرحلة.
تهامة عشق الرئيس صالح الصماد ومنتهى مسيرته النضالية الحافلة
ثورة الـ21من سبتمبر قضت في أسابيع على عصابات القتل والاجرام الممتدة لعقود طويلة
الحديدة هي أمانة الرئيس الشهيد صالح الصماد في أعناق الشعب اليمني هكذا يلخص قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي المكانة العظيمة التي حظيت بها ولاتزال محافظة الحديدة في فكر وأدبيات ثورة الـ21من سبتمبر.
وضعت ثورة الـ21من سبتمبر الظافرة تهامة الغربية ومحافظة الحديدة تحديدا في رأس أولويات اهتمامها نظرا للأهمية الكبرى التي تمثلها للوطن اليمني من أقصاه الى أقصاه لذلك فقد وجه العدوان سهام أحقاده الى هذه المحافظة بكل قوة وعنف والقى بكل ثقله لنشر الخراب والدمار في ارجائها لكنه ورغم الامكانيات الهائلة التي حشدها لمعركته الخبيثة في جبهة الساحل الغربي اصطدم بإرادة وثبات وبسالة ابناء تهامة الذين تصدوا ولايزالون لجحافل الغزاة والمرتزقة ومعهم كل أبناء اليمن وها هو العدوان يترنح هناك دون أن يحقق أي انجاز منذ قرابة العامين.
حمدي دوبلة
امكانيات ومقومات كبيرة
محافظة الحديدة التي تمتد على مساحة تقارب الـ10آلاف كيلو متر مربع تعتبر البوابة الغربية لليمن بحكم موقعها الاستراتيجي على البحر الاحمر حيث توجد الى جانب ميناء الحديدة الرئيسي عدد من الموانئ والمنافذ البحرية الحيوية الهامة على طول الساحل الغربي ناهيك عن الثروة السمكية الهائلة التي تمتلكها اذ يمثل القطاع السمكي وخاصة الاصطياد التقليدي احد اهم مواردها الاقتصادية الذي يبقى من اهم دعائم الاقتصاد القومي للبلد ناهيك عن الثروة الزراعية والحيوانية الكبيرة وغير ذلك من المقومات والامكانيات التي لا يتسع المجال لذكرها هنا لكن ما يهمنا هنا القول بان هذه المحافظة الرائدة ورغم ما تمتلكه من مميزات ومزايا عديدة ظلت في نظر السلطات والانظمة السابقة طيلة العقود الخمسة الماضية عبارة عن بقرة حلوب مع عدم اعطائها اهتمام يذكر على صعيد توفير البنى التحتية وتنفيذ المشاريع الانمائية والخدمية لتبقى الحديدة واحدة من أكثر محافظات اليمن اهمالا وعبثا ولم يتوقف الامر عند هذا الحد اذ عمد النافذون في الانظمة البائدة على تحويل المحافظة الى ومرافئها الحيوية الى منافذ للتهريب وادخال انواع لا تحصى من السلع والبضائع المحظورة وحرمان الاقتصاد الوطني من عائدات مالية كبرى عوض عن استفادة اشخاص وعصابات كانت تتحكم في القرار السياسي الى جانب سيطرة واستحواذ هؤلاء النافذين على مساحات واسعة من الاراضي الزراعية وتحويلها الى ملكيات خاصة فيما تم استعباد ملاكها الحقيقيين وجعلهم عاملين بالأجرة في أراضيهم.
الحديدة قبل الثورة الشعبية
عاشت الحديدة مع أهلها الطيبين ابان العقود الماضية اسوأ مراحلها وعانت طويلا من الاهمال والاستغلال المجحف والتهميش والاقصاء المتعمد لابنائها وكوادرها في مختلف المجالات وحتى قبيل اندلاع ثورة الـ21من سبتمبر من العام 2014م ظلت المحافظة وخاصة المناطق الحيوية منها مثل مدن وارياف مديريات زبيد وحيس والخوخة في اقصى جنوب المحافظة مرتعا للمجرمين والمهربين وقطاع الطرق.
ويقول المواطنون في هذه المناطق بان ممارسة عمليات التهريب والاعمال الاجرامية من قتل ونهب وسطو على الممتلكات العامة والخاصة كانت عناوين يومية في الارياف الجنوبية لمديريتي حيس والخوخة تحديدا وظلت هذه الممارسات لعقود طويلة وظل المجرمون السفاحون في تلك المناطق يمارسون جرائمهم بكل ارتياح دون أن يكون للأجهزة الأمنية أي جهود تذكر مما ساد اعتقاد في أوساط الناس بأن هناك تنسيقا بين الجانبين للتنكيل بالأبرياء والسيطرة على ممتلكاتهم دون اعتراض من أحد.. ويقول غالب محمد وهو من أبناء الريف الجنوبي لمديرية حيس بأن ممارسات هذه العصابات المدعومة من قبل نافذين في الانظمة السابقة استمرت لأكثر من عشرين عاما وتوسعت بصورة أكثر وحشية واجراما في عهد الفار الفادي وبات الناس في عهد حكومة الوفاق التابعة لهادي كما يقول لـ”الثورة” لا يستطيعون الخروج من منازلهم اعتبارا من بعد العصر.
ويضيف المواطن غالب محمد بان المسافرين على خط طريق الحديدة تعز كانوا يتعرضون طوال العقود الماضية وتحديدا ما بين مدينة حيس ومنطقة النجيبة للتقطع من قبل هذه العصابات وان كثيرا من تلك الحوادث كانت تنتهي بقتل ودفن الضحايا في رمال تلك المناطق دون ان يتم ضبط أي من القتلة مما شجع المجرمين وضعاف النفوس الى التوسع في انشاء هذه العصابات التي وجهت جرائمها ايضا الى اللاجئين الصوماليين الذين كانوا يمرون في هذه المناطق عقب وصولهم على قوارب التهريب الى ميناء المخا حيث يتم البطش بهؤلاء المساكين ونهب أموالهم وحتى اغتصاب النساء وظلت هذه الممارسات الى ان جاءت ثورة الـ21من سبتمبر ووصل مجاهدو “انصار الله” الى المنطقة بعد ايام فقط من انتصار الثورة ولم تمض اسابيع الا وتم القضاء وبشكل نهائي على تلك العصابات وهو ما أثار ارتياحا واسعا في اوساط الناس واستبشروا خيرا بهذه الثورة الظافرة التي اغلقت ملف واحدة من اهم قضايا الاجرام المعقدة بعد ان استعصت لعقود طويلة.
بقية مناطق الحديدة لم تكن هي الاخرى بأحسن حال من هذه المناطق وشهدت ممارسات واسعة للفساد والتسلط من قبل النافذين القادمين من خارج المحافظة حيث قاموا بالاستيلاء على اراضي الناس وشراء المساحات الهامة على الساحل الغربي وصار الشاطئ السياحي لمدينة الخوخة حكرا على المسؤولين والنافذين لتنتهي كل هذه الممارسات المستعصية في غضون اسابيع فقط من عمر ثورة الـ21من سبتمبر الشعبية وهو الامر الذي لم يرق لقوى العدوان ومرتزقته فكثفوا من استهدافهم لمناطق الساحل الغربي وحشدوا اليه عشرات الالاف من المرتزقة من مختلف الجنسيات ليتمكنوا من فتح جبهة الساحل الغربي بهدف منع مسيرة التصحيح الوطني في هذه المنطقة الهامة والحيوية بالنسبة للوطن اليمني.
