“السلام” أم “الحلب”.. ماذا ستختار السعودية هذه المرة؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
لم تعد أبواب اليمن مشرّعة أمام السعودية لتخترقها متى تشاء وتقصف أبناءها وبنيتها التحتية، ونعتقد جازمين أن “أنصار الله” من خلال هجماتهم الأخيرة على منشآت أرامكو، دفعوا الحرب إلى مرحلة جديدة أصبحت اليد العليا لهم فيها بعد أن كانت السعودية وحلفاؤها يستمتعون ويستلذون بقصف اليمنيين على اعتبار أنهم شعب فقير لا يملك أي أدوات تمكّنه من الدفاع عن نفسه، إلا أن الخمس سنوات الماضية كانت كفيلة بإخبار العالم من هم اليمنيون وكيف بإمكانهم الدفاع عن أنفسهم، وكيف حوّلوا ضحك السعودية إلى بكاء وأنين بعد أن تخلّى عنها جميع حلفائها وبقيت وحيدة تائهة لا تعلم كيف ستتعامل مع “أنصار الله” وكيف ستخرج من هذه الحرب التي أظهرت مدى ضعفها ومدى خذلان الأمريكيين لها.
لم يعد خفياً إلا على السعودية أن أمريكا لا تدافع عن أحد ولا تحمي أحداً ومن يلتحف غطاء أمريكا عليه أن يتحمّل أشواكه والأمراض التي ينقلها إليه، وأول مرض انتقل إلى السعودية “الوهم”، فقد اعتقدت السعودية أن أمريكا حليف “قوي” لها وأنه سيدافع عنها في السراء والضراء، لكن حرب اليمن كشفت مدى هشاشة هذا الكلام، وأن واشنطن “تحلب” السعودية من أجل “لا شيء”، فلا معداتها العسكرية خدمت السعودية ولا قواعدها ولا منظومات دفاعها الجوي ولا جنودها ولا أي شيء، ولا نعلم على أي أساس لا تزال السعودية تثق بواشنطن وتملأ بنوكها بريالاتها.
واشنطن التي ملأت الدنيا بصراخها وشغلت الصحافة العالمية بأن “ايران” هي المسؤولة عن الهجمات الأخيرة على منشآت أرامكو، وحرّضت السعودية بهذا الاتجاه بعدما التزمت الأخيرة الصمت لخمسة أيام متتالية بعد الضربة، وتدّعي أن جيشها لا يقهر، هي نفسها قالت بالفم الملآن أنها لن تدخل في حرب مع “إيران” ولن تورّط جنودها في حرب مجهولة النتائج، ولكنها قالت إنها ستوفّر الدعم للسعودية ولكنها تراجعت عن كلمة “توفير الحماية”، فهل هذا الأمر هو ابتزاز جديد للسعودية للحصول على المزيد من أموالها أم إقرار بالهزيمة وعدم القدرة على مواجهة إيران؟.
بخصوص الحرب، نشر الكاتب الشهير في صحيفة “نيويورك تايمز” نيكولاس كريستوف مقالة رفض فيها تورّط أمريكا في حرب مع إيران من أجل السعودية، معتبراً أن الجيش الأمريكي ليس مرتزقة لحكام مجرمين.
وكتب كريستوف “نحن في هذه الفوضى لأن ترامب تخلّى عن الاتفاق النووي الإيراني وجادل الصقور بأنه بإمكاننا ممارسة “أقصى ضغط” على إيران لجعلها تركع، من دون أن نقدّر أن إيران قد تزيد من الضغوط علينا”.
وعن الحماية الأمريكية للسعودية بعد الضربات الأخيرة، أعلن وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، الجمعة، إرسال تعزيزات عسكريّة أمريكيّة إلى الخليج الفارسي بطلب من السعودية والإمارات، بعد الهجمات التي استهدفت منشأتَي نفط سعوديّتين.
