قراءة خاصة لخطاب السيد حسن نصرالله الأخير
|| صحافة ||
عندما ألقى الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله، خطابه قبل أيام، كان جل تركيزه على المحور اللبناني الداخلي، وتعقيدات هذا الوضع نظرا لخصوصية لبنان وخصوصية الأحزاب نفسها وتعددها في الوقت نفسه، ومن هنا كان واضحاً دقة خطاب السيد نصرالله وعمقه وابتعاده عن أي كلمة قد يفهمها البعض وفقا لأهوائهم، لذلك وجدنا ان السيد نصرالله يلقي خطابا وطنيا بإمتياز تداركاً لأي هوة قد يقع فيها لبنان في المرحلة القادمة نتيجة لضيق الرؤى لدى البعض، وأكّد السيد نصرالله أن المسؤولية تقع على عاتق الشعب اللبناني للمطالبة بالسيادة اللبنانية وازدهار لبنان وحمايته من الكيانات الغريبة. نحن قادرون لبنانياً على أن ننقذ بلدنا من المأزق الاقتصادي والمالي الذي نعيش فيه.
تحذيرات نصرالله للبنانيين بعدم السماح للولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” باستغلال التظاهرات اللبنانية ليست من فراغ وانما مبنية على تجربة عاشها الشرق العربي خلال السنوات القليلة الماضية، ولا تزال الكثير من شعوب هذه المنطقة تشعر بمرارة الخذلان الامريكي لها، فجميع الشّعوب العربيّة وغير العربيّة التي وقَعت في مِصيَدة التّحريض الأمريكيّ، وانخرطت في مشاريع زعزعة الاستقرار في بُلدانها تحت ذرائع الديمقراطيّة وحُقوق الإنسان دفَعَت ثَمَنًا غاليًا ودون أن تُنفِّذ أمريكا وعودها، ومن بينها الشعوب العِراقيّة والسوريّة والليبيّة والأفغانيّة، والشّيء نفسه في بعض دول أمريكا اللّاتينيّة، ولا نُريد التّذكير بالحرب الأهليّة اللبنانيّة التي استمرّت 15 عامًا، وتطوّرت، أو بالأحرى مهّدت لاجتياحٍ إسرائيليٍّ للبنان واحتلال جنوبه، وإقامة ما يُسمّى بالحِزام الأمنيّ في حينها، وهو الحِزام الذي حرّرته المُقاومة بدِماء وأرواح شُهدائها، ولعلّ المُعاملة الإسرائيليّة المُهينة والمُذلّة لعناصر في قوّات لحد العَميلة أحد الأمثلة.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قال في خطابه الذي القاه يوم الجمعة الماضية، إن “الأميركيين كثيراً ما يسارعون إلى استغلال أي احتجاجات شعبية من خلال ركوب موجتها بما يخدم مصالحهم ومشروعهم“.
ورأى السيد نصر الله في كلمةٍ متلفزة، أن “الأميركيين يتدخلون بوقاحة في أي احتجاجات ويدّعون تقديم العون والمساعدة لإيفاء شروطهم”، مشيراً إلى أن “الإدارة الأميركية افترضت منذ البداية أن التظاهرات في أي مكان توجد فيه إيران ستستمر ما لم تؤت الضغوط ثمارها“.
وأضاف أن “الأميركيين افترضوا أن تظاهرات لبنان كانت في بدايتها ثورة شعبية معارضة لإيران وحزب الله رغم عدم طرح المحتجين ذلك”، لافتاً إلى أن “بعض الإعلام ساعدهم على ذلك“.
وتابع “الأميركيون بنوا معلوماتهم على تقارير خاطئة تلقوها من عملائهم”. وأوضح أن تصريحات وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، بشأن التظاهرات بينت أن “المأزق في لبنان ناجم عن حزب الله ومن هنا دعاهم إلى التخلص منه“.
السيد نصر الله وضع تصريحات بومبيو في سياق “ضغطه على لبنان لإخراج حزب الله من الدولة”، معتبراً أن هذا الأمر “مستحيل” نتيجة حضوره الشعبي.
