هل محمد بن سلمان صهيوني؟

|| صحافة ||

الصهيونية بمعنی الدفاع عن “حق الأمة اليهودية في التمتع بدولة في أرض إسرائيل”، ظاهرة سياسية أکثر من كونها مفهوماً دينياً. ولذلك.

وكما نعلم، إن العديد من اليهود الحقيقيين يرفضون الصهيونية تمامًا بناءً على معتقداتهم ونصوصهم الدينية. لكن من ناحية أخرى، هناك أيضًا أتباع لغير الديانة اليهودية يؤمنون بالصهيونية.

إلى جانب السياسيين الأمريكيين، يعد محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاکم الفعلي للسعودية، والذي ينبغي أن يكون حاكم الأمة الإسلامية وسادن الكعبة المشرفة وخادم الحرمين الشريفين، من بين المسؤولين السياسيين الصهاينة في العالم.

مؤسسة “ميدل إيست مونيتور” الإخبارية والإعلامية ومقرها لندن، في تقرير حديث لها بقلم “معتصم أحمد دلول” الصحافي والخبير في شؤون الشرق الأوسط وفلسطين، تحت عنوان “هل محمد بن سلمان صهيوني؟”، استعرضت العلاقات العائلية والسياسية لولي العهد السعودي مع الصهاينة ودعمه للکيان الإسرائيلي. وما يلي هو تسليط الضوء على أهم ما ورد في تقرير ميدل إيست مونيتور.

الصهيونية بمعنی الدفاع عن “حق الأمة اليهودية في التمتع بدولة في أرض إسرائيل”، ظاهرة سياسية أکثر من كونها مفهوماً دينياً. ولذلك، يمكن لأي شخص من أي دين أن يكون صهيونياً.

 

محاولة ابن سلمان لإثبات هويته الصهيونية

في الأسبوع الماضي، زار “محمد العيسى” وهو رجل دين سعودي بارز(الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، معتقل “اوشفيتس” النازي للعمل القسري في بولندا(والذي يرمز إلی نهاية الهولوكوست)، احتفالاً بالذكرى السبعين لتحرير المخيم.

على الرغم من أن العشرات من العلماء المسلمين قاموا بزيارة المخيم حتى الآن، ولکن وفقاً للمكتب الإعلامي لمرکز أوشفيتز التذكاري، فإن العيسی هو المسؤول الديني الإسلامي الأعلى رتبةً الذي قام بذلك حتی الآن.

إن زيارة أوشفيتز، بالطبع، ليست مشكلةً للمسلم بحد ذاتها؛ فالإسلام يأمر المسلمين بإدانة القتل غير القانوني لأي إنسان، بغض النظر عن دينه. لكن النقطة المهمة هي أن العيسی حليف مهم لمحمد بن سلمان ولي العهد السعودي، ولا يبدو أن محمد بن سلمان يکنّ احتراماً لحياة الإنسان. لذلك، فإن زيارة العيسی إلى أوشفيتز تحمل مفاهيم سياسية واضحة، تتجاوز القضايا الإسلامية.

في ضوء استغلال تل أبيب للهولوكوست لأغراض استعمارية جيوسياسية، كان بن سلمان ومن خلال إرسال العيسی إلى أوشفيتز، يهدف لإظهار دعمه للکيان الإسرائيلي. ويستخدم ولي العهد السعودي العيسی عمومًا لمثل هذه الأغراض، وکأنه يحاول إثبات هويته الصهيونية بهذه الطريقة.

على سبيل المثال، يقود العيسی جهود المصالحة مع المسيحيين الإنجيليين، وهي جماعة معروفة في الحد الأدنی في أمريكا بأنها صهيونية قوية وأنصار متحمسون لـ “دولة إسرائيل”. حتى أن العيسی دعا إلى زيارة وفد ديني من المسلمين والمسيحيين واليهود إلى القدس، والتي ستكون عملياً “ترويكا صهيونية”.

 

صهيوني من جيل عائلة صهيونية

الصهيونية ليست ديانةً، وهناك الكثير من الصهاينة غير اليهود الذين يدعون أو يدعمون إقامة دولة يهودية في فلسطين المحتلة.

في تعريف الصهيونية، لا يوجد ذكر لدين أنصار هذا المعتقد، وبالتالي ليس من المستغرب أن يكون مسؤول مسلم صهيونيًا. ولا نجانب المنطق إذا قلنا إن جد وأب بن سلمان کصديقين مقربين للقادة الصهاينة، كانا صهيونيين أيضاً. لذا فإن الاستنتاج المنطقي هو أن بن سلمان من عائلة صهيونية.

