هل ستنعكس أزمات نتنياهو الأمنية على الأوراق السياسية لكيان العدو؟
|| متابعات ||
تحدث الكاتب الصهيوني عاموس هرئيل في مقالة نشرتها صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن الوضع القانوني لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، مشيرا إلى ان علامات استفهام عدة طرحت بعد تصريحاته الهجومية ضد إيران. وجاءت المقالة كما يلي:
إستضافت “إسرائيل” في الأسابيع الأخيرة عددًا من المسؤولين في المؤسسة الأمنية الأميركية. وشكل ذورة هذه الزيارات استقبال رئيس أركان الجيوش الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، الذي حل ضيفاً على رئيس الأركان أفيف كوخافي.
ويبدو أنه خلف هذا القطار الجوي، اعتبارين اثنان لا يتم الحديث عنهما في العلن، يتعلقان بتهدئة المخاوف أو الخشية الإسرائيلية من خذلان أميركي، والخشية الأميركية من عمل غير منسّق من جانب “إسرائيل”.
القلق الإسرائيلي مرتبط بالخطوات الأخيرة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتمثلة بالامتناع عن الرد، حتى الساعة، على الهجمات الإيرانية في الخليج، التي تضمنت ضربة قاسية لمنشآت النفط السعودية وإسقاط طائرة أميركية بدون طيار باهظة الثمن، وبعدها قرار ترامب بسحب جنوده من شمال شرق سوريا وتهيئة الأرضية لاجتياح تركي، ما يثير خشية لدى الإسرائيليين من المنحى المحدد لمغادرة الولايات المتحدة المنطقة، الذي منح إيران حرية عمل أكبر.
من جهة أخرى، يبدو أن الأميركيين قلقون إلى حد ما من القرارات التي من المتوقع أن تتخذ في “إسرائيل”. فـ”القيادة الإسرائيلية” تتحدث بشكل مستمر عن المخاطر المنظورة من محاولات إيران التمركز عسكريا جنوب سوريا، وعن تهريب سلاح متطور لحزب الله في لبنان وعن مساعي تعاظم إيراني في العراق وفي اليمن. اي نزاع عسكري مدعوم بين “إسرائيل” وإيران” عبر فروعها، قد يجر الأميركيين إلى حرب إقليمية.
هذه الأمور، تذكّر إلى حد ما بسلسلة زيارات سابقة لمسؤولين في “البنتاغون” إلى “إسرائيل”، خصوصا في صيف العام 2011 و2012. وفي هاتين الفترتين الزمنيتين، درست “القيادة الإسرائيلية” شن هجوم مستقل على منشآت النووي في إيران، إذ اُرسل الجنرالات الأميركيون لجس النبض لدى نظرائهم الإسرائيليين، ممن عارضوا خطوات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن آنذاك إيهود باراك، وتحفظوا على الهجوم.
هجوم كهذا ليس مطروحاً على جدول الأعمال الآن، لأن إيران لا تزال ملتزمة بمبادئ الاتفاق النووي مع الدول الخمسة (السادسة، الولايات المتحدة انسحبت منه في شهر أيار الماضي) وخروقات الاتفاق من جانبها مؤخراً لم تتجاوز حتى الآن الحدود التي يمكن تحملها. ومع ذلك، فإن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة بخصوص إيران حربية على وجه خاص.
أول من أمس زار نتنياهو ووزير الأمن نفتالي بينت الحدود السورية واللبنانية. نتنياهو أعلن أن “إسرائيل” ستعمل لإحباط نقل سلاح فتاك من إيران إلى سوريا وستكبح محاولات “تحويل العراق واليمن إلى قواعد إطلاق صواريخ”. بدوره، نقل بينت رسالة إلى القوات الإيرانية في سوريا قائلا : “ليس لديكم ما تبحثون عنه هنا”. وفي مراسم الذكرى الرسمية لقتلى عملية “كيدش” أمس، صرّح بينت ان “من الواضح لأعدائنا أننا سنرد على أي محاولة لمنعنا من العيش”، مضيفا ان “ردنا سيكون دقيقاً ومؤلماً جداً.. هذا الكلام أوجهه ليس فقط لمن يضمر الشر لنا في الساحة الجنوبية، إنما في الشمال أيضاً”.
التحذيرات من خطوات إيرانية محتملة ضد “إسرائيل” هي إنذار حقيقي، لكن الاعتبارات الإسرائيلية لا يمكن فصلها عن صورة الوضع الداخلية، التي في صلبها قرار محاكمة نتنياهو والطريق المسدود في الاتصالات لتشكيل حكومة.
المعركة العسكرية لا يمكن أن تكون محصنة كلياً عن الإعتبارات السياسية. هيئة الأركان العامة ليست منفصلة وقادة الألوية مدركون جيداً لما يحصل في “الدولة”. لكن قادة الفرقة التي زارها نتنياهو وبينت أول من أمس، ومثلهم الطيارون الذين يخرجون إلى مهامهم الليلية، عليهم أن يكونوا متأكدين أن القرارات الأمنية في مسألة الحياة والموت تتخذ بشكل موضوعي.
في بداية العقد الحالي هزت المؤسسة الأمنية قضية وثيقة “هرباز”، التي كانت مواجهة مفرطة بين رئيس الأركان آنذاك غابي أشكنازي وباراك. نتنياهو، كرئيس للحكومة، لم يعطِ أي أهمية للقضية. هو ذُكر فيها بشكل مفاجئ فقط في العام الأخير، عندما دخل أشكنازي في الحياة السياسية ومندلبليت الذي بدأ يتظاهر من ناحيته بأنها خطر فعلي.
في تلك الفترة طُرح سؤال هام يتمثل بـ: “كيف يمكن للجيش الحفاظ على بوصلة قيمه ومهنيته؟”. هذه المسألة تدوي الآن بشكل كبير، حيث إن رئيس الحكومة يعيش محنا وأزمات أمنية يمكن أن تقلب كل الأوراق السياسية.