عشق الشهيد الصماد ومنتهى مسيرته العظيمة
ارتبطت تهامة ارتباطا وثيقا بالرئيس الشهيد صالح على الصماد وظلت الحديدة وابناؤها في صميم عشقه وتوجهاته الوطنية ورغم عمره القصير على رأس الهرم السلطوي لحكومة صنعاء فقد اعطى كل اهتمامه ورعايته للحديدة وابنائها الطيبين واذا بروحه الطاهرة تفارق جسده ويرتقي شهيدا الى السماء من أرض عشقه ومنتهى مسيرته الوطنية المميزة يقول السيد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة الشعبية بان الاهتمام الاستثنائي الذي ابداه الشهيد الصماد بالحديدة وزياراته المتعددة لها واستشهاده على اراضيها المباركة كان مرجعه الى ادراكه العميق والمبكر لطبيعة الاستهداف من قبل قوى العدوان لهذه المحافظة وأن المعركة في الساحل الغربي هي معركة أمريكية بامتياز وجنودها مرتزقة ويضيف السيد في خطابه عقب استشهاد الرئيس الصماد في اواخر ابريل من العام 2018م بأن تهامة عموما ومحافظة الحديدة على وجه التحديد ستبقى أمانة الشهيد الرئيس الصماد على عاتق الشعب اليمني.
وكما كان الرئيس الشهيد صالح الصماد مدركا لطبيعة الاستهداف الخبيث لمحافظة الحديدة ومخططاته الدنيئة لنشر الفوضى والدمار في ارجائها وجعلها موطنا للعصابات الارهابية وتأكيده المبكر بأن الشعب اليمني كله سينفر خفافا وثقالا للدفاع عنها نجد بان قائد الثورة الشعبية السيد المجاهد عبدالملك الحوثي كان قارئا حصيفا وذا نظرة ثاقبة وحكيمة للتوجهات العدوانية على الحديدة وبعد قرابة العامين منذ اندلاع معركة الساحل الغربي نجد بأن ما قاله القائد تحقق حرفيا وهنا نعود بالذاكرة قليلا الى خطاب السيد عقب استشهاد الرئيس الصماد حيث اكد حينها بالقول “أن العدو يستطيع أن يفتح معركة في الحديدة لكن يستحيل عليه أن يحسمها ، مؤكداً أن الشعب اليمني معني بالدفاع عن تهامة وينبغي للسكان في الحديدة أن يثقوا في وقوف الشعب إلى جانبهم.
ويضيف ” أي اختراق للعدو يمكن تطويقه بالتكاتف الشعبي والقبلي إلى جانب الجيش واللجان والعدو يراهن على الإرباك وأن الاختراقات في الخط الساحلي قابلة للاحتواء والسيطرة عليها وتحويلها إلى تهديد للغزاة.
وكشف السيد أن تكتيك العدو في الساحل هو تكتيك صبياني يمكن أن يسقط أمام الثبات العسكري والتماسك الشعبي
ويشير الى ان التماسك والاطمئنان في هذه المعركة هي أهم نقطة وتكتيك العدو سيفشل حيث أن العدو يسعى لإعطاء كل خطوة أكبر من حجمها، ويجب مواجهة ذلك بالتحرك التعبوي والإعلامي ..مؤكدا بأن معركة الساحل تشكل مرحلة فارقة وان الحديدة ستبقى عصية على الغزاة ومرتزقتهم ”
وبالفعل ها هو العدوان بكل جحافله والالاف من ادواته وعتاده العسكري الضخم يفشل في تحقيق أي انجاز ميداني واضح باستثناء الاختراق الصوري والشكلي على امتداد الخط الساحلي والذي اصبح بابا لجهنم تحصد ارواح العدو بفضل بسالة وتضحيات ابطال تهامة الميامين ممن يتصدرون الخطوط الامامية في المواجهات مع قوى الغزو والارتزاق وعصابات الارهاب التي أراد العدو ان يجعل من أرض الحديدة الطيبة والمعطاءة مرتعا لممارساتهم الاجرامية ويسطر أبطال تهامة ومعهم المجاهدون من ابطال الجيش واللجان الشعبية من كافة مناطق الوطن اليمني وكما أراد الشهيد الصماد أروع الملاحم البطولية في الدفاع عن أرضهم وكرامة أمتهم.
أحمد العليي لـ”الثورة”: ثورة 21 سبتمبر 2014م انتصرت للقضية الجنوبية وكسرت شوكة العدوان
قرار المصالحة فرصة ذهبية وعلى المخدوعين بشعارات التحالف استغلالها والعودة الى الوطن الحاضن للجميع
قال منسق الجبهة الوطني الجنوبية لمواجهة الغزو والاحتلال أحمد العليي: إن ثورة 21 سبتمبر 2014م انتصرت للقضية الجنوبية والشعب اليمني وسيادته واستقلال قراره السياسي، وكسرت شوكة العدوان بصمود الجيش واللجان الشعبية وبعمليات الردع المنظمة بدقة عالية، لافتاً إلى أن عملية توازن الردع الثانية حققت هدفها وأكدت أن النصر حليف الشعب اليمني الصامد للعام الخامس على التوالي.
وأكد في حديث صحفي لـ (الثورة) أن قرار تشكيل لجنة المصالحة الوطنية شكلت فرصة ذهبية لكل المغرر بهم، وعلى المخدوعين بشعارات التحالف استغلالها والعودة الى الوطن الذي هو الحاضن للجميع.. متطرقا في الحوار إلى جملة من معاني ودلالات الذكرى الخامسة لثورة 21 سبتمبر، والأوضاع في الجنوب، والوضع الذي تعيشه القوات الاماراتية المحتلة وغيرها من القضايا.. إلى التفاصيل:
لقاء/ محمد إبراهيم
بداية ماذا يعني لكم العيد الخامس لثورة 21 سبتمبر وما نادت به.. في ظل ما يجري لجنوب الوطن من غزو واحتلال ومحاولة تمزيق.. ؟
بلا شك أن العيد الخامس لثورة 21 سبتمبر 2014م يعني لنا الصمود والنصر والانفلات من قيود اليأس والتبعية، وغيرها من المعاني التحررية التي لا تخرج عن نسق النصر المبين واستشعار العزة والكرامة، فأربع سنوات لم تكن في وارد دول تحالف العدوان والحصار، ولم تكن في وارد العالم، بل واليمنيين أنفسهم لم يتوقعوا هذا الصمود، ما عدا المؤمنين بعدالة قضيتهم أولئك الذين بذلوا أنفسهم رخيصة في سبيل الدفاع المشروع عن الوطن.. واعني بذلك أبطال الجيش واللجان الشعبية الذين بفضل استبسالهم أمام التحالف البربري بقيادة نظام آل سعود وآل زايد.. تعيش اليمن اليوم الاحتفال بالعيد الخامس لثورة 21 سبتمبر 2014م التي أراد العدوان القضاء عليها من أول لحظة، لكنها بفضل الله ثم بفضل قيادتها الظافرة كانت وما تزل في عنفوانها وصارت اليوم بعد صمودها لخمسة أعوام على التوالي من العدوان القذر وتحالفه الكوني هي الأمل الكبير والشعلة التي ستبدد الظلام وتغير المعادلات لصالح الانتصار لشعبنا اليمني العظيم..
برأيكم ما المبررات التي استدعت قيام الثورة 21 سبتمبر ؟
مبررات قيام ثوره للتغيير كانت ملحة بعد أن ترهل النظام واعتراه التآكل وتزايدت الانقسامات بداخله وأخذت أبعاداً وولاءات خارجية كانت هي المحرك الفاعل لكافة الشؤون اليمنية ومعها زادت حدة التدخلات الخارجية في شؤون اليمن ومعها افتقد النظام قراره السياسي وصاحب ذلك تراجع واضح للاقتصاد الوطني وانهيار للعملة وزيادة لنسبة البطالة ونهب منظم للثروة وغيام كامل للخدمات العامة.
وكانت البداية لتحرك الشباب سعيا للتغيير السلمي اوائل العام 2011م سرعان ما تدخلت مراكز النفوذ لاحتواء ثورتهم والالتفاف على مشروعهم الوطني وتوجيهه نحو إعادة إنتاج نفس النظام برعاية أمريكية خليجية تحت مسمى المبادرة الخليجية لتحقيق أهم أحلام أمريكا وأدواتها العربية وهو تقسيم اليمن الى ستة اقاليم بعد مسرحية طويلة سميت بالحوار الوطني .
