خطة أمريكية: تأثير اغتيال قاسم سليماني على مسار إنهاء الحرب في اليمن

|| صحافة ||

إلى ما قبل العملية الأمريكية التي أدت لاغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، كانت المؤشرات على إيجابية المحادثات اليمنية السعودية ما تزال قائمة رغم بعض التوترات العسكرية منها المجزرة التي ارتكبها الطيران السعودي في صعدة غير أن صنعاء إلى ذلك الحين تعاملت مع الحادثة وفقاً لمقتضيات مبادرة رئيس المجلس السياسي الأعلى التي تضمنت الاحتفاظ بحق الرد وهو ما تم التعبير عنه بإطلاق صاروخ باليستي من الجيل الذكي أدى لمقتل وإصابة عشرات الجنود السعوديين في نجران، غير أن قرار الرئيس الأمريكي باغتيال سليماني خلط الأوراق ليس لارتباط قرار صنعاء بطهران ولكن لاعتبارات أخرى ومؤشرات أمريكية على نية للتصعيد في المنطقة ككل.

خلال الأسبوع الماضي أعلنت اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى إطلاق ستة أسرى سعوديين من جانب واحد، جرى اعتبارها في إطار تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى كما طالبت صنعاء من الرياض تقديم خطوة مماثلة، غير أنه ووفقاً لمراقبين فإن عملية إطلاق الأسرى السعوديين جاءت في إطار خطوات الثقة المتبادلة بين الجانبين اليمني والسعودي وحركة لمنع ركود المحادثات أو جمود نتائجها، بالمقابل أبدى الجانب السعودي تقديراً ملحوظاً لهذه الخطوة وأصدر بياناً رسمياً نسبه إلى تركي المالكي المتحدث باسم التحالف السعودي.

أيضاً وقبل اغتيال سليماني تجنب رئيس المجلس الأعلى مهدي المشاط توجيه أي انتقاد للسعودية أو تحذير باقتراب وقف العمل بالمبادرة وذلك خلال كلمته يوم الأربعاء الماضي بمناسبة تدشين خطة العام 2020م من المرحلة الألى لتنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة، وهو ما تم اعتباره استمراراً للأجواء الإيجابية للمحادثات بين الطرفين والتي لا تكشف للإعلام ما عدا بعض التسريبات التي شاركت فيها “صحيفة المراسل” بناء على معلومات ومصادر عالية الثقة.

وفيما كانت “صحيفة المراسل” في تقاريرها السابقة قد كشفت عن معلومات تفيد بوجود انقسام سعودي أفقد محمد بن سلمان القدرة على التحكم بالقرار ويتمثل بخطوات تصعيدية وقف وراءها قائد قوات التحالف فهد بن تركي آل سعود، حيث أشارت معلومات الصحيفة إلى وجود يد أمريكية وراء ذلك تنطلق من وجود تصور أمريكي مختلف عن المحادثات اليمنية السعودية، فإن ما أقدمت عليه أمريكا خلال الأيام والساعات الماضية يؤكد صحة تلك المعلومات التي تصب في جهة رغبة أمريكية في خلط الأوراق بالمنطقة يغذيها رغبة ترامب في الهروب من أزماته الداخلية ولضمان إعادة انتخابه في الانتخابات التي ستجري هذا العام.

في هذا السياق تحدث مصدر سياسي في صنعاء لـ”صحيفة المراسل” أن قرار اغتيال قاسم سليماني قد يؤثر على مسار المحادثات اليمنية السعودية ليس لأن صنعاء تربط قرارها بالقرار الإيراني ولكن لأن التصريحات والمؤشرات الأمريكية التي سبقت الاغتيال أوضحت عن نية أمريكية للتصعيد في كل المنطقة.

وأوضح المصدر أن التصعيد الأمريكي ضد الحرس الثوري الإيراني بدأ بإعلان قيادات بالحرس في قوائم العقوبات والإرهاب بالتزامن أيضاً مع إعلان رسمي أمريكي يزعم وجود قيادي بالحرس الثوري الإيراني في اليمن يدعى “رضا شهلاوي” ورصدت واشنطن 15 مليون دولار لمن يدل عليه، ما يعني، وفقاً للمصدر، توجهاً أمريكياً لتنفيذ عمليات عسكرية في اليمن تحت هذه الذريعة التي لا دليل على حقيقتها وبالتالي وضعت واشنطن خيار التدخل المباشر لمنع نجاح المحادثات اليمنية السعودية.

وأضاف المصدر أن صنعاء حين أعلنت مبادرتها لوقف استهداف السعودية أكدت استقلالية قرارها حيث أنه ومن ناحية المصالح الإيرانية والصراع الذي تخوضه طهران جعل سريان المبادرة لا يصب في مصلحة الإيرانيين، وهو ما أكد عليه المبعوث الأمريكي “بريان هوك” عندما قال إن مبادرة من وصفهم بالحوثيين أظهرت استقلالهم عن إيران.

ويبدو واضحاً أيضاً أن قرار ترامب اغتيال سليماني أربك النظامين السعودي والإماراتي لإدراكهما أن الرد الإيراني قد يشملهما بنسبة كبيرة الأمر الذي دفعهما إلى إصدار بيانات تجنبت بشكل ملحوظ تأييد العملية الأمريكية التي أدت لاغتيال سليماني بل إن البيانين السعودي والإماراتي دعيا إلى ضبط النفس وتغليب الحكمة والعقل لضمان أمن واستقرار المنطقة.

ومن جانب آخر وجهت السعودية دعوات غير مباشرة لقيادة أنصار الله والسلطة السياسية بصنعاء للنأي عن تداعيات عملية اغتيال سليماني ما يعني أن السعودية تخشى أن تكون هدفاً للانتقام الإيراني وأن صنعاء يمكن أن تساند طهران في ذلك، حيث كان واضحاً تعمد القنوات الفضائية السعودية استضافة خبراء ومحليين سعوديين يدعون الحوثيين للنأي عما يجري في المنطقة جراء اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني .

وعلى سبيل المثال استضافت قناة الإخبارية السعودية الرسمية المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي الذي قال إن “السعودية تقول لليمنيين ان ينأوا بنفسهم عن ايران” في إطار تغطية القناة لتداعيات اغتيال سليماني، ولم تختلف أطروحات المحللين السعوديين الذين ظهروا على الشاشات السعودية عن طرح آل عاتي وهو ما يؤكد أن تلك الرسائل جاءت بتوجيه من القيادات السعودية.

في المحصلة لا يمكن أن يكون اليمن بمنأى عن تداعيات اغتيال سليماني نظراً لوجود مؤشرات على توجه أمريكي لخلط الأوراق في المنطقة وليس لارتباط قرار صنعاء بالقرار الإيراني وفقاً لكل الشواهد.

 

صحيفة المراسل

قد يعجبك ايضا