مصادر عسكرية: السعودية وجهت كل طاقتها العسكرية في الحدود إلى “نجران” خوفاً من سقوط المدينة
لا زالت تفاصيلُ عملية “نصر من الله” الكبرى في محور نجران تتكشفُ، مؤكّـدةً أن حجمَ ما حدث فيها أكبر مما تم الإعلانُ عنه حتى الآن، وأن الجغرافيا التي حرّرتها العمليةُ باتت تشكّلُ تهديداً واسعاً يقض مضاجعَ النظام السعودي، إذ باتت مناطقُ عمقه في نجران تحت مرمى نيران الجيش واللجان المباشرة، وبدون أي خط دفاع سعودي.
وفي جديد هذه التفاصيل، علمت صحيفة المسيرة، أمس الاثنين، من مصادرَ عسكرية مطلعة، أن نتائج المعركة التي دارت خلال العملية، أجبرت النظام السعودي على توجيه كُـلّ طاقته العسكرية الموزعة على مختلف جبهات الحدود؛ لتغطية جبهة “وادي آل أبو جُبارة” فقط؛ وذلك بسبب خوفه من استمرار تقدم قواتِ الجيش واللجان الشعبيّة نحو عمق الأراضي السعودية في ظل الانكسار التام للجيش السعودي.
صحافة محلية || المسيرة ||
وقالت المصادر إنه “بعد أن تمكّنت قوات الجيش واللجان الشعبيّة من إسقاط كافة ألوية العدوّ من المرتزِقة ومن القوات السعودية، وجدت القيادة السعودية أن المنطقة أصبحت خالية تَمَاماً من أي تواجد عسكري للجيش السعودي أَو لمعداته”، وهو ما شكّل ذعراً كبيراً لدى النظام السعودي، حيثُ خاف من أن يواصل المجاهدون التقدم باتّجاه عمق مدينة نجران واقتحامها.
وأضافت المصادر أنه “نتيجة لذلك وجهت قيادة الجيش السعودي جميع غرف عملياتها في مختلف جبهات الحدود لتغطية جبهة وادي آل أبو جُبارة فقط، كما وجهت كُـلّ طاقاتها الجوية من الطيران أَيْـضاً لقصف تلك المنطقة”، في محاولة لسد الفراغ الذي أحدثته العملية العسكرية اليمنية والذي ترك المنطقة التي تعتبر “بوابة مدينة نجران” مفتوحة بشكل كامل.
وحصلت صحيفة المسيرة على صور تظهر عدداً كبيراً من الطائرات الحربية التي وجهها العدوّ السعودي من مختلف جبهات الحدود إلى جبهة نجران، حيثُ تظهر الصور تحليق تلك الطائرات بشكل مكثّـف في سماء المنطقة التي دارت في عملية “نصر من الله”.
كما حصلت الصحيفة على صور أَيْـضاً للغارات المكثّـفة التي شنتها تلك الطائرات على المنطقة والمناطق المجاورة، في محاولة للحيلولة دون هجوم واسع خافت القيادة السعودية من أن يشنه المجاهدون باتّجاه مدينة نجران، حيثُ لم يكن هناك ما سيعترض طريقهم.
وتؤكّـد هذه المعلومات أن ما أنجزته عملية “نصر من الله” على جغرافيا محور نجران، بات يشكل تهديداً واسعاً ومباشراً على عمق الأراضي السعودية هناك، وأن العملية تمكّنت من كسر خط الدفاع السعودي عن مدينة نجران، وأسقطت كُـلّ حسابات العدوّ هناك.
وبالتالي، فإن المراحل القادمة للعمليات العسكرية اليمنية في تلك الجبهة قد تحدث تقدماً استراتيجياً يتجاوز كُـلّ حسابات العدوّ، ويقلب المعادلة بشكل كامل، بنقل المعركة إلى مدىً بعيدٍ داخل العمق السعودي.
صحيفة المسيرة من قلب المعركة:
عملية “نصر من الله” من زاوية أخرى
بعد تكبيدِ تحالف العدوان خسائرَ جسيمةً في الأرواح والعتاد خلال عملية “نصر من الله” التي شاهدها العالَم، وأدرك بأسَ اليمانيين وتأييدَ الرحمن لأنصاره، بات مسرحُ العملية شاهداً تاريخياً على أكبر ملحمة بطولية يحقّقها جنودٌ قلة بوجه آلاف المدرعات والمخدوعين.
وعلى ضوء ما تحاكيه الشواهد “الجبال، المدرعات، جثث المجندين التي جندلها طيران مَن جندهم” قام مراسل صحيفة المسيرة “يحيى الشامي” بجولة ميدانية لمسرح العمليات؛ لتوثيق نتائج ومجريات المعركة، وعاد بالتقرير التالي:
المسيرة: يحيى الشامي
الوادي يشهد زحمة مرور خانقة لم تخلُ من الحوادث والولاعة تقطع طريق المدرعات:
على غير عادته، الوادي اليومَ يشهدُ زحمةَ سيرٍ خانقة لم تخلُ من حوادثَ مروّعة، الآليات كثيرة في اتّجاه واحد محملة بأعداد كبيرة إلى أن قطعت الولاعات طريق المدرعات، وهنا مجاهد بصوته الجهور يقول: “كما قال لهم السيد الولاعات لهم بالمرصاد”.
وفي زحمة فرار المدرعات تزيد الحوادث كلما زادت السرعة وفي ساعة الهرب وَدَّ المنافقون لو أن مدرعاتِهم تطير، فالمدرعات التي كانت يوماً سبباً للنجاة هي بأولاء أسوأ وسيلة للهرب، فلا هي تُنجي ولا هي تنجو، وما سَلِمَ منها من الولاعات لم تسلم من ساعة الزحمة وسرعة الفرار.
وبما أننا نتحدثُ عن أوسع عملية انهيارٍ حصلت داخل صفوف المخدوعين والمرتزِقة المجندين لمصلحة السعودية ونشاهد هذه المدرعات المتساقطة بالعشرات بحوادث السير في بضع كيلومترات ما بين وادي أبو جُبارة ومنطقة الفرع، ووجود 3 مدرعات متطورة كان المجاهدون يفضّلون عدمَ إحراقها ويحاولون إعادة تفعيلها لكن الولّاعة سبقت العَذَل”.
غالبيةُ المدرعات اغتُنمت سليمةً بعد إعلانها الاستسلامَ:
ما أكثرَ المدرعاتِ التي نعدها في طريقنا هنا من مديرية كتاف المحروقة بولاعة الجيش واللجان الشعبيّة، ولكن ما يثلج الصدر ويريح البالَ أن غالبية هذه المدرعات اغتُنمت سليمة فيظهر في شريط الفيديو عددٌ من المدرعات السليمة الفاعلة في الميدان وبعضُها تحتاج إلى قليل من الصيانة فقط في ورش الصيانة لتفعَّلَ في الميدان كما جرى مع العديد من المدرعات المستخدَمة من قبلُ.
عشراتٌ من المدرعات بأنواع مختلفة اغتنمها أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في معسكرات ومواقع المخدوعين للألوية الثلاثة، تنتشر على طول وعرض مسرح العمليات للأراضي المحرّرة، لتؤكّـدَ أنها هي الأُخرى أعلنت تسليمَها حين جُعِلَ عاليَها سافلَها وأسوةً بركابها الذين لم تسعهم ولم تسعفهم، وأُخرى منها أصابها وباءٌ من الكوليرا فسالت تداعياته على الأرض حتى هلكت.
والسؤال الذي يحيّر المجاهدين الآن ليس كيف سيتم انتشالُ هذه المدرعات من بطن الوادي؟ ولكن كيف سقطت وهي كانت تسيرُ على طرقٍ معبّدة؟.
وفي صور تلك المدرعات المتهالكة التي شوهدت في عَرْض هذه العملية ترجمةٌ حرفيةٌ للمقولة الشهيرة “اليمن مقبرة الغزاة”، ويضيف المجاهدون اليمنيون في هذه اللحظة المفصلية والخطيرة من عمر اليمن أنها مقبرة الغزاة والمدرعات أَيْـضاً.