وهنا تدخل الانصار في الـ 21 من سبتمبر 2014م لوأد ذلك المشروع المشوه لتاريخ اليمن وعزته وكرامته واستقلاله وسرعان ما التف شرفاء الوطن واحراره معلنين الوقوف الى جانب الثورة وقائدها الحكيم.
ما الذي قدمته ثورة الـ21 من ستبمبر للقضية الجنوبية.. ؟ وماذا حققت في هذه الظروف الصعبة..؟
ثورة 21 سبتمبر لم يتوقف انتصارها عند القضية الجنوبية عبر الشراكة الوطنية الحقيقية، بل انتصرت للسيادة اليمنية في زمن ذهب في صف أعدائها التاريخيين كل من كانوا يتشدقون بشعارات الوطنية والتضحيات.. وتبعاً لذلك فإن هذه الذكرى تمثل لنا اليوم مصدر إلهام يتجدد دوماً نحو المزيد من مواجهة العدوان والاحتلال والوقوف بثبات أمام هذه الغطرسة والعدوانية، التي للأسف الشديد لولا انخداع اليمنيين من دعاة الوطنية بشعارات تحالف الغزو والاحتلال لما وصل هؤلاء الأقزام إلى اليمن، ولكن بفضل الله وبفضل القيادة الثورية والسياسية وبفضل ثورة 21 سبتمبر لما صمد الشعب اليمني، واستطاع كسر شوكة العدوان بصموده، أمام العدوان وأفشل محاولاتهم العبثية في اخضاع الشعب اليمني، سيفشل محاولاتهم فرض أجندة خاصة لهم ولأسيادهم إذ ليسوا إلا أدوات حقيرة يحاولون قدر الإمكان تمرير مخططات أسيادهم الخادمة لمصالح وأهداف قوى الشر والاستكبار الكبرى وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل. وخلاصة القول إن الغزاة والمحتلين لن يحققوا أهدافهم فشعبنا اليمني قرر مصيره واستقلال قراره في 21 سبتمبر 2014م..
ما هي دعوتكم لليمنيين الصامدين في وجه العدوان ازاء أهداف ثورة 21 سبتمبر المنادية بالتحرر والاستقلالية من التبعية.. ؟
على الشباب وعلى كل من يؤمن بأهداف ثورة 21 سبتمبر 2014م التي انتصر لسيادة واستقلال القرار اليمني، أن يعتزوا بما حققته من صمود اسطوري أمام عدوان كوني استهدف افشال مسيرتها القرآنية.. كما أن عليهم الصبر والثبات حتى النصر إن شاء الله، وقد بدا واضحا وجليا درب النصر وانكسار العدو في الأسابيع الأخيرة، وقد تابعنا كيف هزت الضربة الجوية للطيران المسير الأخيرة العالم وجعلت الأنظار تتجه صوب الخليج وصوب وضع السعودية الحرج.
على ذكر الضربة الأخيرة.. ما هي قراءاتكم لعملية ردع التوازن الثانية.. ؟
قراءتنا بأنها تطور كبير وتحول هام باتجاه النصر وتسليم قوى العدوان أن لا مجال لإخضاع الشعب اليمني أو تركيعه إنه سينتصر لشهدائه ودماء أبنائه الأبرار.. كما أن هذه العملية مفخرة وانجاز سبتمبري عظيم من انجازات ثورة 21 سبتمبر 2014م في الدرجة الأولى باتجاه بناء قوة عسكرية يمنية قادرة عن الدفاع عن سيادة اليمن والانتصار لما طالها من قتل وتدمير من قبل قوى الاستكبار السعودي الاماراتي الأمريكي والصهيوني.
وماذا يعني محاولات السعودية من التقليل من شأنها بادعاء أنها عملية إيرانية.. ؟
بلا شك أن هذا التخبط يحمل مدلولات كبيرة، منها أن السعودية تحاول عبثا إبعاد أنظار العالم بما وصلت إليها القوة العسكرية اليمنية رغم خمس سنوات من العدوان والحصار، بغية التقليل من الشأن اليمني وهذا الاحتمال وارد، والاحتمال الآخر هو أن السعودية لا تريد سلاما للمنطقة ولا تريد سوى جر القوات الأمريكية والاسرائيلية تحت شعار حماية مصالحها، عبر حماية الأسرة المستبدة على رأس النظام السعودي.. ناهيك عن مدلول التهرب من مسؤولياتها الجنائية والأخلاقية والإنسانية تجاه ما ارتكبته من جرائم في اليمن، وحتى لا يقال لها عقلاء العالم وأحراره، إن ما يجري لها من ضربات يمنية هي انتصار طبيعي لدماء المدنيين الأبرياء..
وأنت كمنسق للجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال. ماذا يجري في جنوب الوطن اليوم.. ؟
ما يجري في المحافظات الجنوبية والشرقية على صعيد الاغتيالات والاختلالات الأمنية والإرهاب، والممارسات العنصرية تجاه المواطنين اليمنيين الشمالين، واصرار علني على تجزئة اليمن، هو تحصيل حاصل لمخططات الغزاة، فلا شك أن العدوان قد كشف منذ اللحظات الأولى خلفية مخططاته الإجرامية بحق شعبنا في المحافظات الجنوبية. وهو المشروع الذي يريده تحالف العدوان لليمنيين، وليس كما يتوهم البعض ويخدع بشعارات حماية الوحدة وأمن واستقرار اليمن، فليس سوى زيف، وهو بالدرجة الأولى يهدف إلى تمزيق نسيجنا الاجتماعي ويهدف إلى نهب ثرواتنا أيضاً واستعباد شعبنا ولا شك أن كل تلك الأهداف قد كشفت حقيقة الغزاة أمام شعبنا اليمني وبالتالي نرى أن هناك حراكاً شعبياً َثورياً يتجدد كل يوم بفعل جرائم هذا العدوان.
وما هي دعوتكم لأبناء الوطن من ثوار سبتمبر واكتوبر ازاء الغزاة والمحتلين الجدد.. ؟
دعوتنا لثوار سبتمبر واكتوبر وأبنائهم وأجيالهم الوطنيين الشرفاء، إن ما صنعتموه بتضحياتكم يقتضي اليوم علينا جميعا الوقوف صفا واحداً ضد الغزاة الجدد، فلا مقام لهم في أراضينا ووطننا الغالي.. أما إذا تفرقنا فستظل الإمارات والسعودية أدوات الاستعمار القديم تسرح وتمرح في محافظات جنوب الوطن، وستنهش ثروات اليمنيين الحاضرة والمستقبلية..
وما هي رؤيتكم الآن لوضع قوات الاحتلال الاماراتي في عدن..؟ ومستقبلها في حال اصرت على احتلال جنوب الوطن.. ؟
قوات الاحتلال الإمارات هي في أسوأ حالتها، أولا انكشفت مؤامراتها بالكامل أمام الشعب اليمني بمن فيهم الوحدويون الذين كانوا يراهنون على شعارات التحالف تجاه صون وحدة اليمن وأمنه واستقراره، الأمر الآخر أنها عرضت الإمارات لخطر الدمار فقد صارت الآن في مرمى صواريخنا الثائرة لدماء أبنائها ودمار بنية وطننا ومصادرة مواردنا وثرواتنا.. ولا بد أن يأخذ اليمنيين حقهم، خصوصا وقد بدأوا يستشعرون خطر العدوان وتحالفه على نسيجنا الاجتماعي، وقد عزز هذا الاستشعار الفرصة الذهبية التي لاحت بقرار تشكيل لجنة المصالحة الوطنية الذي صدر عن المجلس السياسي الأعلى في صنعاء ممثلاً بفخامة المشير مهدي المشاط..
