احتجازُ الناقلات جريمةُ حرب أممية
|| مقالات || بلقيس علي السلطان
لقد أُوهمنا لسنواتٍ عدّة بحمامةِ السلام وغصن الزيتون، وبأنَّ الأممَ المتحدة راعيةٌ للسلام وسَنَدٌ للشعوب في وقت الحروبِ والأزمات، صدقنا أن الصليبَ الأحمر يبسط يدَه بالخير، ولو تفكرنا قليلاً لعلمنا من المقطع الأول لاسمه أنه أداةٌ لصلبِ الناس بصورة الإنسانية المكذوبة، كذلك صدقنا أن اليونسف ترعى الأمومةَ والطفولةَ، بَيْدَ أنَّ الأيّام كشفت لنا بأنها تشاركُ في إبادةِ الأمومة والطفولة ولا يُظهرُ لها دورٌ سوى توفيرِ موانع الحمل، التي يستحيل انعدامها من المراكزِ الصحية، أما أن تنقطعَ الأدويةُ الضروريةُ فهذا أمرٌ مسلّمٌ به، ويحتاج إلى إعادةِ النظر حوله.
انطوت علينا الكذباتُ تلوَ الكذبات، التي حبلُها كان قصيراً لدرجة أنها تكشّفت منذُ الأيّام الأولى من العدوان الغاشم على اليمن، فمن البياناتِ المخزية التي لا تكاد تجرؤ على إدانةِ المجازر الوحشية المختلفة، إلى التواطؤ مع دولِ العدوان في قرار الحصار الظالم ونقل البنك المركزي إلى عدن وحرمان الناس من المرتباتِ دون أيِّ دورٍ يُذكَرُ لإنهاء ذلك، سوى رعاية اتّفاقيات لا تكاد تجرؤ على إلزام دول العدوان ومرتزِقتهم في تنفيذها، حتى انتهى بها الأمرُ للتواطؤ في احتجازِ ناقلات الغذاء والدواء، وَناقلات النفط التي تمدُّ أوردةَ وشرايينَ المدن بجميع مؤسّساتها بالوقود اللازم لسريان الحياة فيها، والتي من أهمها المستشفياتُ التي تعتبرُ الأكثرَ والأهـمَّ احتياجاً للوقود؛ لكونها تعجُّ بالمرضى والجرحى، وبالأخص مرضى الغسيل الكلوي والذين يعانون الأمرَّين منذُ بداية العدوان.
إن استمرارَ احتجاز ناقلات النفط ينذر بكارثةٍ إنسانيةٍ محقّقة، ما لم تعد الأممُ المتحدة إلى رشدها، والتي تنصُّ قوانينُها الزائفة على أن يبقى المدنيون خارجَ دائرة الصراع، لكنَّ قوانينها تلاشت تماماً في اليمن، فأصبح دورُها لا يقلُّ عن الدورِ المساعد لدول العدوان في الحصار وإبادة الشعب، ويأتي هذا الفعل الذي لم يراعِ حتى الأطفالَ والنساءَ في اليمن رداً على هزائمهم في الجبهات بنفخِ نار حقدهم على المدنيين، متناسين أنفاسَ طفلٍ في حضانة المستشفيات، وأنينَ جريحٍ في غرفة العناية المركّزة، وآهاتِ امرأةٍ في غرفة العمليات، وأوجاعَ شيخٍ يعاني من الفشل الكلوي.
هذه هي الأممُ المتحدة التي حولّت أجنحةَ حمامة السلام إلى أجنحةِ طائرات تقصفُ وتقتلُ وتبيدُ الشعوبَ، وجعلت من أغصان الزيتون جسراً يعبرُ به الطغاةُ؛ لتدميرِ العالم تحتَ مسمياتٍ زائفةٍ وأعذارٍ واهية، منبعُها خططٌ صهيونيةٌ أمريكيةٌ، والتي تعتبر هيئةُ الأمم المتحدة إحدَى أهـمِّ أدواتها المنفّذة لتلك الخطط، فهل من مدكر؟