وهذه الحقيقة واضحة تمامًا والتي تتمثل في علاقة محمد بن سلمان الوثيقة مع الصهاينة، ورؤيته الإيجابية تجاه الطابع الاحتلالي لـ “إسرائيل” وإقامة دولة يهودية في فلسطين، حيث يطلق عليها بن سلمان “أرض الأجداد (اليهود)”.

وهذا يعني أن ولي العهد السعودي ليس لديه مشكلة في التطهير العرقي لحوالي 8000 فلسطيني في عام 1948؛ وهي العملية التي قتلت الآلاف ودمرت منازلهم لتشكيل الدولة الصهيونية لـ”إسرائيل”.

بن سلمان ولي العهد السعودي والحاکم الفعلي للسعودية، قام هو بنفسه بحبس عشرات الفلسطينيين، بمن فيهم نواب حماس، وبالتالي فقد خدم المصالح الإسرائيلية.

وبينما يلوم محمد بن سلمان الفلسطينيين لرفضهم السلام مع دولة احتلت بلادهم، يتصرف الملك سلمان والد محمد وعاهل السعودية علی الورق، کعامل توازن، ويقول إن “السعودية ستقف للأبد إلى جانب فلسطين وحق شعبها في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.

 

ابن سلمان وتكرار تصريحات المسؤولين الصهاينة

“باراك رافيد” مراسل “القناة 13 الإسرائيلية” ينقل عن محمد بن سلمان قوله: “خلال العقود القليلة الماضية، ضيع المسؤولون الفلسطينيون الفرص واحدة تلو الأخرى ورفضوا جميع مقترحات السلام. وقد حان الوقت للفلسطينيين إما قبول مقترحات السلام وقبول الحضور إلى طاولة المفاوضات، وإلا فليصمتوا وليتوقفوا عن التذمر”.

وهذه التصريحات تذكرنا بتصريحات وزير الخارجية الأسبق وأحد المؤسسين الصهاينة لإسرائيل “أباإبن” الذي قال إن الفلسطينيين “لن يفوتوا أبداً فرصةً لتضييع الفرصة”.

کما يُلاحظ بوضوح صهيونية بن سلمان في دعمه الجريء لصفقة دونالد ترامب، وهي الصفقة التي تحقق أهداف الصهاينة على حساب الحقوق الفلسطينية. وقد حضر بن سلمان أيضاً مؤتمر البحرين، حيث تم الإعلان عن الجوانب الاقتصادية لصفقة القرن الأمريكية، وبالتالي شجع العديد من الدول العربية الأخرى على المشاركة في المؤتمر، وأغضب الفلسطينيين.

وفي وقت سابق، أوضح مسؤول فلسطيني أنه عندما اتصل الفلسطينيون بالرئيس البرازيلي “جير بولسونارو” لحثه على عدم نقل سفارة بلاده في “إسرائيل” إلى القدس، أجاب بولسونارو: “إن السعوديين يضغطون علينا لنقل سفارتنا إلى القدس”. فهل من الضروري تقديم أي سبب آخر لإثبات کون ولي العهد السعودي صهيونياً؟

 

السعودية والإمارات.. أكثر صهيونيةً من اليهود

يقول “مايك إيفانز” مؤسس “متحف أصدقاء صهيون” في وسط القدس، وهو مسيحي إنجيلي أمريكي، بعد سفره إلى عدد من الدول الخليجية: “إن زعماء(هذه الدول) مؤيدون لإسرائيل أكثر من كثير من اليهود”. يقصد إيفانز على وجه الخصوص ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظيره في الإمارات محمد بن زايد.

ويقول “يواو ليتفين” الكاتب والمصور الإسرائيلي الأمريكي في تقرير كتبه للجزيرة: “كل أشكال الصهيونية تؤدي إلى نتيجة رجعية واحدة: التوسعية الجامحة واستمرار الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني من قبل المستوطنين”.

لذلك، ليس مستبعداً أن نرى قريبًا السفارة الإسرائيلية في الرياض وکذلك السفارة السعودية في تل أبيب أو في القدس على الأرجح.

لذا، فإن الإجابة علی سؤال هل محمد بن سلمان صهيوني أم لا، واضح للغاية: لا شك في ذلك.

 

الوقت التحليلي

 

قد يعجبك ايضا