وما هي دعوتكم للأطراف اليمنية في الداخل والخارج ازاء قرار المصالحة الوطنية الصادر عن المجلس السياسي الاعلى.. ؟
اليوم وبعد ما جرى ويجري من قتل وتنكيل لشعبنا واستهداف لبنيتنا التحتية ليس أمام كل من يدعي أنه يمني إلا العودة إلى حضن الوطن ورفض هذا التدمير الشامل والقتل السافر في حق أبناء شعبنا.. كل يمني أصيل وشريف لن يقبل على نفسه أن يرى شعبه يقتل نساء وأطفالاً وتدمر بنيته التحتية هذا لم يكن في خيالنا إطلاقاً.. ولهذا نقول ونؤكد على ما ذهب إليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بأن الوطن يبقى هو الحاضن للجميع وأن مبدأ الشراكة هو المبدأ الذي قامت عليه ثورة 21 سبتمبر2014م من خلال التوقيع على اتفاق السلم والشراكة، وبالتالي هناك فرصة تتجدد في كل مناسبة لكل اليمنيين من قبل السيد القائد ومن قبل القيادة السياسية اليمنية هناك دعوة أكيدة وأصيلة للعودة وهناك مساحة واسعة للعمل السياسي الذي يرتبط بالوطن أرضاً وإنساناً دون التفريط بمصالح الوطن العليا. وأن التجارب قد كشفت أن أي مشروع خارج الإطار الوطني هو فاشل تماماً.
* دعوة أخيرة تودون توجيهها لأحد في نهاية هذا الحوار.. ؟
– دعوتي الأخيرة في هذا الحوار هي إلى كل اليمنيين بأن عليهم مواصلة الصمود والتضحيات في سبيل خلاص الوطن من الغزاة والمحتلين فقد حان الوقت لنسيان الماضي والوقوف صفا واحدا في وجه الطغاة الذين حاولوا قتل وتدمير شعبنا واحتلال أراضيه..
المرأة اليمنية..حضور فاعل في ثورة “21 سبتمبر” وحمايتها
لعبت دورا محوريا وسجلت بصمتها على مختلف المستويات
تؤكد مراقبات وناشطات أنه كان للمرأة اليمنية حضور فاعل، ودور بارز في انتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المجيدة 2014مـ، في كل المجالات وأن دعمها المنقطع النظير للثورة يوازي الدور الثوري للرجل ، فقد كسرت الحواجز وتخطت العادات المنغلقة وخرجت في المسيرات وضمدت جراح الجرحى في المستشفيات، ويشرن إلى أن دور المرأة اليمنية لم يقتصر على ذلك فقد حملت من الوعي الايماني ما أهلها الى أن تكون شريكة الرجل في اعادة سيادة الدولة واستقلالها ورفض كل هيمنة ووصايا خارجية وشاركت اخاها الرجل في صنع القرار .
استطلاع / اسماء البزاز
الأمين العام لملتقى الكتاب اليمنيين زينب الشهاري قالت: ان للمرأة الدور الكبير في المجتمع وفي التأثير فيه، وكذا في كل المتغيرات والأحداث، فهي كانت ولا تزال جزء لا جزءاً من نسيج المجتمع. و هي المشاركة في الوقائع بشكل كبير بل والصانعة لها جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، فالمرأة هي الأم والأخت والابنة والمربية، وهي صانعة الأجيال، هي الدافعة والمؤثرة والفاعلة، نضالات الشعب ومعاناته، ثوراته وإنجازاته، كل ذلك كان للمرأة اليمنية اليد الطولى فيه، فهي الصامدة إلى جانب زوجها وابنها أمام كل التحديات والصعوبات، تدفع وتصبر وتقاوم .
تضحية فارقة
وأضافت: ان المرأة اليمنية تتمتع بخصال قل تواجدها في نساء العالم، فمن منطلق الإيمان والثقة بالله تخط المرأة اليمنية أسمى آيات التضحية والفداء والعطاء في كل محطات الوطن التاريخية، وفي ثورة الـ21 من سبتمبر كانت حرائر اليمن يصنعن مع الرجل مسار ثورة تحررية لدولة مدنية مستقلة حديثة، فتشارك الرجل آماله وطموحاته، وتقاسمه الصعوبات وتتحمل معه المشقة، وتشاطره الحزن والفرح، وتتطلع معه لمستقبل مشرق وترنو لأهداف تتحقق لثورة قامت لتمحو المظالم وتقيم الحقوق وتحسن المعيشة، دفعت المرأة بزوجها وابنها الى ساحات الثورة، وكانت تؤيد بقوة المطالب الحقة وتأمل في تجفيف منابع الفساد ، وكانت المرأة هي الإعلامية السياسية الاجتماعية الأمنية الثقافية المحبة للوطن والمضحية والباذلة للعطاء مع شريكها الرجل خاضت غمار الثورة التي قضت على المتنفذين وفضحت العملاء وطردت المنافقين .
ومضت الشهاري تقول : لقد عاشت المرأة اليمنية أجواء الفرحة وشعرت بنشوة الانتصار لنجاح ثورة الـ21 من سبتمبر ، وعند شن التحالف للعدوان من أجل إخماد والقضاء على ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة التي قطعت أيادي الدول العابثة في الوطن التي كانت تهيمن وتسيطر وتستبيح الوطن وتستنزف ثرواته وتتعمد إفقاره لكي يظل تابعاً لها ولا تقوم له قائمة، تمسكت المرأة اليمنية بأهداف ثورتها وخاضت أهوال العدوان بجرائمه ومجازره وحربه الإعلامية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، جادت بأبنائها وفاضت بعطائها من مال وجهد، كانت المرأة تقاتل في جبهات الوطن المختلفة، فكانت الإعلامية البارزة والسياسية المحنكة والثقافية الناصحة، تحملت الأوضاع المعيشية، وقتلت وجرحت آلاف النساء بغير وجه حق، لم تخف المرأة اليمنية ولم تستسلم بل كانت تصبر وتجاهد وتتقدم، وستظل هي كذلك حتى يعلن الشعب اليمني انتصاره الذي يتحقق بتضحيات أحراره وحرائره.
دور مستمر
الناشطة والكاتبة دينا الرميمة قالت: كان للمرأة اليمنية الدور الكبير في إنجاح هذه الثورة منذ الوهلة الأولى التي انطلق فيها الشباب الى الساحات فكانت جنباً الى جانب تساندهم وتحظهم على المواصلة والاستمرار وتدعمهم بالمال وتتحرك في المجال الإعلامي لتوعية المجتمع بالخطر الذي يحاك لليمن وإلى اليوم المرأة تشارك الرجل في إنجاح هذه الثورة التي بسببها تشن هذه الحرب على اليمن لأنها رفضت الدخول تحت الوصاية الامريكية ورفضت مخططات التقسيم لليمن , وفي هذه الحرب رأينا موقف المرأة في دعم الجبهات بالمال والرجال وتجهيز المقاتلين والقيام بعملها كأم واب وفي صمود تتحدى الحصار .
ملحمة عطاء
من ناحيتها قالت الإعلامية امة الملك الخاشب: لا شك أن المرأة اليمنية كانت ولا زالت شريكا أساسيا في صناعة الصمود والنصر وكذلك في كل الخطوات والتحركات الثورية التي سبقت تاريخ 21 سبتمبر والمرأة اليمنية بين الزخم الثوري ومواجهة العدوان الذي تكالب عليها طغاة العالم ومجرموهم في محاولة لإجهاضها فباءوا بالفشل الذريع.
الخشاب تحدثت عن دور المرأة اليمنية في دعم ساحات الثورة والاعتصامات وكذلك دورها العظيم في قوافل البذل والعطاء وتناولت دورها في المشاركة في المسيرات الثورية قبيل الثورة وبعدها وهي تقف صفا واحدا مع أخيها الرجل الذي ثار ضد الطغيان.
وأضافت: المرأة اليمنية اتخذت زينب الحوراء قدوتها فثارت ضد الظالمين وكان قلمها سلاحا قويا عبر شبكات مواقع التواصل او عبر الاذاعات المحلية والقنوات وبنفس الزخم الثوري واجهت هذا العدوان الأرعن بروح الثورة التي زادت توهجا في داخل كل امرأة عقب عدوانهم الغاشم لأنها أيقنت أنها ثورة مؤثرة ما دام العدو تحرك ليخمدها, ثورة لها مبادئ سامية وعظيمة ثورة تدعو للحرية والاستقلال من الهيمنة الخارجية ثورة تدعو للعزة والكرامة والبناء والعطاء والاكتفاء الذاتي.
