سيّـدُ المقاومة عن تحذيرات قائد الثورة: قوةٌ إضافية لـ “المحور” وإعلانٌ تأريخي تعرفُ “إسرائيلُ” جديتَه
موقع أنصار الله || صحافة محلية || المسيرة | ضرار الطيب
لا زال وعيدُ قائد الثورة السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي بضرب الكيان الصهيوني، يتصدرُ المشهَدَ، كمعادلة ردع استراتيجية جديدة ليس فحسب ضمن معركة مواجهة العدوان الذي تقف “إسرائيل” على رأسه، بل أَيْـضاً ضمن معركة المنطقة العربية والإسلامية وصراعها المبدأي والتأريخي مع العدوّ الصهيوني، ولا زالت أصداءُ هذا الوعيد وتفاعلاتُه لدى الأعداء والأصدقاء في المنطقة، ومن آخرها تصريحات سماحة السيد حسن نصر الله أمس، تؤكّـدُ على أن المعادلة الرادعة التي أعلنها قائد الثورة، تعتبر إضَـافَـةً نوعيةً في ميزان قوة “محور المقاومة”، لكنها في الوقت ذاته تمتلك ما يميزها، فبالنظر إلى معادلات الردع التي فرضتها اليمن في مواجهة العدوان طوال 5 سنوات، يتضحُ أن الوعدَ اليمني بضرب إسرائيل يختلفُ عن وعود الكثير من دول المنطقة التي تتعرض لتهديدات واعتداءات إسرائيلية، إذ وضع السيد عَبدالملك خطاً أحمرَ واضحاً متمثلاً بـ”ارتكاب أية حماقة بحق الشعب اليمني”، وعلى خلاف تلك الدول لم يعلن السيد أن الردَّ سيكونُ في “وقت ومكان مناسبَين” حينها، بل كان شديدَ الوضوح في التأكيد على “عدم التردّد” في إعلان الجهاد ضد “إسرائيل” وضرب مواقعها الحسّاسة، الأمر الذي يعني إعلان معركة مفتوحة مع العدوّ الصهيوني، وقد كشفت وسائل إعلام الأخير إدراكها لحساسية إنذارات قائد الثورة من خلال الاهتمام الكبير الذي تناولت به خلالَ الأيّام الماضية تلكَ الإنذاراتِ.
مصداقيةُ وعيد قائد الثورة
في هذا السياق، خصّص سماحةُ الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله، جزءاً مهمًّا من خطابه، أمس الاثنين، بمناسبة يوم الشهيد، للحديث عن اليمن وعن تحذيرات قائد الثورة بالذات، حيث قال: “يجب أن نتوقفَ عند الموقف التأريخي الذي أعلنه القائد الشُّجَاع والعزيز السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي فيما يخُصُّ الصراعَ مع العدوِّ الإسرائيلي”، مُضيفاً أن أهميّةَ هذا الموقف “تأتي من كونه إعلاناً صادراً عن قائدٍ لجبهة ما زالت تقاتلُ منذ 5 سنوات جيوشاً وقوىً كبرى”، في تنبيه هام يذكر بالدلائل العملية على أن تحذيرات قائد الثورة بشكل عام لم تكن يوماً مُجَـرَّدَ مادةٍ للاستهلاك الإعلامي، بل أثبتت فاعليتَها عملياً في معركة استثنائية مع قوى متفوقة عالمياً، وبالتالي فإن أمامَ الكيان الصهيوني من مصاديق الواقع ما يكفيه لمعرفة جدية ومستوى هذه التحذيرات.
وقدّم السيدُ نصر الله نماذجَ من شواهد الواقع العسكريّ العملي المتميز الذي انطلقت منه تحذيرات قائد الثورة، موضحاً أن “الجبهة اليمنية باتت تمتلكُ أسلحةً متطورة جِـدًّا من صواريخَ ومسيّرات وتمتلك شجاعةَ استخدام هذه الصواريخ والمسيّرات وتحدت بها كُـلّ العالم”، في إشارة إلى الضربات اليمنية الكبرى على منشآت النفط السعودية، وبالذات هجوم 14 سبتمبر، الذي جعل العالم يراقبُ بذهول جرأةَ اليمنيين على استهداف “النفط المقدس”، بحسب وصف صحيفة أجنبية قبل أسابيع، الأمر الذي يمنحُ الوعدَ بضرب إسرائيلَ مستوىً أعلى من الجدية والحساسية والأهميّة.
