الاغتيالات الصهيو-أميركية: هدية ترامب لـ “إسرائيل”

|| صحافة ||

شهد التاريخ في جميع مراحله الكثير من عمليات الاغتيال وأشهرها مقتل القيصر الروماني يوليوس سيزار على يد بروتوس ويُقال إنه كان نجله.

وفي عالمنا العربي بتاريخه أنا أذكر مقتل الملك فيصل على يد ابن أخيه الأمير فيصل بن مساعد في 5 آذار 1975  وبتعليمات أميركية .

وما يهمنا هنا هو الاغتيالات التي تحولت الى منهج عملي للعقيدة الصهيو-أميركية بعد قيام الدولة العبرية على أرض فلسطين بل وأحياناً قبل ذلك كما هي الحال في اغتيال الكونت برنادوت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة حيث اغتالته عصابة “شتيرن” الصهيونية بزعامة إسحاق شامير في 17 أيلول 1948 بحجة انحيازه للفلسطينيين. وقبل ذلك بعامين أي في 22 تموز 1946 قامت عصابة “الأرغون” بزعامة مناحيم بيغن بتفجير فندق الملك داود مقر قيادة القوات البريطانية استنكارًا لقرار الحكومة البريطانية الحد من الهجرة اليهودية الى فلسطين.

واختارت أجهزة الدولة العبرية من القتل والاغتيال أسلوبًا مكشوفًا ضد أعدائها فقتلت على الأقل 460 مناضلًا فلسطينيًا منذ عام 2000 ينتمون الى مختلف التنظيمات الفلسطينية ومنهم قادة في حماس والجهاد الإسلامي. وكانت  قبل ذلك  اغتيالات موسادية لقادة فلسطينيين  ولبنانيين وعرب كثُر في مختلف أنحاء العالم.

ولعبت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بالتنسيق والتعاون مع مثيلاتها العربية والإسلامية دورًا مهمًا في عمليات القتل المتبادل بين السنة والشيعة بعد الاحتلال الأميركي للعراق وهو ما اكتسب طابعًا أوسع بالاغتيالات التي نفذها عناصر  داعش والنصرة والفصائل الأخرى في سوريا والعراق وقبلها في لبنان واليمن ودول أخرى. وبتحريض طائفي من أنظمة دول المنطقة ومشايخها الذين كانوا دائمًا وما زالوا في خدمة العقيدة الصهيو-أميركية.

ومن دون أن يمنع النجاح الذي حققه داعش وأمثاله أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من الاستمرار في جرائمها  فاغتالت في ٢٠ كانون الأول ديسمبر 2015  سمير القنطار وفي 13 آذار/مارس 2016 مصطفى بدر الدين وقبل ذلك في شباط فبراير 2008 عماد مغنية.

وهم جميعًا من أهم قادة حزب الله الذي ضحّى بالآلاف من مناضليه العظماء الشرفاء للدفاع عن سوريا ولبنان والمنطقة العربية بأكملها التي كادت أن تكون تحت أقدام المجرمين والقتلة من عناصر داعش والنصرة والفصائل الأخرى التي لا تختلف فيما بينها والمدعومة جميعها من الأنظمة العربية والإسلامية في المنطقة .

وسبق كل هذه الاغتيالات وغيرها الهجوم الذي استهدف مبنى رئاسة الأركان السورية في دمشق 18 في تموز/يوليو 2012 وأسفر عن استشهاد كل من وزير الدفاع الشهيد العماد داود راجحة، ونائبه الشهيد اللواء آصف شوكت، ورئيس مكتب الأمن القومي الشهيد هشام بختيار، ورئيس خلية إدارة الأزمة الشهيد العماد حسن تُركماني، إضافة إلى إصابة وزير الداخلية محمد  الشعار.

وجاء اغتيال الشهيد قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهم الأربعة ليثبت مدى وقاحة العقلية الصهيو- أميركية في ظل حكم الرئيس ترامب الذي يبدو واضحًا أن ما قام به جاء إرضاءً لمنظمات اللوبي اليهودي التي يريد منها أن تساعده لتجاوز أزمة الاستجواب في مجلس الشيوخ وهو ما سيقرر مصيره ومستقبله في انتخابات نهاية العام الحالي بعد أن أهدى اليهود القدس الشريف والجولان السورية والضفة الغربية وكأنها ملك شخصي اشتراها له آل سعود وآل نهيان ومن معهما من الجوقة الدنيئة.

وبالعودة إلى بروتوس الذي غدر بالقيصر الروماني يوليوس سيزار علينا أن نقولها بكل شجاعة إنه لولا بعض الأنظمة العربية والإسلامية التي تتآمر مع واشنطن لما تجرّأ واستطاع ترامب أن يقوم بفعلته التي تحتاج إلى شبكة من المعلومات المتقاطعة التي تحصل عليها الأجهزة الأميركية من قواعدها العسكرية الموجودة في جميع الدول المجاورة والقريبة من إيران على ألّا نتجاهل قواعدها في العراق أيضًا.

ومن دون أن ننسى الأقمار الاصطناعية التجسسية واليوم  الطائرات المسيّرة  والآلاف من العملاء الذين باعوا ضمائرهم وهي غير موجودة أساسًا لعدو الله والإسلام أي “إسرائيل” وأميركا التي ركع ويركع أمامها ملوك وأمراء ومشايخ الخليج أعداء إيران.

والجميع يعرف أنه لولاها  لما صمدت سوريا وبصمودها مع حزب الله وقوى المقاومة والممانعة استطاعت أن تحمي شرف وكرامة الأمة التي تفشّت الخيانة في كل أطرافها. ومع ذلك لم تستطع الهمجية الصهيو- أميركية أن تهزم مجموعة من الأبطال البسطاء بأرواحهم الطاهرة فأثبتوا  للعالم أجمع أن النضال من أجل الحق سِمة الشجعان والنبلاء ومهما كان عددهم قليلاً فقد أرهبوا العالم وحمَوا شرف وكرامة أبناء هذه الأمة ولولا المقاومون الشرفاء فيها لكانت شعوب هذه المنطقة عبيداً لدى داعش والنصرة وأمثالها وكانت زوجاتهم وبناتهم سبايا لدى هذه التنظيمات المتوحشة.

فلولا الشهيدان قاسم سليماني  وأبو مهدي المهندس ورفاقهما  لكانت العصابات الإجرامية  تحكم الآن في بغداد ودمشق واستنبول ومكة والقاهرة من دون أن تفرق بين سني وشيعي وعلوي وبين عربي وتركي وكردي وفارسي وبين العثمانية والعباسية والأموية التي أرادت لها الأيديولوجيا الصهيو- أميركية أن تكون  مادة دسمة للخلافات والصراعات والحروب وقبل ذلك الخيانات والمؤامرات التي كانت وما زالت سِمة الأنظمة الخليجية العميلة ومن معها.

ويعرف الجميع أنه لولا هذه الأنظمة الحقيرة لما تجرّأ ترامب ومن قبله نتانياهو على الاقتراب من شهداء المقاومة وهما سيستمران في عدوانهما هذا وفي كل مكان والى يوم القيامة ما داما يعتقدان أنه لا رادع لهما دولياً وإسلامياً وعربياً.

ويبقى الرهان على إرادة الشعوب الشريفة المخلصة لربها ولأوطانها فكلما سقط شهيد أرسل الله تعالى الآلاف من أمثاله مع طير من أبابيل لتفتح أبواب جهنم أمام كل العملاء والخونة الذين باعوا شرفهم وكراماتهم وضمائرهم ودينهم فتخلّوا عن عروبتهم وتحولوا الى خدم وعبيد فأحرقوا أعصابنا ولكن عليهم أن يعرفوا أن للصبر حدودًا والعين بالعين والسن بأكثر من سنّ وفلسطين سترجع عربية مهما فعلوا!

 

الميادين

قد يعجبك ايضا