بوجود القرآن كيف يمكن أن يكون لنا مبرراً أمام الله ؟
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
القرآن الكريم بين أيدينا، لماذا غابت تلك الروحية بشكل ملموس؟ غياب بشكل ملموس؟ كل هذه تساؤلات تفرض نفسها علينا، باعتبارنا – كما كررت – طلاب علم، وباعتبارنا نحمل ألقاب: أستاذ، وعالم، ونحوها من الألقاب.. كلها تفرض نفسها علينا، هل هناك مسؤولية علينا، أم أنه لا مسؤولية علينا أبداً؟ هل نحن معذورون إذا ما قدمنا على الله سبحانه وتعالى ولم يكن لنا أي عمل في هذه الحياة؟ في مجال نصر هذا الدين، في مجال الدفاع عنه، في مجال تنفيذ تلك التوجيهات التي نقرأها في القرآن الكريم، هل هناك مبرر؟.
وإذا كنا نتفق مع أنفسنا – بناء على قواعد معينة من هنا، أو هناك – فهل فعلاً يمكن أن يكون ذلك مبرراً لنا أمام الله سبحانه وتعالى؟ ونحن نقطع بأن ما نجده مبرراً لنا هو أيضاً مبرراً للأجيال من قبلنا ومن بعدنا، أي أن ما تعتبره أنت مبرراً لك انطلاقاً على قواعد معينة، إذاً أنت تحكم بأنه يعد مبرراً للسابقين وللاحقين، لكن لماذا السابقون كانوا يختلفون عنا؟ ثم إذا افترضنا أن اللاحقين سيكونون على هذه الطريقة، أجيال تأتي على هذا النحو، فمتى سيفترض أن يكون هناك إصلاح؟ متى يفترض أن يكون هناك عمل لإعلاء كلمة الله؟! متى يفترض أن يكون هناك عمل في الدفاع عن الإسلام والمسلمين، في مواجهة أعداء الله؟ متى يمكن أن يكون هناك عمل في مواجهة هذه الأحداث التي أمامنا؟! سواء في واقعنا نحن، أو امتدت، وبالطبع الفساد لا ينتهي، الفساد يبقى، والباطل يبقى إذا لم يأت من يوقفه.
فلو افترضنا أن هذه الحالة تمتد إلى أجيال، سواء ممن نعلِّمهم، أو ممن يأتون من بعدنا، أي أن هذه الوضعية التي نحن عليها إن كانت مبرراً أمام الله سبحانه وتعالى فيما إذا قدمنا عليه أيضاً نفترضها مبرراً للأجيال من بعدنا، وبالتالي نـرى أن ذلك يحول دون تحقيـق الاستجـابة لله سبحانه وتعالى عندما يقول لعباده المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ}(الصف14) ألسنا نقرأ هذه الآية؟ وقرأها آباؤنا من قبلنا، ونعلِّم أبناءنا, ونعلِّم طلابنا هذه الآية، وآيات أخرى كقوله: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران104)، وكقوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}(الحج78) ومثل قوله تعالى: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(التوبة29) متى يمكن أن تتحقق استجابة لمثل هذه الآيات؟.
لا أتوقع؛ ما دمنا نعيش حالة كهذه، تمر الأحداث من حولنا، ونحن لا نقرؤها بشكل جيد، ونحن نرى كل ما حولنا إذا ما نظرنا بأنه مطلوب أن يكون هناك عمل فإن العمل في مواجهته يكون عندنا ضمن قائمة المستحيلات!. نرى أن الله سبحانه وتعالى عندما يأمرنا بأن نكون من أنصار دينه، ومن المجاهدين في سبيله، وممن يعملون على الدعوة إلى الخير، على تأهيل أنفسهم كأمة تدعو إلى الخير، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، هي أشياء نؤمن بها لكنها تبدو أمامنا ضمن قائمة المستحيلات، أليس كذلك؟.
أنا واحد منكم، وأرى ما ترون، أن الساحة التي نعيش فيها – ساحتنا جميعاً، علماء ومتعلمين – هي ساحة تسيطر عليها هذه المشاعر: أننا نعيش وضعية نرى أن كل شيء مستحيل، نرى أنه ليس باستطاعتنا أن نعمل شيئا في الدفاع عن الإسلام، والمسلمين، ومع ذلك ندعي، أو نطلق على أنفسنا ألقاباً كبيرة!.
