عمليــاتُ كَي الوعي
|| مقالات || أكرم عبدالله الرحبي
“كي الوعي” مصطلحٌ كثرَ استخدامه في ميدان الحروب النفسية، لكن ماهي الترجمة العملية لمثل هذه الكلمة “كي الوعي”.
وعي المقاتل، وعي الشعوب، هو سرُ انتصارهم، هنا سياسة صهيونية أمريكية تقول: إذا أردت أن تهزمَ المقاتلَ فلا تسلبه سلاحه، بل أسلبهُ إرادة القتال، أفتك بوعيه تقتله حتى وإن لم ترمه بالرصاص، “حاربه” قبل أن يطلقَ النار، قبل أن يحمل سلاحه، بل حتى قبل أن يرتدي بدلته العسكرية، “حاربه” من دون أن تبذل قيمةَ رصاصةٍ واحدة، هكذا تُحسم حروبُ القرن الواحد والعشرين.
إنها ثقافةُ المنتصر دوماً.. والمهزوم دوماً، “ثقافة الحرب”.. “كي الوعي”.
الإدارة الأمريكية تقدّم الدعمَ المالي الكبير؛ وذلك للإساءة إلى صورة أنصار الله وحزب الله ومحور المقاومة أمامَ مجتمعاتهم وشبابهم؛ كي لا يتأثروا بهم ولا يلتفوا حولهم، وهكذا تستهدف “عمليات كي الوعي” جمهورَ الشعوب التي تشكل خطراً عليهم؛ كي يتم إركاهم وإخضاعهم والسيطرة عليهم.
وتقوم “عملياتُ كي الوعي” من خلال العمل المنظم للجماعات التكفيرية ومعلميهم ومفكريهم وأطبائهم وإعلاميهم، ببث الأكاذيب والشائعات والأراجيف والإضرابات وغيرها؛ وذلك لعمل الاختلالات الواسعة في وعي وعقول الناس وجذبهم كضحايا لها، حيثُ تتجاهل “عمليات كي الوعي” كُـلَّ الظروف المحيطة الاستثنائية، وتهمش كُـلَّ الأحداث الكبيرة؛ لتنسي الشعب أنهُ ما زال هناك حرب وعدوان قائم وخطر يهدد الجميع، ولو تمكنوا لقتلوا الجميعَ دونَ رحمة ودون استثناء.
تسعى سياسةُ “عمليات كي الوعي” جاهدةً على إذابة الحرية والصمود والقيم والأخلاق؛ لتجعل من عقول الجمهور المستهدف “عقولاً مفرّغة” تنقلب على نفسها، على دينها، وعرضها، وأخلاقها؛ كي يسهلَ تقويضها وإركاها.
يسعى منفذو “عمليات كي الوعي” على محو وفرمتة ذاكره المجتمع من كُـلّ تلك الجرائم الوحشية والإبادات الجماعية الواقعية التي يرتكبها ويمارسها العدوّ؛ كي يعمل العدوُّ على إعادة إنتاج واستنساخ نفسه من جديد.
لذلك فإن “عملياتِ كي الوعي” تقوم على أنقاض الحضارات الإنسانية والشعوب العريقة ذات الإرث التاريخي التي أُزْهِقَت دماؤهم البريئة رخيصةً بدون أيَّة إنسانية أَو رحمة، لتقوم على إنقاض تلك الحضارات الحقيقية والإنسانية أنظمةً مفرّغة من كُـلّ شيء، أنظمة شيطانية تتبع الصهيونيةَ.
والذي يقوم بتنفيذ “عمليات كي الوعي” هم كوكتيل وخليطٌ من عملاء، ومرتزِقة، وأحزاب وتيارات علمانية وغيرها، ومنظمات أممية إنسانية، وتيارات تلبس عباءة الدين من الوهابية من داعش والنصرة والإخوان حزب الإصلاح، ومن المنافقين، ومؤخّراً العفافيش في الداخل، جميع تلك التوليفة والركام يتحَرّكون ويعملون ويدورون حولَ فلكٍ واحد؛ لتنفيذ أجندة تخدم مشروعاً واحداً وهو مشروع “الصهيونية الكبرى” وتحقيق أهدافها.
وطبعاً يلعب الإعلامُ المضلل دوراً كبيراً في التغطية المباشرة، وماكنتهم الإعلامية تعتبر غرفَ العمليات، والتي تزودهم وتغذيهم بالتعليمات الازمة.
وكلُّ هذا الاستهداف هو نمط من أنماط “حرب الوعي”، فالأمريكيون في بداية سياسة حروبهم واستعمارهم الجديد لم يشتروا بالملايين الدولارات قنابلَ ذكية؛ لقصف مباني ومقرات التنظيم المستهدف، بل “لقصف عقول الناس أولاً”.
وبالرغم من ذلك لا بدَّ من الاعتراف، أن أقصى وأصعب “معارك الوعي” هي تلك التي تخاض ضدَّ رجال يعتقد أن سر انتصارهم ليس بيدهم بل هو بيد الله، إنه الغيب الإلهي، العنصر المركزي في وعي وإدراك وقناعه جمهور أنصار الله، وإلى جانب هذا الوعي تتولد المفاهيمُ العظيمة مثل: “إيمان.. جهاد.. شهادة”.
وبالنسبة للمنخرطين المنتمين في كيان وبنيان وصفوف المسيرة القرآنية لأنصار الله، فهم على قناعة تامة بأن اسم مكون أنصار الله ليس اسماً عادياً أَو عَلَماً يرفرف ويحمله البعض، بل يعتبر لهم اسم “أنصار الله” صفة، وقناعة، وادارك إيماني واعي وراسخ بأنهم رجالُ الله، وبأنهم المقاتلون في خط الله وجبهته، فهم رجالُ الصمود والدفاع والتصدي والتضحية؛ لذلك فإن أيدولوجيتهم وعقيدتهم هي تلك العقيدة التي ارتضاها اللهُ للإنسانية جمعاء فهم على قناعة بأنهم “جندٌ لله وعسكره، أولو البأس الشديد”، وأن سلاحهم “سلاح الله وسلاح الإيمان وسلاح الحديد”، فهم المجاهدون في سبيل المدافعون عن كلمة الله.
إنهم رجالٌ درسوا فنون الإمام علي -عليه السلام- وتخرجوا من كليات الحسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، أقدامُهم ثابتة، وجماجمهم أُعِيرَت لله، وعيونهم شاخصة إلى أقصى خطوط العدوّ، فدمُ الشهيد لا يسقط بل هو بيد الله ينمو، ومهما قتلتم منا فإن شعبنا وأجياله ستقاتلكم جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة.
وهناك الشهداء الأحياء الذين وجِدُوا الشهادةَ قبل شهادتهم، وأنسوا بالرحيل قبل رحيلهم، ففرحوا بلقاء الله عزَّ وجل.
على كُـلّ تلك المعاني والمفاهيم الجهادية، يتربى ويتزود منها مقاتلو أنصار الله.