وضمن الخلفية العسكريّة والميدانية التي قدّمها للتأكيد على مصداقية وأهميّة تحذيرات قائد الثورة، أضاف نصر الله إشارة هامة إلى أن “المقاتلين اليمنيين يحقّقون انتصارات نوعية مذهلة وأقربَ إلى المعجزات، وآخرها كان عملية نصر من الله” الأمر الذي من شأنه شدُّ انتباه العدوّ الإسرائيلي إلى أقصى حَــدٍّ، فهو هنا يقفُ أمام سقوط دعاياته حول “الصواريخ والطائرات الإيرانية” ليواجهَ أَيْـضاً التفوق العسكريّ البري الذي يشهدُ بأن تميّز القدرات اليمنية هو تميز شامل بشرياً ومادياً.
بعد هذه الخلفية والشواهد، يقدم نصر الله التأكيد على أن “السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي قادرٌ على أن ينفّذ تهديداته” ثم يضيف شواهدَ أُخرى على هذه المصداقية من الداخل الإسرائيلي، مُشيراً إلى أن “الإسرائيليين توقفوا جيّداً” عند كلام قائد الثورة، وهو ما ظهر من خلال اهتمام الإعلام الصهيوني بتحذيراته، مع أنهم في العادة يتجاهلون مثلَ هذه الكلام من بقية الزعماء العرب، الأمر الذي يمثل تأكيداً من العدوِّ نفسِه على أن تحذيرات قائد الثورة جديةٌ ومختلفة ولا تُشبِهُ أياً من الاستعراضات الجوفاء التي نشاهدها في المنطقة.
عاملُ قوة جديدٌ في محور المقاومة
التأكيداتُ السابقةُ من السيد حسن نصر الله مثّلت دلالاتٍ واضحةً على أن تحذيراتِ قائد الثورة للكيان الصهيوني هي معادلةُ ردع جديدةٌ تم إعلانُها ضمن المعركة الإسلامية والعربية الكبرى مع “إسرائيل” ولا ينحصر أثرُها فيما يتعلقُ باليمن فقط، ومن أجل ذلك، وصف نصر الله إعلانَ قائد الثورة بـ”عامل قوة إضافي ومهم جِـدًّا في محور المقاومة”، الأمر الذي يعني أن الجبهة المناهضة للصهيونية في المنطقة برمتها قد ازدادت معسكراً من شأنه أن يقلبَ موازينَ الصراع التأريخي، وتبقى الدلائل السابقة على الإنجازات اليمنية في مواجهة العدوان، مبشرةً بتحقّق ذلك.
وأضاف نصر الله أن “على جميع أبناء الأُمَّـة وحركاتِ المقاومة بأن يعتزوا بهذا العامل الاستراتيجي”، مُشيراً إلى أن “العدوّ يدرك جيِّدًا أن هناك قوىً جديدةً ذاتِ قوة وشجاعة منقطعة النظير دخلت في جبهة المواجهة” في تنبيه آخر على أن مكانة المعادلة الجديدة التي أعلنها قائد الثورة في الصراع مع “إسرائيل” وتأثيرها على مسار هذا الصراع، ليست مُجَـرَّدَ تحليلات، مثلما أن تلك المعادلة ليس مُجَـرَّدَ استعراض، بل حقائقُ تشهدُ بها خبرةٌ عسكريّة استثنائية في مواجهة العدوان، ويشهدُ بها العدوُّ نفسُه الذي لم يستطع إعلامُه إلا أن يقفَ عند تحذيرات قائد الثورة بشكل جدي ويبدي تخوفَه الشديدَ منها.
رسالةٌ عمليةٌ مدروسة بعناية
ومن التأكيد على مصداقية تحذيرات قائد الثورة ومكانتها في محور المقاومة، انتقل السيد نصر الله الذي يعرف الكثير من أبجديات الحرب العسكريّة والنفسية مع العدوّ الصهيوني، إلى الحديث، وإن بشكل مقتضب، عن ما مثّلته “صيغة” تلك التحذيرات من رسالة عسكريّة نوعية لكيان العدو، حيث أكّـد نصرُ الله أن “السيدَ عَبدالملك بدر الدين الحوثي لم يكشف أوراقَه في الرد وتوجيه أقسى الضربات على كيان العدوِّ، وهذا مهمٌّ جداً”.
وتحوي هذه النقطةُ المقتضبةُ التي أبرزها نصرُ الله دلالةً أُخرى على أن تحذيرات قائد الثورة مدروسةٌ بعناية، وبالتالي فهي عمليةٌ بشكل كامل وليس فيها أي شيء لمُجَـرَّدِ الاستعراض، كما تمثل هذه النقطة إشارةً هامة من قائد متمرس بالحرب مع “إسرائيل” إلى أن معادلة الردع اليمنية ضد إسرائيل بدأت تنفّذ آثارها على العدوّ منذ إعلانها الأول، من خلال ترك العدوّ حائراً وقلقاً من تفاصيل الرد، خَاصَّة وهو متيقن من جدية الإعلان، الأمر الذي يجعلُه يحسب ألفَ حساب قبل أن يتورطَ في أية “حماقة” ضد الشعب اليمني.