انتكاسة غير مسبوقة لموانئ دبي وأزمة حادة للبنوك في الإمارة
|| أخبار اقتصادية ||
تتفاقم الأزمة الاقتصادية الشاملة في إمارة دبي الإماراتية وتتصاعد مؤشرات الانتكاسة بشكل غير مسبوق لتطال كبرى الشركات والمصارف فيها وسط عجز حكومي عن إيجاد حلول.
ويشهد القطاع المصرفي في الإمارات أزمة صامتة وسط ارتفاع حجم ديون دبي إلى 124 مليار دولار، بعد تأجيل سداد نصفها خلال ما تبقى من العام والعامين المقبلين، في أزمة ربما تتفجر في أية لحظة وفق تقديرات مراقبين.
وأقر المدير العام لدائرة المالية في إمارة دبي عبدالرحمن صالح بأن الديون السيادية لدبي بلغت 32 مليار دولار، وإن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للإمارة لا تزيد على 9ر27 بالمئة حتى نهاية سبتمبر الماضي، بينما بلغت نسبة خدمة الدين 5 بالمئة فقط من الموازنة العامة.
وقال صالح إن دبي تدرس عند الحاجة إمكانيات الاقتراض والحصول على تمويلات لمشاريع البنية التحتية عبر وسائل متنوعة للتمويل تشمل السندات والصكوك وضمان الصادرات والتوريق، وغيرها من الوسائل، وذلك لدعم مشاريع البنية التحتية لا للإنفاق التشغيلي.
وأضاف أن “الإنفاق التوسعي على مشاريع البنية التحتية في دبي، يأتي في صدارة أولويات الموازنة العامة لضمان استكمالها على النحو المطلوب وقبل الموعد المحدد”.
وأشار صالح إلى أن حكومة دبي خفضت بعض الرسوم الحكومية في شهر يونيو 2018، من منطلق حرصها على دعم قطاعات الأعمال، مؤكدًا أن هذا التخفيض لم يكن له تأثير يُذكر في أداء الموازنة الحكومية، بالرغم من أنه أدّى إلى انخفاض الإيرادات بنحو ملياري درهم على مدى 12 شهرًا حتى يونيو من العام الجاري.
وحسب وكالة فيتش الأميركية، فإن حوالى 23 مليار دولار من هذه الديون تتحملها محافظ المصارف في دولة الإمارات، وليس معروفاً حتى الآن كيفية تعامل الشركات الحكومية في دبي مع هذه الديون، وعما إذا كانت المصارف في الإمارات ستتحمل عملية إعادة هيكلة جديدة للديون مثلما حدث إبان الأزمة المالية عام 2008.
في هذه الأثناء بدأت الشركات التابعة لحكومة دبي، الاعتراف رسمياً بالأزمة المالية التي تعانيها، وبأن البنوك التجارية العالمية لم تعد تثق بها.
وصرح رئيس موانئ دبي العالمية سلطان أحمد سليم بأن الشركة تجد صعوبة في الاقتراض من البنوك لتمويل استثمارات جديدة، منذ أن سيطرت حكومة جيبوتي على محطة دوراليه للحاويات المملوكة جزئياً للشركة في 2018.
وقال سليم “نستثمر لكن هذا يكلفنا أكثر. هذا هو الضرر”. وافتتحت الشركة، وهي إحدى أكبر شركات تشغيل الموانئ في العالم، منصة لوجستية بقيمة 35 مليون دولار في كيغالي يوم الاثنين. وأضاف سليم من دون أن يذكر تفاصيل أن “عدداً أقل من البنوك سيقرضنا المال اليوم”.
وأضاف “أي بنك سيقرضك المال سيقول: ماذا لو حذت الدولة التي تستثمر فيها حذو جيبوتي؟ لذلك فإن جيبوتي وضعت سابقة سيئة”. وكانت حكومة جيبوتي قد سيطرت على محطة دوراليه للحاويات من موانئ دبي العالمية، في فبراير/شباط 2018، في نزاع يعود إلى عام 2012 على الأقل.
ووصفت موانئ دبي العالمية الخطوة بأنها غير قانونية وقضت محكمة لندن للتحكيم الدولي، في أغسطس/آب 2018، بأن عقد الشركة التي تسيطر عليها حكومة دبي مع جيبوتي صحيح وملزم. وقال سليم إن الشركة ما زالت تعمل بصورة قانونية في جيبوتي، رغم أن الحكومة قالت إن عمليات الشركة توقفت.
وأضاف أن الشركة تنشط أيضاً في الصومال وموزامبيق والسنغال ومالي، ووقعت اتفاقاً لتطوير ميناء في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وأشار إلى أن منصة الشركة الجديدة في كيغالي ستعزز جهود رواندا لتصبح مركزاً للتجارة للدول المجاورة، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا، وهو ما يقلل تكاليف الاستيراد والتصدير عبر الموانئ المطلة على المحيط الهندي في مومباسا ودار السلام.
وكانت إمارة أبوظبي قد اضطرت في العقد الماضي لإنقاذ دبي عبر قرض 20 مليار دولار وقتها، ولم تسدد إمارة دبي منها سوى 10 مليارات دولار، وشرعت المصارف فعلياً في جدولة 3 مليارات دولار من الديون مع شركات عقارية وشركات مقاولات من بينها شركة الجابر.
وتأتي هذه الأزمة في وقت مختلف تماماً عن الأزمة المالية السابقة التي مرت بها إمارة دبي، حيث أن الإمارة وحسب تقرير بمجلة فوربس، تعاني هذه المرة، بالإضافة إلى الإنهيار في قطاع العقارات، من تدني أسعار النفط وأزمة الاضطراب الجيوسياسي والتوتر العسكري في منطقة الخليج.
وقالت فيتش في تقريرها، إن جزءاً كبيراً من القروض على الشركات الحكومية بدبي والبالغة 23 مليار دولار المقترضة من البنوك المحلية، يحل أجل سدادها بنهاية العام 2021.
وذكرت وكالة التصنيف الأميركية، أن إمارة دبي ربما تضطر لجدولة هذه الديون ووضع المصارف في محنة وسط مواجهة عن انهيار وشيك يعانيه اقتصاد الإمارات بفعل حروب وتدخلات خارجية للنظام الحاكم في الدولة.