اليوم العالمي للمرأة.. ما بين المسلمة وغير المسلمة

|| مقالات || نوال أحمد
لقد اصطلح العالم على يوم الثامن من مارس مصطلح اليوم العالمي للمرأة الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1977م بزعم الدفاع عن حقوق المرأة ، وتحقيقاً لما يسمُّونه بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة ، انطلاقاً من سياستهم التحررية التي تهدف إلى محاربة الأسرة المسلمة التي تروم عفة المرأة المسلمة؛ وتحوطها بسياج من الآداب والأخلاق التي تحفظ كرامة المرأة وتكفل طهارة المجتمع ككل.
لقد أغاظ الغرب بقايا التدين التي لا يزال المسلمون متمسكين بها، أغاظهم حفاظ بعض المجتمعات الإسلامية على عاداتها وقيمها ومبادئها في بعض البلدان العربية ، يغيظهم كثيراً وجود ذلك التماسك الموجود في بين أفراد الأسر المسلمة؛ وبقاء تلك الأسر ككتلة موحدة، يعمها الود والسلام؛ ويسود الاحترام المتبادل أركان ومكنونات هذه الأسرة التي يملؤها الحب والتقدير لكل فرد فيها، فاتجه الغربيون بكل وسائلهم وإمكاناتهم المتعددة لاستهداف تلك الأسرة المسلمة وبكل جهد سعى الغربيون سعياً حثيثاً إلى نزع كل الروابط الأسرية وتفكيك ذلك التماسك الأسري عن طريق استهدافهم المرأة كونها أساس بناء الأسرة وتماسكها.
خطط الغربيون ودبروا فأنشأوا ما يقارب 24 مؤتمراً دولياً لمناقشة قضايا الأمة- حد زعمهم.. أقاموا تلك المؤتمرات لمناقشة قضايا المرأة ليس الحالة والوضعية المزرية التي صارت إليها المرأة الغربية؛ ولكن لجعل نساء المسلمين يتشبهن بنسائهم.. الأمم المتحدة ومن منصة الجمعية العامة دعت إلى الاحتفال بيوم المرأة في الثامن من مارس بوصفه يوماً للتذكير بحقوق المرأة وعلاقة ذلك بالسلام العالمي؛ وتحت هذا الشعار البرَّاق وهذا العنوان الزائف ؛ تحركوا لاستهداف المرأة لتحريرها من قيمها ومبادئها؛ وإبعادها عن الفضيلة للسير وراء بريق الحضارة التي تجردها من كل القيم الأخلاقية والدينية؛ ليجعلوا منها مجرد سلعة رخيصة في سوقهم العالمية.
لقد كان استهداف المرأة المسلمة مخططاً مُحكم الدراسة من طرف الغربيين، وعلى رأسهم اليهود الذين جاء في بروتوكولاتهم ” علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدت إلينا يدها كسبنا القضية“ ويفصح أحد اليهود عن المطلوب فيقول” كأس وغانية يفعلان بالأمة المحمدية ما لا تفعله ألف طائرة ومدفع ودبابة ،فأغرقوها في حب المادة والشهوات“.
ويقول أحد كبار اليهود ”إن مكسبنا في الشرق لا يمكن أن يتحقق إلا إذا خلعت الفتاة المسلمة حجابها، فإذا خلعت الفتاة المسلمة حجابها كسبنا القضية واستطعنا أن نستولي على الشرق“ لذلك نجد كل هذا الاستهداف الكبير من قِبَلهم للمرأة المسلمة من خلال الحرب الباردة ”الناعمة“ وغيرها من الحروب التي تطال المرأة المسلمة لإذلالها وامتهانها.
لهذا نجد ديننا الإسلامي الحنيف، ومنذ اليوم الأول لانطلاق الرسالة المحمدية المباركة يؤكد ضرورة تنمية الجانب الروحي والثقافي؛ ونبذ القيم البالية والأعراف الجاهلية وتبني كل المضامين الإنسانية كالإيمان والأخلاق والشجاعة والمروءة وحفظ الحرمات والمساواة والعدالة وتهذيب النفس وتزكيتها؛ والتخلص من أدران الشر والرذيله التي كانت تعانيها المجتمعات في زمن الجاهلية الأولى، لذلك جاءت في القرآن الكريم آيات كثيرة تدلل على العدالة التي جاء بها الإسلام الحنيف وعلى المكانة الرفيعة للمرأة التي تتساوى مع الرجل من خلال قيامها بمسؤوليتها في الحياة بما يرضي الله تعالى.
وقد حرص نبينا الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم على تربية ابنته فاطمة عليها السلام وإبراز مكانتها السامية في الأمة الإسلامية، حيث ورد في حديثه الشريف عنها “فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها ويبغضني ما يبغضها”.. أما الإشارة القرآنية إلى مكانة الزهراء عليها السلام ففي ما ورد في آية التطهير لأهل البيت عليهم السلام وهي مصداق للطهارة والعفة والتقوى إذ يقول تعالى ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))، فالزهراء عليها السلام هي المثال للمرأة المسلمة وغير المسلمة فهي المرأة الإنسانة التي جسدت قيم السماء السامية على الأرض في كل الميادين، في البيت والأسرة، في المجتمع مع الأب ،فكانت كأفضل ما تكون البنت مع والدها ،ومع الزوج استطاعت ان تضرب المثل الأسمى للنساء في حسن تبعلها، ومع الابن والبنت أعطت الصورة الناصعة للأم التي غرست القيم والفضيلة والسعادة في أسرتها.
وإن كان المهتمون بملف حقوق الإنسان يرغبون في إتباع التقاليد الدولية التي سارت عليها الدول والأمم المتحدة في العديد من المناسبات بجعل يوم عالمي لاستذكار بعض العناوين والأحداث أو الأشخاص التي تركت بصمتها في حياة بني البشر كيوم للأم ويوم للشجرة ويوم للعامل ويوم للسلام وآخر للمياه أو الصحافة وغيرها كثير، فحق أن نجعل يوم العشرين من جمادى الآخر يوماً للمرأة المسلمة وعيداً لها.
فالمرأة المسلمة في وقتنا الحاضر بحاجة إلى استشراف ماضي الأمة وأخذ العظة والعبرة من الزهراء وغيرها من النساء العظيمات اللاتي تركن بصمة إنسانية في كل شيء ايجابي علمياً وثقافياً واجتماعياً وعقائدياً لاستحضار المعاني القرآنية العظيمة، فالله سبحانه وتعالى يضرب لنا مثلاً في الكتاب العزيز عن النساء المؤمنات الصالحات بقوله في سورة التحريم الآية (11) ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))، ويعطينا مثلاً آخر عن النسوة السيئات إذ يقول تعالى (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا)، ومن هذا نستشف الحاجة إلى قراءة حياة الزهراء كنموذج لحياة المرأة المسلمة الصابرة المؤثرة والملهمة وكيف لا تكون كذلك وهي التي عاشت جل عمرها الشريف مع أبيها تنتهل منه الأخلاق الحميدة والسيرة العطرة، فأعطت النموذج الأمثل لكل النساء المسلمات في عصرنا وفي عالمنا هذا فهي سيدة نساء الدنيا والأخرى وكان حقاً ولزاماً على جميع النساء أن تكون هذه السيدة الطاهرة فاطمة بنت رسول الله هي القدوة والأسوة في ميدان العلاقة مع الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة.

قد يعجبك ايضا