وبينما توجّه للوزير الأميركي بالقول إن “حزب الله هو خطر فعلاً ولكن على إسرائيل في مواجهة أطماعها وتهديداتها”، أشار السيد نصر الله إلى أن “الاستغلال الأميركي لتظاهرات لبنان واضح بالتزامن مع اعتبار الإسرائيليين ما يجري فرصة لهم“.
ولفت إلى أن “الأميركيين والإسرائيليين يحاولون استغلال التظاهرات لأنهم عجزوا على مدى عقود من حل خطر المقاومة عليهم”، مؤكداً أن واشنطن تمارس “أسلوب الابتزاز وليس مساعدة الشعب اللبناني“.
وأكد أن “حزب الله خطر على مشاريع الهيمنة الأميركية في المنطقة وهو حاضر في العديد من الميادين”، مشدداً على أن “الحزب ليس خطراً على مصالح الشعب اللبناني بل هو مدافع عن هذه المصالح وحامٍ لهذا الشعب“.
الأمين العام لحزب الله دعا اللبنانيين إلى “الوعي وعدم الخضوع للتحريض الأميركي الهادف إلى نشر الفتنة والفوضى”، لافتاً إلى أن “المطلوب أميركياً هو التخلي عن قوتنا والخضوع للوصاية والتخلي عن قرارنا السيادي“.
وحول التصريحات المزعومة لمسؤولٍ في “الحرس الثوري” الإيراني عن لبنان، قال السيد نصر الله إن “هناك أطرافاً تصر على اختراع تصريحات إيرانية من أجل استفزاز أصدقاء حزب الله في البلد”، مشيراً إلى أن “إيران لا تقبل السكوت أو الاعتماد على حلفائها بوجه من يعتدي عليها“.
السيّد نصر الله وضمن خطابه وجّه نصيحتين إلى اللّبنانيين، الأُولى الاتّعاظ بتجارب دول عربيّة قَبِلَت بشُروطٍ أمريكيّة وتخلّت عن دورها وسِيادتها مُقابل الحُصول على مُساعدات أمريكيّة، وفقدت الدّور والسّيادة ولم تَحصُل إلا على الفُتات وعدم الاستقرار، والثّانية التحلّي بالصّبر، والمزيد منه، لأنّ حل الأزَمَة اللبنانيّة سيَأخُذ وَقتًا طَويلًا.
لعل ما نسبه من تصريحات إلى السيدة كرافت، مندوبة أمريكا في الأُمم المتحدة التي قالت فيها “إنّ المُظاهرات ستستمر في لبنان واليمن، وأيّ مكان تتواجد فيه إيران” وليس يتواجد في الفساد قد يُفَسِّر أسباب عدم تفاؤله بحَلٍّ قريبٍ للأزَمَة اللبنانيّة في ظِل الانقِسامات المُتفاقِمة بين النُّخبة الحاكِمة في لبنان، واختِراق بعضها أمِريكيًّا وإسرائيليًّا.
السيّدة كرافت تُريد ضرب عصفورين بحَجرٍ واحد، أيّ الإساءة للحِراك ومُنطَلقاتِه المَشروعة، والتّحريض ضِد “حزب لله” ومحور المُقاومة في الوقتِ نفسه، وهذا أخطر أنواع الشّر في دولة الشّر الأكبَر، وإذا أخطَأنا صحّحونا من فضلكم.
إيران تردّ بنفسها
ونبّه نصرالله من أن بعض الجهات العربية والخليجية تعمل على فبركة تصريحات لمسؤولين إيرانيين أو تحريف تصريحات. وقال: “البعض يتصور إذا اعتدي على ايران فإنها ستعتمد على حلفائها لتردّ، وهنا أصحح أن ايران سترد بنفسها على كل من يعتدي عليها وهي لا تقبل أن تسكت أو يرد عنها الحلفاء، أما كيف سيتصرف حلفاء إيران فهذا شأنهم“.
المصدر: الوقت