زحمةُ الآليات تتحول إلى زحمة مشاة:
توقفت الرحلة وأناخ الموكبُ آلياتِه وشرع الهاربون يطوون بأقدامِهم الأرض جبالاً وودياناً، سريعاً تحولت زحمة الآليات إلى زحمة مشاة على رأس كُـلِّ طابورٍ مجاهد ينظم السير ومصور يوثق المسير.
بصعوبةٍ بالغة جُمع شتاتُ الشاردين من أماكنَ شتَّى قبالةَ نجران، الهائمين على وجوههم لم يجدوا بُدّاً من الاستسلام، واللاجئون منهم إلى الجبال لا عاصم لهم اليوم، ومجاهد يقول وبصوت عال: “هذا بفصل الله”.
وخلال الجولة الميدانية في مسرح العملية، أسيرٌ يشكو ضعفَه وقلةَ حيلته: “لنا ثلاثة أيام في وادي جبارة ولا انقذنا الطيران ولا ادّوا لنا أكل ولا شرب ولا مدد” فتُقطَعُ صوتَه غاراتُ طيران العدوّ الذي يقصف مجاميعَ بجوارهم.
الطيران يقصف ويحلّق بكثافة.. لكن لقتل مجنديه وليس لنجدتهم:
الطيران الذي لم ينزل لهم مدداً جاء سريعاً لقصفِهم، كأن لم يفنوا أعمارَهم في خدمته بالأمس، وأحد المجاهدين يؤكّـد أن” طيران العدوان السعودي يقوم باستهداف مرتزِقة لواء الفتح بعد أن قاموا بتسليم أنفسهم للجيش واللجان الشعبيّة”، ليرد عليه أحدُ الأسرى بالفم المليان: إذَا ما كان جو أنصار الله وأخرجونا من الموقع على واحد واحد كان با يجي الطيران يضربنا بشكل كامل.
لحظات فارقة عاشها المخدوعون، فقد أُشربوا من ذات الكأس الذي سقَوا شعبَهم منها لخمس سنوات، ومَن لم يصغِ لدعوات المجاهدين بالاستسلام ساقته الغارات إليهم، وهكذا أسهم الطيران في جمع الأسرى وقد كادت المهمة تصعب على المجاهدين، ولكن الأخلاق والمبادئ التي تجري في دماء رجال الرجال ملأت الأرجاءَ بالتراحيب، ونسمع مجاهد بصوته الصادق يخاطب الأسرى المخدوعين “حيّاكم الله حياكم الله ارحبوا إلى وطنكم وعودوا إلى يمنكم ارحبوا”.
المجاهدون يضحون بأرواحهم لإنقاذ الأسرى المخدوعين:
كانت أصواتُ المجاهدين المرحّبة تهزم صوتَ التحليق في نفوس المخدوعين، فعاد الهاربون يهرعون مستسلمين، ولم يدخر المجاهدون جهداً في حمايتهم ونقلهم إلى حيثُ يأمنون والمؤمنين.
تراكمت البنادقُ فوق بعضها وتلك مهمةٌ أوكلت إلى فِرَقِ إجلاء الغنائم، وتراصّت الكتائبُ من غير قيود أَو شروط، وبعد ساعةٍ من انهيارها بدأت الألوية تتشكل من جديد وهي (الفتح، والوحدة، والفاروق)، فلم تُغنِ عنهم مدرعاتُهم بعد أن تبرّأ منهم أسيادُهم.
وسيق الذين أُسروا إلى سجونهم زُمَــراً كلما مرت كتيبةٌ لعنت قادتَها:
ومع توافد الأسرى تعلو الشتائم واللعنات على سلمان وهم يدوسون البزةَ العسكريةَ بعد خلعها على الأرض، وما زالت الشتائم تتوالى من أفواههم والحسرات تتصاعدُ من صدورهم في يوم الانهيار الأكبر، فقال بعضهم: “لو كنا نسمع أَو نعقل ما كنا من أصحاب القيود، ولَما حقّت علينا كلمةُ الأسر وإنّا لنفسنا ولشعبنا لَظالمون”.
“رداد الهاشمي ملعون كذاب” هكذا يقولُ أحد الأسرى عن قائد أحد الألوية التي وقعت في الأسر الذي يدعى رداد الهاشمي، فيما يقول أسير آخر عن أنفسهم: “أقول لك الصدق احنا طلعنا بياعين وخوَنة”.