وأوضح أنّه استجابةً لهذين الطلبين “وافق الرئيس على نشر قوّات أمريكيّة ستكون دفاعيّة بطبيعتها، وتُركّز بشكل أساسي على سلاح الجوّ والدّفاع الصاروخي”.
وقد أوضح إسبر، في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع رئيس هيئة الأركان الجنرال جوزف دانفورد، أن الغرض من هذه الخطوة “مساعدة السعودية لتعزيز دفاعاتها”.
وأضاف إن هذا الإجراء يشكّل “الخطوة الأولى” في إطار الرد على هجمات أرامكو التي تنتظر واشنطن “التحقيقات السعودية بشأنها”.
وتجدر الإشارة إلى أن مهمة هذه القوات التي تقرر إرسالها تقنية وليست قتالية، تماماً كتلك التي سبقتها في مطلع الصيف لتشغيل شبكات الدفاع المضادة من “باتريوت” وغيرها من وسائل الدفاع.
التعزيزات العسكرية ماذا ستقدّم للسعودية؟، إن كانت “باتريوت” وغيرها عجزوا عن إيقاف طائرات “مسيرة” وأسلحة أخرى مصنوعة بأدوات بسيطة فما هي الأسلحة الأكثر تطوّراً التي تريد واشنطن بيعها للسعودية، ألم يفهم السعودي بعد أن ما تقوم به أمريكا هو “تجارة محضة” وأن واشنطن لا تريد لحرب اليمن أن تنتهي لأنها تراها “كنزاً” يدرّ على أمريكا مليارات الدولارات دون أن تخسر جندياً واحداً.
في حال لم تقبل السعودية بالسلام وعاود “أنصار الله” الهجوم على السعودية ولم تستطع تعزيزات واشنطن إيقاف الهجمات الجديدة، هل ستتجه الرياض نحو موسكو أم ستنتظر تعزيزات جديدة من واشنطن مقابل مليارات جديدة؟.
خيار السلام
أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، في خطاب بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 21 سبتمبر، عن مبادرة بوقف هجمات القوات اليمنية على السعودية، سواء بالصواريخ أم الطائرات المسيّرة.
إلا أن المشاط اشترط أن يقابل الطرف الآخر الأمر بالمثل عبر وقف الهجمات، وقال: “ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية، ونحتفظ لأنفسنا بحق الرد في حال عدم الاستجابة”.
مضيفاً: “استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد»، ودعا المشاط “جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب إلى الانخراط الجاد في مفاوضات جادة وحقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف”.
نعتقد بأن دعم أمريكا لن يؤتي أوكله ولا في أي حين، ولن تدافع واشنطن عن الرياض تحت أي ظرف، لأن أمريكا تقول بأنها لم تعد بحاجة لنفط الخليج الفارسي وأنها أصبحت المنتج الأول في العالم، وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بكل وضوح فيما يخص الحرب على إيران لكي تشعر السعودية ببعض “النشوة” التي أفقدها إياها “أنصار الله” و”الإمارات” في اليمن، أوضح ترامب أنه “يتحلّى بضبط النفس” حيال إيران، ويفضل خيار العقوبات على العمل العسكري، إذ قال: “العقوبات الأخيرة ضد إيران ستؤتي أُكلها، والخيار العسكري سينجح، ولكن لا ينبغي اللجوء إليه أبداً”، كما أكد أنه يقوم “بما أراه مناسباً لمصلحة أمريكا وليس لمصلحة أي طرف آخر”.
بعد كل ما تقدّم نجد أنه من الأفضل للسعودية أن تقبل بشروط “أنصار الله” غير المكلفة والتي توفر على الجميع المزيد من الخسائر الاقتصادية والبشرية وتنهي نزيف الاقتصاد السعودي واليمني، وتمنع واشنطن من استغلال الرياض، لكن على ما يبدو أن السعودية سلّمت قرارها للأمريكي وسيكون من الصعب عليها اتخاذ قرار فيه الخير لشعبها وأمتها.