نحن نقول: أننا زيدية، وأن الزيدية هم الطائفة المحقة، وأن الزيدية هم صفوة الطوائف، وأنهم أهل العقائد الصحيحة.. ومن فينا من أهل البيت نقول: نحن من أهل البيت، ونحن الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، ونحن من أوجب محبتهم على الأمة، ونحن من أوجب التمسك بهم، ونحن من جعل التمسك بهم أماناً من الضلال، ونحن.. ونحن… الخ.
هل منطق القرآن الكريم يسمح لك أن تطلق على نفسك ألقاباً كهذه ثم لا تترافق معها مسؤوليات؟ هناك مسؤولية، هناك مسؤولية كبيرة.. من يتأمل في واقع الأمة الآن يجد أننا كعرب، ونحن كزيدية، ونحن باعتبارنا من أهل البيت نعيش تحت أقدام من قد ضرب الله عليهم الذلة، والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، نعيش أيضاً تحت رحمة من قد باءوا بغضب من الله!.
أليس هذا هو ما هو حاصل؟. لماذا؟ نسأل أنفسنا أنه إذا كان الله قد ضرب على أولئك الذلة والمسكنة، ونحن نجد أنفسنا نعيش حالة الذلة، والمسكنة تحت أقدامهم، هل أن هذا هو شأن الحياة هكذا؟ وأن أهل الحق – كما يقال – عادة يكونون مستضعفين، ومساكين، وهذه حالة طبع الله الدنيا عليها، بل هي حالة نستشهد بها على أننا محقون، وأنه لولا أننا نعيش حالة كهذه لاضطربنا في معرفة أننا على حق!.
هل أن هذا واقع الدنيا، وواقع الدنيا هكذا؟ أم أن ذلك نتيجة تفريط في مسؤولية، نتيجة إهمال لواجب، نتيجة ابتعاد عن هدي الله فكان عاقبتنا بالشكل الذي يشهد أن تفريطنا أسوأ، أو يعد جريمة أكثر من جريمة أولئك الذين قد ضرب عليهم الذلة والمسكنة؛ لأنه إذا كان في الواقع أننا أصبحنا تحت أقدام أولئك، يعني: أننا في واقعنا ارتكبنا خطأ كبيراً جداً من حيث أننا فرطنا في مسؤولية كبيرة، فرطنا في مسؤولية كبيرة جداً، فكانت معصيتنا كبيرة، استحقينا بها – فيما أعتقد – أن نعيش حالة من الذلة أسوأ من تلك الحالة التي ضربت على بني إسرائيل.
لكن ما هي المشكلة في هذا؟ المشكلة في هذا هي: أننا أصبحنا نفهم، ما أدري من أين؟ هل من بعض القواعد في كتب علم الكلام، أم من بعض الأشياء التي نسمعها من كتب الترغيب والترهيب، أصبحنا نفهم أن هذا هو حال الدنيا، أن هذا هو حال الدنيا، فكلما اشتدت الوطأة، وكلما عانينا، وكلما أصبحنا نلمس أننا في وضعية سيئة، نعيش حالة من الخزي والذلة والهوان، لا نعرف أن ذلك عقوبة [شأن الدنيا]! أليس هذا هو ما نسمعه من بعضنا بعض؟ [هذا حال الدنيا، وهذا شأن الدنيا، وهذا … إلخ]!، فمتى يمكن أن نصحوا، فنفهم أنما نحن فيه إنما هو نتيجة لتفريط حصل منا كمسلمين، حصل منا كعرب، حصل منا كزيدية، حصل منا كأهل بيت النبوة؟!.
أنا أعتقد – حقيقة من خلال تأملاتي – أننا في وضعية يجب أن نرجع فيها إلى الله سبحانه وتعالى فنتوب توبة صادقة، نتوب إلى الله جميعاً، نتوب إلى الله جميعاً من أننا فرطنا، من أننا قصرنا، من أننا أهملنا، من أننا أضعنا.
دروس من هدي القرآن الكريم
#ملزمة_خطورة_المرحلة
#ألقاها_السيد_حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 3 محرم 1422هـ
الموافق: 16/3/2002م
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لأسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام