موقف واحد : لماذا دخل الأمريكيون اليمن ؟!
الشهيد القائد السيد / حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ( ملزمة خطر دخول أمريكا اليمن)
(.. المفروض أن الناس يكون لهم موقف واحد، هو أن يغضبوا لماذا دخل الأمريكيون اليمن، وإلى هنا انتهى الموضوع. تحليلات تبريرات كلها لا داعي لها, تخوفات, قلق، [با يغلقوا علينا با يغلى كذا با.. با..] الناس يرجفوا على بعضهم بعض. الموقف الصحيح, والذي يحل حتى كل التساؤلات الأخرى التي تقلقك هو أنه: لماذا دخل الأمريكيون اليمن؟ ويجب على اليمنيين أن لا يرضوا بهذا وأن يغضبوا، وأن يخرجوهم، تحت أي مبرر كان دخولهم. أليس في هذا ما يكفي؟.
فليكن كلامنا مع بعضنا البعض أنه لماذا دخلوا بلادنا؟ ومن الذي سمح لهم أن يدخلوا بلادنا؟ هل دخلوا كتجار؟ هناك شركات تعمل أمريكية وهي التي تستولي على نسبة كبيرة من بترول اليمن، لكن أن يدخل جنود أمريكيون ويحتلوا مواقع،.. يصيح الناس جميعاً: أين هي الدولة؟ من الذي سمح لهم؟ أين هو الجيش الذي ينهك اقتصاد هذا الشعب بنفقاته الباهظة.
ثم الناس لا يسمحوا أبداً لأنفسهم أن يقولوا: هذه القضية تخص الدولة، أو تعني الدولة. الدولة نفسها ليس لها مبرر أن تسمح، ولا الدستور نفسه يسمح لمسؤول أن يسمح بدخول الأمريكيين إلى اليمن حتى لو افترضنا أن هناك – كما يقولون – إرهابيين في اليمن. هناك قضاء في اليمن, وهناك دولة في اليمن, واليمنيون يستطيعون هم إذا ما كان هناك اعتداء من شخص – اعتداء بمعنى الكلمة – ضد أمريكيين, أو ضد مصالح أمريكية مشروعة, فالقضاء اليمني هو صاحب الكلمة في هذا، لا حاجة لدخول الأمريكيين إطلاقاً.
وإذا ما دخلوا..لاحظوا كيف كان دخولهم إلى أفغانستان، دخلوا إلى أفغانستان وأوهموا الأفغانيين أنهم يريدون أن يضعوا, أو أن يصنعوا حكومة حديثة وعصرية, وتستقر في ظلها أوضاع البلاد.. وبالتأكيد لن يدعوا البلاد تستقر، بدأ الخلاف، بدأ الحرب بين الفصائل، وسمعنا أن تلك الحكومة لا تستطيع أن تحكم أكثر من داخل (كابول)، لا يتجاوز نفوذها إلى خارج مدينة [كابول]، وما يزال الأعداد من الجنود من أسبانيا ومن مناطق أخرى يتوافدون إلى أفغانستان من أجل أن يحافظوا على السلام، وأن يحافظوا على استقرار المنطقة, هكذا يقولون! يعملون قلاقل دائماً لتبرر لهم تواجدهم, تواجدهم بصورة مستمرة.
إذا دخلوا اليمن وكما قال الله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}(النمل: من الآية34).
لا تدخل الشركات الأمريكية بلداً إلا وتنهب ثرواته، إلا وتستذل أهله، لا يدخل الأمريكيون بلداً إلا ويستذلون أهله. لكن بأي طريقة؟ عن طريق الخداع لحكوماتهم ولشعوبهم، تبريرات يصنعونها، ونصدقها بسرعة، ونوصلها إلى بعضنا بعض، نوصلها بشكل من يريد أن يقبل منه الآخر ما يقول، أي نحاول أن نقنع الآخرين بهذا المبرر، هذا ما يحصل [يا خبير قالوا ما يشتوا إلا كذا كذا وانت مالك ما تفهم!].
تتحرك أنت لتقنع الآخر بالتبرير! لكن من حيث المبدأ ليس هناك أي مبرر لوجودهم، أليس هذا هو الأصل؟ فكل المبررات هي فرع على أصل فاسد، إذا كان في الواقع ليس هناك أي مبرر لوجودهم, فأي مبرر لأي عمل يعملونه, أو يصطنعونه لوجودهم فهو فرع على أصل فاسد، نحن على يقين منه.
ومن هو اليمني؟.من اليمنيين, أي مواطن يرى أو يعتقد أنه من الممكن أن يكون هناك مبرر لتواجد الأمريكيين؟. هل نحن شعب صغير كالبحرين مثلاً؟ أم أن اليمن نحو ستة عشر مليوناً. وليس اليمن في حرب مع دولة أخرى فيأتي الأمريكيون ليساعدونا بناءً على اتفاقيات بين الدولتين.
إذاً جاءوا ليستذلوا اليمنيين، جاءوا ليضربوا اليمنيين، جاءوا ليقولوا: [هذا إرهابي، وهذه المدرسة إرهابية، وهذا المسجد إرهابي، وهذا الشخص إرهابي، وتلك المنارة إرهابية، وتلك العجوز إرهابية]. وهكذا.. لا تتوقف كلمة [إرهاب].
لاحظوا، كيف الخداع واضح، القاعدة – التي يسمونها القاعدة – تنظيم أسامة بن لادن، ألست الآن – من خلال ما تسمع – يصورون لك أن القاعدة هذه انتشرت من أفغانستان, وأصبحت تصل إلى كل منطقة، قالوا:[إيران فيها ناس من القاعدة، والصومال قد فيها ناس من تنظيم القاعدة، واليمن احتمال أن قد فيه ناس من تنظيم القاعدة, والسعودية قد فيها ناس من تنظيم القاعدة، وهكذا..]. من أين يمكن أن يصل هؤلاء؟ أليس الأمريكيون مهيمنين على أفغانستان؟ وعن أي طريق يمكن لهؤلاء أن يصلوا إلى اليمن, أو يصلوا إلى السعودية, أو إلى أي مناطق أخرى؟ دون علم الأمريكيين؟.
هذا كما يقال: [قميص عثمان][أنتم في قريتكم واحد من القاعدة، تربى في بيتكم واحد من تنظيم القاعدة] وهكذا فيصلون بتنظيم القاعدة هذا إلى كل منطقة. وقالوا: [إيران فيه تسعة عشر شخصاً هم من تنظيم القاعدة. إذاً إيران تدعم الإرهاب]، قد يكونوا هم يعملون على ترحيل أشخاص وتمويلهم ليسافروا إلى أي منطقة ليصنعوا مبرراً من خلال وجودهم فيها،[أن هناك في بلادكم من تنظيم القاعدة، إذاً أنتم إرهابيون] على قاعدة {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}(المائدة: من الآية51) فما دام في بلادك واحد من تنظيم القاعدة فإذاً كلكم إرهابيون.
أليس هذا خداع؟ و أليس هذا خداع تتناوله أيضاً وسائل الإعلام، الصحفيون، الإخباريون، محطات التلفزيون التي تتسابق وتتسارع إلى أي خبر دون أن تفكر في أنه قد يكون خدعة هي تعمل على نشره.
الأخبار قضية مهمة، الله أمر المسلمين أن يكونوا حكيمين في أخبارهم, وفي نقل أخبارهم, ووبّخهم واعتبرها خصلة سيئة فيهم: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}(النساء: من الآية83) أذاعوا, أخبار، [قالوا يشتوا, قالوا.. قالوا قد هم كذا.. وقالوا..إلى آخره]. {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}(النساء: من الآية83).
إذاً يجب أن يكون للمواطنين موقف باعتبارهم مسلمين, وأولئك يهود ونصارى دخلوا بلادهم، وأن يكون للعلماء موقف، وأن يكون للدولة موقف، وأن يكون للجميع موقف، هو ما يمليه عليهم دينهم ووطنيتهم. وأولئك الذين يقولون: ماذا يعني أن ترفعوا هذا الشعار.. قل: إذاً وصل الأمريكيون، إذاً أرنا ماذا تعمل أنت؟ ألم يأن لك أن ترفع هذا الشعار؟ وإذا كنت ستلزم الحكمة التي تراها أنت السكوت, السكوت الذي هو من ذهب! فمتى سيتكلم الناس؟ ومتى سيصرخ الناس؟ ومتى سيقف الناس؟. هل بعد أن يستذلوهم، وأن يضرب الله عليهم أيضاً من عنده الذلة والمسكنة؟ حينها يرى كل يمني ما يؤلمه ولا يستطيع أن يقول شيئاً..)