كسر الحواجز
الناشطة السياسية وفاء الكبسي هي الأخرى أكدت أنه كان للمرأة اليمنية حضور فاعل، ودور بارز في انتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المجيدة 2014، وقالت كان للمرأة دور أسطوري عظيم حيث قامت بدور مهم في كل المجالات ودعمها المنقطع النضير للثورة الذي يوازي الدور الثوري للرجل ، فالمرأة اليمنية ستظل هي المكمل والساند لدور الرجل في السلم والحرب، فقد كسرت الحواجز وتخطت العادات المنغلقة وخرجت في المسيرات وضمدت جراح الجرحى في المستشفيات.
وأضافت: لم يقتصر دورها على ذلك فقد حملت من الوعي الايماني ما أهلها لأنْ تكون شريكة الرجل في إعادة سيادة الدولة واستقلالها ورفض كل هيمنة ووصايا خارجية وشاركت اخاها الرجل في صنع القرار المرأة اليمنية كانت حاضرة حتى عند غيابها عن ساحة الثورة من خلال إعداد الطعام للمرابطين في مختلف الساحات ، وبذلها للمال والحلي والمجوهرات دعما للثورة ،وقد امتد دورها الايجابي هذا الى حاضرنا اليوم في مواجهة العدوان الامريكي الاسرائيلي الغاشم والحصار الخانق على الشعب اليمني من خلال رفدها للجبهات بقوافل المال والرجال وصنعها للكعك والخبز للمرابطين في الجبهات وصبرها وثباتها منقطع النظير ، فكان ولا زال دورها اسطوريا سيكتبه التاريخ للأجيال القادمة وسيشهد التاريخ بأنهن جبال من الصبر حين يستقبلن فلذات أكبادهن الشهداء بالزغاريد والورود وكأنه موكب عرس مهيب، أي شموخ هذا؟ إنه الانتصار في أبهى صوره .
من هنا ختمت الكبسي حديثها بالقول: المرأة اليمنية القدوة والمسيرة لكل نساء العالم، ولن تستطيع أية قوة في الارض ان تسلب قراراتنا ولا إرادتنا ولا نهب ثرواتنا ولا طمس هويتنا ما دمنا بالله أقوياء أعزاء كرماء، وما دام قائدنا السيد عبدالملك الحوثي دام ظله.
دور محوري
مدير عام إدارة المرأة والطفل في وزارة الإعلام سمية الطائفي قالت: المرأة ليست نصف المجتمع بل هي كل المجتمع وهذا ما اثبته تواجدها في 21 سبتمبر
فقد كان للمرأة اليمنية دور بارز ومشهود له بالعظمة فواكبت ثورتها المجيدة من المنازل من خلال توعية النساء والنزول الميداني للمجتمع والدفع بالشباب والرجال لساحات الاعتصام وصنع المأكولات والطعام للساحات وغير ذلك.
وأضافت : وقد عرفت المرأة اليمنية دورها من خلال تقييمها للواقع السياسي الذي كنا نعيشه في ظل الحكومة الفاسدة وكيف كان الحكم مسلوب القرار والسيادة وكان السفير السعودي هو الحاكم الفعلي والمندوب السامي و يتدخل في كل صغيرة وكبيرة وكيف كان الوضع الاقتصادي لليمن آنذاك نعيش على القروض والمعونات الدولية بالرغم من وجود الثروات وخيرات الوطن التي كانت فقط تختزل بيد الأسرة الحاكمة من آل الأحمر وكيف كان الوضع الأمني في حالة اغتيالات مستمرة وتفجيرات للمساجد ولمقرات الجيش بالإضافة لرغبة امريكا واسرائيل في تقسيم اليمن الى 6 أقاليم.
ودعت سمية الطائفي إلى تأكيد وعي المرأة اليمنية , مختتمة حديثها بالقول: كانت المرأة اليمنية تعرف ما يدور وتقيم الواقع وتشحذ الهمم كل من تعرف للوقوف في وجه الفساد والعمالة وارادت أن تعيش اليمن حرة أبية رافضة للوصاية الخارجية.
ثورة الـ 21 سبتمبر.. هل كانت قفزة إلى المجهول؟
عبدالله صبري
ما إن أسدل الستار على مؤتمر الحوار الوطني في يناير 2014م، حتى تأكدت ملامح الأزمة السياسية التي استمرت في التصاعد بالتوازي مع الحرب المستعرة على صعدة، والتنكر لمخرجات الحوار المتوافق عليها، وفرض رؤية جديدة لتقسيم الدولة إلى ستة أقاليم دون اعتبار لرأي القوى والمكونات السياسية التي أبدت الكثير من التحفظات على مشروع الأقاليم ثم على مشروع الدستور الجديد أيضا.
وحين أمكن لأنصار الله التغلب على الحصار العسكري والأمني وتداعيات حرب دماج التي اتخذت عنوانا طائفيا عابرا للحدود اليمنية، ومع وصول اللجان الشعبية إلى عمران، أعلنت حكومة الوفاق عن زيادة سعرية جديدة في أسعار المشتقات النفطية، رافضة كل المقترحات والحلول للأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بفعل الفساد المستشري وغير المسبوق لسلطة التوافق.
عبدالله علي صبري
دعا أنصار الله إلى هبة شعبية وصولا إلى التصعيد الثوري، ونصب عدة مخيمات حول أمانة العاصمة تحت مبرر حماية الثورة من الاعتداءات الدموية للأجهزة الأمنية، وبالموازاة اشتغل مبعوث الأمم المتحدة الأسبق جمال بنعمر على خارطة اتفاق سياسي عرف باسم اتفاق السلم والشراكة، ووقعت عليه كل الأحزاب اليمنية المعتبرة تقريبا، وبإشراف من رئيس البلاد حينها عبدربه منصور هادي، ولم تكن مصادفة أن توقيع الاتفاق جاء بعد أن أحكمت اللجان الشعبية سيطرتها على العاصمة صنعاء معلنة انتصار ثورة 21 سبتمبر، في حدث مفاجئ ودراماتيكي لم تستوعبه القوى السياسية التقليدية ولا النخبة المثقفة، ولم تباركشه أية دولة أجنبية، ما جعل الكثيرين يرون في الحدث قفزة إلى المجهول..
واليوم تحل الذكرى الخامسة للثورة، فيما المؤكد أن أنصار الله والقوى الثورية هم الرقم الفاعل على الساحة اليمنية رغم توالي التحديات والعواصف التي واجهت الثورة ولا تزال.
مسار السلم والشراكة
حين تبلورت مطالب الثورة الشعبية في ثلاث نقاط أكدها السيد عبدالملك الحوثي في أكثر من خطاب، ولما فشلت كل محاولات التوسط بين الثوار والسلطة، عمد المبعوث الأممي جمال بنعمر للحوار مع الأحزاب السياسية والتباحث معها بشأن حل سياسي يستوعب مطالب الثوار ويفتح المجال أمام مرحلة ثانية من التوافق السياسي، وبالفعل فإن اتفاق السلم والشراكة قد تضمن الاستجابة لمطالب الثوار الرئيسية: التراجع عن الزيادة السعرية في المشتقات النفطية، وإقالة حكومة محمد سالم باسندوة، وآلية لتصحيح مسار تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، مع ملحق أمني يشمل العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى.
لكن مع صبيحة اليوم التالي لتوقيع الاتفاق، صدرت تحفظات عن الأحزاب والقوى النافذة، التي حاولت التملص من تنفيذ اتفاق السلم والشراكة بحجة أنها وقعت عليه تحت التهديد ( وبمؤامرة نسجها هادي مع السعودية)..ومع ذلك مضت الأحزاب نحو تشكيل حكومة جديدة، وأصدر هادي قرارا بتكليف أحمد عوض بن مبارك بتشكيل الحكومة، الأمر الذي رفضه أنصار الله والقوى الثورية على نحو حازم، وبرغم العراقيل التي وضعتها قوى النفوذ على طريق تشكيل الحكومة، إلا أن أنصار الله ساعدوا على إنفاذ الخطوة حين وافقوا على تشكيل حكومة كفاءات برئاسة خالد بحاح، وكان لافتا أن التشكيلة ضمت وجوها حزبية معروفة ينتمي بعضها إلى حزبي الإصلاح والاشتراكي، فيما تعمدت السلطة إقصاء أنصار الله والمؤتمر الشعبي من الحكومة..!
