الإسلام المحمدي في مواجهة شرق أوسط جديد
موقع أنصار الله || مقالات || منير الشامي
من الملاحظ أن النظامَ الصهيوأمريكي استغل المذهبَ الوهابيَّ المنحرفَ وصنع منه إسلاماً صهيوأمريكي بامتياز، فإذا كان النظامُ البريطانيُّ هو من صنع المذهبَ الوهّابي ودعمه حسب ما أكّـده رجلُ المخابرات البريطاني مستر همفر الذي عاش ردحاً من الزمان بالقرب من محمد عبدالوهاب وتقرب منه حتى صار مستشاره الخاص، فإن النظامَ الصهيوأمريكي استكمل ما بدأه النظامُ البريطاني، وطوره من مذهب منحرف إلى إسلام صهيوأمريكي ضال يحاكي في سماته الإسلامَ المحمدي الأصيل ويختلف في جوهره كلياً عن دين محمد، في هداه ووسطيته وقواعده ويسره ورحمته وأخلاقه وسلوكياته وحركته ونهجه… إلخ.
أما من الناحية الظاهرية، فالإسلامُ الصهيوأمريكي لا يختلفُ عن الإسلام المحمدي إلّا في أمر واحد هو الولاء، فالولاءُ الظاهريُّ في هذا الإسلام المزيف ليس لله ولرسوله وللمؤمنين كما هو في الإسلام المحمدي، بل يكون ولاء معتنقيه للنظام الصهيوأمريكي ولطواغيت الأرض ومجرميها، وقد أنشأ النظامُ الصهيوأمريكي هذا الولاءَ ونمّاه من خلال ما وجده في أمهات كتب المسلمين من كتب الحديث وكتب التفسير التي نجح أسلافُهم من أعداء الإسلام في حشوها ودسها بالأحاديث الموضوعة وتأويلات النصوص القرآنية إلى غير مقاصدها، مستغلين جمودَ تعامل المسلمين مع كتاب الله ككتاب وليس كنور وهدى يهدي للتي هي أقوم وينير الدروبَ السليمة ليتحَرّك عليها عبادُ الله، خلال الفترات التاريخية التالية للرسالة المحمدية الشريفة الطاهرة.
وبمعنى أكثر دقة، فَإن جهودَ أعداء الأمة في حربهم للإسلام من أيام النبي -صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم- في القرن السابع الميلادي، وحتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي تجمعت وتبلورت بشكل مذهب ضلالي منحرف هو المذهب الوهابي، ونال هذا المذهب منذُ ظهوره رعايةً بريطانيةً ودعماً منظماً لنشره إلى ثلاثينيات القرن العشرين، والتي تعتبر نقطةً فاصلة في تاريخ مؤامرات أعداء الله ضد دينه كبداية توسع الحضانة الغربية المنظمة وَالمدروسة لهذا المذهب صهيونياً وأمريكياً وبريطانياً وَارتقى بسببها من مذهب إلى إسلام.
ها نحنُ اليومَ نشاهد بكلِّ وضوح أتباعَ الإسلام الصهيوأمريكي يدافعون عن أمريكا، ويكشفون الودَّ والمحبةَ لإسرائيل ويوالون اليهودَ والنصارى ويعادون المؤمنين بدين محمد والسائرين على نهجه ونهج عترته جهاراً نهاراً، ونسمع فتاوي مشايخ إسلامهم الأمريكي على كُـلِّ شكل ولون، فمنهم من أفتى بالجهاد في العراق وسوريا وحرّم جهادَ إسرائيل، ومنهم من أفتى بذبح مخالفيهم من الخلف ومنهم من أفتى بسبي نساء المسلمين، ومنهم من ابتدع جهادَ النكاح وأحلَّ الفاحشة والزنا ودعا إليها، ومنهم من أفتى وأحلَّ الخمرَ وأجاز المجونَ والشذوذَ ومنهم من أفتى بوجوب العدوان على شعب الإِيْمَان ووصفه بالواجب الشرعي، ومنهم من وصفه بأنه بأمر الله… إلخ.
ومن أبرزِ مظاهر الخلاف بين الإسلام المحمدي والإسلام الصهيوأمريكي التي نشاهدها اليومَ، على سبيلِ المثال وليس الحصر ما يلي:
1- الإسلام المحمدي يصنع العظماءَ والشهداءَ، والإسلام الصهيوأمريكي يصنع الخونةَ والعملاء.
2- الإسلام المحمدي يدعو إلى الاعتصام بحبل الله، والإسلام الصهيوأمريكي يدعو إلى الاعتصام بحبل أمريكا وبني صهيون.
3- الإسلام المحمدي يفيضُ على الأمة بالعزة والكرامة والقوة، والإسلام الصهيوأمريكي يفيض على الأمة بالذل والخضوع والعبودية لطواغيت الأرض.
4- الإسلام المحمدي يتحَرّك بحركة النبي وأعلام الأمة ونجومها لإعلاء كلمة الله وإظهار دينه على كُـلِّ دين، والإسلامُ الصهيوأمريكي يتحَرّك بحركة النصارى وبني صهيون لإعلاء كلمة الشيطان، وإظهار ملة الكفر والشرك على دين الله.
5- الإسلام المحمدي يتحَرّك لإخراج أعداء الله من بلاد المسلمين، والإسلام الصهيوأمريكي يتحَرّك لتمكين القوات العسكرية من كُـلِّ شبرٍ من بلاد المسلمين لصناعة شرق أوسط جديد.
فهل آن الأوانُ للشعوب العربية والإسلامية بعد كُـلِّ هذه الحقائق أن يعوا مؤامرات أعدائهم؟!، وأين أوصلتهم وأيُّ مصير ينتظرهم؟!
وهل يدركون حقيقةَ الإسلام المحمدي أنه يعلو ولا يُعلى عليه؟!
هم مخيرون فالحقٌّ بيّنٌ، والباطلٌ بيّنٌ، وكلُّ امرؤٍ منهم يضعُ نفسَه حيثُ يشاء، قال سبحانه وتعالى: (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) صدق اللهُ العظيم.