المرجعية العراقية يدعو إلى محاسبة مرتكبي جريمة الوثبة والتحذير من تكرارها على السلم الأهلي
|| أخبار عربية ودولية ||
أدانت المرجعية الدينية العليا في العراق بشدة جريمة قتل المتظاهرين في منطقتي السنك والخلاني في العاصمة بغداد الجمعة الماضية، كما شجبت حادثة قتل وسحل وتعليق شخص في منطقة ساحة الوثبة وسط العاصمة الخميس.
وقال ممثل المرجعية العليا في كربلاء السيد أحمد الصافي “مرّت قبل أيام الذكرى السنوية الثانية لإعلان النصر على “داعش” في المنازلة التاريخية الكبرى التي خاضها العراقيون وابلوا فيها بلاءً حسناً لتحرير أجزاء غالية من وطنهم سبق أن استولى عليها التنظيم الارهابي، وقد قدّموا في هذا الطريق طوال ما يزيد على ثلاثة أعوام عشرات الآلاف من الشهداء واضعاف ذلك من الجرحى والمصابين، وسطّروا صفحات مشرقة من تاريخ العراق بأحرف من عزّ وإباء، ورسموا خلالها أجمل صور البطولة والفداء، دفاعاً عن الارض والعِرض والمقدسات”.
وأضاف أنه “وفي هذه المناسبة العزيزة على قلوب العراقيين جميعاً نستذكر بإجلال واكبار الشهداء الأبرار الذين سقوا تراب الوطن بدمائهم الزكية فارتقوا الى أعلى درجات المجد والكرامة، ونتوجّه بأسمى آيات الاحترام والتقدير الى الاحبة من أسرهم وعوائلهم، والى الاعزة الجرحى والمعاقين، والى المقاتلين الابطال الذين لا يزال الكثير منهم يواصلون الذود عن الحمى ويواجهون بقايا الارهابيين بكل بسالة، ويتعقبون خلاياهم المستترة في مختلف المناطق من غير كلل أو ملل، فلهم جميعاً بالغ الشكر وخالص الدعاء”.
في السياق نفسه، لفتت المرجعية إلى أنه “لا بد من أن نعيد اليوم التأكيد على ما سبق ذكره من ضرورة أن يكون بناء الجيش وسائر القوات المسلحة العراقية وفق اسس مهنية رصينة، بحيث يكون ولاؤها للوطن وتنهض بالدفاع عنه ضد أي عدوان خارجي، وتحمي نظامه السياسي المنبعث عن ارادة الشعب وفق الأطر الدستورية والقانونية”، مضيفة “كما نعيد التأكيد على ضرورة العمل على تحسين الظروف المعيشية في المناطق المحررة وإعادة اعمارها وتمكين اهلها النازحين من العودة إليها بعز وكرامة.”
وتوجه بيان المرجعية الذي تلاه السيد الصافي إلى العراقيين، قائلاً إن “أمامكم اليوم معركة مصيرية أخرى، وهي (معركة الإصلاح) والعمل على إنهاء حقبة طويلة من الفساد والفشل في ادارة البلد، وقد سبق أن أكدت المرجعية الدينية في خطبة النصر قبل عامين (ان هذه المعركة ـ التي تأخرت طويلاً- لا تقلّ ضراوة عن معركة الارهاب إن لم تكن أشد وأقسى، والعراقيون الشرفاء الذين استبسلوا في معركة الارهاب قادرون ـ بعون الله تعالى ـ على خوض غمار هذه المعركة والانتصار فيها أيضاً إن أحسنوا ادارتها)”، متابعاً أن “إتّباع الاساليب السلمية هو الشرط الاساس للانتصار فيها، ومما يدعو الى التفاؤل هو إن معظم المشاركين في التظاهرات والاعتصامات الجارية يدركون مدى أهمية سلميّتها وخلوها من العنف والفوضى والإضرار بمصالح المواطنين، بالرغم من كل الدماء الغالية التي اريقت فيها ظلماً وعدواناً، وكان من آخرها ما وقع في بداية هذا الاسبوع من اعتداء آثم على الأحبة المتظاهرين في منطقة السنك ببغداد حيث ذهب ضحيته العشرات منهم بين شهيد وجريح”.
وقال الصافي إن “هذا الحادث المؤلم وما تكرر خلال الأيام الماضية من حوادث الاغتيال والاختطاف يؤكد مرة أخرى أهمية ما دعت اليه المرجعية الدينية مراراً من ضرورة أن يخضع السلاح ـ كل السلاح ـ لسلطة الدولة وعدم السماح بوجود أي مجموعة مسلحة خارج نطاقها تحت أي اسم أو عنوان”، لافتاً إلى أن “استقرار البلد والمحافظة على السلم الأهلي فيه رهن بتحقيق هذا الامر، وهو ما نأمل أن يتم في نهاية المطاف نتيجة للحركة الإصلاحية الجارية”.
وتعليقاً على “الجريمة البشعة والمروعة التي وقعت يوم أمس في منطقة الوثبة”، دعت المرجعية “الجهات المعنية الى أن تكون على مستوى المسؤولية وتكشف عمن اقترفوا هذه الجرائم الموبقة وتحاسبهم عليها”، محذرة من “تبعات تكرّرها على أمن واستقرار البلد وتأثيره المباشر على سلمية الاحتجاجات التي لا بد من أن يحرص عليها الجميع”. كما شدّدت المرجعية على “ضرورة أن يكون القضاء العادل هو المرجع في كل ما يقع من جرائم ومخالفات، وعدم جواز ايقاع العقوبة حتى على مستحقيها إلا بالسبل القانونية”.