الفراغ الأمني
التحدي الأمني كان ماثلا على نحو خطير قبيل 21 سبتمبر وبعده، فقد تنامت المخاوف من حرب أهلية جراء الشحن الطائفي الذي لازم يوميات التصعيد الثوري، وجرى الحديث كثيرا عن تشكيل لجان شعبية تتولى حفظ الأمن في العاصمة صنعاء ومواجهة أنصار الله والقبائل المسلحة المنضمة للثورة، وكان لافتا أن هادي خاطب قيادة الأحزاب محملا إياها مسؤولية حماية العاصمة مدعيا أن قوات الجيش والأمن ما تزال تدين بالولاء للرئيس السابق، وقد فهم البعض أن هادي خطط لمواجهة مباشرة بين الإصلاح وأنصار الله في العاصمة صنعاء حتى يتخلص من كليهما..!
غير أن شبح الحرب الأهلية تبخر مع سيطرة اللجان الشعبية والثورية على تبة التلفزيون ومعسكر الفرقة الأولى مدرع، ثم بعد هروب الجنرال العجوز علي محسن الأحمر خارج البلاد..حينها أعلن الإصلاح في موقف حكيم أن حماية العاصمة من مسؤولية الدولة، (مع أن الأحداث اللاحقة أثبتت أن القرار كان إقرارا بالعجز لا أكثر).
في الخضم ووسط اتهامات متبادلة بين هادي وصالح والإصلاح، انسحبت قوات الشرطة والأمن من شوارع العاصمة ومن مؤسسات الدولة، لتدخل العاصمة في فراغ أمني كاد أن يفضي إلى حرب أهلية بالفعل، لولا أن اللجان الشعبية والثورية سارعت إلى ملء الفراغ وتأمين العاصمة ومداخلها في وقت قياسي.
وبهذه الخطوة أمكن للثورة أن تتجاوز أخطر الفخاخ التي نصبها خصومها، ولكنها بعد ذلك واجهت التحدي المتعلق بالعمليات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة صنعاء، وبلغت ذروتها مع مجزرتي بدر والحشحوش في مارس 2015م، أي قبيل أيام فقط من إعلان العدوان السعودي الأمريكي على اليمن وعلى ثورة 21 سبتمبر.
التحدي السياسي مرة أخرى
كما أن الداخل لم يستوعب المتغير الكبير الذي حمله 21 سبتمبر لليمن واليمنيين، فإن القوى الخارجية هي الأخرى انتظرت وقتا طويلا نسبيا لكي تهضم ما جرى، وتستعد للتعاطي مع الأمر الواقع، وهذا ما كانت تتجه إليه الأسرة السعودية الحاكمة قبيل الإعلان عن وفاة الملك عبدالله، وتنصيب أخيه سلمان بدلا عنه.. ونظرا للانقلاب السريع في السياسة السعودية تجاه اليمن، ولحجم الدعم الأمريكي المعلن لما يسمى بعاصفة الحزم، يمكن التكهن بأن وفاة الملك السعودي الراحل لم تكن طبيعية، وإن الإعداد للحرب السعودية الأمريكية على اليمن قد نسجت بالتفاهم مع الملك الجديد ونجله الطامح إلى العرش، وتمهيدا للتدخل العسكري أعلنت واشنطن والرياض عن سحب سفارتيهما من اليمن، ثم توالت الانسحابات لسفارات الدول الأخرى لتصطدم الثورة بالفراغ الدبلوماسي، وبالتزامن أعلن هادي استقالته من منصب الرئاسة، وكذلك فعل رئيس الحكومة وغالبية الوزراء، ليصبح الفراغ السياسي مركبا ومربكا للقوى الثورية في الوقت ذاته..
ومرة أخرى يتدخل المبعوث الأممي، فيدعو الأحزاب السياسية للحوار في منتجع موفمبيك برعاية من الأمم المتحدة، وحين كادت الأحزاب والقوى السياسية أن تتفق على كيفية ملء الفراغ السياسي سددت القوى الاستخباراتية المعادية ضربة موجعة للقوى الثورية، حين تمكنت من تهريب الرئيس المستقيل إلى عدن، فما إن وصل إلى هناك حتى أعلن التراجع عن اتفاق السلم والشراكة وكل التفاهمات التي جاءت بعد 21 سبتمبر.
العدوان التحدي الأكبر
أدركت صنعاء الثورة خطورة الوضع الجديد في عدن، فمنحت اللجان الشعبية الضوء الأخضر لملاحقة الخائن هادي إلى عدن، في خطوة جريئة أثارت الجدل حينا والاستنكار حينا آخر، ولم يتبين مقدار صوابيتها إلا بعد حين.
تلقت صنعاء نصائح داخلية وخارجية بعدم المجازفة، وضرورة التعاطي مع المستجد الجديد الذي أعاد الأوضاع إلى مربع الصفر، إلا أن القيادة الثورية حسمت أمرها وأثبتت استقلالية قرارها وحكمته في آن، فقد كان واضحا أن سيناريو الحرب هو الأقرب، وقد تقاطر سفراء دول العدوان إلى عدن ومنحوا هادي جرعة من الثقة تمهيدا لإعلان الحرب بدعم خليجي وأمريكي.
دخلت صنعاء مرحلة سباق سريع مع السعودي والأمريكي، فأمكن للجان الشعبية وفي وقت سياسي من السيطرة على عدن، وفيما كان هادي يغذ السير هاربا إلى سلطنة عمان، أعلنت السعودية من واشنطن عن عاصفة الحزم، التي جعلت صنعاء وكل الشرفاء يتعاملون مع عدو خارجي كشف عن نفسه في لحظة غباء لم يفق من تداعياتها بعد.
وبالتدخل السعودي العسكري المباشر أمكن للقيادة الثورية أن تحشد القوى الشعبية اليمنية باتجاه مرحلة فارقة من الصمود والثبات، ولولا هذا التدخل لأمكن للرياض وغيرها أن تدعم الحرب من تحت الطاولة، وتقدم نفسها راعية للسلام كالمعتاد.
بيد أن حجم العدوان لم يكن محدودا، فقد حشد التحالف قوة عسكرية جوية لم يسبق لها مثيل في التاريخ العربي الحديث، وبنفس التخطيط الأمريكي وعلى غرار عاصفة الصحراء في حرب تحرير الكويت، ظن السعودي الأمريكي أن المهمة ناجزة في اليمن خلال أسابيع محدودة، إلا أن المسألة لم تكن بهذه البساطة، وبالطبع ما كان أحد يتوقع أن اليمن دولة وشعبا بإمكانها الصمود أمام حرب عاتية كهذه، فإذا فتشت عن السر فلن تجده إلا في ثورة 21 سبتمبر التي هيأت الشعب اليمني في فترة قصيرة ليخوض أكبر ملحمة من الصمود والتحدي والثبات، وصولا إلى مشارف الانتصار الذي بات قاب قوسين أو أدنى.
ما بعد توازن الردع
برغم المعاناة والتضحيات الجمة التي لازمت العدوان والحصار والأزمة الاقتصادية وشلل مؤسسات الدولة تقريبا إلا أن سياسة النفس الطويل أثمرت أخيرا، فبالإضافة إلى تطور القوة الصاروخية، وتحويل الطائرات المسيرة إلى سلاح استراتيجي رادع، فإن تعزيز الوحدة الداخلية في المناطق الخاضعة لحكومة الإنقاذ يكتسب أهميته مع تنامي الصراع بين القوى المرتزقة وطرفي التحالف السعودي الإماراتي، بالإضافة إلى الخسائر المتوالية وبالذات في البعد السياسي لطرف ما يسمى بالشرعية.
كذلك، فإن حالة الصمود الشعبي منقطعة النظير، وتجاوز فتنة ديسمبر 2017م، وفخاخ الحلول السياسية في الكويت ثم السويد، وما أظهرته صنعاء من مرونة مع ملف المفاوضات، قد ساعدت جميعها على تثبيت حكومة الإنقاذ، ما جعل الكثير من الدول والمنظمات تتعامل مع صنعاء كسلطة أمر واقع لا سبيل لتجاوزها.
وهكذا فإن الوصول إلى مرحلة توازن الردع الحالية، قد جاءت وصنعاء تعيش وضعا أمنيا وسياسيا أكثر استقرارا، بدليل أن المجلس السياسي الأعلى قد أعلن مؤخرا عن رؤية استراتيجية لبناء الدولة، وأتبعها بالإعلان عن فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي، في استعداد لأهم التحديات التي ستواجه اليمن بشكل عام ما أن تضع الحرب أوزراها.
فلا شك أن طبيعة الشراكة في السلطة التي قد يفرضها الحل السياسي المتوقع، يشكل عقبة من نوع آخر أمام أنصار الله والقوى الثورية التي تروم بناء دولة مستقلة لا مكان للوصاية الخارجية عليها.
وتبقى مسألة الوحدة اليمنية المعضلة المستدامة أمام مختلف القوى الوطنية اليمنية..، فما تزال مفاعيل ثورة 21 سبتمبر محصورة بمحافظات الشمال، ولا يبدو أن القوى الجنوبية في وارد التفاهم باتجاه حل وسط يشتمل على معالجة عادلة للقضية الجنوبية دون مساس بالوحدة السياسية والترابية للجمهورية اليمنية، ويتضاعف المأزق إذا عرفنا أن قوى العدوان الخارجية التي قد تضطر عاجلا إلى وقف العدوان وتعليق الحصار والعمليات العسكرية، لن تكف عن استهداف وحدة اليمن واستقراره واقتصاده، من خلال الأدوات اليمنية التي أعدتها لهذا الغرض..!
مع ذلك، فمهما تعاظمت التحديات المقبلة، فإن جماعة أو ثورة أو شعبا أمكن لهم تجاوز كل المخاطر آنفة الذكر وغيرها، وصولا إلى عملية أرامكو التي هزت عالم البترودولار، حقيق بهم أن يطاولوا المجد، ويدلفوا إلى ساحته من أوسع أبوابه.
الجيش في فكر ثورة 21 سبتمبر.. حامٍ للوطن وذائد عن سيادته
عبدالرحمن العابد
بعد ثلاثين عاماً من الجمود، كان الجيش خلالها فاقداً للمهام الوطنية، متعدد الولاءات لأشخاص وأحزاب، منهكاً بالاقتتال الداخلي، يخوض حروباً لإرضاء السعودية؛ جاءت ثورة 21 سبتمبر لتؤسس قوات مسلحة متحررة من قيود الوصاية، تحمي اليمن وتذود عن ترابه وسيادته.
ظل الجيش لعقود مكشوفاً، وما كان يتم التفاخر به عن تدريبه من عدة دول يثبت الوصاية عليه، وإملاء ما يجب أن يملكه وما لا يملكه، بل بلغ الأمر أن يتم سحب ما بحوزته من تجهيزات، بدعوى أنها تشكل تهديداً لنشاطات دول أخرى، تنتهك سيادة البلاد.
ولعل فشل الجيش آنذاك في الدفاع عن جزر حنيش إزاء احتلالها من إريتريا عام 1995م، مثال حي على تعدد ولاءاته وفقدانه القوة الرادعة، التي تقطع يد كل من يتطاول على أراضي البلاد، في حين وجهت قوته داخلياً بعيداً عن مهامه الحقيقية.
ورغم ما تعرضت له البنية التحتية العسكرية من تدمير ممنهج، نفذته السعودية وطال مختلف القطاعات الجوية والبحرية والبرية، سبقه إقدام أذرعها المحلية على تصفية الكوادر وتحييد التجهيزات، بدأت الثورة الوليدة بناء المقاتل؛ المعادلة الأهم في الجيش ومصدر قوته، والعنصر الأغلى من كافة التجهيزات، من خلال تأهيل الجندي على عقيدة قتالية وطنية.
تجلت ثمار إعداد المقاتل اليمني، المتشرب بالعقيدة القتالية الوطنية، وتخريج دفع وكتائب مدربة، بوضوح في ميدان المعركة، حيث مثل بحنكته وتكتيكه المحترف، كابوساً قض مضاجع القوات الغازية، ملحقاً بها، رغم تسليحه البسيط، أفدح الخسائر في جنودها وآلياتها الضخمة، وهو ما أثار ذهول العالم.
وبالتوازي، مع خطط إعداد المقاتل كان الاهتمام بجانب التصنيع العسكري متنامياً، مستفيداً من كوادر الجيش التي ظلت لأعوام طوال محرومة أو ممنوعة من إخراج قدراتها الإبداعية، ومقيدة باستخدام ما يتم استيراده وحسب.
طوال ستة أعوام مضى التصنيع العسكري بخطوات ثابتة، وفي مختلف القطاعات، بدءاً بالأسلحة الخفيفة كالقناصات مختلفة العيارات، ومروراً بتصنيع الصواريخ مختلفة المديات والقذائف، وانتهاءَ بالصواريخ البالستية والطائرات المُسيّرة، التي ظل تصنيعها حكراً على الدول المتقدمة.
حقق الجيش من خلال التصنيع العسكري الاكتفاء الذاتي في تغطية احتياج المقاتل في المعركة، متجاوزاً فارق التسليح مع نظرائه من القوات الغازية، بل إنه تمكن، من خلال احترافه استخدام الأسلحة المصنعة بأيادٍ يمنية خالصة، من السيطرة على تواجده داخلياً وردع أي محاولات لاحتلال أراضيه.
لم تقتصر إنجازات الجندي اليمني على حماية أرضه، بل أسقط عمق العدو في جيزان ونجران وعسير، ملحقاً بقواته خسائر يعجز عن إنكارها، ووجد نفسه إزاءها مضطراً للاعتراف بجزء يسير منها، رغم توثيق بطولات الجيش الفتي بالصوت والصورة عبر وحدة الإعلام الحربي، التي تمثل إنجازاً آخر لا يختلف عما يحققه المقاتل في المعركة.
تواصل تنامي قدرات التصنيع العسكري ليشمل تصنيع الصواريخ متعددة المهام، بدءاً بالباليستية والبحرية والجوية، ترفد كافة القطاعات باحتياجها في معركة الدفاع عن الوطن، ليبلغ مستوى إنتاج طائرات غير مأهولة، قادرة على إصابة أهدافها بدقة على بعد أكثر من 1500 كيلو متر، وهو إنجاز لم تشهده دول لها باع طويل في التصنيع، علاوة على البدء في حماية أجواء البلاد وإسقاط من يخترق سيادة الوطن.
ثورة 21 سبتمبر.. ضرورة تاريخية
حمود الأهنومي
مشكلة السعودية – ومن ورائها أمريكا ودول الاستكبار – هي أنها ضد أية قوة وطنية تريد استقلال اليمن وحريته وكرامته، بغض النظر عن انتمائها المذهبي وخلفيتها الاجتماعية، لا سيما إذا هدفت إلى تبني قضايا الأمة الإسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين فسيتحد ضدها تحالفٌ طويلٌ عريضٌ من هؤلاء المستكبرين، كما هو الحال اليوم في عدوانهم على اليمن.
نقلت صحيفة فورين بوليسي عام2011م عن الكاتب السعودي المُقَرَّب من السلطات السعودية آنذاك، والذي قطَّعَتْ أوصالَه لاحقا، جمال خاشقجي، نقلَتْ عنه تسميته المهذبة لأدوات السعودية بـ(أصدقاء السعودية في اليمن)، واعتَبَرَ أنَّ دَفْعَها لهم الأموالَ بمقابل «ممارسة النفوذ، والحماية، والاستقرار»، وهو كلامٌ يُوَضِّحُ الواضح أصلا، ولكن لزيادة الاطمئنان، لا سيما بعد أن كَشَفَتْ وثائق ويكليكس قوائمَ طويلة من الجنرالات والأعيان والزعامات والأحزاب والمؤسسات والهيئات في اليمن وهم يقفون في طابور اللجنة السعودية الخاصة، التي ضَمِنَتْ لهم استمرارية هذه المبالغ الضخمة منذ وقت مبكر، في تاريخ الجمهورية.
من خلال الوثائق السعودية التي تم اختراقها في عام 2015م تبيّن أن الحروب على صعدة أيضا كانت مُمَوَّلَة من المملكة السعودية، وأنها هي مَنْ أثارت مرتزقة كُثْرًا تعدَّدت أسماؤهم، والمهمة واحدة، من دماج، وكتاف، إلى حاشد وحجور والجوف وإب، إلى الفرقة الأولى مدرع، وانتهاء بعبدربه منصور، وبحاح، والإرياني، وجباري، ممن يداومون اليوم على أكل الكبسة في الرياض، دعك من حزب الإصلاح وقياداته، بحيث لو أنك قرأت تصريحات كثير منهم إبان ثورة الـ21 من سبتمبر وقبلها وبعدها – لاقتنعت مسبقا أنهم سيكونون في صف أي عدوان سعودي سيكون ضد أبناء شعبهم.
في 4 سبتمبر عام 2016م نقلت آرتي الإنجليزية عن مُحَرِّر وكالة أنباء عموم أفريقيا قوله بأن أجندة أمريكا في اليمن هي منع وصول أي نظام مستقل إلى السلطة في اليمن؛ وهو الهدف الذي تسعى دائما مملكة آل سعود لتحقيقه في اليمن، وأزعم أنه لو وصلت أي قوة سياسية إلى السلطة في اليمن وهي تحمل برنامجا مستقلا عن الهيمنة السعودية ومن ورائها الأمريكية لتحرّك هذا التحالف لضربِه وقصفه، حتى ولو كان هؤلاء هم حزب الإصلاح أو الاشتراكي أو أية قوة يمنية.
لقد كانت خطابات السيد عبدالملك الحوثي قبل ثورة 21 سبتمبر وأثناءها وبعدها تندد وتحذر من خطورة التدخلات الأجنبية في القرار اليمني، وأنها لا تريد لليمن حرية ولا استقلالا، وكان ذلك أمرا واضحا لدى الساسة اليمنيين المُعَتَّقين، وهو ما كشفته الأحداث بشكل مستمر؛ لكن لأنهم قد استمرأوا حالة التبعية المزِمنة وألفوها، وخافوا من الانفطام المفاجئ لو نجحت أهداف ثورة 21 سبتمبر لم يعيروها بالا، ونتذكر في هذا الصدد بيانات مجلس الدول العشر الذي كان ينعقد بحسب طلب السعودية، ومنها ذلك البيان الذي صدر في الثلث الأول من شهر سبتمبر 2014م والذي أعاد الحوار القائم بين القوى السياسية آنذاك إلى مربع الصفر؛ وأثار انزعاج القوى الوطنية.
من الواضح جدا أن السعودية كانت ولا زالت تعارض أي تغيير في بنية النظام اليمني وفي حراكه وأهدافه؛ ولهذا سعت السعودية إلى احتواء ثورة 11 فبراير 2011م من خلال بعض العناصر الذين آمنوا بالثورة نظريا ولكن بمقاسات خاصة، وعارضت أي تغيير جدِّي في بنية النظام الحاكم الذي انقسم على نفسه حينها، وسعت إلى إعادة إنتاجه مرة ثانية بذات الأدوات التي تدين لها بالولاء، وإن بتوزيع القرار السياسي بين تلك الأطراف بما يضمن كتم الأصوات الثورية التحررية داخل اليمن، وتغييبها، وإضعاف الدولة اليمنية، لكنه مع ذلك مكّن القوة الفتية ممثلة في أنصار الله والتي عبّرت عن الحاجة المجتمعية اليمنية – أن تكون صوت الشارع الذي حمل لواء التغيير بعد أن دفنته أدوات الرياض من القوى السياسية تحت أقدام ما سمي بالمبادرة الخليجية.
ولما انهزمت تلك الأدوات أمام الحراك الثوري الاجتماعي الجديد وفَرَّ بعضُها (علي محسن الأحمر) إلى السعودية، بدأت السعودية التفكير جديا في الدخول في الحرب على اليمن، حيث فشل الوكلاء، ولا بد أن يحضر الأصلاء، ولم تعدم بالطبع العناوين الخادعة والمضللة التي يمكنها التحرك من خلالها، ومنها مكافحة المد الإيراني، أو الرافضي، أو المجوسية، أو استعادة الشرعية المزعومة، أو الجمهورية، أو حماية الأمن القومي العربي التي تتالت تصريحات المسؤولين السعوديين ومسؤولي ما يسمى بالشرعية أنها مجرد ذرائع واهية استخدمت كعناوين لشن العدوان على اليمن.
لا تريد السعودية أن تنجح ثورة 21 سبتمبر لأن في نجاحها نجاح المشروع الوطني التحرري الذي يمكنه اتخاذ القرار الشجاع والجريء في مختلف القضايا الداخلية والخارجية، ويمكنه النهوض بالمشروع الوطني الذي يهمه أولا الإنسان اليمني وراحته وسعادته، ودوره الحضاري الرائد، الذي لا يمكن أن يختزل في رغبات الأعراب الذين أكثروا في هذه الأرض من التدخلات والإفساد والإيقاع انتهاء بالمجازر اليومية الدموية اليوم، ولن يكون هناك خروج من هذه المعادلة الظالمة إلا بالمضي في تحقيق أهداف ثورة 21 سبتمبر والانحياز لروحها اليمنية المستقلة التي أرعبت الطغاة والمفسدين في الخليج وفي فلسطين المحتلة وفي أمريكا وغيرهم من المستكبرين.
بعد تحقق الكثير من الانتصارات اليمنية ضد العدوان الراهن خلال هذه الخمس السنوات، وآخرها (ملطام القرن) الذي وجَّهَه اليمانيون إلى وجوه المستكبرين، وفي ضرع البقرة الحلوب (أرامكو)، باتت ثورة 21 سبتمبر أصلب عودا، وأرسخ عمودا، وباتت منجِزة لكثير من الخطوات التي يجب اجتيازها وصولا إلى النجاح، مع أن ما تحققه الثورة لم يعد فقط منجزا يمنيا، بل بات منجزا إقليميا ودوليا، في الانتصار للشعوب الحرة، ضد دول الاستكبار وعملائهم في المنطقة.
إن الرصيد الهائل من الثورات، فاليوم نعيش تفاصيل من ثورة 21 سبتمبر، وبعد أيام نعيش ذكرى ثورة الإمام زيد عليه السلام، وهناك غيرها من الثورات والمناسبات العديدة، ليوفِّرُ مصادرَ مهمة للحرية والكرامة والعزة، تمد المجتمع بقوة فكرية وثقافية واجتماعية لازمة، تساعده على الثبات والصمود والصبر والتضحية، وتعمل معه على أن يكون حارسا أمينا لهذه الإنجازات من أي انحراف في واقع الثورة الداخلي، وفي نفس الوقت تمده بالطاقة القوية والمتينة في مواجهة المعتدين؛ لهذا تعظم أهمية الاحتفاء والإشادة بهذه الثورات؛ كونها محطات انطلاق لمواجهة التحديات الراهنة ببصيرة نافذة، وخبرة وثابة، وتجربة متراكمة، عمرها مئات الأعوام، في مواجهة أعداء ليس لهم رصيد سوى الطغيان الزائف، والاستناد إلى أساطين الحضارة المادية الذين لا يهمهم سوى الكسب ولو من أشلاء الضحايا، وهذا ما يزيد الأحرار بصيرة ومضيا وشموخا، ويزيد الثورة قوة وصلابة ورسوخا..