نأكُلُ مما نزرع
موقع أنصار الله || مقالات || إبراهيم تويمة
هي تهامةُ الخير والعطاء، تهامةُ كنزِ اليمن الزراعي وَواجهتها البحرية.
كم أنتِ عظيمة يا تهامة الخير والعطاء يا جوهرة اليمن وكنزها، أرضُك أرضُ خيرٍ وَبركةٍ، فاليمنيُّ منذُ القدم يأكل مما يزرع وأرضُه تجود بالخـيرات، وقد سُمّيت بلادُنا باليمن السعيد لما اتّسمت به أراضيه من الخضرة وَخصوبة تربتها التي تجود بمحاصيلَ متنوعة من المنتوجات الزراعية خلال كُـلّ فصول السنة وَعلى مرِّ العصور وَالدهور، فاليمنُ يتميّز بالمناخات المتعدّدة والأراضي المتنوعة الخصبة من سهوله ووديانه وقيعانه ومياهه الجوفية الطالعة من الينابيع وَالآبار، لتساهمَ في تعزيزِ التنوّع المناخي الناتــج عن تفاوت معدلات الأمطار ودرجات الحرارة والرطوبة.
كلُّ ذلك ساعد في تنويع الإنتاج الزراعي وَمواسم حصاده على مدار السنة.
في تهامة أرض غنية بإمْكَانيات زراعة كُـلِّ أنواع الحبوب التي تتيحُ للإنسان التهامي واليمني تحقيقَ اكتفاء ذاتي مما يزرعه ويحصده؛ وَلهذا السبب سُمّيت تهامة بـ “سلة اليمن الغذائية”.
وفي تهامة تُعدُّ الزراعةُ من أهــمِّ الأنشطة الرئيسية للسكان بمحافظة الحديدة، حيث تحتلُّ المركزَ الأول بين محافظات الجمهورية في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية، ومن أهــمِّ المحاصيل الزراعية محاصيلُ الحبوب والخضروات والفواكه والأعلاف.
جغرافيةُ سهل تهامة المنبسط قليل الانحدار نحوَ البحر وسطحه المتماوج تماوجاً بسيطاً في شكلِ موجات عرضية متتابعة يشغل مقعراتها مجاري روافد الوديان التي تصبُّ في السهل التهامي، وَفيه العديدُ من الأودية التي تعتبر مصباتٍ لمياه السيول والأمطار التي تأتي من المرتفعات الداخلية إلى تهامة، من هضاب وجبال محافظات إب وذمار وصنعاء وَالمحويت وحجّة حتى تستقرَّ في البحر الأحمر، أهــمُّ الوديان في سهل تهامة بمحافظة الحديدة هو وادي مور أكبرُ وديان تهامة، ويليه وديان أُخرى مثل:
وادي سُرْدُد.. وادي سهام.. وادي رماع.. وادي نخلة.. وادي زبيد وفروعه. وادي تباب. وادي علوجة. وهناك أَيْـضاً العديدُ من الأودية الصغيرة الأُخرى التي تنتشرُ في سهل تهامة.
حالياً تظهر بوضوح أهميّةُ تهامة في صمود اليمن أرضاً وَإنساناً على مدار خمسة أعوام من حصار قوى العدوان الخانق على الشعب اليمني؛ بهدَفِ إركاعه وإخضاعه بعدما فرضت عليه حصاراً مطبقاً؛ بهدَفِ أن تجعله يلجأ إليها ويستسلم لها ولما ترمي به من الفتــات وَالتصدّق عليه، محاولةً بذلك استعبادَه واحتلالَ أرضه وسلبَ ثرواته وخيراته، لكن اليمنيَّ أظهرَ قوته وشجاعته وعزيمته في التصدّي لفلول الأعداء، وسارت قوافــلُ من الرجال المجاهدين تذودُ عن حياض الوطن وتردع المتطاولين عليه، فالشعبُ اليمنيُّ يقف واثقاً معتمداً على الله وعلى نفسه، وهو يعلمُ أن لا حصار يمكن أن يضعفه أَو يهزمه وبحوزته ذلك الكنز الكبير والعظيم المتمثّل في أرضه الخصبة والتي سيعيدُ الخضرةَ فيها وَإليها فيأكلُ مما يزرع بيده.
يدرك الشعبُ اليمنيُّ أن قوتَه تكمن في امتلاكه خيراتها ويحقّق الاكتفاء الذاتي في إنتاج قوته الضروري، فلا خيرَ في أمةٍ تستجدي الصدقات من الغير وَترضى أن تكون أمةً مسلوبةَ الإرادة ضعيفةً هزيلةً لا تقوى حتى على الدفاع عن نفسها؛ وَلأَنَّ كرامةَ اليمني لا تقبل بذلك فقد تظافرت الجهودُ الرسمية والشعبيّة؛ من أجل العمل وَالإنتاج وتوجّـه اليمني حاملاً فأسَه ومحراثَه لاستصلاح أرضه معتمداً على الله وعلى نفسه، ولن يدخرَ أيَّ جهدٍ في إعادة الاخـضرار لوطنه مستثمراً أرضَها وَحاصداً خيراتِها حتى يكسر الحصار الخانق بزرع أرضه وحصادها ليأكل مما يزرع وَيتغلّب على الأوضاع المعيشية وَالاقتصادية الصعبة من فقر وجوع، وَهذا الذي سيقهرُ وقهرَ ويهزمُ وهزمَ دولَ العدوان التي تكالبت عليه؛ لكي يموتَ جوعاً، وَهذا من أوجه الصمود اليماني والهُوية اليمانية الأصيلة، فالجانـبُ الزراعيُّ يُعتبر من الأوجه التي لا تقلُّ أهميّةً عن باقي ميادين القتال لمواجهة العدوان بشتى الوسائل المتاحة، ويعتبر الاهتمامُ بالزراعة من الضروريات الملحــة كما أنه واجبٌ دينيٌّ وَمسؤوليةٌ مجتمعيةٌ يجب على الجميع تحمّلها والنهوض بها.
إذا حمل الإنسانُ اليمنيُّ الفــأسَ والمحراثَ وتوجّـه إلى أرضه لزراعتها، لا يقل عن الذي حمل البندقيةَ وتوجّـه إلى ميادين القتال لمواجهة أعداء الله وأعداء الوطن من الغزاة والمحتلّين.
فالمزارعُ اليمنيُّ عندما يحمل الفأسَ والمحراثَ ويتوجّـه إلى أرضه ويزرعها فهو يكسرُ به الحصارَ ويخيب آمالَ العدوان اقتصادياً وسيقهر العدوانَ ليهزمه شرَّ هزيمة.
وَستكونُ الزراعةُ وحصادها عوناً ووفاءً لتضحيــات الشهداء وعوناً للمجاهدين في الميادين الذين يذودون عن هذا الوطن الغالي بأنفسهم وأرواحهم.
وسيحقّق أَيْـضاً المزارعُ اليمنيُّ بهذا الجهد الاكتفاءَ الذاتيَّ، وسيأكلُ مما يزرع ويلبس مما يصنع وسيحقّق المستحيلَ؛ لأن اليمنيَّ منذُ القدم هو دائماً صانعُ المستحيل وَالمعجزات وسيكون اللهُ في عونه ومباركاً لما يحصده من خيرات أرضه، وبالله التوفيقُ والسدادُ.